< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: كتاب الإعتكاف/ مسألة 43/ التعليق في الاعتكاف.

مسألة 43 : لا يجوز التعليق في الاعتكاف، فلو علّقه بطل، إلّا إذا علّقه على شرط معلوم الحصول حين النيّة فإنّه في الحقيقة لا يكون من التعليق[1] .

فصل في أحكام الاعتكاف يحرم على المعتكف أُمور: أحدها: مباشرة[2] النساء بالجماع في القُبل أو الدُّبر[3] و باللمس والتقبيل[4] بشهوة و لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة

    1. النتيجة في هذه المسالة انه لا دليل على عدم جواز التعليق بل يمكن اثبات جوازه اما بالتمسك بصحيحة داود بن سرحان بناءً على عمومها للتنجيز والتعليق واما ان يستدل على جوازه –كما احتملناه- بالأدلة الدالة على جواز اشتراط الرجوع

    2. السبب في عدول السيد الماتن من التعبير المتعارف يحرم الجماع الى تحريم المباشرة لغرض التعميم وإدخال مطلق مباشرة النساء

والكلام في المحرم الأول وهو الجماع والظاهر انه لا خلاف في تحريم الجماع في الجملة وقد ادعي الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر ونسب الى قطع الاصحاب

وتدل عليه نصوص كثيرة ودلالة بعضها على التحريم واضحة:

منها: موثقة الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن (عليه‌السلام) قال : سألته عن المعتكف ، يأتي أهله؟ فقال: « لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف »[5] وهي واضحة في تحريم اتيان الاهل والمراد به الجماع

ومنها: موثقة سماعة قال : سألت أباعبدالله (عليه‌السلام) عن معتكف واقع أهله؟ قال «هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان»[6] بمنزلته في التحريم وفي الكفارة كما سياتي،

ومنها: موثقة سماعة الاخرى عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن معتكف واقع أهله؟ قال : «عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا : عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا»[7] ودلالتها على التحريم ليس كصراحة الموثقة الاولى لانها ناظرة الى الكفارة فتكون دلالتها على التحريم مبنية على ما ذكروه من الملازمة بين الكفارة وبين التحريم

ومنها: صحيحة ابي ولاد الحناط قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها ، فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها فتهيأت لزوجها حتى واقعها؟ فقال : «إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تنقضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها فإن عليها ما على المظاهر»[8] ودلالتها ايضا مبنية على الملازمة بين الكفارة والتحريم وايضا في هذه الرواية بالخصوص لابد ان نقول ان الكفارة فيها على المواقعة لا على خروجها قبل انقضاء الثلاثة ايام فانه لا احد يقول بترتب الكفارة على الخروج فلابد ان تكون الكفارة على المواقعة فاذا قلنا بالملازمة بينها وبين التحريم فلابد تثبت الحرمة بهذه الرواية ايضا

ومنها: صحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن المعتكف ، يجامع؟ قال : «إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر»[9] وهي أيضا مبنية على الملازمة المذكورة

هذه هي النصوص التي يمكن ان يستدل بها او ببعضها على الأقل مضافا الى عدم الخلاف في المقام

نعم قد يدعى وجود منافاة بين هذه الروايات وبين صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) إذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد ، وضربت له قبة من شعر ، وشمر المئزر ، وطوى فراشه» ، فقال بعضهم : واعتزل النساء فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام) «أمّا اعتزال النساء فلا»[10]

فقد يقال بانها تدل على عدم حرمة الجماع للمعتكف بناءا على ان اعتزال النساء هو ترك النساء والامام نفى الترك وقرب الدلالة على ان المراد بالاعتزال هو ترك الجماع بقوله تعالى « فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ» فتدل على عدم حرمة الجماع للمعتكف ولكن جميع الفقهاء قالوا بان الرواية اما انها ظاهرة بخلاف هذا او لابد من حملها على خلاف هذا المعنى فالمراد باعتزال النساء ترك مخالطتهن والحديث معهن لا الاعتزال في الجماع والقرينة على هذا الحمل قد تجعل قوله في الرواية (وطوى فراشه) بناءً على انه كناية عن ترك الجماع والشيخ الصدوق ذكر هذا المعنى وغيره ايضا فسره به فهذا قرينة على ان اعتزال النساء لا يراد به ترك النساء لانه يكون هناك تكرار لا داعي له ، وهناك احتمال ولعله مستعمل في النصوص ان طوي الفراش كناية عن التهيوء للعبادة فلا تصلح لان تكون قرينة واضحة

القرينة الثانية ان الرواية تفترض وجود الرسول في المسجد ومن الواضح حرمة الجماع في المسجد فكيف يكون معنى قول القائل اعتزل النساء بمعنى ترك جماعهن والامام يقول لا هذا لا يمكن لانه يلزم منه تجويز الجماع في المسجد فلا بد من تفسير الاعتزال بترك المخالطة والمحادثة والامام ينفي ذلك فلا تكون منافية للنصوص المتقدمة

وهذه النصوص المتقدمة تدل على حرمة الجماع للمعتكف مطلقا ليلا ونهارا لانه معتكف سواء كان في الليل او النهار مضافا الى تصريح موثقة الحسن بن الجهم بذلك

3- مسالة التعميم للدبر مبني على صدق هذه العناوين الماخوذة في النصوص لكليهما كعنوان المواقعة واتيان الاهل والجماع وعدم انصراف هذه العناوين الى خصوص الوطيء في القبل وتقدم الكلام في كتاب النكاح التامل في وجود هكذا انصراف وقد تبنى في الحدائق الانصراف ورتب عليه اثارا، وبناءا على عدم الانصراف والتعميم يكون ما ذكره السيد الماتن واضحاً نعم عنوان اتيان الاهل يختلف عن عنوان الجماع والمواقعة فيمكن دعوى انصرافه الى خصوص القبل وعلى كل حال فالتحريم لا اشكال فيه لللاتفاق عليه وسياتي في مسالة تحريم الاستمناء فانه لا دليل واضح فيها وسنشير الى دليل قد يشمل الوطيء في الدبر

    3. وقد ذهب اليه كثير من الفقهاء كالشيخ في المبسوط والخلاف وكذا في الشرائع والعلامة في التذكرة وغيرها بل عن المدارك انه مما قطع به الاصحاب وفي الجواهر انه مشهور، واستدل العلامة له بقوله تعالى « وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ» والاستدلال بالاية مبني على امرين: الاول ان المراد بالمباشرة ما يعم اللمس والتقبيل بشهوة في قبال ان تكون الاية كناية عن الجماع، وثانيا ان المراد بالاعتكاف في الاية هو الاعتكاف الشرعي في قبال ان يراد به الاعتكاف اللغوي بمعنى اللبث والبقاء في المسجد بناءا على ان يكون المراد هو المعنى اللغوي فيكون معنى الاية انه لا يجوز مباشرة النساء في المساجد فتكون اجنبية عن محل الكلام اذ لا تدل على التحريم حال الاعتكاف

وكل من الامرين محل مناقشة اما الامر الاول فان المباشرة كناية عن الجماع فتدل على تحريم الجماع ولا دلالة فيها على تحريم اللمس والتقبيل وهو استعمال متعارف وايضا فان الايات التي قبلها هي تقتضي ذلك قال تعالى« أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ» ثم تقول «الْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ»

مضافا انه من المستبعد جدا ان يكون المقصود المباشرة بمعناها اللغوي لانه يلزم منه تعميم التحريم الى مطلق اللمس حتى بدون شهوة بل حتى الكلام نوع من المباشرة وهذا مما لم يقل به احد

واما الامر الثاني فقد نوقش فيه بان المقصود هو المعنى اللغوي فتكون الاية من احكام المساجد ولا دلالة فيها على تحريم الجماع في الاعتكاف بقطع النظر عن المسجد

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo