« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الفقه

46/08/05

بسم الله الرحمن الرحيم

قاعدة ما يضمن ولا يضمن إقتضائية لا علية

الموضوع: قاعدة ما يضمن ولا يضمن إقتضائية لا علية

 

لا زلنا في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وجملة من النقاط الصناعية اتضحت في هذا الخضم ولا حاجة لتكرار ذلك يقع الكلام في عكس القاعدة وتعرضنا عدة مرات لها وهو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده طبعا هو ليس في صدد نفي الضمان بقول مطلق انما هو في صدد نفي الضمان بحسب طبيعة العقد لا نفي الضمان بحسب اسباب اخرى ومر بنا ان اصل القاعدة وعكسها في صدد الدائرة الداخلية لطبيعة العقد وليستا في صدد بيان حال اسباب الضمان الاخرى الخارجة عن ماهية العقد فقد تكون مصاحبة وموجبة للضمان وهذا امر مهم فلا الضمان يعني الضمان بقول مطلق في اصل القاعدة ولا نفي الضمان بقول مطلق .

الشيخ الطوسي جعل الاقدام في العقود المعاوضية هناك ضمان في الصحيح منها والفاسد وهي مورد لاصل القاعدة ما يضمن بصحيحه يعني كل العقود المعاوضية وسميت معاوضيه لان فيها ضمان فيضمن بفاسده وما لا يضمن بصحيحه يعني العقود غير المعاوضية وغير المجانية الاذنية الايقاعية هذا مر بنا الشيخ الطوسي تبنى ذلك لانه اقدام في البين ومر اجمالا لغط علمي بين الاعلام في معنى الاقدام هل هو سبب مستقل عن بقية الاسباب ام لا؟

الاقرب عندنا في تفسير الاقدام انه سبب للضمان بمعنى انه هو ليس سببا مباينا لبقية الاسباب وانما هو تركيب للاسباب والتركيب يعني الاقدام على الضمان يعني فيما يعنيه ان الطرف الاخر لم يبذل عوضا عن شيء وهذا ايضا لم يبذل بتخيل انه يقدم على هذا مجانا فاقدم على الضمان بعبارة اخرى يعني اليد ليست امانية وليست مأذونة بقول مطلق وليست مأذونة بقيد الضمان فالتركيب هو الذي يسبب الضمان ، ان يضع اليد عليها فاذن المشتري للبايع بان يضع البائع يده على الثمن وكذلك اذن المشتري بان يضع المشتري يده على المبيع اذن مقيد وليس اذنا مطلقا او قل ليس اذنا مجانيا اذن هو يد ضمانية غاية الامر توافقوا على ان يكون الضمان مسمى وليست الضمان الواقع القيمي .

فاذن الاقدام ليس شيء وراء هذا ، وهذا هو المختار في تفسير الاقدام الذي هو من بداية القاعدة يجب ان نوضحه لكنه تأخر .

نأتي لعكس القاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ، ومر انه لا يضمن بمعنى الطبع الذاتي للعقد وليس نفيا للاسباب الاخرى لان هذه القاعدة بحسب اصل القاعدة وعكسها انما تتعرض للدائرة الداخلية للعقود ولا تتعرض لنفس ما يصاحبها من اسباب الضمان او اسباب نفي الضمان مثل العارية المفروض انها تندرج في عكس القاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ولكن اذا اشترط في العارية وفي الوديعة الضمان فما المانع في ذلك؟ فما لا يضمن في العارية بالصحيح لا يضمن بفاسده من حيث طبع عقد العارية لا ما اذا ضم اليه خارج عن ماهيته سبب للضمان فهذا لا مانع فيه والقاعدة لا تنفيه وهذا سبب شرط خاص من المتعاقدين الخاصين في العارية مثلا او قد يكون شرطا نوعيا كما قد يدعى ان في بعض الامور التي تجعل عارية او وديعة هناك شرط ارتكازي ان تكون مضمونة لانها ثمينة وغالية .

طبعا شروط المتعاقدين ليس قانون وانما تحقيق لصغرى القوانين ، فلما يقال ارتكاز عرفي يعني هو ارتكاز عرفي بحسب بيئات التعامل السوقية من بيئة لبيئة ففي هذه البيئة عندهم شرط ارتكازي مثل ان هناك شرط ارتكازي في عقد الزواج وهو ليس قانونا عرفيا ولا قانونا شرعيا الشرط هو صغرى تحقق مصداق الكبريات شرط ارتكازي انه قبل العرس الزوج ما يستحق المضاجعة او ان المرأة ما تستحق النفقة فهذا شرط اسقاط فهذا ليس قانونا وانما شرط ، فللمتعاقدين ان يشترطا في البيع وفي النكاح ما شاءا من الشروط .

هناك صحيحة زرارة يسأل الامام يقول الان رائج في زماننا ان اهل الكوفة لما يذهبون للبصرة يتزوجون زواجا دائما ولكن يشترطون على هذه الزوجة الدائمة ان لا نفقة لها ولا مضاجعة فاذا مررنا بالبصرة فنعطي ما هو المقسوم من النفقة والبذل فيقول زرارة ان العرف يسميه بالزواج النهاري فقال هل هذا فيه اشكال؟ قال الامام كلا .

وذكرنا في كتاب النكاح في زمن الائمة كان هناك ست انواع من الزواج الدائم ولا مانع فيه لان طبيعة الزواج ليست بان تكون غير مقسطة بل يمكن ان نقسط الزواج الدائم وهذا يحل مشاكل كثيرة في المجتمع ، افترض مثلا عانسات موجودات فقط يردن شخصا يقضي وطرهن فهو زواج دائم ولكنه باسقاط الحقوق من الطرفين الايجاب والعقد الدائم لوجوب النفقة علة تامة لا تتخلف عن المعلول ؟ كلا ، يمكن ان يسقطها وهل لزوم المضاجعة في العقد الدائم علة ومعلول لا ينفكان؟ كلا هو مقتضي ويمكن ان يسقط بالشرط .

هل اتخاذ المرأة للانجاب وللتنسيل هل هذا من اللوازم للعقد الدائم ؟ كلا هذا بخيار الانسان ان يستولد المرأة او لا يستولدها فاذن الزواج او اي عقد اخر له مقتضيات ولكن ليس بنحو الحتم وانما بنحو الاستحقاق يعني انت بالشرط تستطيع ان تقصقص هذه الاثار وتخفف علاقة الزواج الدائم وتنحل مشكلة العنوسة وغيرها ويكون ارتباطك مع المرأة ارتباط عقد دائم فهو عقد ولكن ليس ارتباطه كبقية الزيجات المعهودات فالشرط هو سبب اخر سواء يقتضي الاسقاط او يقتضي الاثبات هو لا ربط له بطبع العقد وطبع العقد ليس بالضرورة ان يكون بلحاظ احكامه علة تامة بحيث انت لو اسقطته كانما مسخت العقد وانه يبقى على حاله .

من ثم ذكرنا في كتاب النكاح ان عقد المتعة خلافا لما يتوهمه مذاهب الجمهور او كثير من الاعلام عقد المتعة بحسب الروايات هو على القاعدة صحيح وليس للدليل الخاص لان هذا الشرط يمكنك ان تتحكم فيه ، احد الشروط ان تجعل مدة للنكاح او ترتب احكام خاصة اذا جعلت للعقد مدة ، فمشروعية عقد المتعة انه على القاعدة لا لاجل النصوص الخاصة النبوية وانما هي على القاعدة ومن ثم مذاهب الجمهور اضطرت لتشريع عدة من الزيجات المسيار ونهاية الاسبوع والزواج الصيفي وزواج العطلة هذا صحيح لان الشروط تغير اثار العقد مثل شجرة تقصقص اغصانها تقول انا احتاج لهذا الغصن يكفيني لا اريد كله .

فهذه القاعدة في كلامنا ان ذات العقد شيء والشروط الضميمية شيء اخر لا نخلط بينهما ، فلا يوجد تدافع سواء في باب الضمان او في احكام اخرى فحق ما قاله صاحب الكفاية والمشهور ان حتى الاحكام الوضعية الغالب فيها هي احكام اقتضائية يمكن ان يقف الانسان امامها ويسقطها بالشرط بدون تبديل الشريعة هذا في الحكم الوضعي فضلا عن الحكم التكليفي فكونه حكم غير اقتضائي فعلي علي بقول مطلق هذا يحتاج الى دليل والا غالب الاحكام هي اقتضائية حتى الوضعية منها يعني يمكن ان يكون بشرط

هذه نقطة صناعية كلية في باب المعاملات فاذن هذه القاعدة ما يضمن يضمن وما لا يضمن لا يضمن انما تتعرض بلحاظ الطبع الاقتضائي للقاعدة وللعقد لا ما اذا ضم اليها شروط او اسباب اخرى للضمان .

احد الاعلام رحمة الله عليه توفي عنده زوجة خامسة مدتها خمسين سنة فهذا مطط الزواج المنقطع الى ان قاربه للزواج الدائم فالشرط يمكن ان يسبك العقد تمددا طريقا استطالة دائرة فيسوغ العقود سواء بيع او اجارة كما لو تشتري بيتا في العتبات المقدسة فقط في شهر المحرم اما في بقية الشهور ليس ملكك وتبيعه على شخص ثاني في شهر صفر وتبيعه في شهر ربيع الاول او الربيعين على اخر هذا ليس باطل يصيرون شركاء او تبيع على شخص اخر في شهر رمضان لانه هو دائما يأتي الى العتبات المقدسة يريد بيت واخر في ذي الحجة يحب ان يأتي زيارة عرفة فبيت واحد يتشاركون فيه الشراك ويباع من قبل البائع هذا لا اشكال فيه .

اذن الشرط يمكن ان يصوغ العقد كما كان وهذا لا ينافي مقتضى طبع العقد لان مقتضاه في الاحكام الوضعية فضلا عن التكليفية غالبا اقتضائية فيمكن للشرط ان يمانع وان يوسع وان يضيق .

اذن مورد بحثنا في هذه القاعدة ما يضمن يضمن وما لا يضمن لا يضمن بحسب الطبع الاقتضائي للعقد لا ينافي الشروط الضميمية او الاسباب ، جماعة استدلوا بالاولوية انه اذا كان الصحيح يضمن بفاسده فما يضمن بالفاسد بطريقة اولى .

ولكنه استشكل في الاولوية قالوا الصحيح يأذن مثلا في الهبة والوديعة والعارية المالك ياذن ان تكون العين تحت يد الطرف الاخر لكن في الفاسد ربما لا يأذن انما اذن لان الهدية او الوديعة او العارية صحيحة اما لو يعلم ان هذه صحيحة قد ما يكون اذن فاين الاولوية؟ نعم ان كان من غير باب الاولوية له وجه ان تكون اولوية بين ما يضمن بصحيحه من طرف وما يضمن بفاسده فاذا كان من غير باب الاولوية يمكن تصحيح عكس القاعدة بان يقال هو بذل العين مجانا هدية هبة عارية .

اذن ليس هو مقيد بعوض هنا بحث صناعي مهم هذا الاذن من المالك هل هو مقيد بصحة العقد ام لا؟ ومن اين نعرف انه مقيد بحسب الضوابط المعتادة؟ البعض قال لانه مجاني فواضح ان الاذن غير مقيد ، نعم لو كان ضماني عوضي فنعم لكنه ليس ضماني السيد اليزدي هنا عنده نكتة عجيبة تنفتح منه نقاط صناعية في المعاملات وربما حتى مشهور القدماء قالوا في العقود الاذنية كالوكالة والوديعة والعارية والوصية حيث مر بنا الوصية ترديد في عقد او ايقاع او هي حالة برزخية وهذي فائدة ثمينة ومفيدة في المعاملات ان الاذن ايقاع لكنه اخف مؤونة في الايقاعات طرا وهذه لها فوائد صناعية في المعاملات فالاذن ايقاعه لكنه من اخف الايقاعات والسيد اليزدي يصول بها ويجول ولا يخفى ان طيب النفس امر تكويني والاذن انشاء اعتبار ايقاعي فيجب الا نخلط والشارع في باب المعاملات او غير المعاملات رتب على طيب النفس احكام هذا بحث اخر .

الرضا الذي يقال هو شرط في المعاملات مقصودهم الاذن الانشائي لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم مقصودهم الاذن فالسيد اليزدي عنده هذا المبنى وله ثمار كثيرة من العقود الاذنية التي تختلف عن الهبة مثلا هي كالوكالة حيث عندنا عقود معاوضية كالايجارة والبيع وعندنا عقود تمليكية غير معاوضية كالهبة والصدقة والوقف وعندنا عقود غير تمليكية لكنها اذنية في هذا التقسيم الثالث مر بنا السيد اليزدي ومشهور المتقدمين عندهم ان هذه العقود الاذنية ان لم تصح عقودا اذنية تقع اذنا محضا انشائيا ويقول هذا الاذن الانشائي يترتب عليه جملة من احكام العقد الاذني .

اذن عندنا مطلبان وهذين المطلبين يصول بهما السيد اليزدي في صناعة العقود :

الاول ان العقود الاذنية ان فسدت لا يفسد الاذن طبعا مراد السيد اليزدي في العقود الاذنية التي تفسد لا لنهي الشارع عنها وانما المقصود اذا فسد وصار خلل فيها من بعض الجهات وفي الجملة او بعض احكام هذه العقود الاذن تترتب عليها اذا عندنا مدعيين :

الاول ان الاذن لا يختل واحكام العقد الاذني يترتب على الاذن والبحث في ما لا يضمن بصحيحه هي اما عقود غير تمليكية او تمليكية مجانية .

القسم الثاني وهو ما لا يكون فيه تمليك اصلا فما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده عند السيد اليزدي الفاسد من العقود الاذنية يبقى ولا يفسد حينئذ لا يظن بفاسده هذا زبدة البحث .

logo