« قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الوجوه الأربعة لفتوى المشهور في المعاطاة.

الموضوع: الوجوه الأربعة لفتوى المشهور في المعاطاة.

 

كان الكلام في أنَّ ما ذهب إليه المشهور في المعاطاة يمكن تتميمه حسب القواعد بالتقريب الذي ذكره السيد اليزدي بالتقريب الذي ذكره الخراساني وليس من باب التفصيل الذي ذكره الكركي وليس من باب التفصيل الذي ذكره صاحب الجواهر وليس من باب التعبد الشرعي الذي ذكره الشيخ الانصاري وأنه تعبد خاص بباب المعاطاة، كلا بل ما ذهب إليه المشهور يمكن تتميمه حسب القواعد بما بينه العلمان اليزدي والآخوند الخراساني كما مر بنا وهو صناعي تماماً.

وما هو الفرق بين توجيهات الكركي وصاحب الجواهر وتوجيه العلمين؟ سيأتي في التنبيهات أن الفارق كبير في شرائط وآثار المعاطاة. فإذاً هذه التوجيهات الأربع تختلف عن بعضها البعض وليست على منوال واحد، فلاحظ أن معضلة صناعية في كيفية تفسير فتوى المشهور وطبعاً المعاطاة ليست في خصوص البيع وإنما في معاملات متعددة، فالتحليل الصناعي لهذه الفذلكة كيف يتنافس ويتبارى الاعلام في تحليلها وهذا هو لبّ الاجتهاد والاستنباط وهو عملية صناعة التحليل فهنا اللب، وهذا ليس فقط في فقه الفروع بل حتى في علم الكلام، فتخوية مسيرة الاجتهاد عن صناعة التحليل هي خطورة ما فوقها خطورة، وكأنما صناعة الاجتهاد هي على المسلك الروائي - يعني ممشى الرواة - وهذا فرق كبير، فتارة المفتي يفتي بما هو راوٍ وليس بما هو فقيه فإنَّ إجزاء هذه الفتوى محل كلام لأنَّ أدلة الفتوى تشترط في الفتوى اعمال الفقاهة أي الفهم، واعمال الفهم ليس أنَّ الفقيه يتصنَّع من نفسه شيئاً في الاستنتاج وإنما يلملم مجموع الأدلة ضمن فهمٍ سديد فإنَّ هذا هو المراد من ﴿فلولا نفر﴾ فـ( نفر) يعني روى فهي اخذ الرواية ولكن الغاية هي ﴿ليتفقهوا في الدين﴾ أي يتفهّموا، أما إذا كانوا يلاحظون السند والطريق فقط وانتهى الأمر فهذا ليس هو الاجتهاد، دورة فقهية مثلاً أنا اشبعها برواية الرواية فهذا ليس اجتهاداً، نعم هذه مقدمة من مقدمات الاجتهاد ولكنها ليست اجتهاداً وإنما هو بحث في علم الرجال أو علم الحديث أما أنه مبحث فقهي فعليك أن تُعمِل صناعة التحليل لأن صناعة التحليل عبارة عن لملمة مجموع الأدلة، فلا تنظر إلى دليل دون آخر أو اثنين دون ثلاثة أو ثلاثة دون مجموع. فإذاً لابد من لملمة كل الأدلة فهذا هو الاجتهاد والفقاهة سواء في فقه الفروع أو في علم الكلام أو التفسير أو علوم أخرى، ولذلك إذا وصل الراوي إلى درجة مجموع الأدلة ﴿لينذروا قومهم﴾ فسيتصدون للفتوى، أما أنه يفتي بما هو راوٍ فهذا مشكل جداً فإن هذا لم يُسوَّغ له وإن سُوِّغ له فهو بما هو فهم وفهم يعني مجموع الأدلة منظمة ومرتبة بنظم صناعي صحيح، ومن ثم هذا البيان في خطبة الصديقة عليها السلام وفي خطبة أمير المؤمنين عليه السلام العام والخاص والناسخ والمنسوخ والمجمل والنبين والمحكم فكل هذه قواعد نظمية في الأدلة وأصل علم الأصول هو من الشرع نفسه، فكل عناوين أبواب الأصول في الحقيقة من الشارع نفسه ومن نفس الدين لأن هذه قواعد صناعية لنظم الاستدلال، فإذاً هناك فرق بين فتوى الراوي وفتوى الفقيه فإنَّ فتوى الفقيه ناشئة من مجموع أدلة بصناعة نظم.

فعلى كلٍ هذه كانت مناسبة لأنه هناك وجوه صناعية أربعة مختلفة عند الاعلام في توجيه فتوى المشهور في المعاطاة.

وقبل أن ندخل في التنبيهات - وهي ليست تنبيهات وإن هي بحوث صميمة في مبحث لمعاطاة لابد وأن نخوض فيها - لنقارن فإنَّ نفس هذان العلمان اليزدي والآخوند رغم أنهما ذكرا الوجه الرابع للمشهور إلا أنهما لم يوافقا المشهور عليه، فهما قالا إن الوجه الرابع هو وجه صناعي صحيح ولكن لا نوافقهم عليه، كما أنَّ الشيخ لم يوافق المشهور وكذلك السيد الخوئي وعموم متأخري الاعصار لم يوافقوا المشهور في فتواه وهي أنَّ المعاطاة لا تفيد الملك وإنما قالوا المعاطاة تفيد الملك بل وهي لازمة أيضاً، الآن الشيخ انصاري لأن مبناه انسدادي وهناك شهرة قوية فاحتاط في اللزوم فقال لا أقل هي معاطاة تفيد الملك وأما بالنسبة للزوم فنحن نحتاط، فبالتالي متأخري الاعصار من الشيخ فما بعده وحتى صاحب الجواهر بمعنىً وإن كان هو ذهب إلى التفصيل مع أنهم وجهوا ما ذهب إليه المشهور بأربع توجيهات إلا أنهم لم يوافقوا المشهور في فتواهم، فإذا لماذا وجهوها؟ إنهم وجهوها من باب التحليل الصناعي، والسبب في تكلّفهم للتحليل الصناعي لقول الشهور لأنه حتى لو كان الباحث يريد أن يختار مختاراً آخر ولكن فهمك للمسير العلمي الاستدلالي للأقوال الأخرى وللوجوه الأخرى هي غنيمة علمية تستفيد منها نكاتاً حتى للوجه الذي تعتمد عليه، ولذلك الاطلاق على كلمات المشهور شيء مهم ولا نكتفي بأن نجمع اقوال المشهور وكأنما هي تراكم عشوائي - قال في المقنعة أو قال في النهاية ... وهكذا - فإنَّ جمع الاقوال ليس هو الهدف وإنما الهدف من التجميع للأقوال هو صناعة التحليل للأدلة التي اعتمدوا عليها فإنَّ هذه ترفدنا بغنائم مواد استدلال.

فإذاً مراجعة كلمات طبقا ت الفقهاء في علم فقه الفروع أو علم الكلام أو التفسير أو الرجال أو غيرها مهمة جداً ولكن ليست مراجعة بشكل صورة جامدة وتراكم عشوائي وتحشيد صوري نمطي وإنما الأهم في ذلك هو أن نحلل صناعياً خلفية الفتوى وخلفية القول بما نستشمَّه من نكات في هذه المسألة، وتوجد رسالة كتبناها وضاعت ولكن موادها محفوظة في ذهني، فهي رسالة كتباتها في كلمات ثلاثة عشر فقيهاً من فقهاء الامامية من طبقات القرون ذكروا الدليل أنَّ من زنا بذات بعل تحرم عليه مؤبداً فتوجد أدلة قر آنية وروائية غفل عنهما المعاصرون تماماً وهذه الأدلة التي ذكرها هؤلاء الاعلام ليست ظنية واهية وإما هي سهلة المأخذ جداً كما يعبرون باصطلاحهم، فكيف غفل متأخري العصر عن ذلك والسبب هو عدم التتبع في كتب القدماء، فالتتبع في كتب القدماء مهم جداً، والتتبع لا أن نقف على فتاواهم، ولذلك المعاصرين في هذه المائة سنة الأخيرة قالوا نعم يوجد اجماع أو تسالم وأما الدليل فليس بموجود فيكون الحكم من باب الاحتياط وقليلاً قليلاً صار ارخاء في البحث إلى أن وصل الحال إلى الاحتياط الاستحبابي والحال أنَّ الدليل موجود، فالمقصود في الأهمية في تتبع فتاوى القدماء وكلماتهم هو تحليل خلفية فتواهم وما المواد التي استندوا إليها بغض النظر عن أن نوافقهم أو نخالفه فإنَّ نفس هذه المواد قابلة للاستثمار ولو بنتيجة تخالف ما ذهب إليه المشهور أو جملة الفقهاء، وهذه نكتة مهمة جداًن أما إذا لم تكن لدي حوصلة في أن افهم عبرات الجواهر أو ليس لدي أنس في كتاب كاشف اللثام أو كتب أخرى فهذه مشكلة كبيرة فأظن مثلاً بأنَّ القول في الشهادة الثالثة في التشهد الوسطي هي بدعة في الدين بل عليك أن تراجع كلمات القدماء الآن وجدت اثني عشر فقيها يلتزم بالوجوب فماذا تقولون، فالمقصود التتبع شيء مهم جداً والتتبع كما يقول صاحب كاشف اللثام لا يستطيع صاحب الجواهر أن ينجزه ولا يستطيع كاشف اللثام نفسه أن ينجزه فإن صاحب كاشف اللثام نفسه ذك في وصيته في آخر كتاب كشف اللثام يقول اذهب أنت بنفسك وتتبع لأنك قد تتبع وتستخرج من مواد الاستدلال لدى من تقدم غير ما استخرجه غيره، يعني كيف أنا الآن اتتبع في الوسائل وفي آيات الاحكام أيضاً تتبعي في كلمات الفقهاء ه عبارة عن آلية سهلة للوقوف على مواد روائية أو من الآيات ما كنت أنتبه إليها بالرجوع إلى نفس القرآن الكريم او الروايات ولكنهم تنبهوا إليها بغض النظر عن الاستنتاج الذي استنتجوه، فهذه عبرة علمية معترضة أحببت أن أذكرها.

فالمهم أنَّ الطلب في هذا الجانب وهو أنَّ الأعلام وجهوا فتوى المشهور في المعاطاة بوجوه أربعة ونفس هؤلاء لم يوافقوا المشهور على فتواهم ولكنهم ذكروا توجيهاً علمياً لفتوى المشهور ولكنهم ذهبوا إلى أنَّ المعاطاة تفيد الملك وتفيد اللزوم أيضاً عدى الشيخ أو غيره فإنه توقف في ذلك، ولكنها تفيد الملك وتفيد البيع والملك الفعلي فلا كلام في ذلك بما فيهم حتى السيد اليزدي والآخوند، والدليل لديه أنَّ هذا بيع عرفي وإذا كان بيعاً عرفياً فسوف يكون آلة انشاء عرفية سواء كانت المعاطاة في البيع أو الاجارة أو في الرهن أو الوقف أو في الصلح أو المعاطاة في أي قسم من أقسام العقود فإنها تنشئ عرفاً وحينما تنشئ فسوف يكون هناك جود عرفي للمسبب فيكون السبب موجود والمسبب موجود فتشمله عموم الأدلة وإذا شملته عموم الأدلة فالصحة تكون موجودة ومقررة، وإذا كانت الصحة مقررة فبالتالي اللزوم يأتي تبعاً ولا يوجد عندنا دليل من سيرة فإنَّ دعوى وجود سير على ذلك ليس بثابت فإنَّ الثابت هو بالعكس فإنَّ السيرة جارية على اللزوم.

هذا تمام كلام الاعلام في القرنين أو الثلاث المتأخرة بل وحتى من الكركي الذي هو في القرن التاسع تقريباً، فهو التزم بأصل الملكية وهو ما ذهب إليه متأخري الاعصار وهو أنَّ القاعدة هي هذه وإن وجهوا كلام المشهور بتوجيهات متعددة ولكن نحن نوافق المشهور في الفتوى والتفصيل والسر في موافقتهم ما ذكرناه تتمة لتوجيه كلام الشهور ليست موجودة في التوجيهات الأربعة مع توجيهنا للتوجيه الرابع الذي ذكره السيد اليزدي والآخوند ولكن اضفنا له تتمة وهي أنه في العرف أولاً ما اعترف به الشيخ وهو صحيح بل نقله عن كثيرين أن اللزوم في البيع والاجارة وبقية العقود اللازمة هو ذاتي وهذا اللزوم الذاتي لا ينفك عن الصحة غ، اللزوم ثلاث أو أربع معانٍ ونحن كلامنا في اللزوم الذي مر وهو نقل تمام خيوط سلطنة الملكية فالصحة لا تنفك إلا يكون هبة وليس بيعاً، وهناك قاعدة أخرى وهي أنه في العرف عندهم الفعل ليس إنشاءً للزوم وإذا لم يكن انشاءً للزوم فإذاً هو ليس انشاء لتمام خيوط الملكية بل لابد وان تنظم إليه آلة انشاء للزوم وآلية انشاء اللزوم هي التصرفات مع الفعل فإنَّ الفعل بنفسه لا يرى أنه محكم في الانشاء وللزوم وللتعهد العرفي وبالتالي يلزم أن ينضم إليه التصرفات، والنتيجة أنَّ الذي ذكره اليزدي والآخوند من ثم نحن مضطرون لموافقة المشهور بل وانفتح علينا نافذة وبوابة أخرى وهي أنَّ بعض البيوعات والسلع الحساسة في المائة سنة الأخيرة العرف لا يرى آلية لإنشاء اللزوم أو حتى للصحة في السلع التي هي ذات سجل كتبي كالطابو ومن هذا القبيل لا يرى انشاء اللزوم وحتى إنشاء الصحة إلا بها، فالتالي هذا موضوع عرفي مأخوذ في الأدلة يمكن أن يتبدَّل ويتحوَّر وليس فقط انشاء اللزوم وانشاء الصحة بل في بعض البيوعات وفي بعض السلع كما مرَّ بنا التي هي ذات سجل حتى في عنوان القبض أو في عنوان عرفي آخر لأنه مأخوذ في الأدلة، فالقبض في الهبة الآن الكثير من الأولياء يهبون لأرحامهم أو زوجاتهم وهم أحياء ويعطونهم المفتاح وبناءهم يقولون إنَّ هذه الهبة تمت والحال أنها لم تتم بهذا الفعل وإنما لابد من نقل السجل العقاري وإلا فلا تتم فإذا مات الواهب فهذا المال لازال تركة مع بقية أمواله، أو أنه يوقف الشيء من دون أن يسجله في الوقف أو من دون أن يقبضه ولكنه انشأ الوقف وشهد الشهود على ذلك فكل هذا المقدار كافياً فإنَّ هذا ليس وقفا فعلياً غاية الأمر أنه يتبدل من هبة ووقف إلى وصية بالهبة في الثلث ووصية بالوقف في الثلث، وإذا وافق الوارث بما زاد على الثلث فبها وإلا فيتنفّذ في الثلث فقط، فهذه نتائج هذه البحوث هو أنَّ العناوين العرفية المأخوذة في المعاملات هذه تتمة بعد مقارنة بين ما التزما به وافقاً للمشهور وبين التوجيهات الأربعة فإننا تممنا بتوجيهٍ متممٍ ومرمّمٍ للتوجيه الرابع وقد استثمرنا منه ثماراً أخرى.

ولو قلتم:- إنَّ هذا وضعٌ لليد، قلنا:- هذا ليس وضعاً لليد في البيئة العصرية فإنه ليس لديه سلطنة فإنَّ اليد بمعنى سلطنة فإنَّ هذا الشخص الموهوب له ليس لديه سلطنة على البيت إذا لم ينقل السجل باسمه، نعم إذا كانت مكاتبة عدل وتُلزِم فهذه نقبل بها، أي أنها مكاتبة تعطيه سلطة قانونية وضعية بغض النظر عن الشرع، ولو قلت:- كيف تعترف بالقانون الوضعي؟ قلنا:- هذه ليست قصَّة اعتراف بالقانون الوضعي وإنما قصة أنَّ القانون الوضعي والعرف الوضعي يخلق عرفاً مأخوذاً كموضوع في الأدلة.

وهذه نكتة صناعية مرت بنا وبسطناها ونحن نعيدها لأنه ربما تكون غير واضحة: مثلاً مثل قضية التوجيه الذي يذكره السيد الخوئي والمعاصرين له من الاعلام فإنهم قالوا إنَّ حق السرقفلية نشأ من القانون الوعي والبعض استشكل على فتاوى الاعلام لأن الحكم إذا لم يكن شرعياً فهو حكم طاغوت فكيف يحكمون غير الشرعي في الشرع وهذه نكتة لطيفة جاداً؟

والجواب:- لو كان الشرع قد علق الحكم على موضوع موجود حتى مع مخالفته للحكم الوضعي نعم صحيح سوف تصير هناك تخالف بين الحكم الوضعي والحكم الشرعي، أما إذا كان الشرع قد أخذ عنواناً كعنوان القبض في الهبة أو الوقف أو أخذ عنوان آلية إنشاء اللزوم فكيف ندعي أنَّ الحكم الشرعي موجود فإنَّ الحكم معلق ومنوط بقيد عرفي هذا القيد العرفي يمكن للحكم الوضعي أن يؤثر فيه ولو كان حكماً وضعياً غير شرعي، وليكن ذلك، الآن بغض النزر عن هذا البحث هو أن العرف العقلائي شرعيته ليست من نفسه وإنما شرعيته بالإمضاء، فإذاً لماذا يحكّم الشارع مسيرة العرف والتقنين العقلائي يأخذها فيه شرعي؟ إنه لحكمة معينة، ﴿أحل الله البيع﴾ أي بيع هو؟ إنه البيع العرفي ولماذا أخذ العرف؟ لأنه له دور، إذا كان في هذا العرف العقلائي القانون الوضعي يؤثر في العرف بالتالي فلا محالة هناك سيكون تأثير وهلم جرا، مثلاً في آلية انشاء البيع في بعض البيوعات الخطيرة العرف لا يرى اللفظ كافياً بل لابد من المكاتبة وفي موارد أخرى مضافاً إلى ذلك لابد من شهود فإنَّ العرف يمكن أن يتبدَّل، فالبيع للعقارات الخطيرة لابد أن تكون بمكاتبة وبشهود وبغير ذلك فإنَّ العرف يتصرف أو القانون الوضعي يتصرف وليكن ذلك لكن بالتالي هذه آلية إنشاء وإذا لم تفعل ذلك فالعرف يرى أنك لم تنشئ البيع لهذا المبيع الخطير ولا مانع من ذلك.

وهنا توجد نكتة عرفية جيدة وهي أنه في العمومات في المعاملات وغيرها إذا أخذ الشارع عنوناً عرفياً فهذا العنوان العرفي قابل للتبدل بحسب الأعراف والجغرافيا وبحسب الزمان ولا ما نع من ذلك، وهذه نكتة يلزم أن نلتفت غليها ولا يوجد فيها أي تنافي هذا بالنسبة إلى ما تبنيناه واخترناه.

أما التنبيهات فهي: -

التنبيه الأول:- حيث خاض فيه الشيخ الانصاري وهو مهم جداً، هو ليس في بحث المعاطاة فقط أو بحث المعاطاة في البيع وإنما هو مهم في عموم المعاملات والعقود حتى في غير المعاطاة، يعني صحيح أنَّ البحث الآن في معاطاة البيع ولكن بالدقة هذا البحث مرتبط بكيفية التزاوج بين التقنين العقلائي والتقنين الشرعي، فإنَّ هذا التقنين العقلائي والتقنين الشرعي نظام التزاوج أو التلاحم أو الاندماج بين التقنين هو بأيّ نظام فإنَّ هذا مهم جداً وله تأثير، وشبيه ذلك أنَّ الأصوليين ذهبوا إلى حجية العقل - وهذا نذكره فهرسياً فقط - وحجية الفطرة ونحن عندنا حجية الوحي الثقلين وهما القرآن الكريم وسنَّة النبي والآل صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين فكيف نجمع بين حجية الوحي وحجية العقل؟، وهذه من البحوث الصعبة جداً في علم الاصول وفي العلوم الدينية وفي نظرية المعرفة الدينية وهو بحث مهم جداً، وبحسب تعبير الشيخ محمد رضا المظفر من الفوائد العلمية العظيمة للسجال العلمي والحرب العلمية التي صارت بين الاصوليين والاخباريين أنها نضَّجت هذا البحث الصعب، وكيفية التوفيق بين حجية العقل والفطرة من جانب وحجية القرآن الكريم وسنَّة المعصومين - العترة - عليهم السلام، والحرب العلمية بين المتكلمين والفلاسفة قائمة على هذا البحث أيضاً فهو بحث مهم، والحرب العلمية بين الفلاسفة والعرفاء ايضاً كذلك، فالعرفاء فهل الرياضات الروحية كيف يوفقون بين حجية الادراكات القلبية وحجية الادراكات العقلية الفكرية، وأيضاً يوجد بحث وهو أنه ما هو نظام الحجية بين سنَّة النبي وسنَّة أوصيائه تبعاً له وحجية القرآن الكريم؟، وما هو نظام الحجية في الثقلين؟ كيف التوفيق بين الأربع وأيضا كيف هو التوفيق بين اثنين واثنين، فلاحظ أنَّ البحث ليس بالسهل وإنما هو صعب، فكيف أنَّ البحث هناك هو هكذا كذلك البحث هنا وهو كيفية التوفيق بين تقنين العقلاء وتقنين الشارع.

logo