< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 711): من أحيى أرضا مواتا تبعها حريمها بعد الإحياء و حريم كل شي‌ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه (1)

1- كان الكلام في أن ملكية الارض بالاحياء هل تستتبع ملكية الحريم؟، وقلنا انه يظهر من بعض الفقهاء أن الحريم مملوك لمالك العامر، واستدل عليه بأدلة انتهى الكلام الى

الدليل الثالث وحاصله أن الشفعة ثابتة في الطريق المشترك والشفعة مختصة بالاملاك ولا تثبت في غيرها، وذكرنا بأن الدليل على ذلك صحيحة منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دار فيها دور، وطريقهم واحد في عرصة الدار، فباع بعضهم منزله من رجل، هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال : (إن كان باع الدار ، وحول بابها الى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم ، وإن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة)[1] ، فهي تفترض الشفعة في الطريق اذا كان مشتركاً بالرغم من انه حريم والشفعة لا تثبت الا في المال المشترك فلا بد أن يكون الطريق مملوكاً لصاحب الدار

ويلاحظ عليه:

اولا: بأن الرواية ظاهرة في أن الاشتراك في الطريق يكفي في ثبوت الشفعة في الدار بالرغم من أن الدار ليست مشتركة، وهو على خلاف القواعد في باب الشفعة فإنها لا تكون الا في الامور المشتركة كما دلت على ذلك روايات كثيرة كما في قوله (عليه السلام): (لا تكون الشفعة إلاّ لشريكين ما لم يتقاسما)[2] ، وقوله (عليه السلام): (لا شفعة إلا لشريك غير مقاسم)[3] ، والمفروض في الرواية أن الدار ليست مشتركة فاثبات الشفعة فيها على خلاف القواعد

وثانيا: إن الاستدلال مبني على اعتبار الملك في الشفعة بافتراض أن موضوعها الشريك في الملك ولا يشمل ما اذا كان شريكاً في حق من الحقوق كحق التحجير او السرقفلية

ولكن الظاهر عدم تسليم ذلك لوجود مطلقات في باب الشفعة لا تجعلها مختصة بالاملاك كما في صحيحة أبي العباس البقباق ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : (الشفعة لا تكون إلاّ لشريك)[4] ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله : (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : (الشفعة لا تكون إلا لشريك)[5] ، ومقتضى اطلاق هذه الروايات عدم الفرق بين أن يكون شريكاً في ملك او في حق من الحقوق، ومن هنا لا يتم هذا الاستدلال

الرابع والخامس: الروايتان السابقتان رواية محمد بن عبد الله قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل تكون له الضيعة ، وتكون لها حدود ، تبلغ حدودها عشرين ميلاً ( أو أقلّ أو أكثر ) يأتيه الرجل فيقول : أعطني من مراعي ضيعتك ، وأعطيك كذا وكذا درهماً ، فقال : (إذا كانت الضيعة له فلا بأس)[6]

ورواية ادريس بن زيد عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته وقلت : جعلت فداك إنّ لنا ضياعاً ولها حدود ولنا الدواب وفيها مراعي ، وللرجل منّا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لإِبله وغنمه ، أيحلّ له أن يحمي المراعي لحاجته إليها ؟ فقال : (إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه). قال: وقلت له: الرجل يبيع المراعي، فقال: (إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس)[7] ، فقد جوز الامام في كلتا الروايتين لصاحب الارض أن يبيع الحريم ولا بيع الا في ملك

اما الكلام في سند الروايتين فالظاهر أن الرواية الاولى غير تامة سنداً باعتبار أن محمد بن عبد الله مشترك بين كثيرين وكثير منهم لم تثبت وثاقته ويحتمل أن يكون المقصود منه محمد بن عبد الله بن عيسى الاشعري القمي باعتبار أنه وصف في الكافي[8] بالقمي وهو يروي عن ابي الحسن الرضا (عليه السلام) ويروي عنه احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي ايضاً، وفي التهذيب[9] وصفه بالقمي ايضاً، وذكره الشيخ في رجاله في اصحاب الامام الرضا (عليه السلام) ووصفه بالقمي، وقد استظهر السيد الخوئي (قده) أن يكون المراد به هذا الرجل، وعلى تقدير ذلك فالظاهر انه لا دليل على وثاقته، نعم ينقل السيد الخوئي (قده) ورود توثيقه في بعض نسخ رجال الشيخ، ولكن باقي النسخ ليس فيها هذا التوثيق، كما يظهر من الطبعات المحققة للرجال عدم وجود هذا التوثيق

ولكن الموجود في التهذيب حين نقل هذه الرواية (محمد بن احمد بن عبد الله)، ولكن الظاهر ان ما في الكافي هو الاقرب باعتبار ان للبزنطي روايات كثيرة يروي فيها عن محمد بن عبد الله[10] ولا توجد له رواية يروي فيها عن محمد بن احمد بن عبد الله سوى هذه الرواية، مضافاً الى عدم وجود عنوان محمد بن احمد بن عبد الله في الرواة الذين ذكر في كتب الرجال انهم يروون عن الامام الرضا (عليه السلام)، وهذا يرجح ما في الكافي

وعلى كل حال فيكفي في عدم تمامية الرواية سنداً اشتراك محمد بن عبد الله واحتمال أن يراد به القمي الذي لم تثبت وثاقته او أحد المجهولين الآخرين ممن يسمى محمد بن عبد الله او محمد بن احمد بن عبد الله

واما رواية ادريس بن زيد فسندها تام الى ادريس بن زيد، واما ادريس بن زيد فالظاهر أنه ليس له ذكر في كتب الرجال، نعم ذكره الشيخ الصدوق في موضعين من المشيخة، في الاول ذكره مع علي بن ادريس وذكر طريقه اليهما ووصفهما بصاحبي الرضا (عليه السلام)، وفي الآخر ذكره منفرداً وذكر طريقه اليه ووصفه بالقمي، ويروي عنه ابراهيم بن هاشم القمي في كلا الطريقين

والظاهر أنه يمكن توثيقه برواية البزنطي عنه فقد روى عنه بسند صحيح في الكافي والتهذيب، وكذلك في موضع آخر من التهذيب

وبنفس البيان يمكن أن يقال بوثاقة محمد بن عبد الله فقد ثبت رواية البزنطي عنه، ولكن لم نعين من هو محمد بن عبد الله، فلو كنا نجزم بأنه محمد بن عبد الله بن عيسى الاشعري القمي فيوجد مجال للالتزام بوثاقته باعتبار انه لم ينص على تضعيفه فلا معارض للتوثيق، ولكن حيث انه مشترك بين جماعة كثيرين وقد نص على ضعف بعضهم يقع التأمل في وثاقته لاحتمال أن يكون توثيق البزنطي معارض بتضعيف شخص آخر

 


[8] الكافي، ج4، ص313.
[9] التهذيب، ج5، ص415.
[10] منها في الكافي، ج4، ص313- ج4، ص308- ج4، ص260- ج5، ص22- ج5، ص276. وفي التهذيب، ج3، ص246- ج6، ص461- ج7، ص450- ج5، ص415.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo