الموضوع: موجبات الضمان/ تزاحم الموجبات

    1. وهو في هذا المثال واضع الحجر، بينما اذا فرضنا ان احدهما حفر بئراً والآخر وضع سكيناً في البئر فجاء ثالث فسقط في البئر على السكين فمات فالضمان على من حفر البئر لان الحافر هو السابق في الجناية

2- الظاهر انه لا يفرق في كون الضمان على من سبقت جنايته بين التقدم والتاخر الزماني في احداث ما فعله فالضمان على من سبقت جنايته وان تأخر في حدوثه زماناً على الآخر كما لو كان وضع الحجر بعد حفر البئر

والخلاصة اذا اجتمع سببان متساويان في التعدي لكنهما يختلفان في التقدم والتاخر بالنسبة الى الجناية فالضمان على المتقدم منهما حتى اذا تأخر حدوث ما فعله زماناً عن الآخر، هذا هو رأي الاكثر

وفي مقابله يوجد احتمالان:

الاول: التساوي في الضمان وهو ما ذكره المحقق في الشرايع بعنوان ربما خطر بالبال التساوي في الضمان، واستدل عليه بان التلف لم يتمحض من احدهما فكل منهما دخيل في التلف فيشتركان في الضمان ثم قال ولكن الاول (وهو ما عليه الاكثر) اشبه، وهذا هو مختار السيد الماتن

الاحتمال الثاني: اختصاص الضمان بذي السبب القوي ومثلوا له بما اذا نصب سكيناً في بئر حفرها غيره في غير ملكه فتردى انساناً فمات بالسكين وكان السكين حاداً

فالضمان على ناصب السكين بالرغم من ان من سبقت جنايته هو حافر البئر ولكن الضمان على واضع السكين باعتبار انه السبب الاقوى كما ذكروا

اما الاحتمال الاول المنسوب الى الاكثر فيستدل عليه بوجهين

الاول ما في الجواهر من استصحاب اثر السبب الاول وحينئذ يترجح على السبب الثاني

وكأن المقصود أن السبب الاول السابق جناية يقتضي الضمان فاذا شككنا في بقاء هذا الضمان بعد ذلك نستصحب بقاءه واذا استصحبنا بقاءه يرجح على ضمان السبب الثاني

فهناك حكم ثابت قبل السبب الثاني وهو ضمان واضع الحجر وبعد حصول السبب الثاني نشك في بقاءه فنستصحب بقاءه

ويلاحظ عليه ما ذكره السيد الماتن -بعبارة قاصرة- من ان المفروض ان التلف الحاصل لا يترتب على وضع الحجر والعثور به وحده لوضوح انه لو لم يحفر البئر لما حصل القتل والتلف، فالسبب الاول لا ينفرد في حصول التلف، كما انه لا يترتب على حفر البئر وحده، فكل منهما دخيل في حصول التلف

وهذا يعني ان الضمان ليس اثراً لوضع الحجر والعثور به وحده، فلا يتحقق الضمان الا بعد السقوط في البئر والمفروض اننا لا نعلم ان الضمان على من يكون فهل يكون على الاول او الثاني او يشتركان في الضمان

بعبارة اوضح ان السبب الاول قبل الثاني لا اثر له لما قلناه من ان الضمان انما يكون باعتبار التلف والقتل وكل منهما منظماً الى الآخر يكونا سببين في حصول التلف فالسبب الاول قبل الثاني لا يترتب عليه الضمان، فالاثر يحصل بعد تحققهما معاً ولا يقين بالضمان قبل تحققهما معاً

الوجه الثاني: ان السقوط في البئر في مثال المتن حصل بسبب العثور بالحجر المفروض انه موضوع عدواناً وتعدياً فيكون الضمان على واضع الحجر الذي سبقت جنايته فالسقوط المؤدي الى القتل حصل بفعله فيكون هو الضامن لان السقوط في البئر حصل بفعله وليس السقوط في البئر حاصل بسبب حفر البئر وانما حصل بسبب العثور بالحجر

والحاصل ان حفر البئر انما يوجب الضمان عندما يسقط فيه الشخص بسبب الحفر بحيث لولاه لم يسقط وهذا يستفاد من ادلة ضمان الحافر، والمفروض في محل الكلام انه لم يسقط في البئر بسبب الحفر وانما سقط في البئر بسبب العثور بالحجر ولولاه لما سقط في البئر ومعنى هذا ان حفر البئر لا يترتب عليه الضمان وانما يترتب على العثور في الحجر، ويمكن ان يقال ان السبب هو العثور في الحجر وحفر البئر بمنزلة الشرط

ونفس الكلام يقال في المثال الثاني لو كان السابق جناية حافر البئر فيكون الضمان عليه لأن حفر البئر هو السبب في السقوط وان كان لولا نصب السكين لما حصل القتل فالسقوط المترتب عليه التلف حصل بسبب فعل حافر البئر فيكون الضمان عليه

الاحتمال الثاني: استدل عليه في الشرايع بان التلف لم يتمحض من احدهما فكل منهما دخيل في حصول التلف والجناية فيتساويان في الضمان فلا بد من ان نلتزم بالاشتراك في الضمان

ولكن المحقق لم يقبل بذلك ووافق الاكثر، ولكن السيد الماتن التزم بهذا الاحتمال وذكر انه لا دليل على ما ذكره الاكثر من ضمان من سبقت جنايته لان الدليل هو الاستصحاب وتبين بطلانه ولو جئنا الى طبيعة المسألة نجد ان كلاً منهما دخيل، ومقتضى القاعدة الاشتراك في الضمان