< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/08/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المحقق الهمدانی قده اختار الفرق بینهما

هل هناک فرق بین اللیالی المقمرة و غیر المقمرة فی وقت الصبح بحیث یجب تأخیره فی الاولی عشرین دقیقة مثلا او ان التفرقة بینهما غیر ثابتة ؟

تقدم ان المحقق الهمداني قدس سره اختار الفرق بينهما استنادا الی ما استظهره من عنوان التبین الوارد فی الایة الکریمة «حتی یتبین لکم الخیط الابیض من الخیط الاسود من الفجر » وباعتبار ظهور سائر العناوین الواردة فی الروایات نحو البیاض المعترض و القبطیة البیضاء في انها ناظرة الی الوجودات الفعلیة فالمراد من عنوان التبین هو تبین البیاض المعترض تبینا فعلیا و هو فی اللیالی المقمرة یتأخر تحققه عن الاذان الرائج بمقدار عشرین دقیقة لا ان البیاض المعترض تحقق عند الاذان المعهود و ضوء القمر حجبه عن الانکشاف لنا ، اذن علی مبنی المحقق الهمدانی ره لا یحدث الفجر واقعا فی الوقت المعهود بل یتحقق طلوع الفجر بمضی فاصل من الزمان قدر ما یمضی عشرون دقیقة .

و قد ذکرنا المناقشة فیه .

ان السیدالامام قدس سره قد سار علی منهج المحقق الهمدانی قدس سره فی الاستدلال ثم اجاب عن الاشکالات التی یمکن ان ترد علی الدلیل الاول .ثم استدل علی ثبوت الفرق بالروایات و ذکران طائفة منها ظاهرة فی المختار و بعضها کالنص فیه .

الروایة الاولی معتبرة ابی بصیرعن ابی عبد الله علیه السلام ...فَقَالَ إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ فَكَانَ كَالْقُبْطِيَّةِ الْبَيْضَاءِ- [1]

الروایة الثانیة عن علی بن مهزیار قال: كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) معي: جُعلت فداك، قد اختلف موالوك في صلاة الفجر؛ فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء، و منهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأُفق و استبان، و لست أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه، فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين و تحدّه لي و كيف أصنع مع القمر و الفجر لا يتبيّن معه حتّى يحمرّ و يصبح، و كيف أصنع مع الغيم، و ما حدّ ذلك في السفر و الحضر؟ فعلت إن شاء اللّه، فكتب بخطّه (عليه السّلام) و قرأته‌الفجر يرحمك اللّه هو الخيط الأبيض المعترض، و ليس هو الأبيض صُعَداء فلا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تبيّنه؛ فإنّ اللّه تبارك و تعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فالْخَيْطُ الْأبْيَضُ هو المعترض الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصوم، و كذلك هو الذي يوجب الصلاة[2]

الروایة الثالثة ما عن الرضا (عليه السّلام)صلّ صلاة الغداة إذا طلع الفجر و أضاء حسناً [3]

فقال قدس سره ان هذه العناوین المذکورة فی هذه النصوص مثل اعتراض البیاض و نهر السورا و القبطیة البیضاء و ما شاکلها لاتنطبق هذه الحالات فی الافق الا علی التبين الحسي الذي يقول به المحقق الهمداني ره ففی الرسائل العشر : ظاهر أنّ الكون كالقبطية و نهر سورى و أمثال هذه التعبيرات، لا ينطبق إلّا على التميّز الحسّي و الإضاءة الحسّية.[4]

و قد ذکر ان أظهر الروایات الدالة علی المدعی هو خبر عليّ بن مهزيار و هو یشتمل علی فقرتين الفقرة الاولی ما یتضمن لجواب الامام علیه السلام بان الفجر هو البیاض المعترض علی الافق الحادث بعد البیاض المتصاعد .

والفقرة الثانية ما يتضمن قوله علیه السلام «فلا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تبيّنه» فهذه الفقرة تحتوی علی خصوصیة توجب امتیاز روایة علی بن مهزیار عن سائر الروایات المتقدمة من حیث صراحة الدلالة علی المختار و الا فالفقرة الاولی من الروایة یشابه نفس العناوین الواردة فی سائر الروایات کنهر سورا و القبطیة البیضاء و اعتراض البیاض فبملاحظة الفقرة الثانیة من روایة بن مهزیار جعل السيد الامام ره هذه الروایة اظهر الروایات فی اعتبار التمیز الحسی لبیاض مطلع الفجر .

هل هذا الاستدلال بهذا التقریب تام ام لا ؟

اما بالنسبة الی الروایات المتقدمة و بالنسبة الی الفقرة الاولی من روایة بن مهزیار فیناقش فیه بان غایة ما تدل هذه الروایات هو اعتبار وجود هذه العلائم و الحالات و الخصوصیات علی الافق و لایستفاد منها اعتبار حصولها الحسی فی کل الازمنة لکل المکلفین و الناظرین و بعبارة اخری مفاد هذه الروایات علی غرار مفاد الایة الکریمة حیث نوقش فی الاستدلال بها علی مطلوب المحقق الهمدانی قدس سره بانه لا موضوعیة لعنوان التبین بل الموضوع و تمام المؤثر هو اصل تحقق اعتراض الفجر لا تبینه الحسی فیکفی مطلق التبین سواء التمیز الحسی او التمیز اللولائی التقدیری وجميع ما ذکر من المباحث تجري بالنسبة الی الروايات المتقدمة و الفقرة الاولی من روایة علی بن مهزیار ایضا فلا یتم الاستدلال بها علی المدعی .

اما الفقرة الثانیة فکذلک لاتدل علی مطلوب الهمدانی قدس سره اذ غایة ما یستفاد من هذه الفقرة « لا تصل حتی تبیّنه » اعتبار احراز هذه العلامة و الحالة علی الافق فی جواز اقامة صلاة الفجر فان هذه الفقرة من الروایة تدل علی اعتبار احراز دخول الوقت فی جواز صلاة الصبح و هی اشارة الی انه لایجوز بناء الفریضة علی الشک و مفاد الروایة لا یتضمن اکثر من هذا الحکم الظاهری کما انه لا یجوز الدخول فی صلاة الظهر الا بعد احراز دخول الوقت فکذلک مفاد الفقرة الثانیة من روایة علی بن مهزیار من الامر بالتبین ناظر الی لزوم احراز الموضوع و لیست الروایة بصدد بیان کیفیة حدوث انتشار البیاض علی الافق .

فلم یتم الاستدلال بروایة بن مهزیار لاثبات المدعی .

و السید الامام قدس سره استند لمختاره ـ مضافا الی الکتاب و السنة ـ الی ما یقتضیه الاصل العملی من لزوم الانتظار الی حین التبین الحسی فقال ره : أنّ مقتضى الأصل أو الأُصول ذلك، و لا مخرج عنها؛ فإنّ الأدلّة لو لم تكن ظاهرة فيما ذكرنا لما كانت ظاهرة في القول الآخر، فلا محيص عن التمسّك بالاستصحاب الموضوعي، أو الحكمي مع الخدشة في الأوّل.[5]

ان الاصل الذی تمسک به هو الاستصحاب الموضوعی و الاستصحاب الحکمی الا انه استشکل فی الاستصحاب الموضوعی دون الاستصحاب الحکمی .

اما الاستصحاب الموضوعی فتقريبه انا نشک في ان عنوان طلوع الفجر فی اللیالی المقمرة هل هو یحدث عند الحد المعتبر لدی المشهور او انه متأخر عنه بعشرین دقیقة فنقول ان الفجر قبل الحد الاول لم یکن طالعا یقینا فنستصحب ذلک الیقین بعدم حدوث البیاض المعترض الی زمان الشک ای الی الفترة المشکوکة فيحکم ببقائه .

اما تقریب الاستصحاب الحکمی فباعتبار ان الدخول فی صلاة الصبح قبل الفترة المشکوکة لم یکن جائزا و لم تکن الصلاة واجبة فنشک فی بقاء الحکم الی الفترة المشکوکة فنستصحب عدم الجواز او عدم الوجوب فادعی السید الامام قدس سره ان الاستصحاب الحکمی جار علی فرض الخدشة فی الاستصحاب الموضوعی .

اما الاشکال فی الاستصحاب الموضوعی فی المقام فلکون الشبهة من الشبهات المفهومیة حیث نشک ان طلوع الفجر فی اللیالی المقمرة هل ینطبق علی الحد المعهود المشهور او انه لا ینطبق الا بعد مضی عشرین دقیقة من الاذان الرسمی فان الاستصحاب لا یجری فی ناحیة الموضوع فی الشبهات المفهومیة کما فی مثال شبهة الغروب هل هو استتار القرص او زوال الحمرة المشرقیة فلایصح ان یقال نستصحب عدم الغروب الثابت قبل الاستتار الی الاستتار و بعده الی زوال الحمرة المشرقية اذ الاستصحاب انما یجری اذا شک فی الموضوع الخارجی بینما ان الخصوصیات الخارجیة فی المقام معلوم لا شک فیه حیث نعلم بوجود نور القمر و نعلم وقت الاذان المعهود و نعلم بتبین البیاض بعد عشرین دقیقة فالخصوصیات الخارجیة معلومة حيث لم يتبین البیاض حتی علی مبنی المشهور کما انه کذلک عند المحقق الهمدانی ره و عند السید الامام ره و انما الشک فی ان طلوع الفجر الذی هو مبدء لصلاة الفجر هل مفهومه امر ینطبق علی الحد المعهود عند المشهور او ینطبق علی زمان متأخر بعشرین دقیقة اذن الاستصحاب الموضوعی غیر جار لعدم تمامیة ارکان الاستصحاب و لعدم الشک فی الواقع الخارجی .

اما الاستصحاب الحکمی فهل یجری فی المقام او لا یجری ؟ و علی تقدیر الجریان هل یمنع عن جواز الدخول فی الصلاة فی الفترة المشکوکة او لا یمنع ؟

اقول : ان الاستصحاب لا یجری فی المقام لعدم جریانه فی الشبهات المفهومیة علی المشهور لا فی ناحیة الموضوع و لا فی ناحیة الحکم اما عدم جریانه فی ناحیة الموضوع فلعدم الشک فی الموضوع الخارجی اما عدم جریانه فی ناحیة الحکم فلعدم احراز بقاء الموضوع فی الفترة المشکوکة و مع عدم احراز الموضوع لا یتم ارکان الاستصحاب ولذا لایجري استصحاب وجوب الامساک الثابت قبل استتار القرص الی بعد زمان الاستتار لان الوجوب الثابت للامساک کان بعنوان انه قبل اللیل او بعنوان انه النهار و فی الفترة المتوسطة لا ندری أ هو من اللیل ام هو من النهار فانه علی المشهور یکون من النهار و علی المبنی المقابل یکون من اللیل فالحکم السابق تعلق بموضوع مقید بکونه من النهار و عدم کونه من اللیل فاذا شککنا فی تبدل الموضوع لا یتم ارکان الاستصحاب الحکمی اذ یعتبر فی جریان الاستصحاب الحکمی احراز الموضوع .

و علی تقدیر التنزل و القول بجریان الاستصحاب فی الشبهات المفهومیة هل یجری الاستصحاب و علی فرض الجریان هل یمنع عن جواز الدخول فی صلاة الصبح او لا؟ سیأتی ان شاء الله

 


[1] ـ الوسائل ابواب المواقیت ب27ح1.
[2] 2ـ الوسائل ابواب المواقیت.
[3] ـ مستدرک الوسائل ابواب المواقیت ب21ح3.
[4] ـ الرسائل العشر للامام الخمینی ره ص203.
[5] ـ الرسائل العشر ص205.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo