< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد حسین شوپایی

99/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مقتضی الجمع بین الصحیحة المجوّزة و بین مفاد ادلة المشهور علی المنع

انتهی الکلام فی البحث عن دلالة صحیحة عبد الله بن سنان الی ان التعبیر الوارد فیها « یخطب فی الظل الاول » صالح للحمل علی کل من الظل قبل الزوال و الظل الحادث بعد الزوال لکن بعد ملاحظة ما ذکر فی صدر الصحیحة « یصلی الجمعة حین تزول الشمس قدر شراک » یستظهر منه وقوع الخطبتین قبل الزوال و بناء علی هذا التقریب تتم دلالة الصحیحة علی القول الثانی ای علی جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال و لاوجه فی ان یتخذ الصدر قرینة علی خلاف القول الثانی کما صنعه المحقق الثانی ره و هکذا صاحب الحدائق ره حیث اعتبر الصدر قرینة علی قول المشهور و علی خلاف القول الثانی .

اذن مستند القول الثانی هو ما یستظهر من صدر الصحیحة بالتقریب الذی أفاده الشهید الثانی ره فی روض الجنان و المحقق الحائری ره و عدّة من الفقهاء و المحققین وان کان هناک وجوه اخری ذکرها المحقق الحائری ره لاستظهار القول الثانی من الصحیحة لکنها غیر تام .

والمتحصّل من البحث فی دلالة الصحیحة هو ان المستفاد من ملاحظة مجموع الروایة صدرا و ذیلا جواز تقديم الخطبتین قبل الزوال _ الذي قد اختاره الشیخ ره فی بعض کتبه و المحقق ره فی المعتبر و عدّة من الفقهاء_ فی حد نفسه .

.

لکن ما هو مقتضی الجمع وعلاج التنافی بین مفاد هذه الصحیحة الدالة علی جواز التقدیم و مفاد ادلة قول المشهور الدالة علی عدم الجواز فهذا ما ینبغی البحث عنه هنا لکن بعد التعرض للدلیل الثانی علی القول الثانی .

الدلیل الثانی الذی استدل به علی القول الثانی هو الروایات المحددة لوقت صلاة الجمعة بان وقتها من زوال الشمس و قد ذکرها صاحب الوسائل فی الباب 8 من ابواب صلاة الجمعة کصحیحة عبد الله بن سنان عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ: وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ- وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ- وَ يُسْتَحَبُّ التَّكْبِيرُ بِهَا. [1]

و صحیحة الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْسِ- وَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ زَوَالُ الشَّمْسِ- وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْحَضَرِ- نَحْوٌ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .[2]

و مرسلة الصدوق : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَوَّلُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ الشَّمْسُ- إِلَى أَنْ تَمْضِيَ سَاعَةٌ فَحَافِظْ عَلَيْهَا- فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ فِيهَا خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ .[3]

و صحیحة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَابْدَأْ بِالْمَكْتُوبَةِ.[4] ونحوها غيرها .

تقریب الاستدلال بها علی المدعی هو ان عنوان صلاة الجمعة اسم لخصوص رکعتی الجمعة و حیث ان الزمان الذی حدّدتها هذه النصوص للرکعتین هو زوال الشمس یتطلب هذا ان یکون زمان الخطبتین قبل الزوال و هذا التقریب من الاستدلال قد ذکر فی کتب الفقهاء کصاحب الجواهر ره و المحقق الحائری ره .

لکن یناقش فی دلالة هذا الدلیل الثانی علی مدعی القائلین بجواز تقدیم الخطبتین علی الزوال بان المراد من عنوان « صلاة الجمعة » الوارد فی لسان هذه الروایات هو صلاة الجمعة بمجموعها التی تشتمل علی الخطبتین و الرکعتین و لیست هی إسما لخصوص الرکعتین و علی هذا الاساس یبدء وقت المجموع من الخطبتین و الرکعتین من حین الزوال سیما بملاحظة تصریح بعض النصوص بان الخطبة صلاة و فی بعضها انما جعلت الخطبتین مکان رکعتین اخیرتین فاذا صارت اسما للمجموع فیکون مبدء المجموع الزوال .

وأجیب عن هذا الاشکال فی کلمات صاحب الجواهر و المحقق الحائري رهما ففي الجواهر : بل قد يظهر منه دلالة النصوص الموقّتة لصلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة بالزوال ضرورة كون المراد منها نفس الركعتين، ولعلّه لذا قال المصنّف: إنّه أشهر في الروايات .وتأويل الصلاة بها وما في معناها- أعني الخطبة؛ لكونها بدلًا عن الركعتين- خلاف الظاهر .[5]

وفي صلاة الجمعة للمحقق الحائری ره : كون المراد من صلاة الجمعة أعمّ من الخطبتين ممّا لا ينبغي احتماله في الرّوايات المتقدّمة، خصوصا في مثل صحيح الحلبيّ (على الظّاهر): «وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشّمس و وقتها في السّفر و الحضر واحد.» إذ من المعلوم عدم الخطبة في السّفر، و المقصود منهما أمر واحد و هو الصّلاة الخالية عن الخطبة .[6]

هل هذا الجواب تام ام لا ؟

یبدو بالنظر عدم تمامیة هذا الجواب لان الصلاة وان کان بالحقیقة نفس الرکعتین ولکن قد أطلق فی النصوص اسم الصلاة علی المجموع ایضا کما هو هکذا فی صحیحة عبد الله بن سنان عن ابی عبد الله علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي الْجُمُعَةَ- حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ قَدْرَ شِرَاكٍ- وَ يَخْطُبُ فِي الظِّلِّ الْأَوَّلِ- فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ- قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ فَانْزِلْ فَصَلِّ- وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ‌ الْخُطْبَتَيْنِ- فَهِيَ صَلَاةٌ حَتَّى يَنْزِلَ الْإِمَامُ .[7] و فی روایة الفضل بن شاذان عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّمَا صَارَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ- إِذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ- وَ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ إِمَامٍ رَكْعَتَيْنِ وَ رَكْعَتَيْنِ- لِأَنَّ النَّاسَ يَتَخَطَّوْنَ إِلَىالْجُمُعَةِ مِنْ بُعْدٍ- فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمْ- لِمَوْضِعِ التَّعَبِ الَّذِي صَارُوا إِلَيْهِ- وَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْبِسُهُمْ لِلْخُطْبَةِ- وَ هُمْ مُنْتَظِرُونَ لِلصَّلَاةِ- وَ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ... [8]

فان هذه الروایات عبّرت عن الخطبة بالصلاة و هذا يعني انه تطلق الصلاة علی مجموع الخطبتین و الرکعتین فلا مانع من حملها علی هذا المعنی .

اما صحيحة الحلبي التی استشهد «ره» بها علی خلوّ الصلاة عن الخطبتین باعتبار انها تدلّ علی وحدة وقت الجمعة حضرا و سفرا وحيث انه ليس لصلاة الجمعة في السفر خطبة فهذا یستدعی ان یکون المراد من عنوان صلاة الجمعة فی الحضر نفس الرکعتین لا الخطبة فیناقش فیه بان الصحيحة انما هی بصدد بیان اتحاد وقت صلاة الجمعة فی السفر و الحضر ، و عدم وجود الخطبة فی السفر لصلاة یوم الجمعة لیس دلیلا علی خلوّ عنوان صلاة الجمعة في الحضر عن الخطبة اذ یمکن ان تکون صلاة الجمعة في الحضر اسما لمجموع الخطبتین و الرکعتین و فی السفر اسما لخصوص الرکعتین قصرا لعدم وجود الخطبة رأسا فلم یتم الدلیل الثانی .

و هیهنا یفسح المجال لبحث اخر و هو انه علی فرض تمامیة الدلیل الثانی علی القول الثانی ای الروایات الموقّتة لصلاة الجمعة بالزوال و هکذا بعد تمامیة دلالة صحیحة عبد الله بن سنان التی کانت هو الدلیل الاول علی القول الثانی فحیث ان فی مقابلها ادلة تامة تدل علی قول المشهور کالایة الشریفة التی کانت هو الدلیل الاول لقول المشهور و کالدلیل الثانی علی القول الاول و هو صحیحة محمد بن مسلم و معتبرة عبد الله بن میمون فلابد من البحث عن کیفیة الجمع بین ادلة الطرفین هل تقدّم ادلة القول الثانی او تقدّم ادلة قول المشهور ؟
مقتضی الصناعة ان یقال ان الدلیلین الذین اقیما علی القول الثانی وهما صحیحة ابن سنان و الروایات الموقّتة لصلاة الجمعة بالزوال بناء علی تمامية دلالتهما علی المدعی في حد نفسها _ کما هو کذلک بالنسبة الی صحیحة ابن سنان _ لا یمکن الالتزام بها لکونها مخالفة بالتباین لمفاد الایة الشریفة بناء علی صراحة الایة من حیث الدلالة علی قول المشهور .

اما لو بنینا علی کون دلالة الایة الشریفة علی قول المشهور دلالة بالظهور لا بالصراحة ففی تعیین حکم المسألة من جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال و عدم جوازه نواجه طائفتین من الادلة من جانب تدل الایة بالظهور علی عدم جواز التقدیم و هکذا تدل صحیحة ابن مسلم و معتبرة عبد الله بن میمون بالصراحة علی عدم الجواز و فی المقابل تدل صحیحة ابن سنان و الروایات الموقّتة لصلاة الجمعة بالزوال علی جواز التقدیم فمن الواضح وقوع التعارض بین الطائفتین و لایمکن الجمع العرفی بینهما فلابد عندئذ من اعمال المرجحات و فی هذا المقام نری ان الروایات الدالة علی القول الاول توافق الکتاب بخلاف صحیحة ابن سنان و الروایات الموقّتة لصلاة الجمعة بالزوال هذا بناء علی فرض دلالة الایة علی عدم جواز تقدیم الخطبتین علی الزوال ولو بالظهور .

اما لو بنینا علی عدم دلالة الایة الشریفة علی حکم المسألة و لو فی حد الظهور کما ادعاه شیخنا الحائری ره فتبقی هاتان الطائفتان فی میدان التعارض فقط و لا مرجح لاحدهما من جهة الموافقة لظاهر الکتاب فبالتالی یحکم بالتساقط (و لا وجه حینئذ فی الاخذ بطرف واحد مع تأویل او حمل الطرف الاخر کما صنعه الشیخ الحائری ره حیث انه اخذ بصحیحة عبد الله بن سنان و اوّل صحیحة محمد بن مسلم کما لا یصح عکس ذلک ایضا من تأویل صحیحة عبد الله بن سنان مع الاخذ بمفاد صحیحة ابن مسلم ) و عندئذ لابد من الفحص عن وجود دلیل اجتهادی یرجع الیه بصالح قول المشهور .

یمکن ان یقال فی هذا المجال انه یوجد هناک دلیل اجتهادی صالح للرجوع الیه و هي الروایات الدالة علی دخول وقت الظهر بالزوال نحو« اذا زالت الشمس فقد دخل الوقتان » بعد ضمها الی الروایات الدالة علی ان صلاة الجمعة یوم الجمعة هی نفس صلاة الظهر من سائر الایام کما قد یشهد له انطباق الصلاة الوسطی علی الظهر من سائر الایام و علی صلاة الجمعة یوم الجمعة علی حد سواء و هذا یستوجب ان یبتدء وقت صلاة الجمعة بمجموعها حتی الخطبتین من الزوال بحیث لا یجوز تقدیم شیء من صلاة الجمعة علی الزوال اذن علی فرض التساقط یرجع الی هذا الدلیل التلفیقی الدال علی ان وقت الظهر و الجمعة بمجموعها یبدء من زوال الشمس و علی هذا الاساس تکون النتیجة بصالح قول المشهور و علی خلاف قول الشیخ ره و قول المحقق ره فی المعتبر و قول عدّة من المحققین قدس الله اسرارهم .

 


[1] - الوسائل الباب8 من ابواب صلاة الجمعة ح5.
[2] - نفس المصدر ح11.
[3] - نفس المصدر ح13.
[4] - نفس المصدر ح15.
[5] - الجواهر ج11ص227.
[6] - صلاة الجمعة ص197.
[7] - الوسائل الباب8 من ابواب صلاة الجمعةح4.
[8] - الوسائل الباب6 من ابواب صلاة الجمعة ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo