< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 711): من أحيى أرضا مواتا تبعها حريمها بعد الإحياء و حريم كل شي‌ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه (1)

1- قلنا بأن رواية محمد بن عبد الله غير تامة سنداً بالرغم من رواية البزنطي عنه باعتبار اننا لم نشخص المراد من محمد بن عبد الله فيكون مردداً بين جماعة فيهم المجاهيل والضعفاء، فيحتمل أن يكون هو أحد الذين ضعفوا من قبل علماء الرجال

فاذا استظهرنا أن محمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن عيسى الاشعري القمي -كما استظهر ذلك السيد الخوئي (قده)- أمكن الاعتماد على رواية البزنطي عنه لإثبات وثاقته لأنه مجهول

واما اذا بقي احتمال أن يكون المراد به غير هذا الشخص فهل يمكن البناء على توثيق البزنطي لإثبات وثاقته مع احتمال أن يكون مضعفاً من قبل علماء الرجال؟

فهل يمكن أن يقال بأنه لا مانع من الأخذ بتوثيق الموثِّق بالرغم من عدم معرفة الموثَّق

فاحتمال أن يكون الراوي مضعفاً هل يمنع من الأخذ بتوثيقه اذا نص على توثيقه من قبل شخص آخر

وهذا الكلام لا يأتي عندما يكون الموثق معروفاً

والوجه في هذا هو أن الأخذ بالتوثيق لا بد أن ينضم اليه أن لا يكون الشخص مجروحاً والا حصل التعارض بين الجرح والتوثيق، فلو كان الموثق مجهولاً يبرز احتمال أن يكون مجروحاً

وهذا الكلام يأتي في مراسيل الشيخ الصدوق (قده) اذا فهمنا انه يعتقد بصحة الخبر اذا جزم باسناده بمثل (قال الصادق (عليه السلام) -بناء على انه يعتمد على وثاقة الراوي

ويأتي في ما لو قال الثقة حدثني الثقة، وفي مراسيل المشايخ الثلاثة، ففي كل هذه الموارد يوجد احتمال ان يكون الموثَّق مضعفاً

والسر في المسألة أن التوثيق لا يمكن الأخذ به ما لم يحرز عدم تضعيفه من قبل علماء الرجال

ففي حالة ما اذا كان الشخص الموثَّق معروفاً فاذا لم نعثر على التضعيف بعد الفحص نعمل بالتوثيق وان عثرنا على التضعيف يقع التعارض بين التوثيق والتضعيف

ولكن الكلام في ما اذا كان الموثَّق مجهولاً كما في مراسيل الشيخ الصدوق فيما لو جزم بالنسبة

ويوجد رأيان في المسألة:

الاول: عدم الأخذ بالتوثيق مع احتمال الجرح، وهذا معناه أن الأخذ بالتوثيق مشروط باحراز عدم الجرح، فهو شبيه بما يذكر من أن العمل بالخبر مشروط بعدم وجود معارض له،

واحراز عدم الجرح في صورة كون الموثَّق معروفاً ممكن ولو تعبداً بمراجعة الكتب، واما مع جهالة الموثَّق فلا يمكن الاحراز فيبقى احتمال الجرح موجوداً

الثاني: إن احتمال الجرح لا يمنع من الأخذ بالتوثيق، ويمكن أن تذكر وجوه لإثبات ذلك

الوجه الاول: إن التوثيق على نحوين فتارة يكون الموثِّق في مقام نقل التوثيق ليس الا، واخرى يتبنى التوثيق فيكون كلامه شهادة بالوثاقة الفعلية للشخص

فاذا كان نقل التوثيق على النحو الثاني أمكن تجاوز الاشكال لأن الشهادة الفعلية بالتوثيق لا تكون الا اذا أحرز الموثِّق عدم الجرح، وحينئذ نقول نعتمد على ناقل التوثيق في نقل عدم الجرح ايضاً كما نعتمد على شهادته بالوثاقة، ولا داعي لاختصاص القبول بشهادته بالتوثيق دون شهادته بعدم الجرح

واما اذا كان الموثِّق في مقام النقل فقط فلا ظهور لكلامه بالشهادة بعدم الجرح حتى يؤخذ بها لإثبات التوثيق الفعلي للموثق،

قد يقال بأن ما ذكر وإن كان شهادة بعدم الجرح ولكن يبقى احتمال عدم وصول الجرح اليه مع وجوده واقعاً

وجوابه بأن هذا الاحتمال لا يؤثر لانه موجود حتى اذا كان الموثَّق معروفاً، فلو وثق النجاشي شخصاً نأخذ بتوثيقه اذا لم نجد له جرحاً في الكتب الرجالية مع احتمال وجود الجرح الا انه لم يصل الينا

الوجه الثاني: أن نلاحظ عمل الاصحاب بمراسيل المشايخ الثلاثة -كما نقله الشيخ في العدة- فهو يكشف عن بناء الاصحاب على الأخذ بتوثيق هؤلاء الثلاثة بالرغم من عدم معرفة الموثَّق فإن الرواية مرسلة حسب الفرض، وهذا يعني عدم اعتناء الاصحاب باحتمال الجرح في صورة عدم إمكان الفحص على الأقل، واما في صورة إمكان الفحص كما لو كان الموثَّق معلوماً ومشخصاً فهم يعتنون بالفحص ولذا جرت سيرتهم على الفحص

والظاهر انه يمكن التعويل على هذا البناء من قبل الاصحاب وهو ينفعنا في محل الكلام في جميع المسائل التي ذكرناها كما في مراسيل الشيخ الصدوق (قده) ومراسيل المشايخ الثلاثة وما لو قال الثقة حدثني الثقة، وكذا في محل كلامنا حيث لا يمكن الفحص في جميع هذه الموارد

وعلى هذا تكون الرواية تامة سنداً بالاضافة الى رواية ادريس بن زيد

الوجه الثالث: وهو مبنى على الالتزام بأن المناط في حجية خبر الواحد هو الوثوق بالصدور لا وثاقة الراوي، فإنه يلاحظ في مراسيل الشيخ الصدوق التي يذكرها بنحو الاسناد الجزمي للامام كالواردة بعنوان قال الصادق (عليه السلام) ونحو ذلك، أن اسناد مضمون الخبر الى الامام ظاهر في اعتبار الخبر عنده وانه في غاية الاعتبار، وهذا المقدار يكفي لإثبات الوثوق بالصدور

وفيه: انه انما يتم في مثل مراسيل الشيخ الصدوق ولا يتم في غيرها فإنه لا إسناد جزمي فيها، ثم انه كيف يحصل الوثوق بالصدور لمجرد وصول خبر معتبر للشيخ الصدوق باعتبار أن المعروف أن الشيخ الصدوق يتبع في اعتبار الخبر وعدم اعتباره شيخه ابن الوليد

وعلى كل حال فلدينا رواية صحيحة وهي رواية ادريس بن زيد والرواية الاخرى مبنية على ما ذكرنا وقد دلتا على جواز بيع المراعي والمراد بها الحريم ولا بيع الا في ملك فلا بد أن يكون الحريم مملوكاً

وواضح أن هذا التقريب مبني على أن البيع المصرح به في احدى الروايتين هو المقصود بالرواية الاخرى

وفيه انه لا يشترط في المبيع ان يكون مملوكاً فيجوز للانسان أن يبيع ما ثبت له حق فيه ايضاً، فلا يكون الاستدلال تاماً حينئذ، فحتى اذا قلنا بأن الحريم ليس ملكاً ولكن لا اشكال في انه ثبت له حق في الحريم فيجوز أن يبيع هذا الحق

هذا مع قطع النظر عن ما تقدم مما اخترناه من أن الاحياء ليس مملكاً للمحيي أصلاً فاذا كانت الارض المحياة غير مملوكة فالحريم لا يكون مملوكاً وهذا هو الصحيح في محل الكلام

وعلى كل حال فلا اشكال في أصل المسألة فلا يجوز احياء ما كان حريماً لعامر

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo