« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

46/10/21

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام المالية (5) المالية و أقسامها و آثارها

الموضوع: نظام المالية (5) المالية و أقسامها و آثارها

 

الكلام في ضمان الاشياء المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة وهناك صور وتنبيهات عديدة عقدها الشيخ الانصاري تبعا لتبويب الاعلام وهذا المبحث كما يذكر الشيخ مذكور بتفاصيله في باب الغصب فيقع الكلام في الاصل والقيمة او الاصل والمثل وما هو دور المثل والقيمة .

امس وصلنا الى هذا المطلب ان المالية منها تكوينية ومنها مالية اعتبارية والمالية التكوينية هي ناشئة من حاجات ومنافع ورغبات موجودة في الاشياء فيميل لها طبع المشتري ويبذل بازائها فيسموه مالية تكوينية لانه لديه ميل تكويني فيبذل بازاءها العوض هذه الميول والرغبات البشرية وجدت انه لابد ان تكون لديهم مقياس ومعيار يتم به قياس الرغبات فتجد شخصا عنده رغبة في الشاي والاخر رغبة في البترول والثالث في الكهرباء والخدمات فلابد من وجود معيار محدد .

من جانب اخر لابد من وسيط تبادلي على ضوء هذه الوحدة المعيارية المالية، فهذه الوحدة عبارة عن ميزان من جانب ومن جانب هي وسيط بين الاشياء مر بنا في المعاوضات في البداية كانت مقايضات ثم صارت سلعية ، مقايضات يعني انا احتاج الى الرز وانت تحتاج الى السكر فنتقايض وتارة الحاجة اللي انا احتاجها انت لا تمتلكها لكن انا عندي حاجة انت تريدها فاجعل سلعة بمثابة النقد هذا هو تطور التبادل المعاوضي والمالي عند البشر من مقايضات الى سلع يعني السلع المتوفرة كثيرا هي تصبح وسيط مالي على شرط الكثرة بعد ذلك تطور البشر ورأى ان هذه السلع هي محل حاجة وليس من الضروري نقلها لانه يسبب ثقل او معوقة في سهولة وسرعة وانسيابية المبادلات والمعاوضات .

فهنا البشر وصل الى ان يجعل العملة الذهبية او الفضية المسكوكة او النحاسية المعدنية يعني يجعل عليه طابع ومهر معين من هنا بدأت المرحلة الثالثة في التعامل ثم المرحلة الرابعة صار الورقة النقدية والمرحلة الخامسة وهي الخطيرة انها الورقة الالكترونية سواء بتكوين وغيرها وهذه خطرة جدا .

امس وقفنا في تسلسل البحث عند المالية الاعتبارية وهي غير المالية التكوينية فاما نقول المالية الاعتبارية لها مناشئ عديدة يعني نجري على هذا المصطلح او نقول اصلا المالية الاعتبارية هي اقسام وانواع فالمالية الاعتبارية من جهة هي معنى موحد غير تكويني ومن جهة اخرى المالية الاعتبارية لها مناشيء فبالتالي بلحاظ مناشئها تتباين عن بعضها البعض ثم ان دخول بحث عالم المال او العلوم المالية في المالية الاعتبارية امر حساس جدا وخطير الى ان ينتهي الى العملات الالكترونية لان الاعتبار لا بد ان يضبط واذا ما ضبط يمكن يكون قمار او ربا او غسيل اموال يعني نهيبة وتحايل وخداع .

لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل هذه غدة سرطانية خطيرة الا ان نأخذ منهم ولا يأخذوا منا اما في الداخل الاسلامي هذا حرام اما الاستثناء هذا ليس تخصيصي وانما تخصصي سالبة بانتفاء الموضوع ، فمبحث المالية الاعتبارية خطير لانه عندما يصير اعتبار كانما يكون ذمة ومن ثم ميز الماهيات المعاملية والاعواض المعاملية عن الربويات والقمار وغسيل الاموال والاكل بالخداع والحيلة عن المعاملات الصحيحة امر صعب فميز واقعي موجود ولكن يخفى حتى على الخبراء والنخب .

وهذا من معاجز التشريع الاسلامي انذاك في الجزيرة العربية ومن رجل لم يتلقى التعليم لكن وضع يده على الغدد السرطانية للاقتصاد البشري و احد البحوث العميقة لمعرفة عالم الربا والقمار وغسيل الاموال او النصب والاحتيال هو هذا البحث وهو الفرق بين المالية الاعتبارية والمالية التكوينية طبعا المالية الاعتبارية ليست كلها باطلة وانما هي اقسام كما مر بنا وتمييزه دقيق .

ذكرت انه قبل ثلاثين سنة وجه استفتاء للاعلام حول الشركات الهرمية التي هي شركات نصب واحتيال وقمار وربا ولكن ظاهر التعاقد انه صوري حلال وبعدين تبين ان واقعه شيء اخر الان الازمة المالية في العالم ترجع الى هذا المطلب لان ضبط عالم الاعتبار صعب جدا الا بالضوابط التي حددها الشارع من حرمة القمار والربا وغسيل الاموال وباعتراف خبراء دوليين في الاقتصاد وفي النقد وفي المصرف والبنك وغيرها من البحوث الاقتصادية احد الاسباب العظيمة للازمة الاقتصادية يعني نفس الدول الكبرى فهي تقع في مستنقع ووحل ومصيدة واعصار هذه الازمة شبيه شخص به سرطان ويعدي الاخرين لكنه هو ينهار .

الان حالات بؤر المال الموجودة للدول العظمى هي صارت مسرطنة وتسرطن الاخرين ولا مفر منها وهناك اعترافات من سنة الفين وثمانية ميلادية الى الان خمسة عشر سنة اعترافات من كبار انه لا تنحل هذه الازمة الا بالتقرب من تشريع الله وبتعبير الباري تعالى حسبوا ان لن تكون فتنة بالابتعاد عن تشريع الله فعموا وصموا ثم حسبوا ان لن تكون فتنة في الزنا فصارت فتنة وحسبوا ان لن تكون فتنة في اللواط فعموا وصموا ، وحسبوا ان لن تكون فتنة في هدم الاسرة فعموا وصموا ثم حسبوا ان لن تكون فتنة في ترك الحجاب فعموا وصموا .

الان للاسف صيحات من داخل الحوزة عجيبة وغريبة تشكك في ضرورية الحجاب فعموا وصموا هذه كلها سرطانات منشؤها الابتعاد عن التشريع السماوي فهو امر خطر ويسبب سرطان اسري واخلاقي اقتصادي في كل مجالات التشريع الالهي وهذه نعمة عظيمة وحتى تشريع الله في اعدوا له ما استطعتم من قوة اذا تبتعد عنه تصاب بالذل شئت ام ابيت واذا تأتي اليه تعز ، فالمقصود ان تشريعات الباري في ابواب الدين نعمة من ثم الباري تعالى عبر باتممت عليكم نعمتي طبعا النعم في الدنيا قد تكون مستقلة عن بعضها البعض كما يشير الى ذلك الشرع انه لو الكفار يلتزمون بباب من ابواب التشريع الالهي يغنمون نعمة ذلك الباب ولو ان المؤمنين لا يلتزمون بالتشريع في ذلك الباب يصيبوا بالسرطان هذه سنة الهية تكوينية في حياة الدنيا فلا نظن اننا بالابتعاد عن تشريعات الله ستكتب لنا السعادة الدنيوية والاخروية .

فكلامنا في الضروريات وللاسف يحصل انهزام داخل الحوزات العلمية وهي اخر معاقل الدين فضروريات الدين ما يمكن الانهزام فيها سواء عقائدية او تشريعية هذي امر خطير وعندما تصير ضرورية هذي تندرج في العقائد والان يحصل تمرد حتى على نصوص القرآن بتنظير البعض ولو هم قلة وكذلك افول المستوى العلمي وتحكم وانهزاميات فالامر قد يؤول الى ما يؤول اليه ومن ثم العلم في نفسه ضرورة بغض النظر عن العمل لانه يحافظ على البصيرة وعلى الحقيقة لكي لا تنطمس بتعبير الاعلام نفس العلم والدراسة لها موضوعية بغض النظر عن العمل وبغض النظر عن اصلاح المجتمع لان المسخ الفكري اخطر شيء والمحافظة عليه ضرورة فباعتراف النخب الدولية ان التشريعات التي اتى بها خاتم النبيين هذه معجزة وانه يفرق بين المالية الاعتبارية والتكوينية .

مثلا لو اردنا ان ندرس القمار ما هو معنى القمار والرهان? هذا يرتبط بالمالية الاعتبارية وتوغل مفرط في المالية الاعتبارية كذلك الربا وكذلك غسيل اموال لانه ايهام وتمويه وتماهيات في الاعتبار فتصير مصيدة ويصير تمويه وتماهي وحذر منه الشرع الان هم باعتبارهم ازمة دولية التي انقضت كالسرطان حتى على الدول الكبرى سببها عدم الانضباط في المالية الاعتبارية اذن ما معنى المالية الاعتبارية? وان التوغل فيه مرض سرطاني ؟ اما الانضباط فيه بحدود جائز في قبال المالية التكوينية وهذا امر جدا هام .

لاحظ قاعدة معينة لا يجوز بيع الكالي بالكالي يعني ترامي بيع الديون مع بعضها البعض توغل في المالية الاعتبارية بدون انضباط وهذا باعترافهم ، الان خمس دول صقور في الاقتصاد في اقصى شرق اسيا كلها انهارت من سنة الفين وثمانية ووصل الى ويل ستريت والبورصات والمنصات لان التوغل في المالية الاعتبارية يسبب ذلك والان عندهم نظريات عجيبة بنكية خطرة جدا وهو نوع من التوغل في المالية الاعتبارية فهم باعترافهم ان التوغل في الماليات امر خطير .

ان نظرية السيد الصدر في البنك اللاربوي نظرية جدا متينة ولكنها متينة على تعامل النقد السيولي لكن الموجود في البنوك خمسة وتسعين بالمئة اقل واكثر حسب اختلاف البنوك ليس بالنقد والسيولة انما هو بالمال الاعتباري فحتى هذه النظرية التي ارتأها الشهيد الصدر والان بنوك الجمهورية الاسلامية كله عليه من سنة الف واربع مئة وثلاثة عشر اعتمدوها قائم على هذا .

ايامها حصل تواصل بيني وبين السيد محمود الهاشمي قلت له لا تنحل المشكلة لان حل الشهيد الصدر انما هو في النقد السيولي والموجود في البنوك في العالم كله هو ذمم ويصير توغل في المال الاعتباري فيقع في محض الربا فماهية المالية الاعتبارية لابد ان يلتفت اليها واشرنا اليها في فقه المصارف انه ما هي المالية الاعتبارية التي هي منضبطة والتي هي غير منضبطة وتترامى الى السرطانيات غير الشرعية في الاقتصاد .

اذن المالية التكوينية في المرحلة الاولى في المقايضات وعيناها المالية التكوينية في السلع ايضا وعيناها هناك خطوة جديدة ان المالية بلحاظ النقد المسكوك سواء ذهب فضة نحاس او شيء اخر بعد ذلك تأتي مرحلة النقد الورقي وتأتي الازمات التي نذكرها فبحث النقد لا مفر منه يجب ان تكون ثقافة عامة عندنا فلابد ان يتريث الانسان والا كل بحوث المعاملات والارث والديات والخمس والزكاة فاي مبحث مرتبط بالمال لن نهضمه جيدا الا بهذا بل هناك دعوة للتسلح ثقافيا بمزيد من الاطلاع على الاصطلاحات العامة لعالم المال ومفيدة جدا ومتوفرة في الجوجل والانترنت .

اذا بحث المسكوك تأتي مالية اعتبارية ومر بنا امس احد مناشئ المالية الاعتبارية كون هذا الذهب المسكوك هو وسيط يعني احد منافع الذهب ليس زينة فقط وانما هو وسيط يقوم بخدمة الوساطة الحقيقية وليست الوساطة الكاذبة التحايلية ، فالذهب يقوم بوساطة حقيقية ونفس هذه الوساطة هي نوع من المنفعة الحقيقية نعم هي منفعة اعتبارية ولكن هي اشبه بالحقيقية لان الناس تريد ان تتعاوض وتتبادل فنحن نريد امرين :

الاول من يقيس لنا الاشياء مثلا النفط كم هو والكهرباء كم بحسب وحداتهم وكذا الاغذية والاطعمة والاليات المصنعة فاولا بحاجة الى الاليات التي تقيس لنا الاشياء وتقايس وتقارن بين بعضها .

الثاني وهو ضروري لنا كعقلاء نعيش في مجتمع تبادلي تخادمي تكافلي لان الانسان مدني بالطبع يعني بحاجة الى تكافل وتخادم فيحتاج الى وسيط مالي فاذن هنا الاعتبارية لمسكوكية الذهب لها منفعتان : منفعة تقيس لنا المالية التكوينية للاشياء مع بعضها البعض وثانيا تقع وسيط بين الاشياء هذه المنفعة ليست تكوينية ولا اعتبارية محضة بل لها منشأ تكويني واتقان اقسام المنفعة مهم ولا سيما لما تدخل المنفعة في المنفعة الاعتبارية فما هي ضوابطها واقسامها وانواعها ومناشئها? شبيه بحث المالية الاعتبارية يجب الانسان ان يتقن هذه الامور وسيما ان البيئة العقلائية دائما في حالة تغيير وتطوير وتستجد بيئات مالية وحاجياتية وتبادلية ومعاوضية كثيرة لا مفر من اتقان ذلك .

اذن هذه المالية الاعتبارية من منفعة اعتبارية ليست محضة ولا تكوينية محضة بين بين هذه المالية للذهب بالدقة غير مالية الذهب التكوينية وهي الزينة بل شيئا فشيئ علماء المال اكتشفوا مالية اعتبارية اخرى او قل منشأ اخر للمالية الاعتبارية اذن الذهب له ماليتان مالية تكوينية ومالية اعتبارية بسبب الوساطة .

اذكر هذه النقطة ونختم وهي جدا مهمة تعبد لنا الطريق في بحث الربا والربويات المعقدة الجديدة او القمار المعقد الجديد او غسيل اموال الجديدة فبحاجة الى شامة قوية لدى الانسان مجهرية وهي مهمة في تبادل النقود بعضها مع بعض اذن النقد الوسيطي كميزان كلما كثر دوره ازدادت المالية الاعتبارية يعني ارتفع سعر الذهب المسكوك ليس بسبب المنافع التكوينية وانما بسبب وساطته عليه او نقلة الدولار والدينار العراقي او الين او اي شيء اخر ، اذن المالية الاعتبارية هذه وليس كل مالية اعتبارية هذه مالية متباينة بين الدولار والدينار وبين الين واليورو يعني حقيقة بما لهذه المالية من منشأ حقيقي فلا تقل واحدة هي ليس نقد واحد هذا وسيط وذاك وسيط وهذا وسيط .

logo