< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

 

فروع التسبيب: (مسألة 263): يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها (1) و كذلك ما تجنيه برجليها إن كانت الجناية مستندة إليهما، بأن كانت بتفريط منهما، وإلّا فلا ضمان (2)، كما أنّهما لا يضمنان ما ضربته الدابّة بحافرها إلّا إذا عبث بها أحد، فيضمن العابث جنايتها، وأمّا السائق فيضمن ما تجنيه الدابّة برجلها دون يدها

    1. كان الكلام في ما يضمنه الراكب والقائد وفي المتن ذكر انهما يضمنان ما تجنيه الدابة بيديها مطلقاً واما ما تجنيه برجلها ففصل السيد الماتن بين التفريط فالضمان ومع عدم التفريط فلا ضمان

وقلنا بأن ضمان الراكب والقائد ما تجنيه برجلها مع التفريط واضح، وإنما الكلام في عدم ضمانه مع عدم التفريط

ومقتضى الروايات السابقة انهما لا يضمنان ما تجنيه الدابة برجلها، ولكن هناك روايات قد يستدل بها لإثبات ضمانهما ما تجنيه الدابة برجلها وهي موثقة اسحاق بن عمار ومعتبرة ابي مريم المتقدمتين ومعتبرة غياث بن ابراهيم عن جعفر ، عن أبيه (عليهما‌السلام) ، ((أن عليا (عليه‌السلام) ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ورجليها ، وما ( نفحت برجلها ) فلا ضمان عليه إلا ان يضربها انسان)) [1] فكما ان عليه ضمان ما تطأه بيدها عليه ضمان ما تطأه برجلها

وهذه الروايات قد تجعل معارضة للروايات السابقة فإن الروايات السابقة تدل على عدم ضمان الراكب ما تجنيه الدابة برجلها مطلقاً وهذه الروايات تدل على ضمان ما تجنيه برجلها مطلقاً حتى مع عدم التفريط فيتعارضان في محل الكلام وهو ما تجنيه الدابة برجلها مع عدم التفريط

وفي الجواهر ركز على علاج التعارض بين الموثقة والروايات السابقة وذكر بانها قاصرة عن معارضة ما تقدم من الروايات وحملها على صورة التفريط فلا تعارض الروايات السابقة الدالة على عدم ضمان ما تجنيه الدابة برجلها مع عدم التفريط، او تحمل على ما اذا كانت واقفة كما اشير الى ذلك في رواية العلاء بن الفضيل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) أنه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها ، قال : «ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها»[2]

والشيخ الطوسي حمل الموثقة على ما اذا كانت واقفة واستشهد برواية العلاء بن الفضيل ايضاً

والذي يمكن أن يقال هو ان المعارض للروايات السابقة لا يختص بالموثقة بل يشمل معتبرة ابي مريم ومعتبرة غياث بن ابراهيم المتقدمتين ولا قصور فيهما عن المعارضة، نعم موضوعهما صاحب الدابة بخلاف موثقة اسحاق بن عمار فإن موضوعها راكب الدابة لكن صاحب الدابة في المعتبرتين محمول على كونه راكباً او قائداً فيتحد مفادهما مع مفاد موثقة اسحاق بن عمار فتكون الروايات الثلاثة معارضة للروايات السابقة

والسيد الماتن ناقش في الروايات من جهة وجود الرجل فيها وعدمه وذكر أن كلمة (ورجلها) لم يثبت وجودها في الرواية فلا معارضة اصلاً

اما معتبرة ابي مريم فباعتبار أن الشيخ رواها خالية من هذه الكلمة بل يظهر من الوافي أن هذه الكلمة لم تكن موجودة في الكافي ايضاً، نعم هي موجودة في الكافي المطبوع ونقلها صاحب الوسائل عن الكافي وكذا صاحب الرياض، ومن هنا يظهر أن نسخ الكافي مختلفة ففي نسخة الوافي غير موجودة، نعم هي موجودة في نسخة صاحب الوسائل، ولا يبعد أن تكون الرواية التي يرويها الشيخ في التهذيب مأخوذة من الكافي وإن بدأ السند بعلي بن ابراهيم لأن السند فيهما واحد

ومع كون النسخ مختلفة لا يمكن إثبات وجود هذه الكلمة في الرواية حتى تكون معارضة للروايات السابقة

وأما معتبرة غياث بن ابراهيم فإن كلمة (ورجليها) موجودة في التهذيب والوسائل وغيرها من الكتب الفقهية الا أن الظاهر من الوافي عدم وجودها في التهذيب أيضاً وقد رواها الشيخ الصدوق خالية من هذه الكلمة فيكون حالها حال معتبرة ابي مريم

بل يمكن أن يقال بأنه لا داعي لإتعاب أنفسنا في أن نسخ الكافي مختلفة او نسخ التهذيب مختلفة فحتى اذا فرضنا أن نسخ الكافي متفقة على وجود هذه الكلمة في رواية ابي مريم ولكن نقل الكافي لهذه الرواية معارض لنقل التهذيب للرواية خالية من هذه الكلمة، كما ان نقل الشيخ الطوسي لمعتبرة غياث بن ابراهيم معارض لنقل الصدوق للرواية خالية من الكلمة ومع وقوع التعارض لا يمكن ان يقال بوجود الكلمة، وتقدم سابقاً انه لا تجري أصالة عدم الزيادة في نقل الكافي بالنسبة لرواية ابي مريم لإثبات النقيصة في نقل التهذيب ونفس الكلام في معتبرة غياث بن ابراهيم

وأما موثقة اسحاق بن عمار فلا مجال للتشكيك في وجود الكلمة (ورجلها) ولم يدع أحد عدم وجود هذه الكلمة فيها فيقع التعارض بين هذه الموثقة وبين الروايات السابقة في محل الكلام حيث تدل تلك الروايت على عدم الضمان بينما تدل هذه الرواية على أن الراكب يضمن

وقلنا بأن الشيخ الطوسي (قده) حملها على ما اذا كانت واقفة استناداً الى رواية العلاء بن الفضيل

وحملها صاحب الجواهر إما على صورة التفريط او على ما اذا كانت واقفة، وقد يوجه حمل الموثقة على صورة التفريط بأن الروايات السابقة الدالة على ضمان الراكب ما تجنيه الدابة برجلها مختصة بصورة عدم التفريط وانها ليست مطلقة باعتبار انها تنفي الضمان عن الراكب ما تجنيه الدابة برجلها فلا بد ان تكون ناظرة الى صورة عدم التفريط إذ لا اشكال في كونه ضامناً في صورة التفريط، فالراكب في صورة عدم التفريط يضمن ما تجنيه بيدها دون ما تجنيه برجلها لانها خلفه، فقد يدعى بأن هذا قرينة على أن الرواية ناظرة الى صورة عدم التفريط

بينما الموثقة مطلقة من ناحية التفريط وعدمه فتقيد بالروايات السابقة وتحمل على صورة التفريط، فما ذكره صاحب الجواهر ليس بلا وجه

وعلى كل حال فإذا تمت هذه الوجوه فبها، والا فيقع التعارض بين هاتين الطائفتين فيتساقطان وحينئذ لا يبقى دليل على الضمان في محل الكلام اي ضمان الراكب ما تجنيه الدابة برجلها، وهو يكفي في الحكم بعدم الضمان فيصح ما ذكره السيد الماتن من قوله (والا -اي إن لم يكن مفرطا- فلا ضمان)


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo