< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب:

(مسألة 256): لو ألقى‌َ قشر بطّيخ أو موز ونحوه في الطريق، أو أسال الماء فيه فزلق به إنسان فتلف أو كسرت رجله مثلاً ضمن [1]

(مسألة 257): لو وضع إناء على حائط وكان في معرض السقوط فسقط فتلف به إنسان أو حيوان ضمن، وإن لم يكن كذلك وسقط اتّفاقاً لعارضٍ لم يضمن [2]

(مسألة 258): يجب على صاحب الدابّة حفظ دابّته الصائلة، كالبعير المغتلم والكلب العقور(3)، فلو أهملهما وجنيا على شخص ضمن جنايتهما [3]

1- مضافاً لاتفاقهم على هذا الحكم، من الممكن ان يستدل عليه بصحيحتي الحلبي والكناني المتقدمتين ومفادهما (ان كل ما يضر بطريق المسلمين ففيه الضمان) وقلنا بأن المراد به الاضرار بالمسلمين وهو شامل لمحل الكلام، ومن هنا يظهر أن الضمان يدور مدار الاضرار ومن هنا قالوا بأن إسالة الطريق بالماء يختلف عن رش الطريق بالماء فليس فيه اضرار بالمسلمين فلا ضمان في ما لو ترتب عليه ضرر اتفاقاً وهذا ليس متفقاً عليه فقد ذكر المحقق في الشرائع بأن رش الطريق بالماء موجب للضمان ولكن رش الطريق بالماء بالنحو المتعارف ليس واضحاً انه اضرار بالمسلمين وعلى كل حال فالميزان هو ان ما يكون مضراً بالمسلمين يترتب عليه الضمان

2-عدم الضمان فيما إذا كان وضعه ليس في معرض السقوط يكون واضحاً لأنه تصرف في ملكه تصرفاً جائزاً فلو سقط يكون من باب الاتفاق وهذا لا يترتب عليه الضمان

واما لو وضعه وكان في معرض السقوط فالضمان يكون واضحاً لأنه يكون نظير المسألة السابقة فيما لو بنى حائطاً مائلاً في معرض السقوط فيترتب عليه الضمان لأن البناء بهذا الشكل لا يكون جائزاً له فهو متعدي في هذا التصرف

3-اما وجوب حفظ الدابة الصائلة، اذا كانت مملوكة له او أنه اقتناها فباعتبار انها مضرة بالغير، فلو كان مالكاً لها ويتمكن من حفظها فلو اهملها فيعتبر هذا اضرار بالغير وهو محرم وغير جائز

نعم اذا كانت الدابة في بيته ولم يكن مالكاً لها ولا انه مقتنيها فلا يجب عليه حفظها، فالظاهر أن هذه العبارة ناظرة الى الحكم التكليفي ويحتمل أن تكون ناظرة الى الحكم الوضعي بمعنى انه يجب عليه الضمان فيما لو جنت على الغير

4-الضمان لجنايتهما بهذه الشروط المتقدمة باعتبار انه هو السبب والدابة بمنزلة الآلة ومع علمه بالحال يكون ضامناً

ويمكن أن يستدل لذلك بروايات:

منها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف؟ فقال : ((صاحب البختي ضامن للدية ويقتص ثمن بختيه))[4] والموجود في الكافي ( ويقبض ثمن بختيه)[5]

ومنها صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما‌السلام) قال : سألته عن بختي اغتلم فقتل رجلا ، ما على صاحبه؟ قال : ((عليه الدية))

ومنها رواية عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌السلام) قال : سألته عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام أخو المقتول فعقر البختي وقتله ، ما حاله ؟ قال : ((على صاحب البختي دية المقتول ، ولصاحب البختي ثمنه على الذي عقر بختيه)) [6]

لأنه قتله ليس دفاعاً عن النفس وانما من باب التشفي فيكون ضامناً

وواضح أن هذه الروايات لا تختص بمحل الكلام بمعنى انها لا يفهم منها افتراض الاهمال والتفريط من قبل صاحب الدابة

ولكن الظاهر أن هذا لايضر بالاستدلال بها في محل الكلام لأنها مطلقة فنتمسك باطلاقها لإثبات الضمان في محل الكلام في صورة الاهمال، واما مسألة إمكان الالتزام بالضمان في صورة عدم التفريط وعدمه فسوف يأتي الكلام عنها

واما سند الروايات فالرواية الاولى الظاهر انها تامة السند بكل طرقها

واما الرواية الثانية فالظاهر انها تامة سنداً فيرويها الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي بن علي ، عن عليّ بن جعفر

ومحمد بن احمد العلوي الملقب بالهاشمي استدل على وثاقته بامرين:

الاول انه روى عنه محمد بن احمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة ولم يستثنه ابن الوليد وهذا على رأي يكون دليلاً على وثاقته ونحن نميل الى هذا الرأي

وثانيا ان النجاشي وصفه بأنه من شيوخ اصحابنا حيث ذكر في ترجمة العمركي بن علي (العمركي بن علي البوفكي روى عنه شيوخ اصحابنا منهم عبد الله بن جعفر الحميري، ثم قال له كتاب الملاحم اخبرنا ..... حدثنا محمد بن احمد بن اسماعيل العلوي عن العمركي بكتابه) فيكون ممن روى عن العمركي وقال النجاشي روى عنه شيوخ اصحابنا وهذا ان لم يدل على الوثاقة فهو يدل على الحسن على الاقل، فالظاهر انه يمكن الاعتماد عليه فتكون الرواية صحيحة

واما الحديث الثالث فنحن نشكك فيه لأن صاحب الوسائل نقله مباشرة عن كتاب علي بن جعفر وليس واضحاً لدينا أنه يملك طريقاً صحيحاً الى كتابه

وقد يقال بأن هذه الروايات معارضة بطائفة من الروايات استفادوا منها عدم الضمان في محل الكلام وهي:

معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : ((البئر جبار ، والعجماء جبار ، والمعدن جبار)) [7]

ورواية عقبة بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((كان من قضاء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أن المعدن جبار ، والبئر جبار ، والعجماء جبار)) [8]

ومعتبرة زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال : ((قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : العجماء جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس ، والجبار [ الهدر ] الذي لا دية فيه ولا قود))[9] والظاهر ان هذه العبارة الاخيرة للشيخ الصدوق وليست في اصل الرواية فهي تفسير لمعنى الجبار

والرواية الاولى تامة السند

والثانية ضعيفة بمحمد بن عبد الله بن هلال فهو مجهول لم تثبت وثاقته

والثالثة الظاهر انها تامة سندا يرويها الشيخ الصدوق في معاني الاخبار عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي

والحسين بن علوان موثق وان كان عامياً وهو اخو الحسن بن علوان، وهناك عبارة معروفة ان الحسن بن علوان اوثق من الحسين بن علوان، وهذا معناه انه ثقة الا ان اخوه اوثق منه

وعمرو بن خالد هو ابو خالد الواسطي الزيدي وهو ثقة

والجبار هو الهدر كما فسره الشيخ الصدوق فالجناية التي تقوم بها العجماء لا ضمان فيها، حيث ورد في كتاب العين (في الحديث العجماء جبار اي ما اصابت دابة فهو هدر) ذكر هذا في مادة (جبر) وفي مادة (عجم) قال (العجماء كل دابة او بهيمة وفي الحديث جرح العجماء جبار اذا افلتت الدابة فقتلت انساناً فليس على صاحبها دية)[10] وهذا يكون قرينة على ان مقصوده في الموضع الاول من (ما اصابت دابة ) اي ما اصابته الدابة ليس فيه ضمان بقرينة تفسيره لنفس الحديث في الموضع الثاني

وحينئذ فالاستدلال على عدم الضمان يكون واضحاً وبهذا تكون هذه الروايات معارضة للطائفة الاولى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo