« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

47/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

/ الضمان معاوضة قهرية أم ايقاع؟/نظام المالية (46)

الموضوع: نظام المالية (46) / الضمان معاوضة قهرية أم ايقاع؟/

 

كنا في بحث ضمان الحيلولة ومر بنا ان الشيخ الانصاري عنده روائع صناعية ظريفة جدا في هذا البحث ويفسر ابحاث كثيرة ووصل بنا الكلام الى ان حقيقة الضمان القهري هو معاوضة قهرية ام لا؟ وهذه المعاوضة في قبال المعاوضة غير القهرية يعني هي ليست بانشاء الطرفين هذه هي المعاوضة القهرية فتحدث لدى الطرفين تلقائيا وشبيه التهاتر بين الديون فهو تساقط وتبادل قهري بخلاف المعاوضات الاختيارية هي باختيار وبانشاء والصحيح ان التهآتر معاوضة او اسقاط ذي او الضمان القهري .

طبعا وقع النزاع بين الاعلام انها معاوضة او ايقاع ؟ في قبال من ذهب الى انه ايقاع وليس بالضرورة ان يكون بين طرفين او بين عوضين والثمرة موجودة ، اذن هل الضمان ايقاع يعني سبب ؟ الان مثلا احياء الموات ليست معاوضة ولو بلحاظ فلسفة الاحكام يعبرون عن انه حصل على ملكية الارض في مقابل عمله؟ فالعوض بلحاظ فلسفة الملاك والا احياء الموات هو ايقاع ، فالاحياء يسبب الملكية كحق التحجير وحق السبق هذه كلها ايقاعات وليست معاوضات فهل هذه اسباب كالايقاعات؟ لكن الضمان هو معاوضة قهرية .

الثمرة تظهر فيما لو تلفت العين وقام الضامن بتسديد مال الضمان كقيمة سيارة كاملة فهل السيارة ملك الضامن او ملك المالك؟

فاذا بني على ان الضمان معاوضة فالمتبقي من العين ملك الضامن فالذين يقولون معاوضة قهرية يريدون بذلك انه بعد ان يؤدي الاداء تصبح معاوضة قهرية لا قبل الاداء فجملة من اشكالات الشيخ على ان الضمان معاوضة يعني متوجهة الى مورد قبل الاداء فواضح انه قبل الاداء لا احد يقول انه تقع معاوضة قهرية ولكن اذا ادى الضامن مال الضمان حينئذ تصير معاوضة قهرية كما هو الصحيح ، فقبل ان يدفع الضمان وهو موجود فعليا لكن هذا الضمان الفعلي لم يلتزم به الضامن بعد فذمته مشغولة لكنه لم يلتزم به اداء قبل الدفع فاذا دفع تقع معاوضة قهرية فالقائلون بان الضمان القهري معاوقة قهرية مرادهم هو الاداء .

تقريبا شبيه هذا مر في المعاطات ونسب الى المشهور انها اباحة مطلقة يعني سلطنة على التصرفات وهو معنى وضعي وانما يتبدل الى الملكية عندما احد الطرفين يتلف العوض فيكون تعاوضا قهريا فاذن من ذهب الى ان الضمان معاوضة قهرية انما يذهب الى ذلك بالاداء شبيه لما عليه المشهور او المعظم حيث ذهبوا الى انها لا تتحق الملكية للموهوب الا بالاداء وبالقبض واما بدون القبض فلا تتحقق الملكية مع انه قال له وهبتك وذاك قد قبلت نعم هناك من ذهب الى انها ملكية موجودة متزلزلة ولكن هذا نادر والا النصوص في ذلك موجود ففي الهبة بدون القبض لا تحقق الملكية الا بالاداء .

فلاحظوا عقد وسبب والسبب كانما ايقاعي وهو قبض كذلك الصدقة والوقف لا يتحققان الا بالقبض واما بدون القبض فالوقف هوائي والصدقة هوائية لان الصدقة والوقف بالدقة هم من انواع الهبة والهدية غاية الامر هدية بضميمة قصد القربة ، نرجع الى مركز الكلام من ذهب الى ان الضمان القهري معاوضة ذهب اليه بالاداء .

مر بنا كلام الشيخ الانصاري ان التقويم يعتمد على ثلاث دعامات : الدعامة الاولى وجود العين والدعامة الثانية السلطنة على العين يعني يمكن ان يتصرف والدعامة الثالثة وجود المنافع والاوصاف فالقيمة المالية سقف قائم بثلاث اعمدة فهو امر مجموعي اذا انهدمت احدى الدعامات ينهدم السقف وهو القيمة المالية ومن ثم شرح الشيخ بدل الحيلولة لانه تزول دعامة السلطنة والقدرة على التصرف في العين ويصير ضمان ، فضمان العين اما للتلف وهذه الدعامة الاولى وهو وجود العين او لبدل الحيلولة وهو قصور يد المالك عن الوصول الى العين الصورة الثالثة ان اوصاف العين ذهب معظمها افترض قيمتها ثلاث دفاتر فعندما هو اتلف بعض اوصاف العين لا تأتي له بنصف القيمة فيقول ماذا اصنع بها؟ فلا بد ان يرجع اليه ثلاث دفاتر ففي الصورة الثالثة ضمان موجود ولكن ترى ان الدعامة الاولى موجودة وهو وجود العين لكن الصفات معظمها او نصفها ذهبت ففي هذه الصورة يقرر الشيخ ان الضمان موجود ولا تسمى بدل الحيلولة وقد تجتمع بدل الحيلولة مع الصورة الثانية والثالثة لكن الثالثة بما هي الثالثة لا ربط لها بالثانية بما هي هي .

فالضمان موجود لهذا الجهاز الذي ذهبت اوصافه ومنافعه و ادى الضامن الضمان فلا زال نصف قيمة السيارة موجودة وهو دفتر ونصف مثلا فكان قيمته ثلاثين مليونا الان اصبح خمسة عشر مليونا مع ذلك خمسة عشر مليون مال ويعطيه ثلاثين مليون ويبقى مالك السيارة او بتعبير العلامة الحلي جمع بين العوض والمعوض فكانت قيمة السيارة ثلاثين مليونا الان تلفت نصف اوصافها فاخذ الثلاثين مليون وبعد ذلك السيارة خمسة عشرة مليون تبقى على ملكيته بل حتى لو بقي عشرة مليون او خمسة مليون العلامة الحلي يقول دليل ان الضمان معاوضة قهرية مثل هذه الصورة فاما تلف العين او قصور يد المالك للوصول للعين او تلف المنافع والصفات، فاما تلف بعض المنافع يؤثر في القيمة المالية او تلف معظمها او تلف بعض الصفات او معظم الصفات ففي هذا القسم الثالث ما يمكن فرض ان الضمان هنا ليس معاوضة بحيث يجمع مالك العين بين ضمان مالية العين وزيادة على ذلك مالية العين المتبقية ولا يمكن القول به .

فهذه الصورة الثالثة منبهة على دعوى المشهور ان الضمان معاوضة قهرية وليست ايقاعا كما اصر عليه الشيخ ومر بنا انه عندنا ضمان معاوضي وعندنا ضمان معاوضي محض وعندنا ضمان قهري محض وعندنا ضمان برزخي كالقرض وحوالة والكفالة ، ايضا عقد الضمان فيأتي شخص ويقول لاحد المتبايعين انا ضامن لك مثلا ثمن البيع لهذا المشتري هذا انشاء عقد الضمان او الكفالة او الحوالة هذا كله يعبر عنه بعقد الضمان ومر بنا عقد الضمان في العروة الوثقى ربما فيها سبعة انواع ومهمة جدا ومحل ابتلاء انه ايها صحيح وايها غير صحيح ؟ فعقد الضمان ما فرقه عن العقود المعاوضية ؟ حيث عقد الضمان هو انشاء عقد وانشاء الضمان ، فعقد الضمان مر بنا انه شيء برزخي ولكن ما فرقه عن العقود المعاوضية ؟

مر بنا الفرق بين عقد الضمان البرزخي عن الضمان في المعاوضات ان عقد الضمان المعاوضي يملك قبل الاداء فكل منهما يملك العوض قبل القبض والاقباض في البيع وكذلك تتحقق الملكية بين الطرفين قبل القبض والاقباض فليس هو كالهبة وكذلك الصلح والاجارة فالملكية في الضمان المعاوضي الاختياري المحض تتحقق قبل الاداء والقبض بينما في الضمان القهري المحض لا تتحقق المعاوضة اصلا فضلا عن الملك فهي لا تتحقق الا بالاداء او القبض .

فلاحظ الفرق بين الضمان الموجود في الضمان القهري عن الضمان الموجود في العقد المعاوضي ، الفارق الاخر ان الضمان الموجود في العقد المعاوضي انشأه الطرفان اما هذا الضمان سبب ايقاع قهري .

ما الفرق بين الضمان البرزخي والضمان المعاوضي ؟ هذا كالفرق بين التراضي في الصلح والتراضي في البيع ، في الصلح يقولون اساس ماهية الصلح هو التراضي اما في البيع اساسه وماهيته ليس تراضي وانما هو تبديل عين بمال والتراضي ضميمة او جزء اخر فهذا يصير صلح على تبديل عين بمال فالفرق بينهما انه في الصلح ينشأ التراضي اولا وتبديل المال بالعين ينشأ تبعا ، بينما في البيع ينشأ تبديل العين بالمال اولا والتراضي ثانيا لذلك قالوا بان الصلح يمكن ان يكون في كل مكان ويجري مكان البيع ومكان الاجارة فانت تارة تنشأ احكام الاجارة فتترتب احكام الاجارة تنشأ الصلح فتترتب احكام الصلح الفرق هو ان في الاجارة انت تنشئ اولا مبادلة منفعة بمال والتراضي ثانيا اما في الصلح ينشأ الصلح لانه معرض نزاع فهم يريدون يحكمون الصلح يعني اولا هدفهم انشاء التراضي طبعا هو تبديل عين بمال فيما لو جرى مجرى البيع او جرى الصلح مجرى الاجارة ففي الصلح عندنا هدف الرئيسي هو السلام وبتبعه يجري في العوضين الموجودين في المعاوضات ففرق بين التراضي الموجود في الصلح عن التراضي الموجود في المعاوضة اما في عقد الضمان نفس الضمان انشاء اساسي اما في البيع الضمان انشاؤه تبعي.

 

logo