< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

بحث الفقه

42/10/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصوم/ثبوت الهلال /معاير للرؤية

ولا مجال للنقض عليه، بأنه قد نقل في البحث الروائي خبر تفسير العياشي عن الإمام الباقر(ع) في قوله:- ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾، قال(ع): ما أبينها لمن عقلها، قال: من شهد رمضان فليصمه، ومن سافر فيه فليفطر. لظهوره بمقتضى المقابلة أن المقصود من الشهود في الآية الشريفة بمعنى الحضور مقابل المسافر كما يظهر من الخبر.

لأنه يندفع، بعدم المنافاة، لدلالة الخبر المذكور على حكمين يتوافقان تماماً مع ما جاء في الآية، ومع التفسير الذي أفاده(ره) لها، أما الحكم الأول، وهو الذي أشار إليه قوله(ع): من شهد رمضان فليصمه، فإن المقصود به من علم بشهر رمضان، فيجب عليه صومه، وأما الحكم الثاني، وهو الذي أشير إليه بقوله(ع): ومن سافر فيه فليفطر، لدلالته على أن وظيفة المسافر هي الإفطار.

إلا أن الجزم بكفاية ذلك، وعدم اعتبار الرؤية، ولا أقل اعتبار إمكانيتها، ليكون موضوع الأحكام الشرعية هو الهلال الشرعي الذي اعتبره الشارع المقدس بإضافة قيد فيه وهو إما اعتبار الرؤية الفعلية أو كفاية إمكانيتها، صعب جداً، خصوصاً مع ملاحظة النصوص الدالة على أخذ الرؤية أو إمكانيتها طريقاً لإثبات دخول الشهر، وهذا يكشف عن اعتبار الشارع المقدس شهراً مخالفاً للشهر الطبيعي التكويني، وهو المعبر عنه بالشهر الشرعي، ولا أقل من أنه اعتبر في الشهر الطبيعي قيداً آخر، وهو ملاحظة الرؤية بتحققها فعلاً أو كفاية إمكانها، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فأفطر[1] . فإنها صريحة في تعليق وجوب الصوم على تحقق الرؤية، وكذا وجوب الإفطار أيضاً، وهذا يعني أنه لو لم تحصل فلا يتنجز وجوب الصوم، ولا يجب الإفطار.

ومثله صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع) قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي ولا بالتظني، ولكن بالرؤية[2] .

واحتمال أن المقصود بالرؤية في هذين النصين وأضرابهما بمعنى العلم، وليس المقصود منها المشاهدة الحسية بالعين.

لا يجري في معتبرة علي بن جعفر، أنه سأل أخاه موسى بن جعفر(ع) عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره، أله أن يصوم؟ قال: إذا لم يشك فليفطر وإلا فليصم مع الناس[3] . لأنها صريحة في كون المقصود من الرؤية هي الرؤية الحسية، وليست بمعنى العلم، لأن العلم بخروج الهلال من المحاق لا ينحصر بواحد دون البقية بخلاف الرؤية الحسية فإنها تحصل أن ينفرد بها شخص دون الآخرين، ويساعد على ذلك أيضاً قول السائل: لا يبصره غيره، فإنه صريح في الرؤية الحسية.

ولا مجال للبناء على تعدد طرق ثبوت الهلال، فتكون نصوص الرؤية مشيرة إلى طريق آخر غير طريق الولادة الطبيعية، نظير احراز دخول الشهر الجديد بإكمال العدة، أو بالاعتماد على التطويق لو عدّ أمارة للثبوت، وهكذا. لأنه يستوجب لغوية الأمارات المذكورة جميعها، لإحراز دخول الشهر عادة بالولادة الطبيعية التكوينية فلا حاجة للرؤية الحسية، ومن البعيد جداً أن لا يعلم المكلف بالولادة الطبيعية ليعتمد على الرؤية الحسية، بل لو سلم وجود ذلك كان من الفرد النادر وهو لا ينسجم مع النصوص المتكثرة في الحديث عن ثبوت الهلال بالرؤية.

ولا مجال لأن يتوهم المنافاة بين النصوص المذكورة والآية المباركة، لما عرفت في محله من أن المستفاد من روايات العرض عدم المخالفة بنحو التباين، وأما المخالفة بنحو العموم والخصوص والمطلق كما في المقام، فليس منها.

 


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج10، ص260، أبواب احكام شهر رمضان، باب4، ح1، ط آل البيت..وللصدوق(ره) طريقان لعلي بن جعفر:الأول: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن العمركي بن علي البوفكي، عن علي جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(ع).الثاني: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، جميعاً عن أحمد بن محمد بن عيسى، والفضل بن عامر، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(ع)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo