< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة720): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماما أو بعضا أو منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها (1)

1- قلنا أن الرواية التي استدل بها العلامة بحسب نقل الشيخ الكليني ورد فيها محمد بن الحسين وفي بعض نسخ الكافي محمد بن الحسن

ويبدو أن السند صحيح على كلا التقديرين اما اذا كان الوارد فيها محمد بن الحسين فالمراد به ظاهراً هو ابن ابي الخطاب واما اذا كان محمد بن الحسن فالظاهر أن المراد به الصفار باعتبار أنه ذكر في ترجمة الصفار أن له مسائل كتبها الى ابي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)

قال في الفهرست (وله مسائل كتب بها إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام)[1]

وفي الرجال (له اليه (عليه السلام) مسائل)[2]

واغلب نسخ الكافي تقول محمد بن الحسين ولكنه اشتباه والصحيح هو محمد بن الحسن الصفار بقرينة ما ذكرناه فقد ذكروا في ترجمته أن له مسائل كتبها الى الامام العسكري (عليه السلام)

كما أن مسائله التي كتبها للامام (عليه السلام) موجودة في الكتب الاربعة ففي التهذيب محمد بن الحسن الصفار قال : كتبت إلى ابي محمد عليه‌السلام رجل دفع إلى رجل وديعة...)[3]

وفي الكافي يوجد اكثر من رواية ففي كتاب الجنائز باب حد الماء الذي يغسل به الميت والكافور ح3، في كتاب المعيشة باب المكاسب المحرمة ح8، وفي كتاب المعيشة باب الرجل يشتري الطعام فيتغير ح3، نعم في هذه المواضع الثلاثة لم يصرح بالصفار ولكن بقرينة أن نفس هذه الروايات نقلت في الكتب الاخرى وقد صرح فيها بالصفار فيثبت أن المراد هو الصفار

مثلا في باب حد الماء الذي يغسل به الميت والكافور، (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع‌ فِي الْمَاءِ الَّذِي‌ يُغَسَّلُ بِهِ الْمَيِّتُ كَمْ حَدُّهُ فَوَقَّعَ عليه السلام ...)[4] فلم يصرح بالصفار

ولكن في الفقيه وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع‌ كَمْ‌ حَدُّ الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الْمَيِّتُ ...)[5]

وفي الكافي كتاب المعيشة مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع‌ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ ضَيْعَةً أَوْ خَادِماً بِمَالٍ أَخَذَهُ ...)[6] فلم يصرح بالصفار

ونقلها في التهذيب: ٦/٣٦٩ ح١٨٨ وصرح فيها بان الكاتب هو الصفار

وفي الكافي كتاب المعيشة مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع‌ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً ...)[7]

وفي التهذيب نقل نفس المضمون وقال: محمد بن الحسن الصفار قال : كتبت إليه في رجل كان له على رجل مال...)[8]

وهذه القرائن توجب ركون النفس الى أن المقصود به هو محمد بن الحسن الصفار لا محمد بن الحسين بن ابي الخطاب وبناء عليه فالرواية صحيحة بكل طرقها اذا تجاوزنا مشكلة رجل في ما نقله في التهذيب والفقيه

فإن ابن محبوب يشهد على توقيع الامام، فحتى لو كان الرجل مجهولاً فلا يؤثر على صحة الرواية والاعتماد عليها

هذا -أن المدار على الاضرار- هو الذي تبناه جماعة وأول من تبناه هو ابن الجنيد

وفي المقابل هناك من ذهب الى الالتزام بالتحديدات الشرعية المذكورة في الروايات والتي تشير الى وجود تفصيل بين بئر المعطِن وبئر الناضح

قالوا هو المشهور وفي التذكرة نسبه الى علمائنا وفي التنقيح الرائع عليه عمل الاصحاب وعن الخلاف أن الاجماع على أن حريم البئر اربعون ذراعاً،

وتقدمت الادلة عليه وعمدتها بحسب نظرنا معتبرة السكوني

فتوجد رواية معتبرة تدل على أن هناك مقدار محدد لحريم البئر وفي مقابلها يوجد رواية تقول بأن المدار على الاضرار بلا تحديد مسافة معينة

والجمع بينهما يكون بما ذكره ابن الجنيد الاسكافي من أن التحديد في الروايات غالبي بمعنى أن الغالب أن حفر بئر في هذه المسافة المحددة يكون مضراً بالبئر الموجودة، ولكن هذا لا ينافي أن يكون الحفر غير مضر ولو كان في المسافة المحددة، وهذا أحسن وجه للجمع بين الروايات

وقلنا انه يدل عليه ما ذكرناه سابقاً من السيرة والارتكازات العرفية

والنتيجة ان الحكم لا يدور مدار هذه التحديدات وجوداً وعدماً وانما يدور مدار الاضرار وعدم الاضرار خصوصاً اذا التفتنا الى انه ما هو الوجه في منعه من حفر بئر في أرض مباحة اذا لم يكن مضراً، ومجرد التعبد الصرف مستبعد،

ولذا فما ذهب اليه جماعة يكون هو الاقرب

نعم ذكر بعض الفقهاء ممن التزم بهذا الرأي الأخير انه يمكن العمل بهذه التحديدات في بعض الموارد منها مسائل النزاع والتخاصم

اقول إن الظاهر انه لا فرق في حفر البئر الذي يمنع منه الشخص بين أن يكون حفره في أرض موات او حفره في ملكه فعلى كلا التقديرين يمنع منه اذا كان مضراً ببئر جاره

وهذا واضح جداً بناء على الرأي المختار

وقلنا أن الفقهاء ذكروا أن حفر البالوعة في ملكه اذا كان مضراً ببئر جاره يمنع منه، وكذلك بناء على الرأي المشهور فلا فرق بين أن يحفره في أرض موات او يحفره في ملكه فلو حفره في ملكه فإن كان بئر معطن فحريمه اربعون ذراعاً وإن كان بئر ناضح فحريمه ستون ذراعاً

الامر الثاني: إن الممنوع هل هو حفر البئر فقط او هو الاعم من حفر البئر او الزراعة او غرس الشجر

بناء على ما هو الصحيح من أن الملاك هو الاضرار ينبغي أن يكون الممنوع هو مطلق ما يكون مضراً

واما اذا قلنا برأي المشهور فلا بد من بحث ما هو الممنوع منه في هذه المسافة المحددة بحسب المستفاد من الروايات

 


[2] رجال الطوسي، 436.
[5] الفقيه، ج1، ص141.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo