< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

 

فروع التسبيب: (مسألة 263): يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها و كذلك ما تجنيه برجليها إن كانت الجناية مستندة إليهما، بأن كانت بتفريط منهما، وإلّا فلا ضمان (1)، كما أنّهما لا يضمنان ما ضربته الدابّة بحافرها إلّا إذا عبث بها أحد، فيضمن العابث جنايتها، وأمّا السائق فيضمن ما تجنيه الدابّة برجلها دون يدها

 

تبين مما ذكرناه أن عمرو بن ابي المقدام ضعفه ابن الغضائري فيكون هذا التضعيف معارضاً للتوثيق اذا تم بحقه

وهل يؤثر عدم ثبوت وثاقته في مسألة (من دعى غيره ليلاً فأخرجه من منزله فهو له ضامن) باعتبار أن عمدة الدليل على الضمان في تلك المسألة هو رواية عمرو بن ابي المقدام وتبين انها غير معتبرة فلا دليل على الضمان خصوصاً اننا ذكرنا أن الضمان على خلاف القاعدة فلم يثبت انه قتله

قد يقال بأن عدم اعتبار الرواية سنداً لا يؤثر في النتيجة باعبتار انها وان كانت غير تامة سنداً ولكن يدعى حصول الوثوق بصدورها وهو يحصل من مجموعة قرائن

منها رواية المشايخ الثلاث لها في الكافي والفقيه والتهذيب باسانيد مختلفة

ومنها اشتهار نقلها وروايتها بين الاصحاب امثال العطار واحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسن بن الوليد ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب والصفار والحسين بن سعيد فكلهم نقل هذه الرواية كما يظهر من خلال مراجعة الطرق المذكورة لهذه الرواية

حتى ان الشيخ ابن ادريس في السرائر قال (روى اصحابنا ان من دعى رجلا ليلا فاخرجه من منزله فهو له ضامن)

ومنها اعتماد الاصحاب عليها في اثبات الضمان لما تقدم من أن الحكم بالضمان على خلاف القاعدة فإن الحر لا يضمن بالدية الا مع ثبوت الجناية عليه باقرار او بينة، والظاهر ان اتفاق الاصحاب على الضمان انما هو استناد الى هذه الرواية، فانهم طرحوا للبحث انه لو اخرجه نهاراً فلا يشمله الحكم لأن الحكم على خلاف القاعدة، والنص يقول اخرجه ليلاً، والمقصود بالنص هو رواية ابن ابي المقدام التي حكمت بالضمان

ومنها انها مؤيدة بالرواية الاخرى لعبد الله بن ميمون المروية في التهذيب وان كانت ضعيفة سنداً

فلا يبعد حصول الوثرق بصدور الرواية من مجموع هذه القرائن

خصوصاً بعد الالتفات الى أن عمرو بن ابي المقدام لم يثبت عندنا ضعفه وإنما لم تثبت وثاقته، وبناء على هذا لا يتغير شيء مما ذكرناه في تلك المسألة

وبهذا يتم الكلام في هذا البحث الرجالي

    1. بالنسبة الى الفرع الاول وهو أن راكب الدابة وقائدها يضمنان ما تجنيه الدابة بيدها مطلقاً حتى مع عدم التفريط، الظاهر انه لا خلاف فيه بل حكي عن الغنية والخلاف وظاهر المبسوط الاجماع عليه ويدل عليه عدة روايات

منها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) أنه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها ، فقال : ((ليس عليه ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لان رجليها خلفه إن ركب ، فان كان قاد بها فانه يملك باذن الله يدها يضعها حيث يشاء)) [1] والرواية عللت عدم الضمان بما اذا جنت برجلها بأن رجلها خلفه، وهو غير متمكن من مراعاة الخلف

ومعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) أنه ضمن القائد والسائق والراكب ، فقال : ((ما أصاب الرجل فعلى السائق ، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب))[2]

وصحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن رجل مر في طريق المسلمين فتصيب دابته برجلها ، فقال : ((ليس على صاحب الدابة شيء مما أصابت برجلها ، ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لان رجلها خلفه إذا ركب ، وإن قاد دابة فانه يملك رجلها (في المصدر: يدها) باذن الله يضعها حيث يشاء))[3]

ومقتضى اطلاق هذه الروايات أن الراكب والقائد يكون ضامناً لما تجنيه الدابة بيديها حتى مع عدم التفريط والا فاذا افترضنا التفريط يكون الضمان على القاعدة إذ معه ينتسب الفعل اليه ولولا هذه النصوص الدالة على الضمان مطلقاً لكان المتعين الحكم بالضمان في صورة التفريط دون صورة عدم التفريط

وقبل ان ننتقل الى الفرع الثاني الذي ذكره في المتن نذكر فرعين ذكرهما المحقق في الشرائع

الفرع الاول: ذكر المحقق في الشرائع (وفي ما تجنيه برأسها تردد اقربه الضمان لتمكنه من مراعاته) والذي يبدو أن التردد ينشأ من ما ذكره انه يتمكن من مراعاته فهو يتمكن من مراعاة الرأس، ووجه عدم الضمان هو ما تقدم من اطلاق (العجماء جبار) ولزوم الاقتصار في مخالفة القاعدة على المتيقن والمتيقن هو ما تجنيه بيدها فهو المذكور في النصوص، مضافاً الى ان الاصل عدم الضمان

وما اختاره المحقق من الضمان هو مختار المفيد في المقنعة والطوسي في المبسوط وابن ادريس في السرائر والعلامة في التحرير والارشاد وغيرها

والوجه فيه هو ما اشار اليه المحقق وهو أن المستفاد من التعليل في الصحيحتين المتقدمين (ليس عليه ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لان رجليها خلفه اذا ركب) هو ان الضمان وعدمه يدور مدار تمكنه من المراعاة وعدمها

وبناء على هذا الاستظهار فكل الوجوه السابقة التي ذكرت لعدم الضمان لا تجري فإن الاصل لا يجري لأن النوبة لا تصل اليه بعد قيام الدليل، وايضاً فالدليل دل على شمول الضمان للرأس فيكون داخلاً في المتيقن، واطلاق العجماء جبار يقيد بهذه الروايات بعد هذا الاستظهار

الفرع الثاني: ذكر في الشرائع (ولو كان صاحب الدابة معها ضمن دون الراكب)

وناقش السيد الماتن بأن هذا لا وجه له الا اذا كان المالك قائداً لها فيكون هو الضامن بمقتضى التعليل في ذيل صحيحة الحلبي وسليمان بن خالد

اقول يبدو ان الاولى الاستدلال على ضمان القائد بما ذكر في الرواية بعد التعليل (فان كان قائدها فانه يملك باذن الله يدها يضعها حيث يشاء) وهذه كناية عن الضمان، فإن الاستدلال بالتعليل في مسألة التعدي لغير اليد مما يكون امامها للحكم بالضمان كالتعدي للرأس او من الرجل الى غيرها مما يكون خلفها للحكم بعدم الضمان، لا ان نتعدى من الراكب الى غيره، نعم يمكن على بعض الوجوه الاستدلال بعموم التعليل، ولكن الاولى الاستدلال بذيل الرواية

وعلى كل حال يفهم من كلام السيد الخوئي (قده) انه اذا اجتمع القائد والراكب فالضمان على القائد سواء كان مالكاً للدابة او لا، والكلام في أن ضمان القائد هل هو في صورة انفراده او حتى اذا كان معه الراكب

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo