< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/09

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 258): يجب على صاحب الدابّة حفظ دابّته الصائلة، كالبعير المغتلم والكلب العقور ، فلو أهملهما وجنيا على شخص ضمن جنايتهما(1)، نعم، لو جهل المالك بالحال أو علم ولكنّه لم يفرّط فلا ضمان عليه (2)، و لو جنى على صائلة، فإن كان دفاعاً عن نفسه أو ماله لم يضمن، وإلّا ضمن وإن كانت جنايته انتقاماً من جنايتها على نفس محترمة أو غيرها(3)

    1. استدللنا على ذلك بصحيحة الحلبي وصحيحة علي بن جعفر وروايته الاخرى، وقلنا قد يقال بانها معارضة بما ورد ان (العجماء جبار) وقلنا لا يبعد أن تكون هذه الطائفة الثانية مختصة بصورة عدم الاهمال وعدم التفريط ومحل الكلام في صورة الاهمال والتفريط

وقد يقال بأن هذه الروايات الاولى الدالة على الضمان معارضة بمرسلة يونس بن عبد الرحمن -التي يستفاد منها عدم الضمان- عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ، أنه قال : «بهيمة الانعام لا يغرم أهلها شيئا» [1]

وينقل صاحب الوسائل عن الشيخ الصدوق بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن مثله ، وزاد : «ما دامت مرسلة»والرواية مروية في الكافي وفي موضعين من التهذيب [2] [3] وكذلك مروية في الفقيه فقد رواها المشايخ الثلاثة في كتبهم، وهي مرسلة في الكافي وفي التهذيب في كلا الموضعين ومرفوعة في الفقيه، والزيادة موجودة في الفقيه والكافي وموضع من التهذيب، نعم هي غير موجودة في الموضع الثاني من التهذيب

والظاهر أن هذه العبارة موجودة في الرواية لشهادة الشيخ الكليني وشهادة نقل الشيخ الصدوق بل لشهادة الشيخ الطوسي في موضع من التهذيب بوجودها، والظاهر ان هذه الشهادات مقدمة على ما ذكره الشيخ الطوسي في الموضع الآخر من التهذيب، ولا يحمل ما ذكره الشيخ الطوسي في الموضع الثاني من التهذيب على انه شهادة بالنفي حتى يكون معارضاً لنقل الباقين ولنقله هو في الموضع الآخر وإنما هو ذكر هذا المقدار ولم يذكر الباقي

وعلى كل حال فحتى لو فرضنا التعارض فالظاهر أن شهادات هؤلاء مقدمة على ما ذكره في موضع من التهذيب

والظاهر أنه لا يراد بالمرسلة ما يقابل المحبوسة في البيت والا لكانت الرواية دالة على الغرامة اذا كانت محبوسة، فهي تدل على انها اذا كانت مرسلة فلا ضمان ومفهومها انها اذا كانت محبوسة ففيها الضمان وهذا لا معنى له، ومن هنا نستبعد أن يكون المراد بالارسال ما يقابل الحبس في البيت وانما الظاهر أن المراد بالارسال هو ما يقابل الصائلة والهائجة باعتبار ان غير الصائلة من شأنها الارسال

فالرواية لا تدل على عدم الضمان في محل الكلام لأن محل الكلام هو الدابة الصائلة

او تحمل المرسلة على التي افلتت من غير تفريط وهذا لا ينافي الروايات السابقة في محل الكلام ايضاً

وعلى كل حال فالاقرب هو الاحتمال الاول فالمرسلة في قبال السائمة باعتبار ان الارسال انما يكون للدابة غير الصائلة، فالصائلة ليس من شأنها الارسال

هذا على تقدير تمامية الرواية سنداً ولكنها مرسلة او مرفوعة وعلى كلا التقديرين هناك مشكلة سندية اللهم الا اذا تجاوزنا هذه المشكلة بأن قمنا بعملية إحصاء لمشايخ يونس ومن يروي عنهم وتبين أن نسبة الثقاة منهم عالية جداً بحيث أن نسبة غير الثقاة والمجهولين نسبة ضئيلة وبحساب الاحتمالات يحصل نوع من الركون والاطمئنان بأن هذا الذي أرسل عنه هو من الثقاة الذين يروي عنهم

فاذا تم هذا المطلب يمكن التعويل على مراسيل يونس بن عبد الرحمن وهو غير بعيد

    2. لأنه لا إهمال ولا تفريط في هذا الفرض وتقدم أن الطائفة الثانية تدل على عدم الضمان في صورة عدم الاهمال والتفريط ويؤيد ذلك رواية مسمع بن عبد الملك المتقدمة عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) «أن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) كان إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فاذا ثنى ضمن صاحبه»[4] ففي اول مرة عادة يكون صاحبه جاهلاً بحاله عادة وضمّنه في الثانية لأنه يكون عالماً بحاله، فيكون التفصيل في الرواية بلحاظ العلم والجهل

    3. الجناية على الحيوان الصائل إن كانت صدرت دفاعاً عن نفسه فلا ضمان بلا خلاف فيه كما في الجواهر ويمكن الاستدلال عليه بالأدلة الدالة على عدم الضمان إذا ترتب على الدفاع عن النفس او المال تلف انسان، وهذه الروايات لا يشترط فيها أن يكون ارادة المهاجم قتل الشخص بل كثير منها واردة في مسألة اللص الذي يريد سرقة المال، فإذا كان تلف الانسان في مقام الدفاع عن النفس غير مضمون فعدم ضمان الحيوان المهاجم يثبت بالأولوية القطعية

وبعبارة اخرى ان الشارع اذا اجاز للانسان في مقام الدفاع عن نفسه وماله أن يقتل انساناً اذا كان مهاجماً ولا يكون ضامناً لدمه فيثبت ذلك اذا كان المهاجم حيواناً من باب اولى

مضافاً الى رواية معلى ابي عثمان، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : سألته عن رجل غشيه رجل على دابة فأراد أن يطأه فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فطرحته وكان جراحة أو غيرها؟ فقال : «ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه ، وهي الجبار» [5] يعني يكون دمه هدراً وليس فيه الضمان

ورواها الصدوق عن جعفر بن بشير عن معلى ابي عثمان عن ابي عبد الله (عليه السلام)

وإنما استدللنا برواية الشيخ الصدوق باعتبار انها تامة سنداً بينما رواية الشيخ في التهذيب فيها المعلى فإن كان هو المعلى ابي عثمان فهو ثقة واما اذا كان المراد به غيره فلعله يكون مجهولاً

وطريق الشيخ الصدوق الى جعفر بن بشير تام وجعفر بن بشير أوضح من أن يذكر بالتعريف فهو ثقة ثقة وهو معروف بالوثاقة والزهادة والعلم

ومعلى بن عثمان ابو عثمان الاحول نص على وثاقته ولا يبعد أن يكون معلى المذكور في رواية التهذيب هو هذا لأنه روى عن ابي بصير كما في الكافي وهكذا في رواية الشيخ الطوسي هنا، فالرواية تامة سنداً

وهي ظاهرة في انه اذا جنى على الدابة الصائلة فلا ضمان اذا كان في مقام الدفاع عن النفس خصوصاً في قوله في ذيل الرواية (انما زجر عن نفسه) فهي في مقام التعليل لعدم الضمان فكل من يدافع عن نفسه فلا ضمان عليه،

واما اذا كانت الدابة صائلة ولم يقتلها دفاعاً عن النفس فانه يكون ضامناً

ويدل على ذلك مضافاً الى عمومات ادلة الضمان عندما يعتدي الانسان على مال الغير، صحيحة الحلبي ورواية علي بن جعفر المتقدمتين حيث ضمّن الامام اخو المقتول لأنه جنى عليها ليس في مقام الدفاع عن النفس


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo