< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة١/ لا يجب إتمام صوم التطوع

هناك ملاحظات ترتبط بالبحث السابق لابد من ذكرها:

الملاحظة الأولى: هى ان عبدالله بن مسكان أيضا من أصحاب الإجماع كعبدالله بن المغيرة، فإذا قلنا بصحة الرواية التي يوجد في سندها أحد أصحاب الإجماع فيمكن تصحيح المرفوعة من جهة ابن مسكان أيضاً.[1]

الملاحظة الثانية: هى ان المراد من العباس في المرفوعة هو العباس بن معروف لا العباس بن عامر كما فسرناه به اشتباهاً، و ان كان كل منهما ثقة.

الملاحظة الثالثة: - ترتبط بالمحاولة الرابعة لتصحيح سند المرسلة، حيث اُريد من خلالها تشخيص المرسل عنه بمعونة المرفوعة و انه هو ابن مسكان الثقة - و هي ان النجاشي و غيره ذكروا ان ابن مسكان لم يروِ عن الإمام الصادق (عليه السلام) مباشرة الا رواية واحدة او روايتين في كتاب الحج، فإذا تمت المحاولة الرابعة و ثبت ان المرسل عنه في المرسلة هو ابن مسكان فلازم ذلك هو ان عبدالله بن مسكان يروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) مباشرة و هذا يخالف تصريح النجاشي، فتكون هذه الملاحظة مبعدة للمحاولة الرابعة.

 

الملاحظة الرابعة: قلنا في الدرس السابق ان المرسلة ان تم سندها فتعارضها المرفوعة و لازمه حمل المرسلة على استحباب الصوم كما هو مقتضى القاعدة في أمثال المقام في باب تعارض الدليلين،

في مقابل هذا الكلام

قد يقال أولاً: أنّ النوبة لا تصل الى التعارض لإمكان الجمع العرفي بينهما، لان النسبة بينهما هي العموم و الخصوص المطلق لا التباين حتى نقول بتعارضهما، بإعتبار ان المرفوعة تنفي وجوب الصوم بالإطلاق المقامي[2] ، و الإطلاق المقامي كالإطلاق اللفظي قابل للتقييد، فنقيد إطلاق المرفوعة بالمرسلة، لانها تصرح بوجوب الصوم، و النتيجة هي وجوب الصوم.

 

ولكن نقول: اذا كانت المرفوعة تنفي وجوب عنوان عام عن المكلف، الذي يكون الصوم احد مصاديقه، فيتجه كلام المستشكل و بالتالي تكون نسبة المرفوعة مع المرسلة العموم و الخصوص المطلق[3] ، ولكنها لا تكون كذلك بل تريد تنفي وجوب أي شيء محتمل بالخصوص عن المكلف -عدا ما ذكر فيها- على نحو الإستغراق و الإنحلال، كأنها تريد تقول أن الصوم ليس واجباً، و الكفارة ليست واجبة و هكذا. فالمرفوعة تكون كالنص في نفي وجوب الصوم و تعارض المرسلة تعارضا يتجه معه الحمل السابق[4] .

 

و قد يقال ثانياً: ان المرفوعة ظاهرة في وجوب الاستغفار على المكلف و المرسلة ظاهرة في وجوب الصوم عليه ، و مقتضى القاعدة في أمثال المقام إما وجوب الجمع بينهما فيكون الواجب الاتيان بكل منهما -كما التزم به السيد الخوئي في موارد- و إما التخيير بينهما.[5]

 

ولكن نقول: هذا الكلام انما يجري في المقام اذا سلمنا دلالة المرفوعة على وجوب الاستغفار بعنوان الكفارة و لكنه ليس واضحا و كأن التعبير ب (يستغفر ربه) في مقام بيان عدم وجوب شيء عليه و انه يكتفى بالاستغفار خصوصا اذا التفتنا الى مسألة ان هذا المكلف لم يرتكب ذنبا كما ذكر ذلك الفقهاء

فوجوب الاستغفار ليس محتملا في المقام لا بعنوان الكفارة و لا بعنوان انه مقابل لذنب صدر منه .

 

قال السيد الماتن :

(مسألة ١): لا يجب إتمام صوم التطوع بالشروع فيه بل يجوز له الإفطار إلى الغروب وإن كان يكره بعد الزوال.

الفرع الاول : الظاهر وقوع التسالم من قبل الفقهاء على ما ذكره السيد الماتن و لم ينقل الخلاف من احد فيه بل ادعى الشيخ صاحب الجواهر الاجماع عليه بقسميه .

يقع الكلام في بعض الادلة التي استدل بها على ذلك لغرض البحث العلمي و الا فالنتيجة مسلمة عندهم كما تقدم

في الجواهر استدل بالاصل [6] و صحيحة جميل و رواية عبد الله بن سنان [7]

اما صحيحة جميل : فقد رواها صاحب الوسائل عن محمد بن الحسن باسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن النضر بن سويد عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام

أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان:

إنه بالخيار إلى زوال الشمس فإن كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار.

و الاستدلال بها مبنى على ان يكون المقصود بها هو من شرع في صوم التطوع في مقابل ان تفسر بتفسير اخر تكون به ناظرة الى مسألة زمان النية و هو ان نية الصوم التطوعي تمتد الى الغروب و نية الصوم القضائي تمتد الى الزوال فلا تكون ناظرة الى محل الكلام و اذا احتملنا المعنى الثاني احتمالا معتد فلا يمكن الاستدلال بها في المقام

نعم يمكن ان يستعان بصدر الرواية لتعيين الاحتمال الاول لانه ورد فيه (انه قال في الذي يقضي شهر رمضان) اذ يستفاد منه ان الرواية تتحدث عمن شرع في قضاء شهر رمضان لا من لم يشرع فيه .

اما رواية عبد الله ابن سنان : فقد رواها صاحب الوسائل عن الشيخ الطوسي باسناده عن سعد، عن حمزة بن يعلي، عن النوفلي[8] عن عبد الله بن الحسين عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر.

دلالتها على الفرع المطروح في المقام واضحة و لا تعاني من الاشكال المتقدم في دلالة الرواية السابقة

لكن هناك مشكلة في سندها _و ان عبر عنها غير واحد من الفقهاء بالصحيحة كصاحب الجواهر _و ذلك من جهة عبد الله بن الحسين فانه ورد في سند الرواية بناء على نقل صاحب الوسائل عن التهذيب و الاستبصار و الحال ان الموجود فيهما و الموجود بعض شروحهما عبيد بن الحسين و على كلا التقديرين تكون الرواية ضعيفة سندا به ،لان عبيد بن الحسين مجهول بالمرة بل هو مهمل و عبد الله بن الحسين مشترك بين اشخاص كثيرين _ذكروا في محله _معظمهم مجاهيل .

 


[1] و الثمرة تظهر فيما اذا لم يستفد من عبارة الكشي تصحيح الرواية بل استفيد منها توثيق الراوي المباشري فقط فانه حينئذ و ان لم يمكن تصحيح المرفوعة من جهة عبد الله بن المغيرة لكن بالامكان تصحيحها من جهة عبد الله ابن مسكان.
[2] لان الإمام (عليه السلام) بعد أن كان في مقام بيان تمام وظيفة المكلف، سكت عن إيجاب شيء آخر غير القضاء و الاستغفار -على كلام في الثاني كما سيأتي-، فسكوته يدل على نفي أي تكليف عليه مطلقاً سواء كان صوماً أم غيره.
[3] نظير ما اذا دل دليل على حرمة إكرام زيد، الذي هو عنوان عام و احد مصاديقه السلام و التحية له، فإذا دل دليل آخر على وجوب السلام على زيد، فنقيد إطلاق الأول بالثاني.
[4] اى الحمل على الاستحباب.
[5] و نحن في أبحاث سابقة رجحنا التخيير على الجمع لمحذور فيه و هو السكوت عن جزء من الواقع بالنسبة الى كل من الدليلين مع كون الإمام (عليه السلام) في مقام بيان تمام الواجب و هذا المحذور غير موجود بناء على التخيير لان كلا من الدليلين يبين مصداقا للجامع.
[6] اصالة عدم وجوب الاتمام.
[7] المرويتان في الوسائل في الباب الرابع من ابواب الصوم الواجب الحديث الرابع و الحديث التاسع.
[8] الموجود في التهذيب و الاستبصار اللذين ينقل عنهما الشخ صاحب الوسائل بدل النوفلي، البرقيو على كل حال لا اشكال من هذه الجهة سواء كان حمزة بن يعلى يروي عن النوفلي او عن البرقي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo