< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة720): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماما أو بعضا أو منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها (1)

ذكر الفقهاء ومنهم السيد الماتن أن هناك حريماً آخر لبعض ما تقدم ذكره من النهر والبئر والعين، ويختلف عن ما تقدم ملاكاً ايضاً كما ذكروا

وصورة هذا الحريم أن يكون فاصل بمقدار معين بين بئر وبئر او بين عين وعين او بين نهر ونهر، فلا يجوز لأحد أن يحفر بئراً اذا كان هناك بئر

وملاك الحريم بالمعنى الاول هو الحاجة وتوقف الانتفاع بالشيء عليه، واما الحريم بالمعنى الثاني فذكر الفقهاء بأن ملاكه الضرر باعتبار أن الحفر في هذه المسافة التي حددها الشارع يكون مضراً بالبئر الموجودة وكذا احداث عين يضر بالعين الموجودة وهكذا

1-جعل السيد الماتن ما ذكره هو الضابط، فاذا فرضنا أن حفر بئر آخر لا يضر بالبئر الاول فلا يمنع منه حتى اذا كان في المقدار المقرر، واما اذا فرضنا تضرر البئر الاول فنمنع منه، وما ذكر من تحديدات بالاربعين ذراعاً والستين ذراعا انما هو لعدم حصول الضرر بحسب العادة

وذهب كثير من الفقهاء الى أن الفاصل محدد بمقدار معين،

والرأي المعروف والمشهور بل ادعي عليه الاجماع أن الفاصل اربعون ذراعاً في الابار التي يستقى منها لشرب الابل وهو ما يسمى ببئر المعطِن، واما بئر الناضح وهو الذي يسقى منه لغرض الزرع وامثاله فحريمه ستون ذراعاً

ويستدل لذلك بمعتبرة السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : أنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال : (ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعاً ، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستّون ذراعاً)[1]

ويؤيد هذه الرواية رواية الجعفريات ورواية نوادر الراوندي، وذكر صاحب المستدرك[2] بأن رواية الراوندي تامة سنداً

ويؤيدها رواية مسمع بن عبد الملك[3] ايضاً

ويوجد في قبالها عدة روايات

الاولى: صحيحة حمّاد بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : (حريم البئر العادية أربعون ذراعاً حولها)[4] وفيها اشارة الى أن الحريم من جميع جوانبها، والعادية نسبة الى عاد، فإن من عادة العرب نسبة كل قديم الى عاد فالمراد البئر القديمة، وجعلناها في مقابل معتبرة السكوني لأنها لم تفصل بين بئر الناضح والمعطن

الثانية: مرسلة الكافي: وفي رواية اُخرى : (خمسون ذراعاً ، إلاّ أن تكون الى عطن أو الى الطريق ، فيكون أقلّ من ذلك الى خمسة وعشرين ذراعاً)[5]

الثالثة: رواية عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : (يكون بين البِئرين إذا كانت أرضاً صلبة خمس مائة ذراع ، وإن كانت ( أرضاً ) رخوة فألف ذراع)[6]

الرابعة: مرسلة الشيخ الصدوق قال : (قضى ( رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنَّ البئر حريمها أربعون ذراعاً ، لا يحفر الى جانبها بئر اُخرى لعطن أو غنم)[7] ، وهذا اشارة الى بئر المعطن وبئر الناضح، وموضوعها مطلق البئر لا خصوص البئر القديمة كما في صحيحة حماد

الخامسة: رواية وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أنَّ عليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان يقول : (حريم البئر العادية خمسون ذراعاً ، إلاّ أن يكون الى عطن أو الى طريق ، فيكون أقلّ من ذلك الى خمسة وعشرين ذراعاً)[8] ولعل ما أرسله الشيخ الكليني اشارة الى هذه الرواية

وهذه الروايات غير تامة سنداً عدا صحيحة حماد بن عثمان، ولذا لا ندخل في بحث النسبة بينها وبين معتبرة السكوني، فنلاحظ كيفية الجمع بين هاتين الروايتين

اما صحيحة حماد فهي مختصة بالبئر العادية، نعم هي مطلقة من ناحية كونه بئر معطن او ناضح، واما معتبرة السكوني فهي مختصة ببئر المعطن وبئر الناضح ومطلقة من ناحية قدم البئر وحداثته، ولو تم هذا فيبدو أن النسبة بينهما عموم من وجه

توضيح: إن بئر المعطن اذا كان قديماً فلا تعارض بين الروايتين بلحاظه فكل منهما يثبت أن حريمه اربعون ذراعاً، واما بئر المعطن الحديث فإن حريمه اربعون ذراعاً تمسكاً بمعتبرة السكوني، واما اذا كان البئر قديماً وهو بئر ناضح، فالصحيحة تدل على أن حريمه اربعون ذراعاً لأنه قديم بينما دلت الموثقة على أن حريمه ستون ذراعاً وكل منهما يدل على ذلك بالاطلاق، فالصحيحة تشمل بئر الناضح بالاطلاق، والموثقة تشمله بالاطلاق لأن موضوعها بئر الناضح سواء كان قديماً او حديثاً

وهذا معناه أن النسبة بين الروايتين بلحاظ بئر الناضح هي العموم والخصوص من وجه، فيقع التعارض بينهما بلحاظ مادة الاجتماع وهي بئر الناضح القديم

هذا هو مقتضى الصناعة، ولكن ذكر غير واحد من الفقهاء بانه لا بد من تقييد اطلاق الصحيحة بالتفصيل المذكور في المعتبرة، فتختص الاربعون في المعتبرة ببئر المعطن ويخرج منها بئر الناضح


[2] مستدرك الوسائل، ج17، ص117.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo