< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف/ مسألة 35

مسالة 35: اذا خرج من المسجد لضرورة فالاحوط مراعاة اقرب الطرق ويجب عدم المكث الا بمقدار الحاجة والضرورة ، ويجب[1] ايضا ان لا يجلس تحت الظلال مع الامكان بل الاحوط ان لا يمشي تحته ايضا بل الاحوط عدم الجلوس مطلقا الا مع الضرورة .

قلنا بان السيد الماتن (قده) تعرض في عبارته السابقة الى ثلاثة عناوين ( الجلوس تحت الظلال والمشي تحتها ومطلق الجلوس)

وانتهى البحث الى انه اذا كان المقصود بالجلوس تحت الظلال بعد قضاء الحاجة فهذا لا مانع من الالتزام بحرمته والرواية تدل عليه فهو القدر المتيقن من الرواية وان كان المقصود به الجلوس تحتها ولو كان مما تقتضيه الحاجة فهذا من الصعب الالتزام بحرمته

والعنوان الثاني : المشي تحت الظلال ، وقد ذكر هذا العنوان في كلمات اكثر من واحد من الفقهاء ومنعوا منه ولكن الدليل على ذلك غير واضح وقد عنون الباب الثامن من الاعتكاف في الوسائل بقوله ( باب ان المعتكف اذا خرج لحاجة لم يجز له الجلوس ولا المشي تحت ظلال اختيارا )

وفي ذيل هذا الباب ذكر انه تقدم ما يدل على ذلك ، وقد نبه السيد الحكيم وكذا السيد الخوئي (قدهما) على انه لم يتقدم في شيء من النصوص ما يدل على عدم جواز المشي تحت الظلال بل ذكر السيد الحكيم (قده) بانه يمكن ان يقال بان صحيحة داود بن سرحان الثانية [2] ظاهرة في عدم حرمة المشي تحت الظلال ؛ حيث انها واردة في بيان حقيقة الاعتكاف وهي واردة في مقام تحديد ما يعتبر في الاعتكاف وما ذكر فيها خصوص الجلوس تحت الظلال فهذا يجعل الصحيحة ظاهرة في عدم حرمة المشي تحت الظلال لانها واردة في مقام بيان حقيقة الاعتكاف وما يعتبر فيه ، فالصحيحة فيها ظهور ولو بالاطلاق المقامي بعدم المنع عن المشي تحت الظلال

ولكن السيد المرتضى (قده) في الانتصار ادعى الاجماع على عدم جواز الاستظلال بسقف حتى يعود وهذا باطلاقه يشمل محل الكلام وصرح اكثر من واحد من الفقهاء بالمنع من المشي تحت الظلال كالشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة والمحقق في الشرائع والمختصر والعلامة في الارشاد والقواعد والشهيد في اللمعة وغيرهم بل في الجواهر الاستدلال له مضافا الى الاجماع بامرين :

الأول : ما دل على عدم جوازه في الاحرام بناءا على اصالة مساواة الاعتكاف للاحرام الا اذا قام الدليل على خلافه

والأخر : الغاء خصوصية الجلوس الذي نهت عنه صحيحة داود بن سرحان فالمانع فيها كونه تحت الظلال سواء كان جالسا ام ماشيا ،

وهذه الأدلة لا يمكن الالتزام بها لاثبات هذا الحكم فما يبعد الاجماع ان كثيرا من الفقهاء في مقام بيان ما يجب على المعتكف اقتصر على ذكر الجلوس تحت الظلال كالمفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وسلار في المراسم وابن زهرة في الغنية والمحقق في المعتبر والعلامة في المختلف وغيرهم كثير وهذا ظاهر في عدم شمول المنع لمحل الكلام وما يبعده ايظاً هو انفراد السيد المرتضى بنقل هذا الاجماع ويبعده ايظاً احتمال ان الاستظلال بسقف في عبارته يتضمن اللبث والبقاء ولا يشمل المرور والمشي فمن الصعب التعويل عليه لاثبات الحكم الشرعي

واما ما ذكره في الجواهر من الأدلة فجواب الاول انه لم يثبت مساواة الاعتكاف للاحرام في هذه الأمور فلا دليل واضح حتى نتعدى منه اليه نعم ذكر الشيخ في المبسوط انه روي (( انه ( المعتكف) يجتنب ما يجتنبه المحرم)) ولكن هذه مرسلة فلا يمكن التعويل عليها نعم ظاهر الشيخ في بعض كتبه وظاهر ابن حمزة في الوسيلة وابن البراج في المهذب ذهابهم الى ذلك أي كل ما يمنع منه المحرم يمنع منه المعتكف ولكن دليلهم غير واضح

ثم لو سلمنا بوجود دليل على المساواة فان المحرم يمنع من الاستظلال تحت السقف المتحرك وكلامنا في الاستظلال تحت السقف الثابت واما مسألة الغاء الخصوصية فان هذا لا قرينة عليه خصوصا مع احتمال الفرق بين الجلوس وبين المشي واحتمال الفرق يمنع من الجزم بإلغاء الخصوصية بل يمنع من استظهار الغائها ، والنتيجة انه لم يثبت بدليل معتبر المنع من المشي تحت الظلال

واما العنوان الثالث ( مطلق الجلوس ) فقد منع منه بعض الفقهاء ويستدل له ببعض النصوص :

    1. صحيحة الحلبي: قال ( عليه السلام ) : «لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بد منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، ولا يخرج في شيء إلاّ لجنازة ، أو يعود مريضا ، ولا يجلس حتى يرجع »[3]

    2. صحيحة داود بن سرحانعن أبي عبدالله (عليه‌السلام) - في حديث - قال : «ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلاّ لحاجة لابد منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع »[4]

وهذا الاستدلال بالصحيحتين اجيب عنه بوجهين :

الأول : ما في الحدائق من ان الاطلاق في هاتين الصحيحتين مقيد بصحيحة داود بن سرحان الثانية التي ورد فيها النهي عن الجلوس تحت الظلال لان الجلوس فيها قيد بان يكون تحت الظلال

ونقول بشكل عام ان حمل المطلق على المقيد يكون واضحا لو كان بينهما تخالف واما اذا كانا متوافقين كما في محل الكلام فان حمل المطلق على المقيد مشروط بشرطين :

احدهما: ان يكون الحكم واحدا ولا نحتمل تعدد الحكم، والأخر: ان يكون للمقيد مفهوم بالمعنى الاصطلاحي ، فاذا كان الحكم واحداً فموضوعه اما المطلق او المقيد والمقيد بمفهومه يقول بان موضوعه ليس هو المطلق

واما اذا كان الحكم متعددا او كان واحدا الا ان المقيد لا مفهوم له فلا داعي لتقييد المطلق

وحينئذ نقول ان الظاهر عدم توفر الشرطين في المقام لان المقيد ( ولا تقعد تحت ظلال) لا مفهوم له فلا مجال لدعوى حمل المطلق على المقيد ، ولكن يبقى سؤال وهو انه اذا كان الحكم ثابت للطبيعة فلماذا التقييد في صحيحة داود بن سرحان بان يكون الجلوس تحت الظلال، وهذا سؤال عام يأتي في كثير من الموارد التي يتعلق الحكم فيها بالطبيعي على اطلاقه ويرد تقييده ببعض الحصص من دون ان يكون للمقيد مفهوم فياتي السؤال انه لماذا التقييد بل يمكن ان يقال بان هذا التقييد لغو لا فائدة منه بعد فرض تعلق الحكم بالطبيعي ومن هنا يقال بانه لاجل صون كلام المتكلم الحكيم عن اللغوية لابد من فرض عدم تعلق الحكم بالطبيعي، وعلى هذا الكلام سوف ننتهي الى نفس نتيجة التقييد وهو ان موضوع المنع ليس مطلق الجلوس انما المتيقن منه هو الجلوس تحت الظلال


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo