« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام الولايات (3) طبقات الصلاحيات والولايات

الموضوع: نظام الولايات (3) / طبقات الصلاحيات والولايات/

 

كما مر بنا امس وقبل امس بحث البيع هو بحث في الفعل وكثير من بحوث البيع غير مختصة بالبيع وانما مرتبطة بنظام المعاملات عموما بل هي غير مختصة بالمعاملات الفردية المالية وانما شامل للعقود السياسية بين الدول والعقود العسكرية والمواثيق الدولية والامنية والاقتصادية فلا تنسجن في البعد الفقه الفردي بل تستطيع ان تنطلق الى فقه المجتمع والفقه السياسي والفقه الدولي لان هناك ضوابط عامة غير مختصة بمجال دون مجال كذلك البحث في نظام الولايات فالبيعة والبيع مادة واحدة يعني البيعة عقد سياسي مجتمعي فلاحظ كثير من الاصول السياسية العقلائية لم يهدمها الاسلام والدين والقرآن ولكن هذبها او جعلها مندرجا تحت ما هو اعظم منها فالبيعة عقد التزامي اجتماعي فالاسلام لا يهدمها ولكن يجعلها تحت سقف وليكم الله والرسول والذين امنوا اي امير المؤمنين ويهذب الماهيات القانونية العقلائية على صعيد الفقه السياسي بل قد يحور ماهيتها .

كما مر بنا في بحث العبيد والاماء وهذه اللفظة في القرآن الكريم ليس معناها العبودية والايماء وانما هو تكافل اجتماعي بين من يدخل في مجتمع الاسلام من الغرباء وبين من يحتضنهم في قبال ان يسددوا خدمته واجرة السكن والرعاية فهو تكافل ورعاية اجتماعية ليست مجانية فماهية العبودية استبدلها القرآن والتشريع الاسلامي ولكن الاسلام جارى المجتمع العقلائي على ذلك اللفظ وهذا يدل على ان الاستعمال القرآني ليس بالضرورة ان نحمله على ما هو مرتكز عند العقلاء او عند اللغة بل القرآن حور اصل ماهية وحقيقة هذا العنوان مثل باب العبيد والاماء .

او مثلا باب الغزوة فاستخدام القرآن ذلك لكن ليس بالمعنى الموجود عند القبائل او الشعوب والدول التي تقوم بنهب ثروات والظلم والقتل لكن القرآن جارى ما هو عند الناس ولكن اصل فلسفة الحروب في القرآن هي الدفاع عن المظلومين وهذا لا ربط له بالغزو وهذه نكتة مهمة ان في القرآن وفي احاديث النبي والائمة هناك مجاراة للذهنية العامة فهذا المعنى يجب ان نفتش عن حقيقته من دلالات منظومية متعددة في القرآن او في سنة المعصومين فالبيعة والبيع مادة واحدة فما يبحث في المعاملات ليس فقها فرديا فقط وانما هو اعم من المجتمع والسياسي والعسكري والمالي .

كذلك مبحث الولايات والصلاحيات ليس فقط على صلاحيات ولاية الفقه الفردي بل يشمل حتى الفقه السياسي والمجتمع العسكري الاسري العشائري وليس بيئة متقوقعة معينة ومن ثم هذا بحث حساس ومهم اشرنا انه يفيد حتى في باب القضاء وفي باب الافتاء وجهاز المرجعية فكل هذه المباحث تفيد ان هذا النظام كيف هو؟

الان الصبي خذه نموذجا ، فهو من الامور التي استعرضها الفقهاء والشيخ الانصاري في مبحث شرط البلوغ فانت تجد في مصطلح اهل البيت - وقلما اشار اليه الفقهاء - ان اليتيم ليس فقط من فقد اباه وهو البعد الفردي وانما اليتم من فقد وليه ومن ثم اتباع اهل البيت باعتبار انهم في الظاهر فقدوا امامهم يكونوا ايتام ال محمد لانهم فقدوا امامهم فمال اليتيم في بيانات اهل بيت لايقتصر على الذين فقدوا اباءهم وانما بيت مال المسلمين لانهم فقدوا امامهم فينطبق الذين ياكلون اموال اليتيمى على النزو والغارة والسرقة على بيت مال المسلمين لاحظوا في الاية القرآنية الذين يأكلون اموال اليتامى يعني نفس المسلمين والمؤمنين يتامى فامامهم غير موجود فاذا تأكل منه وتصرفه في القضايا الشخصية تكون اكل مال اليتامى .

لذلك في بيانات اهل البيت ايضا طبقوها على الخمس فاذا شخص لا يعطي حقوق وضرائب شرعية هذا يصدق عليه الذين ياكلون اموال اليتامى كذلك احتجاج فاطمة مع الثاني على فدك هي احتجت باية الفيء وهي لا تحتج على ارث شخص فردي وانما لها الولاية ومن مصاديق الولاية في الثروات العامة هي ولاية فدك فهو يعترض على فاطمة يقول صحيح اية الفيء والثروات الارض ذكرها القرآن انها لله وللرسول ولذي القربى ولكن ايضا ذكر المسلمين ان لهم الحق حيث قالوا اليتامى والمساكين وابن السبيل لاحظ جواب فاطمة قالت اليتامى من ائتم بنا وهذا من باب الاشتقاق والمساكين من سكن الينا بالمودة وابن السبيل من اتخذنا سبيلا الى الله يعني من يتوالى ويتبعنا يستحق هذا المال العام ويصير له مصرف لا من يعادي او ينابز فهي بكونها ولية تحتج على فدك فهل فاطمة ولية ام امير المؤمنين؟ فهي كما كانت ولية بالفعل في زمان سيد الرسل في حين ان امير المؤمنين هو مهيمن بخلاف الحسن والحسين شأنهما دون ذلك .

فاذن قضية الولايات لا تقتصر على الجهة الفردية والفقه الفردي وانما يشمل الجانب السياسي والاجتماعي هنا طوائف من الروايات التي سوف يستدل بها وهو قضية عنوان اليتيم وهو مصطلح مرتبط بنظام الولايات واهل البيت لا يقصدون منه المعنى الدارج في ذهننا فقط وانما كل من فقد وليه فالبحث في الولايات متعدد فدرجة من درجات الولاية بحثها الفقهاء في الصبي وهو نموذج فلا تحبس نفسك في الصبي فحتى البعد السياسي والعسكري والامني والاسري .

يا له من عظمة مذهب اهل البيت وهو يدل على انهم ائمة الدين وهذه الامور كلها بيدهم يعني حتى هذه الدرجة من الولاية بحثها الفقهاء للصبي ان يحرم للحج والعمرة سواء كان مميزا او غير مميز او مراهقا فمر بنا انهم يبحثون في الصبي اربع مراتب على اقل تقدير : غير المميز والمميز والمراهق او من بلغ عشرا او رشيد وغير رشيد هذي اربع مراتب او خمس وما معنى التمييز والمميز؟ ومراتب الرشد والادراك لها تلازم طردي مع الولاية فكل ما ازداد الرشد ازدادت الولاية واذا قل الرشد قلت الولاية فهو مبحث مهم جدا في الولايات سواء في الفقه السياسي او الفردي نفس الكلام في السفهي والحجري فالحجر هو تجميد الصلاحيات والولايات .

فبحث الفقهاء انه هل للصبي سواء كان مميزا او غير مميز؟ هل له ان يحرم للحج او انه يستأذن ؟ فمع انها عبادة ولكن لانه فيها مسؤوليات وتداعيات هنا يحتاج الى الولاية وهذا كما في العبد لا يسوغ له ان يحرم الا باجازة من وليه فاذن هناك تصرفات ومسؤوليات اذا حتى الولاية والصلاحية تتدخل في الاعمال العبادية التي فيها نوع من المسؤوليات المالية او غير المالية وبتعبير المحقق الثاني الكركي يقول هذا البحث في مطلق تصرفات الصبي وهو ليس مختصا بالصبي يعني حتى غير الرشيد او غير البالغ ولذلك هذا بحث عام وليس خاصا بالبيع ولا خاصا بالصبي وانما بحث في نظام الولايات فهناك جهات عديدة لا نخلطها مع بعضها البعض .

مثلا احد المباحث يذكروها ان العبادات الصبي مشروعة ام لا ؟ سواء استلزمت او لم تستلزم المسؤوليات وهل مشروعة بالادلة العامة او الخاصة وما الفرق بينهما؟ مر بنا امس الصحة التأهلية فانزل مراتب الحجر هو سلب عبارة الصبي انه مسلوب العبارة فمسلوب العبارة يعني حتى وكالة الانشاء ما عنده مع انها ولاية خفيفة جدا فلا يصلح للصبي ان يكون وكيلا في انشاء العقد والوكالة درجات وصلاحيات فاذا الموكل لم يأذن للوكيل لا يمكنه ان يتصرف فنفس الانشاء درجة من الولاية لذلك الوكالة تتطور فتصير نيابة وولاية وخليفة لذلك احد المباحث يبحثونها في الصبي هل يمكن ان يكون وكيلا في ادنى درجات الوكالة مع انه ليس وكيلا مفوضا في تولي اي عقد من العقود انما فقط وكيل في انشاء الصيغة يعني كمسجل صوت زوجت وقبلت بعت واشتريت فما يعتبروه انشاءا وانما يريدون ارادة حية ودرجة من الالتزام مع انه فرق بين ان توكل صبيا او غير صبي لانشاء عقد البيع فتارة تفوضه لاجراء البيع فعندنا وكيل مفوض وعندنا وكيل غير مفوض ولكن له تولية اجراء وانجاز العقد .فهناك وكالة جدا ضعيفة وهي فقط في انشاء الصيغة ولكنها ايضا نوع من التولية فليس الصبي الة جامدة محضة وانما له درجة من التولية فالارادة الاستعمالية والجدية يجب ان تكون موجودة .

هذا البحث عممه الاعلام الصبي الى الفضولي او الى المكره فانشاء المكره سواء في البيع في النكاح يفتقد وينتقص ماذا؟ سواء في الفضولي او الصبي هناك درجة انزل بحثها الفقهاء ان يكون الصبي الة جامدة محضة انه يأخذ شيئا ويوصله لفلان او افتح الباب او اوصل الكلام الى طارق المبنى ان يدخل فهل يعتمد على الصبي ام لا؟ هناك خلاف بين الاعلام فهذه مرتبة انزل يعني اذن محض فانزل من الوكالة هذه كلها درجات في الصلاحيات بحثها الفقهاء فيجب ان ننظر الى الادلة انها تقوم بالحجر على الصبي في اي درجة وهل الصبي باقسامه الاربعة والخمسة بدرجة واحدة في الحجر ام لا؟ فكتاب الحجر هنا يفهم وهذا ليس فقط حجر في الفقه الفردي وانما حتى حجر في الفقه السياسي والفقه العسكري والفقه الوزاري فالحجر يعني سلب الصلاحيات وهذا هو التعبير القانوني الوضعي مثلا وزير يسلب الصلاحيات الى اخر عمره فلا يحق له ان يتقلد او يتسلم منصبا فهذا تجميد .

مر بنا الشيخ الانصاري قال بحث الضمان في الحقيقة يوقفنا على حقيقة ابواب الغصب وهو نموذج والا البحث في مطلق الدرجات وانواعه كذلك في الحجر والتجميد للصلاحيات ليس المراد البعد الفقهي الفردي فحجر السفيه يختلف عن حجر المفلس وحجر المجنون يختلف عن حجر السفيه فهناك درجات من سلب الصلاحيات .

مثال اخر الولي للبنت ان كان يعضلها فتسلب لايته او ممانعته ، فتارة تسلب ولايته وتجمد فيصير حجر واسقاط وتارة لا يعبأ بممانعته مع انه لا تسلب ولايته مطلقا وسبق ان ذكرنا انه باب العبيد والاماء اسمه باب عبيد واماء والا فبحث الحقوق والولايات فيه الشيء الكثير ويفيد في هذه المباحث ، فالحجر مهم وحساس .

مثلا في مبحث القضاء والشهادات البحوث المشتركة في الابواب الفقهية ممتعة وتعطي بصيرة فقهية جدا ففي بحث الشهادات ذكر الفقهاء ان ادلاء الشهادة هو درجة من درجات التصدي للحكم فقالوا اذا كانت المرأة في شهادتها في جملة من الموارد لا تقبل او تقبل منقوصة فكيف تكون المرأة قاضية؟ فلاحظ سلبت صلاحيات المرأة ولو عادلة متقية ونحن مع احترامنا للمرأة وكلنا ابناء نساء وامهاتنا نساء واحترام المرأة لا ينافي ذلك ولكن بالتالي شهادة المرأة في جملة من الابواب بالنصوص بين المسلمين غير مقبولة او تذكر احداهما فتذكر الاخرى وهذا ليس ازراء القرآن بالمرأة وانما القرآن يعظم بالمرأة لكن ليس للمرأة ان تتصارع لان نزاعات فيها صراعات والمشرع الاسلامي لا يزج بالمرأة في الصراعات وانما يجعلها مرعية ولذلك يمكن للمرأة ان تكون مجتهدة وفقيهة ويحرم عليها تقليد غيرها ويجب عليها نشر الدين وكل الصلاحيات لها ، ثم التعليم اعظم من الفتيا لكن للشهادة درجة من الولاية والحكم فاستدل بانه اذا منعت كيف تتصدى للقضاء؟ جملة من المعاصرين لم يلتفتوا لهذه الاستدلالات التي ذكرها القدماء لعدم سبر كتبهم وهذه من افة عدم التتبع في كتب القدماء فلاحظ الشهادة والاخبار فيها درجة من الولاية فهل اخبار الصبي نافذ وحجة؟ قالوا كلا شهادة الصبي ليس بحجة الا الا الا الا .... ، فلاحظ سلب الولاية والصلاحية الى اين تصل فهذا بحث لطيف حساس مشترك في ابواب عديدة .

logo