< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 266): إذا ألقت الدابّة راكبها فمات أو جرح فلا ضمان على مالكها (1) نعم، لو كان إلقاؤها له مستنداً إلى تنفيره ضمن (2)(مسألة 267): لو حمل المولى عبده على دابّته فوطئت رجلاً، ضمن المولى ديته. ولا فرق في ذلك بين أن يكون العبد بالغاً أو غير بالغ (3)

    1. وهذا واضح لعدم وجود ما يوجب ضمان المالك حتى اذا كان معها لأن الإلقاء لا يستند اليه بحسب الفرض فمقتضى الاصل هو عدم الضمان

    2. باعتبار التفريط لأنه نفرها فيكون سبباً في قتل هذا الراكب، ويمكن التمسك بمعتبرتي ابي مريم وغياث بن ابراهيم المتقدمتين حيث ورد في ذيلها ((الا ان يضربها انسان)) وقلنا بأن التقدير فيكون الضمان على الضارب، فالمستفاد من هاتين المعتبرتين وموثقة اسحاق المتقدمة (الا ان يعبث بها احد فيكون الضمان على الذي عبث بها) هو أن ضرب الدابة والعبث بها يكون موجباً للضمان على الضارب والعابث، فاذا نفرها المالك يكون هو الضامن، وقد اضاف الفقهاء ان المالك يضمن فيما اذا كان الراكب صغيراً او مريضاً وصحبه المالك لحفظه، وكذلك اضافوا ما اذا كان من عادتها الالقاء وكان المالك عالماً بذلك ولم يخبر الراكب

    3. الذي يظهر من كلماتهم انه لا خلاف في ضمان المولى اذا كان العبد المحمول صغيراً، باعتبار تفريط المولى باركابه مع صغره وعدم قدرته على ضبط الدابة، والمهم في الاستدلال على الضمان هو التمسك بصحيحة علي بن رئاب عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في رجل حمل عبده على دابته فوطأت رجلا ، قال : ((الغرم على مولاه))[1]

والمتيقن منها ما اذا كان العبد صغيراً او لا اقل من انها تشمله باطلاقها

ويمكن تأييد ذلك برواية ليث المرادي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن رجل حمل غلاما يتيما على فرس استأجره باجرة وذلك معيشة ذلك الغلام قد يعرف ذلك عصبته فأجراه في الحلبة فنطح الفرس رجلا فقتله ، على من ديته؟ قال : ((على صاحب الفرس)) ، قلت : أرأيت لو أن الفرس طرح الغلام فقتله؟ قال : ((ليس على صاحب الفرس شيء))[2]

والغلام حقيقة في غير البالغ عرفاً بل لغة كذلك، وانما جعلناها مؤيدة باعتبار انها غير تامة سنداً ففي سندها احمد بن عبدوس وهو مجهول والمفضل بن صالح ابو جميلة الذي تسالموا على ضعفه

ومن جهة الدلالة باعتبار انها واردة في غير العبد فلكي نستدل بها لا بد من الغاء خصوصية العبد في محل الكلام، فالعمدة هي الرواية الاولى فهي تامة سنداً بكل طرقها وهي واضحة الدلالة على ضمان المولى اذا حمل عبده على دابته فوطأت رجلاً

واما اذا كان العبد المحمول كبيراً له قدرة على ضبط الدابة

فالمحكي عن الشيخ الطوسي والقاضي والاسكافي بل عن الاكثر ضمان المولى مطلقاً سواء كان العبد المحمول بالغاً او لا، ودليلهم هو اطلاق صحيحة علي بن رئاب، بعد الالتفات الى أن ضمان المولى في حالة كون العبد كبيراً قادراً على ضبط الدابة على خلاف القاعدة فلا تفريط من المولى ولا الجناية تستند اليه فلا بد من الاستدلال بدليل يدل على الضمان فاستدلوا باطلاق صحيحة علي بن رئاب

والمحكي عن الشيخ ابن ادريس عدم ضمان المولى اذا كان العبد المحمول كبيراً واستحسن ذلك المحقق في الشرائع والعلامة في المختلف والشهيد في المسالك على ما حكي وذكروا انه لو كان كبيراً فالجناية تكون في رقبته إن كانت على ادمي فيؤخذ المملوك اذا كانت الجناية بقدر قيمته واما اذا كانت الجناية على الاموال فلا يضمن المولى واختلفوا هل يسعى العبد في ما جنته الدابة او لا

فمقتضى القاعدة عدم ضمان المولى، والقاعدة المستفادة من الادلة السابقة ان العبد يضمن ما جنت الدابة بيدها لأنه الراكب

نعم في مقابل هذا قد يدعى أن صحيحة علي بن رئاب مطلقة تدل على ضمان المولى حتى اذا كان العبد المحمول كبيراً، ولكن قد يشكك في اطلاق الصحيحة بل دعوى ظهور الصحيحة فيما اذا كان المحمول صغيراً كما في كشف اللثام ومفتاح الكرامة والرياض والجواهر بقرينة التعبير بالرواية ب (حمل عبده)، فقد فهموا منها انه حمله ليركبه على الدابة كما عبر بعض الفقهاء (اركب عبده) وهذا ظاهر في صغر المحمول وعدم بلوغه فالكبير لا يحتاج الى حمل

والمستفاد من عبارة السيد الماتن المناقشة في هذا من جهتين:

الاولى: انكار هذا الظهور فإن لفظة (حمل) لا ظهور فيها بكونه صغيراً فإنه يصح أن يقال بلا اي تجوز حمل اباه على دابته او حمل امه

الثاني: إن الحكم في الرواية بضمان المولى ، لا موجب لإختصاصه بالصغير حتى اذا سلمنا بظهور حمل بعدم قابلية المحمول على استقلاله بالركوب بنفسه لأن من لا يقدر على الركوب بنفسه قد لا يكون صغيراً كما لو كان مريضاً وقد يكون امرأة

فان كان مدعى الجماعة الذين ادعوا هذه القرينة ان حمل ظاهرة في الصغير فيأتي ما ذكره السيد الخوئي من الملاحظة، وإن كان مقصودهم ظهور حمل في عدم قدرة المحمول على الاستقلال بالركوب فهذه الدعوى ليست بعيدة، فلا يبعد أن حمل فيها ظهور في عدم قدرة المحمول على الركوب

وحينئذ لا تختص الرواية بخصوص الصغير لأن غير الصغير قد لا يكون قادراً على الركوب بنفسه فلا يبعد اختصاص الرواية بغير القادر على الاستقلال بالركوب بنفسه وهو تارة يكون صغيراً او مريضاً، وعلى كل حال هي لا تشمل الكبير الذي يستقل بالركوب بنفسه، وهذا معناه المناقشة في الاطلاق الذي تمسك به الجماعة وتبعهم السيد الخوئي (قده)

ومن هنا نستطيع أن نقول اذا كان العبد صغيراً فالرواية تدل على ضمان المولى واما اذا كان كبيراً مستقلاً بنفسه -وهو مورد كلامهم- فالرواية لا تدل على ضمان المولى ومقتضى القاعدة أن العبد يكون ضامناً

 


[1] وسائل الشيعة الباب16 من ابواب موجبات الضمان ح1.
[2] وسائل الشيعة الباب16 من ابواب موجبات الضمان ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo