< قائمة الدروس

الموضوع: كتاب الصوم/ثبوت الهلال /استدراك

استدراك حول سند رواية عبد الله بن سنان:

ولا مجال لتوهم جريان نظرية تعويض الأسناد في المقام، فإن الشيخ(ره) وإن ذكر في الفهرست طرقاً متعددة لجميع كتب صفوان بن يحيى، وهي كالتالي:

1-أخبرنا بجميعها جماعة عن محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عنه.

2-أخبرنا بها ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس، عن محمد بن الحسين، ويعقوب بن يزيد عنه.

3-أخبرنا بها الحسين بن عبيد الله، وابن أبي جيد جميعاً، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، والحسين بن سعيد، عنه.

وليس ذلك لضعف الطرق المذكورة، فإن بينها ما هو معتبر، وإنما لأن لعدم توفر صغرى القاعدة المذكورة، بفقد شرط من شروطها، وهو كون طرق الشيخ(ره) إلى جميع كتب وروايات صفوان، فإن وجود الطريق للكتب مثلاً لا يجدي لأن من الممكن جداً أن تكون هذه الرواية محل البحث من مروياته خصوصاً وأن كتبه لم تستوعب جميع مروياته.

وقد منع الشيخ الأعظم(ره) إطلاقها، لأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة، وإنما هي بصدد بيان حكم انكشاف كون يوم الشك من شهر رمضان المبارك، بعد فرض ثبوت الكاشف، وليست هي في مقام بيان حكم الكاشف، وأنه يحصل بمجرد رؤيته في بلد من البلاد ولو كان في غاية البعد، فكما لا دلالة في هذا الإطلاق على الشروط المعتبرة في البينة، فكذا لا دلالة على الشروط المعتبرة في البلد.[1]

وهو في غير محله، فإن النصوص كما تكون في مقام بيان حكم الانكشاف، كذلك تكون دالة بإطلاقها على حكم الكاشف، لأن الملاك في التمسك بالإطلاق هو البيان وليس المقصود الأصلي المجهول لنا.

والحق في الجواب عنها، أن يقال:

أولاً: أن الموجب لمنع إطلاقها يعود إلى أنها ناظرة إلى عدم وجود معارض حكمي على رؤية الهلال في البلد الآخر، بأن تكون الرؤية قد ثبتت بالشياع القطعي أو البينة غير المعارضة ببينة النفي، فالتعبير بأهل مصر يشير إلى اجتماعهم على ثبوت الرؤية والذي لا يكون عادة إلا عن شياع قطعي. ومع كون الإمام(ع) بصدد بيان هذا المعنى، فلن ينعقد لكلامه(ع) إطلاق حتى يشمل البلد الذي لا يجوز كونه متفقاً مع بلد المكلف في الأفق.

ثانياً: لو رفعنا اليد عما تقدم، فإنه يمكن البناء على أيضاً على منع حجية الإطلاق الظاهر فيها، لوجود انصراف إلى خصوص بلد المكلف أو البلدان القريبة منه بحيث لا تزيد المسافة بينهما على مسافة يوم أو يومين تقريباً، فيشكل قرينة مانعة من حجية الإطلاق المذكور. وذلك لأن الوسائل المتاحة في ذلك الزمان لم تكن تساعد على أن يقطع الإنسان أكثر مما يعادل ستين كيلو متراً في اليوم الواحد، وهذا المقدار من الفاصل المكاني لا يؤثر في اتحاد الأفق ظاهراً، بل ربما لا يؤثر ما هو أكثر منه أيضاً.

والحاصل، إن النصوص المذكورة منصرفة إلى خصوص البلدان التي كان يقطعها الإنسان في يوم أو يومين، ومثل ذلك لا يخرج البلدين عن الاتحاد في الأفق.

وأما المسافرون إلى المسافات الطويلة والبلدان البعيدة والذين كانت تطول مدة سفرهم كشهر أو أزيد، فإن أذهانهم تنصرف عن مسألة رؤية الهلال في تلك الأماكن خصوصاُ مع ملاحظة ما يعانونه من وعثاء السفر ومشاقه، فلا تتوجه غاياتهم إلى السؤال عن وقت رؤية الهلال ومتى ابتدأ.

ولا مجال لأن يشكل على الجواب المذكور بما جاء في كلام الفاضل النراقي(قده)، جواباً عن انصراف المطلقات إلى الأفراد الشائعة، وثبوت هلال أحد البلدين المتباعدين كثيراً في الآخر نادر جداً.

بعدم معرفته وجهاً لندرة ذلك، وإنما هي تكون لو انحصر الأمر في الثبوت في الشهر الواحد، ولكنه يفيد بعد الشهرين وأكثر أيضاً، وثبوت الرؤية بمصر في بغداد، أو بغداد لطوس، أو للشام في أصفهان ونحو ذلك بعد شهرين أو أكثر ليس بنادر، لتردد القوافل العظيمة فيها كثيراً. [2]

لما سمعت من أن طول مدة السفر للقوافل وأهلها والتي تصل لشهر أو أكثر، وما يصاحب ذلك من عناء السفر ومشاقه، يوجب انصراف الأذهان عن مسألة رؤية الهلال في تلك الأماكن، بل إن الأذهان تكون منشغلة ومتوجهة لأمور أخرى غير بداية الشهر، ووقت رؤية الهلال وحيثيات الرؤية وعدد المستهلين وأحوال الجو وغير ذلك.

ثم إنه لو سلم بتمامية النصوص المذكورة، وألتـزم بإطلاقها، فإنه يصعب البناء على دلالتها على ثبوت الهلال لكفاية أرجاء المعمورة في وقت واحد، وعلى حد سواء، بل اللازم هو الاقتصار على اختصاص الثبوت بالأماكن التي كانت تقصدها القوافل وتتردد عليها وتختلف إليها ذهاباً وعودة، لأن المستفاد من النصوص وجود ارتباط بين البلدان بسبب الذهاب والإياب منها وإليها، وأن ذلك كان متداولاً، فلاحظ قوله: إن شهد أهل بلد آخر. وعليه، يشكل البناء على سعة دائرة الثبوت مع وجود هكذا قرينة في البين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo