< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

كان الكلام في تمييز موارد العمد عن الخطأ المحض والخطأ شبيه العمد، وقلنا بان القدر المتيقن من العمد ما اذا تحقق فيه امران قصد الفعل وقصد القتل، ولكن هناك حالات مختلف فيها:

الحالة الاولى: ما اذا قصد الفعل ولم يقصد القتل به

وذكر السيد الخوئي (قده) بان هذا يدخل في الجناية العمدية لان قصد الفعل الذي يترتب عليه القتل عادة هو قصد للقتل مع الالتفات الى ترتب القتل عليه، وهذا الكلام يستبطن ضمناً الاعتراف بان الجناية العمدية تتوقف على قصد القتل،

وهذا المطلب قد يكون صحيحاً اذ مع الالتفات الى ترتب القتل على الفعل الذي يقتل غالباً يكون قاصداً للقتل، ولكن الظاهر ان محل الكلام لا يختص بالالتفات فهذا خروج عن محل الكلام لانه فرض فيه عدم قصد القتل

ومن هنا يظهر ان الاحسن الاستدلال بالروايات وهي عديدة:

منها صحيحة الفضل بن عبد الملك عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة ، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال : نعم ، قلت : رمى شاة فأصاب إنسانا ، قال : «ذاك الخطأ الذي لا شك فيه ، عليه الدية والكفارة» [1] وهذا الحديث نقله في الوسائل عن الكافي وفي سنده سهل بن زياد ووقع فيه كلام، الا انه نقله أيضاً عن الشيخ الصدوق بإسناده عن الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) وزاد في أوله : انه قال: ((إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد)) وسند الشيخ الصدوق للفضل بن عبد الملك صحيح، والاستدلال يكون بالزيادة التي ذكرها الشيخ الصدوق فليس المقصود ان الرجل اذا ضرب بالحديدة يكون قاصداً للفعل وقاصداً للقتل لان هذا يكون اشبه بتوضيح الواضحات، فان مقتضى اطلاق الرواية ان مجرد قصد الفعل الذي يقتل مثله عمد سواء قصد القتل به او لم يقصد، مضافاً الى ان الرواية لو كانت ناظرة الى قصد القتل فلا داعي للتقييد بالحديدة لما سياتي من ان قصد القتل ولو بالة لا يقتل مثلها كالعصى يعتبر جناية عمدية، وأيضاً مقتضى اطلاق الرواية انه يكون عمداً سواء كان ملتفتاً الى ترتب القتل عليه ام لا

ومنها معتبرة السكوني -التي يرويها الشيخ الطوسي عن النوفلي عن السكوني وطريق الشيخ الى النوفلي صحيح ونحن نبني على وثاقة السكوني والنوفلي- عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال: ((جميع الحديد هو عمد))[2] وخصوصية الحديد ان مثله يقتل، ومقتضى اطلاقها ان الضرب بالة يقتل مثلها عمد سواء قصد القتل ام لا، مضافاً الى ما ذكرناه من ان الامام لو كان ناظراً الى قصد القتل بالضرب بالحديد فلا داعي للتقييد بالحديد لان قصد القتل ولو بالة لا يقتل مثلها عمد كما سوف ياتي

ومنها: صحيحة أبي العباس ، وزرارة ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله ، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه))[3] وواضح ان الرواية في مقام التفريق بين العمد والخطأ المحض والخطأ شبه العمد، وان المعتبر في الخطأ شبيه العمد امران: عدم قصد القتل كما يستفاد من قوله عليه السلام ((ولا يريد قتله))، وان تكون الالة او الفعل مما لا يقتل مثله ((ان يقتله بما لا يقتل مثله))، وحينئذ يقال اذا انتفى احد الامرين ينتفي الخطأ شبيه العمد فلو قتله بما يقتل مثله يكون من العمد

وقد يلاحظ عليه بان هذا الفهم يعارض صدر الرواية القائل ((ان العمد ان يتعمده فيقتله بما يقتل مثله)) فان الظاهر من هذه العبارة ان المعتبر في العمد امران: قصد القتل وان تكون الالة مما يقتل مثلها فاذا انتفى احدهما ينتفي العمد، فاذا انتفى قصد القتل -كما في الحالة التي نتكلم عنها- ينتفي العمد

ولكن يمكن ان يقال بان الفقرة الأولى لا يستفاد منها اعتبار قصد القتل في العمد فان قوله ((فيقتله)) إشارة الى ترتب القتل خارجاً ولا يفهم منها تعمد القتل، ولا اقل من احتمال ان هذا لبيان ترتب القتل على هذا الفعل وليس فيها ظهور واضح في اعتبار قصد القتل في تحقق العمد، فالظاهر انها لا تكون معارضة لما دلت عليه الفقرة الثانية من دخول محل الكلام في الجناية العمدية


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo