< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 242): إذا أخطأ الختّان فقطع حشفة غلام ضمن (1)

    1. قلنا إن الرأي المعروف بين المتأخرين على الاقل إن ضمان الختّان منوط بعدم أخذ البراءة واستدلوا على ذلك بمعتبرة السكوني المتقدمة، وقلنا بأن صدق العنوانين الواردين فيها من الطبيب والبيطار على الختان غير واضح وبناءً على هذا لا يمكن التمسك بالرواية لإثبات هذا الحكم

وقد يقال بأنه يمكن اثبات هذا الحكم بالتمسك بعموم (المؤمنون عند شروطهم) باعتبار أن أخذ البراءة يعني اشتراط الطبيب على المريض او اشتراط الختّان على ولي الصبي اسقاطه الحق في ما اذا حصل موجبه والطرف المقابل يقبل بهذا الاشتراط، وحينئذ يقال بأن هذا شرط نافذ لازم ومشمول لعموم المؤمنون عند شروطهم فيجب الوفاء به

وهذا الطرح يواجه اشكالاً حاصله: إن كان الشرط هو اسقاط المريض الحق حين الاشتراط فإنه محال لأنه من باب اسقاط ما لم يجب، وإن كان المقصود من الشرط أن يسقط المريض الحق الذي يثبت له بعد حصول موجبه فإن هذا غير نافذ في ما لو امتنع المريض من اسقاط الحق، وبعبارة اخرى: إن هذا شرط ابتدائي لا يكون نافذاً فلا ملزم للوفاء بهذا الشرط واسقاط حقه

وجواب هذا الاشكال: إن حديث اسقاط الحق حين الاشتراط محال لا يجري في محل الكلام لأن الشرط في الحقيقة ليس هو الاسقاط الفعلي للحق ليقاس على الامور التكوينية وإنما الشرط هو ان يتعهد المريض باسقاط الحق عند حدوث موجبه، وهذا أمر معقول ومقبول فلا يأتي الاشكال الاول، نعم ياتي الاشكال الثاني فلا ملزم للمريض للوفاء بهذا الشرط الابتدائي، وجوابه إن هذا ليس شرطاً ابتدائياً بل هو شرط في ضمن عقد الاجارة لأن الطبيب مستأجر للقيام بعمل معين باجرة معينة فهذا شرط يجب الوفاء به بحيث لو امتنع المريض من الالتزام به وأخذ الحق من الطبيب يكون قد أخذ ما لا يستحقه، وما نريد اثباته بهذا الدليل اذا تم هو هذا المعنى

وبهذا يختلف هذا عما اذا تمسكنا بالموثقة السابقة فاننا اذا اعتمدنا على الموثقة يثبت عدم الضمان بلا توقف على اسقاط؛ فإن ظاهر الرواية انها تحكم بالضمان بلا توقف على شيء آخر فبمجرد أن لا يأخذ البراءة يحكم عليه بالضمان ومفهومها انه اذا اخذ البراءة فلا ضمان،

بينما اذا اعتمدنا على هذا الوجه الاخير فإن ما يثبته هو أن المريض يكون ملزماً بأن يسقط هذا الحق عند ثبوته

وعلى كل حال فاذا تم هذا المطلب فحينئذ يمكن التعدي من الطبيب والبيطار في الموثقة الى غيرهما مما يشبههما كالحجام والقصار والخياط

ولكن يوجد اشكال في الختّان الذي هو محل الكلام ففرق بين الطبيب المذكور في الرواية وبين الختان فإن التلف في فعل الطبيب يترتب على فعل مأذون فيه فإن الضرر ترتب على الفعل الذي استؤجر عليه واخذ البراءة معناه اسقاط كل الحقوق التي تترتب على هذا الفعل المأذون فيه

واما في باب الختان فإن الضرر بحسب فرض المسألة لم يترتب على الفعل المأذون فيه والمستأجر عليه لانه استؤجر على الختان وهو قطع الجلدة ولكنه قطع الحشفة فحتى لو اخذ البراءة فإنه لا يأخذ البراءة عن كل ما يترتب على ما يقوم به ولو كان غير مأذون به وانما أخذ البراءة عن ما يترتب على الختان من اضرار، وحينئذ فشمول الرواية للختّان غير مقبول

وانما الختّان في مسألتنا يدخل في القول الثاني

نعم قد تقوم قرينة على انه يأخذ البراءة عن كل النتائج فحينئذ لا بأس بشمول الرواية له

والحاصل إن كل اجير يكون ضامناً اذا تجاوز الحد المأمور به والمأذون فيه وترتب الضرر على ذلك، والختّان في فرض المسألة من هذا القبيل، وهذه المسالة مذكورة في كتاب الاجارة ولم يفرق فيها بين الختان والقصار والخياط كما إن قاعدة الاتلاف تجري بوضوح هنا فإن الاتلاف يسند اليه فيكون ضامناً، واخذ البراءة لا ينفع هنا

وبناءً على هذا يثبت الضمان في مسألتنا مطلقاً ولا يكون مقيداً بعدم أخذ البراءة

ومن هنا يظهر الفرق بين هذه المسألة ومسألة 224 (إذا أمر شخصاً بقطع عقدة في رأسه مثلاً ولم يكن القطع ممّا يؤدّي إلى الموت غالباً، فقطعها فمات، فلا قود، وكذلك لا دية على القاطع إذا كان قد أخذ البراءة من الآمر، وإلّا فعليه الدية) فإن هذه المسألة على القاعدة فإن الضرر ترتب على ما أمر به فاذا أخذ البراءة لا يكون ضامناً

مضافاً الى أنه في مسألة الختان اذا كان المختون صغيراً فالظاهر أنه ليس لوليه الحق في ان يعفي الختان عما ترتب من قطع الحشفة بل حتى لو فرضنا أن الضرر ترتب على أصل عملية الختان

ومن هنا يظهر أن ما ذكره السيد الماتن من الاطلاق مراد له، فالظاهر أن ما ذكره السيد الماتن هو الصحيح، وفي بعض كلماته في كتاب الاجارة يصرح بالاطلاق وانه سواء اخذ البراءة او لم ياخذ البراءة يكون ضامنا ويذكر بأنه ليس للولي الولاية في اعطاء هذا الحق

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo