< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 230): إذا أعنف الرجل بزوجته جماعاً في قبل أو دبر، أو ضمّها إليه بعنف، فماتت الزوجة، فلا قود، ولكن يضمن الدية في ماله، وكذلك الحال في الزوجة إذا أعنفت بزوجها فمات (1)(مسألة 231): من حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فعليه ديته في ماله، ويضمن المال إذا تلف منه شي‌ء على المشهور(2)

    1. قلنا بأن عدم القصاص واضح لأنه فرض عدم العمد في المقام وان الفعل لا يقتل عادة، وقلنا بأن ثبوت الدية في ماله على القاعدة لأن الدية تدخل في شبه العمد لأنه قصد فعلاً في حق المجني عليه، وتدل عليه صحيحتي سليمان بن خالد وهشام بن سالم وغيره، وقلنا بأن هذا موضع اتفاق الفقهاء الا ما نقل عن الشيخ الطوسي والصدوق (قدهما) فذهبا الى أن الزوج اذا كان مأموناً ليس عليه شيء وهذا ينافي مقتضى اطلاق صحيحة سليمان بن خالد واستدلا لذلك بمرسلة يونس بن عبد الرحمن المروية في الكافي وهي غير تامة سنداً بالارسال ولوجود صالح بن سعيد، والظاهر انه غير صالح بن سعيد القماط الذي هو من اصحاب الصادق (عليه السلام)، بل حتى لو قلنا بأنه القماط فلم تثبت وثاقته، سوى أنه من رجال تفسير علي بن ابراهيم، وقال عنه النجاشي بأن كتابه رواه جماعة، الا انه لا دلالة في هذه العبارة على الاعتماد

وعلى كل حال فالرواية ليست تامة سنداً فلا يمكن تقييد صحيحة سليمان بن خالد بها

نعم هناك رواية يرويها الشيخ الصدوق عن نوادر إبراهيم بن هاشم أن الصادق (عليه ‌السلام) سئل عن رجل أعنف على امرأة ، أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الاخر ، قال : ((لا شئ عليهما إذا كانا مأمونين ، فإن اتهما لزمهما اليمين بالله أنهما لم يريدا القتل))[1] ولكن المشكلة ان ابراهيم بن هاشم لا يمكن أن يروي عن الامام الصادق (عليه السلام) مباشرة وإن كان طريق الصدوق اليه لا مشكلة فيه

وقد علق الشيخ الطوسي بقوله ( لا ينافي (خبر سليمان بن خالد) الخبر الأول (مرسلة يونس) لأن الخبر الأول نحمله على أنه إنما نفي فيه عنه أن يكون عليهما شئ من القود ولم ينف أن يكون عليهما الدية وإنما تزول التهمة بأن يحلف كل واحد منهما انه ما أراد قتل صاحبه ثم تلزمه الدية)[2] ، ولعله يؤيد هذا أنه في ذيل مرسلة يونس قال: (فان اتهما لزمهما اليمين بالله انهما لم يردا القتل) فاليمين لاجل دفع القصاص عنهما

وعلى كل حال فلا اشكال في أصل الحكم وهو ثبوت الدية على الجاني في هذه المسالة

    2. وفي هذه المسالة فرضين: الاول: أن يصيب انساناً فيقتله، وذهب المشهور الى أن الدية تكون عليه، الثاني: ان يتلف شيء من المال فحكموا عليه بضمان المال مطلقاً سواء كان ماموناً او لا

وخالف السيد الماتن في ذلك فحكم بالدية على العاقلة في اتلاف النفس ولا ضمان في المال اذا كان ماموناً وغير مفرط

والظاهر أن الحكم بالدية في ماله والضمان اذا تلف من المال شيء يستدل له بصحيحة داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) في رجل حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فمات أو انكسر منه شيء فهو ضامن)) [3] وظاهره انه ضامن في الاثنين كما ذهب اليه المشهور

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد

وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن ابن أبى نصر، والأول فيه سهل بن زياد والثاني طريق صحيح

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي نصر مثله وهو طريق صحيح

ورواه أيضا بإسناده عن داود بن سرحان، وطريقه الى داود بن سرحان صحيح أيضاً، إلا أنه قال : (هو مأمون) ومعناه نفي الضمان

وعلى كل حال فقد استشكل الشهيد الثاني (قده) في المسالك في رواية الضمان بأنها مخالفة للقواعد لأن المقام يدخل في الخطأ المحض فالدية على العاقلة لا على الحامل، لعدم فصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه فضلاً عن قصد القتل، ووافقه على ذلك في كشف اللثام ومجمع الفائدة والبرهان

ويظهر من السيد الخوئي [4] (قده) رد روايات الضمان بأنها معارضة برواية داود بن سرحان المروية في الفقيه والموجود فيها (هو مأمون) ومقتضاها عدم ضمان الحامل لتلف النفس وتلف المال، وبعد التعارض والتساقط نرجع الى مقتضى القاعدة وهي تقتضي في تلف النفس أن تكون الدية على العاقلة لما تقدم من أنه لا يقصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه فيدخل في الخطأ المحض، ومقتضى القاعدة في تلف المال هو عدم الضمان اذا كان مأموناً، وتدل عليه صحيحة ابي بصير عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال : ((لا يضمن الصائغ ولا القصّار ولا الحائك إلاّ أن يكونوا متّهمين فيخوف بالبيّنة ويستحلف لعلّه يستخرج منه شيئاً.

وفي رجل استأجر جمّالاً فيكسر الذي يحمل أو يهريقه ، فقال : على نحو من العامل إن كان مأموناً فليس عليه شيء ، وإن كان غير مأمون فهو ضامن)) [5] وما ذكره يؤكد ما ذكرناه مراراً من أن الخطأ المحض لا يعتبر فيه تعمد الفعل بالنسبة الى غير المجني عليه وعلى هذا الأساس أدخلنا مسألة النائم في الخطأ المحض، فالحمال لم يقصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه ولا غيره ف(من اعتمد شيئا) الوارد في روايات الخطأ المحض ليس دخيلاً في صدق الخطأ المحض

وأما مسألة التعارض التي ذكرها السيد الخوئي (قده) فلا بد ان يكون مقصوده التعارض في النقل لا التعارض بين روايتين، وهو يوجب الاجمال في متن الرواية وعدم الاستدلال بها على الضمان ولا على عدم الضمان

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo