« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

46/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

أنواع المنافع وتعدد أحكامها

الموضوع: أنواع المنافع وتعدد أحكامها

 

اجمالا مر بنا قظية الضمان في المنافع غير المستوفاة وان المنافع ليست على وتيرة واحدة بل على انحاء وكذلك مالية المنافع على انحاء الى ان تصل الى منافع باهتة جدا لا مالية لها ولكنها منافع ويصح اشتراطها في العقود ويلزم الوفاء بها وان لم يكن لها مالية لانها هادفة وفيها حكمة ومنفعة معينة .

فاذن القول بالاطلاق بان المنافع غير المستوفاة مضمونة هذا غير تام وانما فيها تفصيل هذا تمام الكلام في هذا التنبيه الذي عقده الشيخ .

بين قوسين نقطة لطيفة قبل ان نذهب الى التنبيه اللاحق حيث سبق ان مر بنا ان مالية الاشياء ربما في عهد النص ليست لها مالية ولكن الان في البيئة البشرية الحديثة سواء في البورصة او التجارة او الصناعة او الطب لها مالية ومالية الاشياء بحسب البيئات تختلف ، فربما استحدث لها الية واستحدث لها مالية ويمكن ان يسند لها الاتلاف والتلف بل حتى لو ورد نص بعدم الضمان لا نحمله على انه نص تعبدي لانها في عصر النص لا مالية لها الان تجدد لها ذلك .

لذلك موضوعات الادلة امور عقلائية لا تدور مدار عهد النص وانما تدور مدار البيئة العقلائية وما سيأتي من تنبيه لاحق كقضية المثلي والقيمي هي مندرجة فيما مر بنا ان الشارع يفسح المجال عندما يأخذ قانون في التقنين العقلائي هذا نوع من تفويض الشارع لهذه المساحة للعقلاء في التقنين وانها قابلة للتبدل وهذا ليس من نسخ الاحكام ولا التخصيص وانما من باب تبدل الموضوعات فهناك مزاوجة بين التشريع العقلائي والشرعي مثل احل الله البيع واوفوا بالعقود فالعقود لها قانون عقلائي اقره الشارع الا فيما خصصه واستثناه فهذا مبنى ان امضاء الشارع حتى اللفظي منه ان تقنين العقلاء في ضمن قوالب ومحددات وضمن اطر وهذا جعلها بيد العقلاء وتتبدل حسب حاجياتهم وازمنتهم وبيئاتهم وحسب اماكنهم وهذا لا مانع منه وهذه احد مصاديق تبدل الحكم بحسب الزمان والمكان .

فالشارع اناط حكمه بالتقنين العقلاءي فالموضوعات العقلائية مقتضبة من الاعلام وفي العناوين العقلائية هي عبارة عن تقنينات عقلائية كما سيأتي في القيمي والمثلي في التنبيه اللاحق ، فهذا مرتبط بالتقنين العقلائي ويعترف الاعلام ان الشارع في ابواب الضمان المختلفة يعين قيمية او مثلية الشيء حوالة للعرف وهذا حوالة للتقنين العقلائي وهذا قابل للتبدل في زمن واحد من مكان لمكان ومن بيئة لبيئة فهو قابل للتبدل بحسب الزمان وبحسب الحاجات .

اذن هذه نوع من المزاوجة او التنسيق بين التقنين الشرعي والتقنين العقلائي ويسمى بالعرف اي منظومة التقنين العقلائي وقد تختلف من بلد لبلد ومن مكان لمكان نظير ما قرروه ان شيئا ما في بلد معدود وفي بلد موزون وفي بلد اخر مكيل ، حيث عندما تكون وفرة يصير مكيل واذا نزل قليلا ما يصير عدد واذا نزل اكثر يصير وزن والوزن ادق في الكمية بل حتى الاوزان ، فوزن الذهب يختلف عن غير الذهب مما يدل على ان المحددات العقلائية بحسب الطلب والعرض والحاجة وبحسب غلاء الثمن ، فالمالية تختلف في المحددات . مر بنا ان هذا هو معنى باب المعاملات باب تنسيق تفويض الشارع للتقنين العقلائي مع محددات شرعية فتبقى المحددات العقلائية قابلة للتصوير .

التنبيه اللاحق :

ان هذا الضمان للعين او للمنافع هل تضمن بالقيمة؟ او بالمثل ؟

المشهور يفصل بين المثلي والقيمي ثم دخلوا في تعريفهما وهناك تعاريف متعددة ، اما بعض الاقوال قالوا الاصل في الضمان مطلقا هو القيمة اما المثلي ففيه تأمل وقسم من الاعلام ذهب الى ان الاصل في الضمان هو المثل مهما امكن وان لم يكن مثلي ، القول الاخر ان الضمان بالمال بالقيمة والقيمة المالية هي المدار وهي الميزان ولكن هذه ليس من الضروري ان تكون نقدا كالذهب والفضة او المسكوك بل يمكنه ان يؤدي هذه المالية باي متاع اخر .

والسيد اليزدي يذكر في باب الزكاة والخمس يقول المشهور الطبقات المتأخرة ان المعروف في باب الخمس او الزكاة ان الدفع يكون من نفس العينة الزكوية او المخمسة او تدفعه نقدا بقدر مال الزكاة وبقدر مال الخمس ولكن السيد ذهب الى انه يصح منك ان تؤدي الزكاة من نفس العين الزكوية او من النقد او من مال اخر بقدر المالية وحتى في الخمس التزم السيد اليزدي بهذا الشيء مثلا ترى الفقراء يحتاجون الى مبردات وكذا فتشتري لهم مبردة وحتى في زكاة الفطرة هكذا فهو يلتزم في الزكاة هكذا بل قد يقول قد بعض الفقراء لا يحسن صرف التدبير فلا يمكن ان تعطيه اموال انت اشتر له ملابس وقضايا ضرورية يقول لان المدار على المالية وهذه المالية سواء كانت الزكوية والعين الخمسية او في النقد او في عين اخرى .

فهو يدعي ويستظهر ان في باب الزكاة والخمس ان الضمان ضريبة شرعية او قضية مالية مرتبط بتعامل المكلفين فيما بين بعضهم البعض فاذا اريد مالية كذا الواجب ليس خصوص النقد ولا خصوص العين الزكوية او المخمسة بل هذه المالية صفة سيالة منتشرة وهذا كلام علماء المال ان المالية سيالة سارية تسري في الاشياء فانا المكلف بهذا المال يجوز لي ان ادفعه من هذا العين او تلك او من النقد .

من ثم قالوا النقد الحقيقي كالذهب والفضة او النقد يكون اعتباري ، طبعا الذهب المسكوك ايضا اعتباري لكن منشؤه تكويني اما النقد الورقي منشأه هو على اساس تكويني لكن بتلاعب في هذا المنشا وانا اذكر هذا الحديث في المالية وجذورها واعماقها لان هذه القضايا الان ابتلائية قضية النقد وتضخم السلع وحتى بحثوا الاعلام انه اذا تضخم المثلي صعودا او نزولا هل فيه ضمان ؟ او الضمان يبقى على المثلي او على القيمي ؟

هذه عدة تنبيهات لدى الشيخ الانصاري كله فيها تجاذبات وحيثيات ان المالية ما هي دورها؟ فالمالية وجود عقلائي فلابد من فهمها بحسب علم المال وبالتالي يرسو عليها احكام واثار كثيرة ، التضخم مجدورا او صعودا المسألة ابتلائية سواء في السلع او في النقد هل هو مضمون ام لا باي ضوابط باي موازين؟ يعني محل ابتلاء صار التضخم شيء جدا سريع وابتلائي فاذا لم يبحث الباحث عن حقيقة المالية لا يستطيع ان ينقح هذا البحث وهو بحث التضخم الذي هو محل ابتلاء جدا فمالية النقد ما فرقها عن مالية الاشياء .

من ثم وجود الاشياء كهذه الارض لها وجود شخصي بالاوصاف المعينة ولها صفات قد تشترك مثيلاتها في الطبيعة او في الصنف معها ويسمى المثل فالصفات النوعية لهذه العين تنوجد في موارد اخرى وتسمى بالامثال ، حكم الامثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد ، اذن لها وجود شخصي خاص بها ولها وجود نوعي صنفي ولها وجود نوعي اخر اوسع وهو المالية ، هكذا يقسمون وجود العين او الاشياء تارة وجود شخصي خاص ثم وجود نوعي او صنفي وهو صفات المثل والامثال ثم وجود اوسع قد نسميه وجود جنسي وهو صفة المالية ، فالمالية والضمان تترتب على الوجود الاول او الثاني او الثالث وباب الزكاة حكمه يترتب على اي وجود ؟ هل شخص العين الزكوية او مالية العين الزكوية؟ ومالية العين الزكوية في النقد او هي اوسع من النقد والامتعة الاخرى؟ فاستنطاق الادلة في كل باب يحتاج الى مثل هذا التوسع والدراسة .

فدراسات هذه الوجودات الثلاثة او الاكثر كيف تعرف وكيف تفسر؟ الان حتى علماء المال والنقد يعترفون ان مالية النقد الورقي تختلف اعتبارا عن نقدية الذهب المسكوك الان دية الفضة ثلاثين مليون اما اذا الدية بالذهب فمئتين او ثلاث مئة مليون كيف يصير؟ فكيف يصير خصال في الدية بين مئة بعير مئتين بقرة الف شات مئتين حلة جميلة فاخرة او الف مثقال شرعي هي سبع مئة وخمسين مثقال صيرفي من الذهب ، هذه الخصال خمسة المعدل الوسطي لها متقاربة ثلاث مئة او مئتين وعشرين مليون اما الذهب سقط عن الموازاة لكن الفضة في عصر النص كان كل عشرة دراهم يساوي مثقال ذهب شرعي او اثنا عشر درهم او اربعة عشر بالزايد او ثمانية دراهم ولكن غالبا عشرة فالآن صار يختلف فما هو الموضوع في الدية؟

طبعا بينا ان الفضة ليست معيار هي سقطت عن المعيارية اما بالذهب او البعير او بقرة او الشاة او مئتين حلة فاخرة بعض القاط يقال ستة الاف دولار فالمالية في الديات هل هي الموضوع او هي شيء اخر؟ او نجمد حرفيا ؟ الان مهر فاطمة خمسمائة درهم في زمن النص فاذا هو كان خمسين دينار الدرهم فيصير سبعة وثلاثين مثقال ذهب صيرفي ام الان الفضة وهي قليلة القيمة ؟

انا شخصيا ابني انه ليس الفضة الان وانما الفضة في زمن النص وهي سبعة وثلاثين صيرفي فيصير فوق العشرين مليون اذا تجمعوا مهر السنة هو هذا لاالفضة الموجودة الان .

ففي ابواب عديدة قضية المال والمالية موضوع فهي اي مالية يجب ان ندخل في عمق علم المال ما هو المال؟ وما هو المعيار؟ ويجب على الباحث في الفقه ان يخوض في هذا لا انه يتخصص ويجتهد لكن يطلع على كلام المتخصصين اطلاعا دقيقا الان لاحظ جر البحث الى المثلي والقيمي وجهات البحث عديدة وكثيرة ونحن دخلنا في جهة من الجهات ان المالية ما هي ؟ هذا البحث ليس فقط بالضمانات وانما في ابواب عديدة اخرى منها التضخم والصيرفة مثلا تاجر رأس ماله كان مليون دينار او ارباحه مليون دينار هذه هي السنة صارت ارباحه مليونين دينار لكن القوة الشرائية لمليونين دينار الان اضعف من مليون دينار لان عملة بلده نزلت هل عليه خمس ام لا؟ في عرف السوق والتجار هذا ما ربح وانما خسر والمأخوذ في باب الخمس الربح وهذا ليس ربح اذا نجمد علي العدد والكمية كأنما هي زيادة ولكن ليست كل زيادة فيها خمس وانما الزيادة الموصوفة بالربح .

او مثلا عنده عشرين او ثلاثين او مئة رأس غنم وهذه السنة زاد عنده مئة وخمسين رأس غنم ولكن سعر الغنم الان نزل بحيث هذه المئة وخمسين رأس غنم هي نفس مئة رأس غنم سابقا هل عليه خمس ام لا؟ محل لغط بين الاعلام فلاحظ كيف المالية لها اضطراب وصعود ونزول ؟ هل المدار على هذه الصفة او تلك ؟ هذا يلزمنا التنقيح في معنى وصفة المالية .

مثال اخر الان الازمة البشرية اللي هي تعصف البشر كاعصار وطوفان وهي الازمة الاقتصادية يعتبرون هذه الازمة الاقتصادية الدولية من سنة الفين وثمانية الى الان قريب من سبعة عشر سنة سببت انهيار مؤسسات ضخمة وانهيار دول من دون قدرة لهم على تفادي الانهيار وافلاس بنوك وشركات عملاقة هي بدأت من اسيا ووصلت الى ول استريت هذه الازمة الخبراء المعتقين في مجالات مختلفة في التجارة في علم الضريبة وعلم التأمين وعلم المصرف حدود امورا لان الاقتصاد له بنود وضروري حتى على الفقيه ان يتخصص ويطلع عليها لتحرير وتنقيح المطالب المرتبطة بالاقتصاد والمال وان لا تكون الفتاوى غير سديدة لان الشارع رتب الحكم على الموضوع العرفي العقلائي .

فاصحاب الدراسات قالوا هذه الازمة لها عدة اسباب و احدها قضية النقد والمال لو يستعيض البشر بالذهب والفضة انحلت المشكلة اما ما داموا يستعملون الورق النقدي فالتلاعب به على عدم وساق وغسيل الاموال على قدم وساق واما العملات الالكترونية فهي دعارة وسفاح مالي لا حد له ولا نهاية وهذا العامل له نظام اعني عالم النهب والسوق السوداء وغسيل الاموال والنهيبة واكل المال بالباطل له نظام ، قبل ثلاثين سنة في محافظة الاهواز شركة النصب لغسيل اموال هرمية جل الاعلام في النجف وفي قم افتوا بالجواز انا سألوني قلت هذا نهب وقمار ، جماعة قليلة كانوا يركنون لجوابي اما اكثرهم ركنوا الى فتاوى اعلام ونهبت اموالهم وفلسوا فاذا ما تلتفت الى عالم المال او مطبات ومصيدات تأكل اموالكم بالباطل فعالم المال كبير جدا والخوض والتبحر فيه ثقافيا يفيد الفقيه والباحث الفقهي الى ما شاء الله وسنرى هنا الاعلام كيف جر و اخذ بينهم في هذه الابحاث؟ التضخم المثلي والقيمي .

logo