< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 232): من صاح على أحدٍ فمات، فإن كان قصد ذلك أو كانت الصيحة في محلٍّ يترتّب عليها الموت عادةً وكان الصائح يعلم بذلك فعليه القود، وإلّا فعليه الدية (1)، هذا فيما إذا علم استناد الموت إلى الصيحة و إلّا فلا شي‌ء عليه، ومثل ذلك ما لو شهر سلاحه في وجه إنسان فمات (2)[1]

(مسألة 233): لو صدم شخصاً عمداً غير قاصدٍ لقتله، ولم تكن الصدمة ممّا يترتّب عليه الموت عادةً، فاتّفق موته، فديته في مال الصادم (3)، وأمّا إذا مات الصادم فدمه هدر (4)، وكذلك إذا كان الصادم المقتول غير قاصد للصدم، وكان المصدوم واقفاً في ملكه أو نحوه ممّا لا يكون فيه تفريط من قبله (5)، وأمّا إذا كان واقفاً في مكانٍ لا يسوغ له الوقوف فيه، كما إذا وقف في طريق المسلمين وكان ضيّقاً فصدمه إنسان من غير قصد فمات، كان ضمانه على المصدوم[2]

    1. يقال بان المشهور ذهب الى ان الدية على الجاني، وقلنا بان هذا هو الصحيح باعتبار انه يدخل في الخطأ شبه العمد، ولكن نقل عن الشيخ في المبسوط وعن غيره بان الدية على عاقلة الصائح، وناقشه في الجواهر بعدم وضوح وجهه لان المفروض ان ضابطة شبه العمد متحققة في المقام كما ان ضابط الخطأ المحض غير متحقق في فرض المسألة

    2. فان قصد موته او كان فعله مما يقتل مثله فالقصاص، والا فتترتب الدية عليه، هذا إذا علم استناد الموت الى فعله، واما إذا علمنا عدم استناد الموت اليه او شككنا في ذلك فلا قصاص ولا دية

    3. فان فرض المسالة يدخل في شبه العمد، ولكن على ضوء ما تقدم في المسألة السابقة لا بد من تقييده بما إذا علمنا باستناد الموت الى الصدمة، والا فلا تثبت الدية

    4. لان تلفه يستند اليه لا الى المصدوم، بالشروط المذكورة في ما لو قصد الصدمة

    5. هذا في مقابل ما لو كان المصدوم واقفاً في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه كما اذا وقف في طريق المسلمين وكان ضيقاً، ففي هذه الحالة يكون المصدوم هو الضامن لدم الصادم لان تفريطه في وقوفه في هذا المكان يوجب استناد القتل اليه عرفاً، فيكون من قبيل ما اذا جلس في المكان الضيق وجاء شخص وعثر فيه ومات، فهنا لا بد ان يلتزم بان الجالس هو الذي يتحمل الدية، او وضع حجراً في طريق المسلمين وعثر به شخص ومات

ومن هنا يظهر انه افترض وجود القصد الى الفعل في الفرع الثاني فحكم بان دم الصادم إذا مات يكون هدراً ومقتضى اطلاق العبارة ثبوت الحكم مطلقاً وان كان المصدوم واقفاً في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه، بينما افترض عدم القصد في الفرع الثالث ففصل بين وقوف المصدوم في مكان يسوغ له الوقوف فيه فيكون دم الصادم هدراً، وبين وقوفه في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه فدية الصادم تكون عليه ويعلل هذا بأن موت المصدوم ينسب اليه عرفاً فكأنه سبب في قتله

ويفهم من مجموع كلامه أن هدر دم الصادم المقتول يتحقق في حالتين: الأولى: ما اذا قصد الصادم الاصطدام بالمصدوم سواء كان المصدوم واقفاً في مكان يسوغ له الوقوف فيه او لا، والثانية: ما اذا كان المصدوم واقفاً في ملكه او في مكان يسوغ له الوقوف فيه، وأما اذا انتفى كلا الامرين فحينئذ يكون المصدوم ضامناً لدية الصادم

وهذا المطلب بحذافيره موجود في الكتب الفقهية كالشرائع وغيرها

ومن هنا يظهر انه إذا فرضنا موت المصدوم مع انتفاء الامرين فلا بد ان نحكم بذهاب دمه هدراً، وهذا ما يقال عنه عرفاً بانه قتل نفسه

وهذا يمكن تطبيقه في المسائل الابتلائية كما في اصطدام السيارات ففي بعض الأحيان يقصد السائق الاصطدام وكانت الصدمة مما لا يقتل مثلها فيتفق موت المصدوم فهذا يدخل في الخطأ شبه العمد فيتحمل الصادم الدية في ماله، وإذا مات السائق في هذا الفرض فدمه هدر

واما إذا كان السائق لا يقصد الاصطدام بالشخص فإن كان المصدوم واقفاً في مكان يسوغ له الوقوف فيه ولو بمقتضى القوانين الوضعية فلا يعتبر مفرطاً في وقوفه فلو مات الصادم ذهب دمه هدراً، واما لو كان واقفاً في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه ومات السائق تحمل المصدوم ديته

وهذا الحكم مسلم بين الاصحاب وهو على طبق القواعد خصوصاً إن بعض الفروض مرجعها الى الصدق العرفي


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo