< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 250): لو كان يعلّم صبيّاً السباحة فغرق الصبيّ اتّفاقاً، ضمن المعلّم إذا كان الغرق مستنداً إلى فعله، وكذا الحال إذا كان بالغاً رشيداً، وقد تقدّم حكم التبرّي عن الضمان(1)(مسألة 251): إذا اشترك جماعة في قتل واحد منهم خطأً، كما إذا اشتركوا في هدم حائط مثلاً فوقع على أحدهم فمات، سقط من الدية بقدر حصّة المقتول، والباقي منها على عاقلة الباقين، فإذا كان الاشتراك بين اثنين سقط نصف الدية لأنّه نصيب المقتول، ونصفها الآخر على عاقلة الباقي، وإذا كان الاشتراك بين ثلاثة سقط ثلث الدية، وثلثان منها على عاقلة الشخصين الباقيين، وهكذا(2)(مسألة 252): لو أراد إصلاح سفينة حال سيرها فغرقت بفعله، كما لو أسمر مسماراً فقلع لوحة أو أراد ردم موضع فانهتك، ضمن ما يتلف فيها من مال لغيره أو نفس(3)(مسألة 253): لا يضمن مالك الجدار ما يتلف من إنسان أو حيوان بوقوع جداره عليه إذا كان قد بناه في ملكه أو في مكان مباح (4)، وكذلك الحال لو وقع في طريق فمات شخص بغباره، نعم، لو بناه مائلاً إلى غير ملكه أو بناه في ملك غيره فوقع على إنسان أو حيوان اتّفاقاً فمات ضمن

    1. تقدم منا سابقاً ان الحكم في معلم السباحة وفي الختّان هو نفس الحكم في الطبيب وهو ان الضمان فيهم يكون منوطاً بعدم اخذ البراءة

والظاهر ان هذا لا يختص بما اذا كان العمل مستاجراً عليه بل حتى اذا كان العمل تبرعياً فهنا ايضاً اذا اخذ البراءة يسقط عنه الضمان وذلك لما قلناه من ان اخذ البراءة مرجعها الى اشتراط اسقاط الحق في حين الاشتراط اذا ظهر موجبه بعد ذلك بحيث يكون اسقاط الحق حين الاشتراط، فبمجرد ان يقبل الطرف الاخر هذا الاشتراط يسقط هذا الحق فيما لو حصل موجبه في المستقبل، وبناء على هذا فانه يسقط حقه من دون دخل لهذا في ان يكون الاشتراط في ضمن عقد لازم او لا

    2. لانه خطأ محض والخطأ المحض على العاقلة

وذكر هذه المسألة في الشرائع (لو رمى عشرة بالمنجنيق فقتل الحجر احدهم سقط نصيبه من الدية لمشاركته وضمن الباقون تسعة اعشار الدية) [1]

وفي المبسوط (اذا كانوا عشرة فرموا بالمنجنيق فقتل واحد منهم فقد مات بجنايته على نفسه وجناية التسعة عليه فما قابل جنايته على نفسه هدر وما قابل جناية التسعة مضمون على عاقلة كل واحد من التسعة عشر ديته فيكون لوارثه تسعة اعشار الدية) [2]

وهذا الحكم كأنه موضع اتفاق والسر في ذلك هو كونه موافقاً للقواعد فانه بعد ان اشترك العشرة جميعهم في قتله يكون المقتول قد ساهم في قتل نفسه فيسقط نصيبه من الدية ويقسط الباقي على الباقين وتكون الدية على العاقلة لأنه خطأ محض لانهم لم يتعمدو الفعل بالنسبة الى المجني عليه

نعم يظهر من الشيخ في النهاية الخلاف فانه قال -في ما حكي عنه- (لو اشترك ثلاثة في هدم حائط فوقع على احدهم فمات ضمن الباقيان ديته لان كل واحد منهم ضامن لصاحبه) فظاهر العبارة ان الباقيين يضمنان تمام الدية ومن هنا يكون الشيخ مخالفاً في هذه المسألة والظاهر انه يستند الى

رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((قضى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر فوقع على واحد منهم ، فمات فضمن الباقين ديته لان كل واحد منهما ضامن لصاحبه))[3]

ونوقش في سندها من جهة علي بن ابي حمزة البطائني ومن جهة الارسال في بعض طرقها

وهذه الرواية قد رواها المحمدون الثلاثة وسندها وان كان ضعيفاً في الكافي بالارسال وفي التهذيب بعبد الله بن طلحة المجهول فقد رواها الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، ومحمد بن جعفر ، عن عبدالله بن طلحة ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير

فسند الرواية في الكافي والتهذيب وان كان ضعيفاً ولكن السند في الفقيه صحيح لأن الشيخ الصدوق يرويها بإسناده عن محمد بن ابي عمير عن علي بن أبي حمزة وطريقه الى محمد بن ابي عمير صحيح، وعلي بن ابي حمزة نحن نرى انه يمكن الاعتماد على روايته اذا كان الراوي عنه غير موافق له في انحرافه كما في محل الكلام لأن الرواي عنه ابن ابي عمير بل يدعي الشيخ الطوسي انه ممن اجمعت العصابة على العمل برواياته نعم الرواية شاذة لا عامل بها كما في مفتاح الكرامة والجواهر، وقالوا حتى الشيخ في النهاية ليس مخالفاً لأنه ذكرها رواية لا فتوى كما ذكر ذلك ابن ادريس وكذلك ذكر في كشف اللثام وعلى كل حال فالمشهور لم يعمل بهذه الرواية اي انه اعرض عن هذه الرواية ومن هنا يشكل العمل بالرواية مضافاً الى مخالفتها للقواعد فإنه لا وجه لتحمل الباقين تمام الدية بعد فرض الاشتراك، مضافاً الى ما ذكره في كشف اللثام من ان الرواية ليست نصاً في ان عليهما كمال الدية فيمكن حملها على ما يوافق القواعد اي ضمان ثلثي الدية فقوله: (ضمن الباقين ديته) اي ضمنهم نصيبهم من الدية،فالصحيح ما ذكره السيد الماتن وذكره مشهور الفقهاء من انه يسقط من الدية بمقدار نصيب المقتول

    3. اما بالنسبة الى ضمانه المال فيمكن ان يستدل له بقاعدة الاتلاف فانه بفعله اتلف مال الغير لان التلف يستند اليه وان كان قد يكون معذوراً في ما ارتكبه

وقد يتمسك بما تقدم من ان الصانع اذا اراد اصلاح شيء فافسده يكون ضامنا ودلت على ذلك روايات بمضمون كل من استؤجر على عمل ليصلحه فافسده يكون له ضامن [4] وهذه الروايات وان كان معظمها ورد في الاجير ولكن ورد في بعضها ما هو بمثابة التعليل بحيث يمكن التمسك بعمومه للتعدي من موردها (فإنّك إنّما دفعته إليه ليصلحه ولم تدفع إليه ليفسده)[5]

واما ضمان النفس فان استناده اليه بحسب القواعد باعتبار انه السبب في تلفهم فيدخل في الخطأ شبه العمد فان الفعل يستند اليه وان لم يقصد الاتلاف الا انه قصد فعلاً يرتبط بهم وقد ادى ذلك الفعل الى التلف فلم يقصد القتل ولا كان الفعل مما يقتل مثله فهو يضمن الدية للذين ماتوا ويضمن المال الذي تلف نتيجة عمله

    4. لانه بناه حيث يجوز له البناء ولم يفرط في بناءه بل بناه على اسس محكمة فاذا سقط يكون هذا من قضاء الله وقدره فليس هناك شيء يقتضي الضمان

ونفس الكلام يقال لو بناه في ملكه ووقع في الطريق فمات شخص لسقوطه عليه او مات بغباره او مات بتطاير الاحجار فليس هناك ما يستوجب الضمان، بل يمكن تعميم هذا حتى اذا بناه في ملكه وسقط في ملك الغير فقتل شخصاً

 

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo