< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف، مسألة ٦ إلى ٩ المرتبطة بنذر الإعتكاف

(مسألة ٦): لو نذر الإعتكاف في أيام معينة وكان عليه صوم منذور أو واجب لأجل الإجارة يجوز له أن يصوم في تلك الأيام وفاء عن النذر أو الإجارة [1]

هذه المسألة واضحة وهي من متفرعات ما تقدم من ان الصوم في الاعتكاف لا يجب ان يكون لأجل الإعتكاف، بل المعتبر في باب الإعتكاف ان يكون المعتكف صائماً كما هو الحال في الطهارة بالنسبة الى الصلاة.

ثم قال: نعم لو نذر الاعتكاف في أيام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجز عن النذر أو الإجارة.

هذا الفرع ايضاً واضح، باعتبار ان الناذر -حسب مفروض المسألة- اخذ في نذره ان يصوم لأجل الإعتكاف فكأنه نذر ان لا يكون صومه قضاء ولا اجارة ولا منذوراً، فلابد لاجل الوفاء بالنذر ان يأتي بالصوم لأجل الإعتكاف .

 

(مسألة ٧): لو نذر اعتكاف يوم أو يومين فإن قيد بعدم الزيادة بطل نذره، وإن لم يقيده صح ووجب ضم يوم أو يومين.[2]

فصل السيد الماتن (قده) بين حالتين، حالة ما اذا اشترط عدم الزيادة وحالة ما اذا لم يشترط ذلك، وحكم بالبطلان في الحالة الاولى و بالصحة في الحالة الثانية. ومعنى انه قيده بعدم الزيادة هو انه نذر ان يصوم يوماً -مثلاً- بشرط عدم الزيادة، أي (بشرط لا) من الزيادة، ومعنى انه لم يقيده بعدم الزيادة هو انه نذر ان يصوم يوماً (لا بشرط) من ناحية الزيادة.

والوجه في الحكم بالبطلان في الحالة الأولى هو اننا عرفنا من خلال الأدلة ان الإعتكاف الشرعي لا يكون اقل من ثلاثة أيام، فاذا نذر الاعتكاف يوما او يومين بشرط عدم الزيادة يكون قد نذر أمراً غير مشروع، فلا يكون متعلق النذر راجحاً بل يكون مرجوحاً، وانعقاد النذر يعتبر فيه رجحان المتعلق.

والوجه في الحكم بالصحة في الحالة الثانية هو رجحان متعلق النذر، لأنه نذر ان يصوم يوماً -مثلاً- لا بشرط من حيث الزيادة، فبإمكانه ان يطبق هذا المنذور على الفرد المشروع والراجح وهو ان يعتكف يوماً ويضم اليه يومين اخرين، وهذا -كما يقول السيد الخوئي (قده)- يكون من قبيل ما اذا نذر ان يتصدق على فقير، والفقير يشمل من يكون التصدق عليه راجحاً ومن يكون التصدق عليه مرجوحاً كالكافر الفقير، لكن هذا لا يعني ان متعلق النذر مرجوح، لان متعلق نذره هو الطبيعي، ويمكنه صرف الطبيعي الى الفرد الراجح، وهذا يكفي في انعقاد النذر، وحينئذ اذا انعقد النذر يجب عليه الإتيان بالفرد الراجح، ففي هذا المثال يجب عليه ان يتصدق على من يكون التصدق عليه راجحاً، وفي محل الكلام يجب عليه ان يعتكف يوماً ويضم اليه يومين اخرين لأجل الوفاء بنذره.

السيد الخوئي (قده) له تعليقة في محل الكلام وقال -في الصورة التي حكم فيها السيد الماتن بالبطلان، وهي صورة التقييد وأخذ الزيادة بشرط لا- أن الحكم بالبطلان ليس تاماً على إطلاقه، نعم ما ذكره السيد الماتن يصح فيما إذا كان مقصود الناذر الإعتكاف المتعارف والذي إعتكفه النبي (صلى الله عليه وآله) في شهر رمضان، وأما لو كان متعلق نذره ليس الإعتكاف الشرعي -الذي له أحكام خاصة منها أن لا يقل عن ثلاثة أيام- بل كان مقصوده الإعتكاف بمعناه اللغوي، أي اللبث في المسجد ولو ليوم واحد أو ساعة واحدة واشترط في نذره عدم الزيادة فما هو الداعي للحكم بالبطلان، مع أنّ متعلق النذر في هذه الصورة يكون راجحاً للأدلة التي دلت على راجحية اللبث في المسجد من قبيل ما دل على إستحباب أن يكون الشخص أول داخل للمسجد وآخر خارج منه مما يفهم منه أنّ الكون في المسجد راجح شرعاً، وإذا كان كذلك فلماذا إذن لا ينعقد النذر؟ نعم لا تترتب الأحكام الخاصة بالإعتكاف على مثل هذا الإعتكاف لإختصاصها بالإعتكاف الشرعي المتعارف فينعقد النذر. فلا يجب عليه تتميم الإعتكاف بأكثر من الوقت الذي نذره.

وعليه فلابد أن نفصل بين ما إذا كان مقصود الناذر هو الإعتكاف المعهود بشرط عدم الزيادة، أي نذر أقل من ثلاثة أيام بشرط عدم الزيادة فنحكم بالبطلان، وبين ما إذا نذر الإعتكاف اللغوي أي البقاء في المسجد فهنا لا وجه للحكم بالبطلان، وهذا الكلام الذي ذكره السيد الخوئي صحيح، ولكن الذي يبدو من كلام السيد الماتن أنه ناظر إلى صورة نذرالإعتكاف المعهود، وغير ناظر إلى صورة نذر الإعتكاف اللغوي، فما ذكره السيد الخوئي خارج عن كلام السيد الماتن.

 

(مسألة ٨): لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام معينة أو أزيد فاتفق كون الثالث عيداً بطل من أصله

وهذا يكشف أنّ النذر غير منعقد من أول الأمر، لأنه نذر صوم ثلاثة أيام ثالثها العيد الذي لا يصح الإعتكاف فيه ولا الصوم، فما تعلق به النذر يكون مرجوحاً فلا ينعقد النذر وإن كان الناذر جاهلاً بذلك.

ثم قال: ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره لكنه أحوط.

إذ لم يجب عليه شيءٌ حتى يجب عليه قضاؤه، لأنه صادف آخرها يوم العيد وهذا يكشف عن بطلان النذر من أساسه، والإحتياط المذكور إستحبابي ومنشأه إحتمال وجوب القضاء عليه قياساً له بمسألة نذر أيام معينة للصوم صادف آحدها يوم عيد فقد دل الدليل الخاص على وجوب القضاء على خلاف القاعدة التي تقتضي بطلان النذر من أساسه، وهذا الدليل يعطي إحتمالاً أنه في محل الكلام يجب القضاء أيضاً فمن هذه الجهة يكون القضاء أحوط.

 

(مسألة ٩): لو نذر إعتكاف يوم قدوم زيد بطل إلا أن يعلم يوم قدومه قبل الفجر، ولو نذر إعتكاف ثاني يوم قدومه صح ووجب عليه ضم يومين آخرين.

حكم السيد الماتن (قده) ببطلان النذر فيما إذا كان جاهلاً بيوم قدوم زيد قبل الفجر، فإذا علم بذلك بعد الفجر بطل نذره، والبطلان هنا يرتبط بمسألة سابقة وهي جواز الزيادة على الإعتكاف الشرعي بيوم أو بعضه، أو بليلة أو بعضها.

فإن قلنا في تلك المسألة بجواز الزيادة على الإعتكاف بما ذكر كما هو مختار السيد الماتن (قده)، وقلنا أيضاً بعدم الفرق في سبق هذه الزيادة على الإعتكاف أو تأخرها عنه فنلتزم في مسألتنا بصحة النذر، فعليه لو علم بقدومه حين الزوال يعتكف من الزوال إلى نهاية اليوم الرابع، أي يعتكف ثلاثة أيام ونصف يوم.

أما إذا لم نقل بجواز الزيادة على الإعتكاف بما ذكر، بل أن الزيادة لابد أن تكون إعتكافاً كاملاً، أو قلنا بأن الزيادة لابد أن تكون يوماً كاملاً ولا تشمل بعضه، أو قلنا بأن الزيادة -مع التسليم بأنها تشمل بعض اليوم- لابد أن تكون لاحقة على الإعتكاف، فيتجه البطلان في هذه الفروض الثلاثة. ففي المثال السابق يبطل نذره لعدم مشروعية الإعتكاف من الزوال على الفروض الثلاثة المتقدمة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo