« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

/تداعيات أبعاد العين المضمونة في الفقه/نظام المالية (47)

الموضوع: نظام المالية (47) /تداعيات أبعاد العين المضمونة في الفقه/

الكلام في ضمان بدل الحيلولة في جهات واحكام عديدة ومنها هل ان البدل يملك ام انه اباحة تصرف؟ فهل العوض يملكه مالك العين ام يملكه الضامن؟ ام انه يباح له التصرف؟ فزوايا متعددة في البحث ولم نكمله تنقيحا في كلام الشيخ الانصاري هل الضمان هنا معاوضة ام لا؟ فالضمان عموما سواء في بدل الحيلولة او في امور اخرى هل الضمان معاوضة قهرية ام لا؟ ومر بنا انه عندنا ضمان معاوضي محض كالبيع والاجارة وامثالهما وعندنا ضمان الاختيار المعاوضي تتحقق الملكية بمجرد انشاء عقد المعاوضة قبل الاداء وقبل القبض بينما في الضمان القهري المشهور قالوا ربما المعاوضة تتحقق بالاداء يعني اذا ادى الضامن الغرامة والدين تتحقق المعاوضة فهذا بالاختيار وذاك قهرا سواء ايقاع او سبب ايقاعي اما الضمان البرزخي كالقرض وعقد الضمان وعقد الكفالة وعقد الحوالة ، فعقد الضمان يختلف عن الضمان المعاوضي ويختلف عن الضمان القهري فالقرض من جانب هو عقد معاوضي اختياري ولكن من جهة يشبه الضمان القهري ان العوض فيه واقعي قهري وليس مسمى .

اذا يقول الداين للمديون اقرضتك هذا المال فالعوض لا يعين في عقد القرض لانه تلقائيا العوض هو القيمة الواقعية شبيه الضمان القهري ومن ثم اختلف في القرض ان هل القيمة يوم القبض او يوم الاداء او اعلى القيم؟ او يوم الغصب ؟ فنفس الكلام الذي اختلف فيه في الضمان القهري اختلفت اقوال الاعلام في قيمة القرض يضمن باي قيمة لتشابهه مع الضمان القهري من هذه الجهة .

طبعا عندهم كلام في القرض انه فقط في المثلي لكي يرجع للمثلي او القرض في القيمي؟ كأن تقول اقرضتك هذه السيارة وليس اقرضتك منفعتها وانما اقرضت عينها ومعناه شمول القرض للاعيان القيمية كان يقول اقرضتك هذه الارض وهذه العرصة يعني ملكتك قرضا فيكون الضمان بالقيمة لان ليس لها مثل فيقع الكلام هل قيمة يوم القرض او العقد او الاداء او اعلى القيم

ربما الاكثر قالوا بمشروعية القرض في غير المثلي اذن الضمان في القرض او في عقد الضمان او في الحوالة او الكفالة الضمان له طابع عقدي اختياري وله طابع قهري فاستشهاد الشيخ الانصاري من ان الضمن القهري ليس معاوضة لانه قبل الاداء ليس ملك هذا الاستشهاد باعتبار ان الذين ذهبوا الى ان الضمان القهري معاوضة هذا بعد الاداء لا قبله في قبال القول الاخر التزم به جماعة منهم الشيخ ان الضمان غرامة فالبدل يعني نفسه معاوضة قهرية والشيخ محمد علي الاراكي عنده هكذا ان الضرائب حقيقتها ترجع الى اخذ الاجرة من اكلهم للمنفعة العامة وحتى في ارتكاز المعنى اللغوي لان الشيخ عبر بدل ، يعني معاوضة فيقع الكلام في بدل الحيلولة ان هذا الضمان هل هو لتقويم القيمة المالية للعين التالفة ومر بنا ان القيمة المالية للعين تتقوم بثلاثة اعمدة : وجود العين والسلطنة والمنافع والصفات واذا زالت احد هذه الاركان الثلاثة يزول التقويم المالي ففي بدل الحيلولة العين لم تتلف وكذا المنافع والصفات وانما تلفت السلطنة .

وفي بدل الحيلولة تلف التقويم المالي ليس بالضرورة ان يكون دائما قد ياخذ له امدا ولو سنين ثم تنتهي الحيلولة الا ان المالك ليس ملزما بالصبر يمكنه الزام الضامن بالبدل ولذلك مرت هناك اختلاف الاقوال هل بدل الحيلولة مع اليأس او مع انقطاع الرجاء او مع طول المدة او حتى لقصر المدة ؟ فبالتالي التقويم المالي الزائل ليس من الضروري زواله ابديا وانما زواله مؤقت طال ام قصر ان الضمان بدل التقويم المالي الزائد وبدل السلطنة الزائلة هل هي بدل السلطنة المقدرة زمانيا؟ او بدل طبيعة السلطنة ؟ بعبارة اخرى ما الفرق بين البيع والاجارة؟ ففي الاجارة التركيز على المنافع المقدرة بزمن بينما البيع بالدقة بلحاظ المنافع ولكن بدون تقدير زمني بل تأبيد شبيه الفرق بين النكاح الدائم والمنقطع والا كلاهما بلحاظ المنافع ولكن احدهما مؤبد والاخر مؤقت ففي بدل الحيلولة الضمان بلحاظ زوال السلطنة المقدرة بزمن او بلحاظ طبيعة السلطنة والزمن هو ظرف والا بلحاظ طبيعة السلطنة في نفسها .

فالشيخ الانصاري يركز على ان الضمان والغرامة في بدل الحيلولة هي بدل عن السلطنة وليست بدل عن الملك ولا بدل عن الملكية ولا بدل عن العين ولا بدل عن المنافع ، فعلى ضوء هذا التصوير عند الشيخ يقول ملكية العين لا دليل على زوالها عن المالك بل الشيخ يتوسع في مطلق الضمان حتى غير ضمان بدل الحيلولة كضمان تلف معظم المنافع فهذا ليس مندرجا في ضمان بدل الحيلولة ، مثلا تصطدم سيارة مع سيارة اخرى فالمخالفة او العدوان على الضامن فهذه السيارة فقدت نصف قيمتها او ثلثيها وانتفت منافعها المهمة فهذا ليس داخلا في بدل الحيلولة ولكن بحثه الشيخ ، والشيخ يسري كلامه حتى لهذه الصور ان الضمان للقيمة المالية الزائلة بسبب ذهاب معظم المنافع فالعين تكون باقية على ملك المالك .

اذن عندنا ملكية وعندنا عين وعندنا سلطنة وعندنا اولوية وعندنا اجزاء ومنافع وصفات ، فالشيخ يقول ان هذا الضمان بدل ماذا في قائمة اسباب الضمان القهرية وكلامه غير منحصر في بدل الحيلولة بل يعطي خارطة عامة في الضمانات القهرية فالشيخ عنده ان الضمان والغرامة اذا كان بسبب او في قبال زوال السلطنة فالملكية تبقى على حالها فضلا عن الاولوية فهذا باقي للمالك ، بينما ربما يقال نسبة للمشهور او الاكثر انه اذا الضامن ادى الضمان للمالك فهي عين معاوضة قهرية فلا الملكية ولا الاولوية تبقى بل تنتقل الى الضامن .

فالشيخ الانصاري يقول القيمة والتقويم المالي احد الاعمدة موجودة في العين وهذا العمود وهو القيمة المالية والاعمدة لا يستلزم انعدام واعدام الملكية او وجود العين فالملكية باقية ووجود العين باقية نعم السلطنة زالت مثل بدل الحيلولة او في معظم المنافع ، فالسلطنة او معظم المنافع او معظم الصفات زالت لكن البقية باقية وتبقى على ما كانت عليه انها مسندة الى المالك .

فاصل فكرة الشيخ مهمة بغض النظر عن عدم موافقتنا له وهي تفيد في مبحث الاوقاف فالشيخ هنا فكك وجود العين وملكية العين ثانيا وثالثا السلطنة على العين والتصرف ورابعا الاولوية والاجزاء خمسة والمنافع ستة والصفات سبعة . فالشيخ يقول اذا زالت او انتقل شيء لايعني ازالة كل الجهات.

هذا شبية الوقف سواء الوقف عام او خاص فالواقف يتصدق يعني يخرج ويزيل ملكه لكن هناك تصوير خاطئ موجود ربما عند مشهور المعاصرين بخلاف الطبقات السابقة ان الوقف اما عام او خاص طبعا خصوص وقف المسجدية اشد الاوقاف تابيدا او احكاما فهناك تصور عند متأخري العصر انه في الوقف اخراج العين عن المالك بكل ازمتها وخيوطها ومر بنا الصدقة من موارد الهبة فهو اخراج العين المملوكة للمالك عن ملكه برمته فيقطع الطريق بينه وبينها ولكن هذا التصوير خاطئ وهناك شواهد على عدم صحته ، فهو غير صحيح على القاعدة وهناك شواهد على عدم صحته .

فنفس التصوير الشيخ فيه صناعة لطيفة والكل متسالم على ان الواقف سوف يوقف الارض مسجدا له ان يجعل المتولي للوقف نفسه وولده وبعض المعاصرين لا يتبنى هذا ولكن هذا متفق عليه فقهيا انه له ان يعين نفسه وليا للوقف فهل هو يريد يجدد نفسه السلطنة او هي السلطنة القديمة باقية؟ انها القديمة، كذلك لو الواقف عين شخصا اخر متولي للوقف فلم يعين نفسه ولا ولده قال هو متولي الوقف وهذا متفق عليه ومنصوص سواء مسجد او غير مسجد مع ان المسجد اشد الاوقاف خروجا عن ملكية المالك مع ذلك له ان يجعل شخصا اخر فهل اخرجه عن ملكه ثم جعل ولاية على الوقف ؟ كلا وانما السلطنة التي لديه ينقلها الى الاخر فخيوط السلطنة متعددة وكذلك الهبة هكذا فليس من الضروري ان الواهب يهب العين تماما وانما يقول انت الموهوب سواء من ارحامي او غير ارحامي اهبك هذه العين ولكن ابقي لنفسي نظارة على العين وسلطنة .

كذلك في الوقف ممكن لانه نوع من الهبة فعندنا وجود العين وعندنا الملكية والسلطنة ويا ترى الصدقة الذي نوهبها هل وهب العين برمتها؟ ام معظم سلطنة العين ؟ وهذا ببحث مرتبط بالوقف ولكن سيأتي في البيع ولكن جيد ما دام المسألة فيها هندسة نظام العين فيسهل البحث وهذا ليس مخصوص بالوقف حتى في الارث ، ففي الوقف الواقف لم يعين الوقف لا لنفسه ولا لغيره المعاصرين عندهم انه يكون الواقف هو متولي الوقف ولكن يمكن في كلمات المتقدمين ان تقف ان المتولي للوقف اذا لم يعين الواقف لا نفسه ولا غيره فهو يكون ناظر لان الوقف في طبيعته او الصدقة ليس اخراج الملكية بكل ازمته عن المالك فمتولي الوقف ايا ما كان بتنصيص او بدونه له نوع ملكية وان لم تكن ملكية وسلطنة على كل رقبة العين ولكن على الاقل اشراف العين وتصرفات في العين .

فعند القدماء ان متولي الوقف ان لم يعين في الوقف او في الوصية تلقائيا يكون المتولي هو المالك وهو على القاعدة فاذا زالت السلطنة لايعني ان الملكية قد زالت واذا زالت المنافع لايعني ان حق الاولوية زالت لانها خيط من خيوط السلطنة فهذا مبحث مهم وتحليل مهم في نفسه لا ان هذا الوقف لا متولي له فالحاكم يدخل على الخط كلا هذه املاك خاصة وتولي الوقف في الاوقاف ملك خاص وباقي على الملك الخاص اما دخول الحاكم على الخط هذا محل كلام وهذا عكس المعاصرين انا اتكلم عن مشهور علماء الامامية .

فالقاعدة ان زوال جهة من هذه الجهات السبعة او الثمانية لا يعني زوال بقية الجهات كما يذكره الشيخ الانصاري وهو صحيح ، مثلا قضية الولاية على القصر ايضا انا اخالف المعاصرين واوافق كثيرا من المتقدمين في غير الاوقاف ففي قضية القصر الكلام الكلام واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فالولاية موجودة وليست خاصة بالاباء حتى الطبقة الثانية وذكرت هذا في التعليق على المنهاج في ابواب عديدة واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض وهذا ليس خاص بخصوص الاباء والابناء حتى الاخوان والاخوال في القضايا العشارية لها منطق في القرآن الان يدعى ان الادلة تخصصها بالطبقة الاولى من الارث هذا غير تام فمن قال تخصصها ؟ لعلها تبين اولوية الطبقة الاولى على الثانية او الثانية على الثالثة لا انها في صدد نفي ولاية الطبقة الثانية او الثالثة واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فمثلا في تزويج القصر توفي الاب فالام موجودة او الارحام ، نعم لا بأس في الرجوع لحاكم الشرع وعندنا نصوص على ذلك اما انه يستبد دون الارحام مشكل او يعين ولي مع وجود من هو صالح في الارحام مشكل وهذا ما ذهب اليه المعاصرين خلافا لمشهور المتقدمين وفيه تأمل جدا حتى في ولاية النكاح للقصر او المعاملات او اموالهم وشؤونهم حتى في الحج عندنا وليه يعني رحمه مثلا صار عنده غيبوبة سواء من الطبقة الاولى او الثانية اما دعوى انه يسوغ لحاكم الشرع او الفقيه ان يتفرد دون الارحام مشكل جدا بل الارحام تبقى على حالها غاية الامر النصوص الواردة في ان حاكم الشرع او الامام المعصوم يتدخل هذا صحيح لان الامام اولى بكم من انفسكم ، نعم بمعنى الاشراف او الرعاية واحراز الامانة هذا صحيح لكن لا ان الارحام يبعدون وهذا جدا محل اشكال .

فهذه خريطة ممتازة بينها الشيخ وانها كيف لها تداعيات وثمرات في ابواب عديدة في النكاح في المفاوضات في الوقف فتبيان الشيخ جدا مهم وجوهرة.

logo