< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

 

فروع التسبيب: (مسألة 264): المشهور أنّ من وقف بدابته فعليه ضمان ما تصيبه بيدها ورجلها (1)، وفيه إشكال، والأقرب: عدم الضمان(مسألة 265): لو ركب الدابّة رديفان، فوطئت شخصاً فمات أو جرح، فالضمان عليهما بالسويّة (2)

    1. استدل لما ذهب اليه المشهور من الضمان بامرين:

الاول: رواية العلاء بن الفضيل المتقدمة عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) أنه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها ، قال : «ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا وقف (او وقفت) فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا»[1] ومحل الشاهد قوله (وإذا وقف(او وقفت) فعليه ما أصابت بيدها ورجلها)

الثاني: الاستدلال عليه بأنه مفرط بالوقوف في الطريق

اما الرواية ففي سندها محمد بن سنان وقلنا بانه لم تثبت وثاقته، فقد نقلها في الوسائل (بالإسناد ، عن يونس ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل) والمقصود من الاسناد هو الاسناد في الحديث الاول (محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه (وهذا اشتباه من صاحب الوسائل وهو غير موجود في الكافي) عن محمد بن عيسى عن يونس) والاشكال من جهة محمد بن سنان

والذي يمكن أن يقال بأنه لا ينبغي الاشكال في الضمان مع فرض التفريط، والمقصود بالتفريط هو التفريط الذي يوجب استناد الجناية اليه كما لو ضربها او وخزها فجنت، بحيث تنسب الجناية اليه ويكون الحيوان مجرد الة

والكلام في المقام ليس في فرض التفريط، بل في فرض عدم التفريط ومن هنا يظهر ان الاستدلال على الضمان في المقام بالتفريط خروج عن محل الكلام

وأما مسألة كونه مفرطاً من جهة وقوفه في الطريق فهي دعوى ليست واضحة وعهدتها على مدعيها فإن الوقوف في الطريق اذا لم يكن مضراً بالمارة جائز كالسير في الطريق

وقد ذكروا بأن النص -والمقصود رواية العلاء بن الفضيل- مطلق يشمل الراكب والقائد والسائق فإن كل هؤلاء اذا وقفوا بالدابة يكونوا ضامنين لما تجنيه بيدها ورجلها

وهذا الكلام إن كان المراد منه أن الراكب اذا وقف بدابته وهو راكب، وهكذا القائد والسائق، فهذا يصعب تصوره في القائد والسائق فإن الظاهر أن القائد يخرج عن كونه قائداً اذا وقف بالدابة وهكذا السائق فإنه انما يكون سائقاً اذا كان يسير بالدابة ويسوقها امامه، فصدق القائد والسائق يتوقف على السير، الا بلحاظ من تلبس بالمبدأ سابقاً وليس هو المقصود، نعم هو متصور في الراكب،

اقول لا يبعد أن يكون التعبير في الرواية بـ(وقف بدابته) لا (أوقف دابته) يشير الى ما نقوله من أن المقصود هو الراكب وانه وقف بدابته في حال ركوبه واما لو نزل عنها فانه يقال اوقف دابته، فتختص المسألة به

واذا فرضنا ان هذا هو محل الكلام فمقتضى القاعدة انه لا يضمن كلاً منهما وانما يضمن خصوص ما تجنيه بيدها لأنه راكب ويمكن الاستدلال على ذلك باطلاق ما دل على ضمان الراكب لما تجنيه بيدها مثل معتبرة السكوني المتقدمة، وكذلك اطلاق التعليل في صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد المتقدمتين (لأن رجليها خلفه اذا ركب)) فهو صادق في محل الكلام

والمفروض ان النص غير تام سنداً، ومقتضى القاعدة انه لا يضمن ما تجنيه بيدها ورجلها

واما اذا كان مقصودهم ما اذا خرج عن حالة الركوب والقيادة والسوق كما لو وقف وربط الدابة فجنت الدابة وهي واقفة ففي هذه الحالة يمكن أن يقال إن مقتضى القاعدة انه يضمن ما تجنيه الدابة برجلها ويدها لأن مقتضى التعليل المتقدم ان كلاً منهما امامه وليس شيء منهما خلفه، فلا يأتي التعليل المذكور بأنه لا يكون ضامناً لما تجنيه برجلها لانها خلفه

وإن كنا نستقرب أن التعبير بوقف بها المذكور في كلمات الفقهاء يختص بالراكب في حال الركوب واما اذا نزل من الدابة وربطها او تركها واقفة فلا يقال (وقف بها) بل يقال اوقف الدابة، او لا اقل من احتمال هذا

فتارة نتكلم عن الراكب في حال الركوب فحاله حال الراكب في حال السير، او نتكلم عن الراكب بعد النزول فلا يبعد أن يكون ضامناً لما تجنيه بيدها ورجلها وهكذا السائق والقائد لأنه يكون مسيطراً على تمام الدابة

فما ذكره في المتن من ان (الاقرب عدم الضمان) اذا كان المقصود انه وقف وهو راكب فلا يضمن ما تجنيه برجلها واما اذا نزل عن الدابة فلا يبعد انه يضمن ما تجنيه بيدها ورجلها

    2. الظاهر أن ضمان كل منهما بالتساوي مما لا خلاف فيه ويدل عليه امران:

الاول: إنه يصدق على كل منهما عنوان الراكب فتشمله الادلة الدالة على ضمان الراكب ما تجنيه الدابة بيدها فيكون الضمان عليهما بالسوية لصدق الراكب على كل منهما

والثاني: ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن ابن أبي نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن أبي غانم ، عن منهال بن خليل ، عن سلمة بن تمام ، عن علي (عليه‌السلام) في دابة عليها ردفان فقتلت الدابة رجلا أو جرحت ، »فقضى في الغرامة بين الردفين بالسوية»[2] وسندها في التهذيب غير تام لوجود عدة مجاهيل فابو غانم مجهول ومنهال بن خليل وسلمة بن تمام ايضاً مجهول وإن قيل بأنه من اصحاب امير المؤمنين (عليه السلام)

ولكن رواها في الفقيه ((قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في دابة عليها رديفان فقتلت الدابة رجلا أو جرحته ، فقضى بالغرامة بين الرديفين بالسوية )) [3]

وطريق الصدوق هو ما ذكره في المشيخة (وما كان فيه متفرقا من قضايا أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن (رضي‌الله‌عنهما) عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام)) [4] وكل هؤلاء ثقاة فيمكن أن يقال بأن الرواية صحيحة محمد بن قيس، فتصح أن تكون دليلاً على الحكم في هذه المسألة

مضافاً الى انه لا خلاف في المسألة، وبعض الاصحاب عبر انه لا خلاف فيه


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo