< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: درجات العقود في نقل الملكية وشؤونها.

كنا في كلام الشيخ الانصاري وكلامه فيه بعدين أو جانبين، فمن جهة ذكر أنَّ الاختلاف بين العقود اللازمة وغير الازمة وفي نقل الملكية أو في الملكية المنقولة سواء وليست بينهما اختلاف والاختلاف في الاثار ليس من ناحية الملكية وإنما هو من ناحية نفس الأسباب والعقود، ومن جانبٍ آخر قال إنَّ اللزوم – سواء كان لزوماً حقياً أو لزوماً حكمياً - هو معنىً ذاتي للبيع، وهل هل مراده من الذاتي يعني جزء الذات أو مراده هو لوازمه الذاتية؟ ولعل مراده هو الثاني، فلا يمكن انشاء بيعٍ ولا صحة بيعٍ من دون أن يكون فيه إنشاء لزوم - وطبعاً لزوم البيع هو لزوم حقي وليس لزوما ًحكمياً - فإذاً لابد أن يكون لزوماً حقياً، أما أن يُنشأ نقل ملكية من دون أن ينشأ التعهد بهذه الملكية المنقولة فهذا لا يكون بيعاً وإنما هو معاوضة أخرى كأن تكون هبة مثلاً وهذا شيء آخر، فبالتالي ربما الشيخ يصور الكلام في السبب وخصوصيات السبب وليس في الملكية، بينما السيد اليزدي والآخوند عدهما اختلاف الآثار والاحكام ناشئ من منشأين إما من الاسباب أو من المسبب نفسه أو من كليهما، وكيف يتم هذا التصوير؟ ذلك بأن يقال: - إنَّ الملكية تارة يُنشِئها الانسان مع انقطاعٍ بين المالك وبين ملكية العين المملوكة مثل الصدقات والأوقاف فإنه فيهما يوجد انقطاع تام وهذا نمطٌ من نقل الملكية، الآن هذا النمط هل هو خصوصية في الناقل أو هو خصوصية في المنقول أو ماذا؟ والصحيح أنه في كليهما، لأنَّ الوقف أو الصدقة هي سببٌ ناقلٌ ولكن هذا السبب يؤثر حتى في المسبَّب فإنَّ الملكية المنقولة برمّتها قد انتقلت واقطعت عن الناقل الذي هو المالك السابق، وهذا بخلاف الهبة والبيع فإنه فيهما ليست الملكية والعين المملوكة قد نقلت برمتها مع والانقطاع، وما الفرق بين الهبة والبيع؟ إنه في البيع أيضا قد نقل فيه البائع الملكية برمتها ولكنَّ ابقى لنفسه سلطنته على السبب الناقل لأنَّ الناس مسلطون على أموالهم وبالتالي سلطنتهم على التصرفات في أموالهم وعلى أسباب النقل في أموالهم، فصحيح أنه أوجد البيع أو الاجارة أو العقود اللازمة لزوما حقياً ولكنه ابقى لنفسه عُقلةً وسلطنةً على السبب الناقل.

فإذاً عقلته ليس مع العين مباشرة ولا على ملكية السبب، فبالتالي هو ابتعد عن العين وعن ملكية العين قليلاً ولكنه وسلطنته على السبب باقية، فهو عنده ابتعاد عن العين وعن ملكية العين ولكن لديه سلطنة على السبب، وهذا ليس كالصدقة فإنه في الصدقة ليس له سلطنة حتى على السبب وهذه درجة أخرى، أما الهبة فالمالك أبقى لنفسه نوع خيطٍ من السلطنة على العين، فسلطنته أقرب إلى ملكية العين وإلى العين، فلاحظ إذاً أنها دجات، فتارة ليست له علاقة بالعين ولا بملكية العين ولكن له علاقة مع السبب الناقل كالبيع والاجارة وهلم جرا، وتارة يبقي سلطنته على السبب فقط أو يبقيها على العين نفسها فقط، يعني أنا اتعهد لك بملكية العين الموهوبة ولكن هذه الملكية هي جائزة وليست بلازمة ومعنى أنها جائزة حكماً يعني أنَّ لي شيء من السلطنة على الملكية الموجودة والعين الموجودة.

وهذا بخلاف العارية أو الوديعة مثلاً فإنه أصلاً لم ينقل شيئاً وإنما هو أذن في المنفعة والانتفاع وهذا الإذن يمكن أن يرجع عنه بأبسط الأمور، ففي الهبة أبقى لخيط من السلطنة على العين فيستطيع أن يستردّها وإذا استردها فتلقائياً سوف ينفسخ عقد الهبة، هذا في موارد عدم التصرف، أما إذا تصرف الموهوب له في العين تصرفاً مغيراً لها فهذا الخيط من السلطنة للواهب سوف ينقطع.

إذاً هناك درجات من النقل للعين أو لملكية العين وليست درجة واحدة، وتستطيع أن تقول هذه الدراجات هي بلحاظ الأسباب وتستطيع أن تقول هي بلحاظ المسبب فإنَّ كليمهما صحيح لا أنه خصوصية السبب فقط ولا أنها خصوصية المسبب، فإذاً في الهبة اختلافها في السبب مع البيع ليس قصة معاوضة وعدم معاضة فقط وإنما اختلافها أنه في الهبة ليس فيها انشاء لزوم حقي ولذلك هي ليس من العقود اللازمة أما في البيع فهناك لزوم حقي وحينما يكون هناك لزوم حقي فتلقائياً الملكية سوف تنتقل كلها إلا ملكيته على السبب الناقل. فإذاً معنى العقود اللازمة أنها العقود التي ينشأ فيها اللزوم الحقي وهذا اللزوم الحقي يتلازم مع نقل لملكية برمتها، أما في الهبة فالإنشاء فيها هو أنَّ الملكية فقط قد أُنشِأت ولم ينشأ اللزوم أصلاً، فالعقد اللزومي لم ينشأ في الهبة، فلاحظ أنه مفاد في السبب وأيضاً هو مفاد في المعنى، فالبيع نموذج والهبة نموذج، يعني يوجد بين العقود اللزمة والجائزة اختلافٌ في المعنى للمسبب والملكية مسبَّب المسبَّب كما مر بنا وليست المسبَّب، وعندنا المسبب هو العقد، وعندنا السبب، فيوجد اختلاف في معنى العقد، يعني في المسبب الأول، ويوجد اختلاف في المسبب الثاني أيضاً وهو الملكية بين الهبة كنموذج للعقود الجائزة والبيع كنموذج للعقود اللازمة، فإذاً يوجد اختلاف معنوي واختلاف سببي.

فإذاً الاختلاف جوهري بمعنى أنه في السبب ومعنى السبب، ومعنى السبب يعني المسبَّب أي المسبب المعاملي وبعبارة أخرى المعاملة المعنوية في البيع.

فإذاً البيع كما يقول الشيخ الانصاري لازمه الذاتي للصحة انشاء اللزوم الحقي أما أن نتصور أن تنقل الملكية برمتها وليس هناك لزوم حقي - يعني ليس هناك التزام - فهذا لا يمكن تصوره، فلا يمكن تفسير المعاطاة بأنها انشاء لوجود البيع ولصحة البيع من دون أن يكون هناك انشاء للزوم الحقي للبيع منك، يعني البيع ما هو؟ البيع هو ملكية كاملة بلا أي خيط باقٍ للمالك من خيوط الملكية.

ونذكر مثالاً وهو أنَّ مشهور المتأخرين في الأوقاف كالمسجد أو وقفية غير المسجد المعروف عندهم أنه إذا أوقف الواقف الوقف ولم يعيّن متولي الوقف فحينئذٍ يرجع أمر تولي هذا القف إلى الحاكم الشرعي لأنه وقفٌ ولا متولي له فيرجع إلى الحاكم الشرعي، وهذا بخلاف ما إذا عيَّن الواقف متولياً خاصاً سواء كان هو نفسه أو ورثته أو عين شخصاً آخر، كذلك عندهم كلام وهو أنه لو عيّن متولياً ولم يعيّن من بعده ففي الطبقة الثانية يصير كالوقف الذي لا متولي معين له في صيغة الوقف، هكذا بنى متأخري الاعصار، بينما نحن التزمنا بأنَّ الواقف إن عين متولياً خاصاً فبها وإن لم يعين له متولياً خاصاً فتلقائياً يصير تولي الوقف بيده وبيد ورثته لأن الوقف وإن كان هو صدقة ونقلٌ للملكية برمّتها ولكن الناظرية على الوقف هي سلطنة وهذه السلطنة لا تنافي الصدقة ولا تنافي الوقف وحيث لا تنافيه فهو إن عيَّن لها سلطاناً معيناً في النضارة فبها وإن لم يعيّن فتلقائياً هي باقية بيده لأنَّ الملكية كانت بيده، وحينما تكون هذه السلطنة لمالك الوقف فتلقائياً هي تورث لا أنه يحتاج إلى شيء آخر وهذه هي سيرة المتشرعة فإنها جارية على هذا، وإن كان أمير المؤمنين عليه السلام في الأوقاف التي أوقفها في ينبع أو غيرها نصَّ على متولي الوقف، فهو قال المتولي هو الحسن ثم الحسين ... وهكذا، ولكن حتى لو لم يعيّن فمع ذلك هي تلقائياً تصير إلى الورثة لنفس النكتة التي مرت بنا وهي أنَّ الصدقة من قبيل الوقف طبيعتها ليس فيها قطعٌ لجميع خيوط السلطنة وإنما النظارة باقية وهي لا تنافي الصدقة، هذا في الوقف وأخواته من الحبس وغيره. كذلك لو عين متولياً معيناً آخر فإما يفهم منه أنه تنقل السلطنة إلى الثاني وبالتالي تكون بعده لورثة ذاك المتولي أو أنه لا يفهم منه نقل السلطنة وإنما نقلها إليه بمقدار حياة هذا الشخص فإذا مات هذا الشخص فحينئذٍ ترجع إلى ورثة الواقف نفسه.

فالمقصود أنَّ السيرة المتشرعية جارية على هذا خلافاً لفتاوى المتأخرين، وهذه لها نكتة صناعية قاعدية، ونحن لا نريد التوسع أكثر ولكن هذا محل ابتلاء ولكنه نفس المطلب، ونحن لا نريد الخروج من المبحث فإنَّ بحثنا في مراتب العقود والملكية والمسبّبات ولكن هذا له صلة وطيدة بهذا المطلب مع درجات السلطنة والملكية والولاية وهلم جرا، فلو فرض أنَّ انساناً بالغاً اغمي عليه أو الايتام القصّر فالولاية على الايتام القصّر والمغمى عليه قالوا هي للحاكم الشرعي وأما الارحام فلا ولاية لهم، ولكن عند ملاحظة الأدلة نجد أنَّ القاعدة تقول ﴿ وأولي الارحام بعضهم أولى ببعض ﴾، كما أنَّ الروايات في باب الحج وأبواب أخرى تقول ( وليه ) وليس المقصود من ( وليه ) الشخص الذي عيّنه الحاكم الشرعي وإنما وليه في القرابة والرحم ولا يمكن الالتزام بعدم ذلك، فتلقائياً القصّر اقرب الناس لهم وراثة ورحماً هو يكون وليهم، نعم لو لم يكن واجداً للشرائط أو غير مأمون أو غير رشيد فهنا يُنتَقل إلى الوارث الذي بعده من طبقته أو من الطبقة التي بعدها وهلم جرا وهذا صحيح لا أنَّ الأرحام أصلاً ليس لهم ذلك، نعم النص وارد عن الامام موسى بن جعفر حيث يظهر منه أنَّ الحاكم هو الولي إذا لم تكن الأم مستأمنة على الأموال، فبالجمع بين هذا النص الشريف ومع النصوص الأخرى بعضها مع بعض مع قاعدة ﴿ وأولي الارحام بعضهم أولى ببعض ﴾ يؤخذ إذن الحاكم في الأموال ووأما في غير الأموال لا يحاج إلى إذن الحاكم ولكن هذا في خصوص الأموال باعتبار النصوص واردة فيها فيجمع بين إذن الحاكم وإذن الولي بحيث أنَّ الحاكم يجب عليه أن يعيّن ولياً لهم من أولي الارحام إذا كان فيهم من يسترشد ومن يستأمن وليس له أن يعيّن من خارجهم وسيرة المتشرعة جارية على هذا الآن فإنَّ الارحام هم الذين يتولون شؤون القصَّر باستئذان الحاكم لا أنَّ الحاكم له أن يعيّن أجنبياً مع وجودهم فإنَّ هذا ليس مطابقاً لقاعدة أولي الارحام في الولاية وليس هو مطابقاً للسيرة المتشرعية الجارية، وهذا أيضاً بحث في السلطنة والولاية ينبغي الالتفات إليه.

ولنتوسع في الأمثلة لكي نبين درجات وخيوط السلطنة والولاية فإنها نافعة ولا بأس أن نذكر مثالاً ثالثاً وهو محل ابتلاء:- وهذا المثال الثالث هو محل اتفاق وأما المثالين السابقين فهما محل خلاف، فقاعدة أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض هي قاعدة عظيمة، فهي قاعدة فقهية وقاعدة اعتقادية وقد وردت في القرآن الكريم في سورٍ وآياتٍ عديدة منها في سورة الأحزاب ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ﴾ وهذا مقام، ﴿ وازواجه أمهاتهم ﴾ ثم بعد ذلك وردت هذه الجملة ﴿ وأولي الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ﴾، يعني هذا مقام أولى بالمؤمن فـ ( من كنت مولاة فهذا علي مولاه ) طبقاً لقاعدة ونسق سورة الأحزاب، لأنَّ سورة الأحزاب في مقام الزاوية الدينية والسياسية والشرعية العامة على مصير الأمة والدين فإنها تقول:- ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ﴾، فالآية الكريمة ردفت قاعدة أولي الارحام، يعني قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلقائياً تستوجب وراثةً اصطفائيةً ليست فقط وراثة مالية، فالآية الكريمة هي نص، فمثلاً ﴿ وورث سليمان داود ﴾، وعلماء العامة أقروا بأنَّ ﴿ وورث سليمان داود ﴾ هي وراثة اصطفائية، والذي ينفع في احتجاج فاطمة عليها السلام هو الوراثة الاصطفائية وليس فقط الوراثة المالية، يعني أنَّ هذا المقام في الدين لسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم يرثه علي وفاطمة عليهما السلام، والبعض من مبتدئي الفضل يقول كيف أنَّ علياً يرث مع فاطمة والحال إنَّ فاطمة تحجب علياً ونحن لا يوجد عندنا تعصيب؟ ولكن نقول: - إن هذا السؤال وجيه لكنه نشأ عن غفلة وهي الغفلة عن السلطنة وخيوطها.

فإذا قاعدة أولي الارحام بعضهم أولى ببعض هل خصّها الله بالوراثة المالية؟، وطبعاً ذاك الطرف الله يعلم أنه هل يعرف الفرق بين الوراثة الاصطفائية وبين الوراثة المالية أو لا فهو أحجَّ نفسه بحجَّةٍ على نفسه حيث قال ( ...إنما ورّثوا علماً ) فتوريث العلم هي حجة اصطفائية وهي أقوى حجة.

فالصحيح أنَّ الزهراء عليها السلام ترث أباها وراثةً اصطفائية ووراثة مالية ايضاً، ﴿إنَّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم﴾، ولماذا قال آل إبراهيم؟ يعني يريد أن يقول ( قرابة ) فـ ( آل ) يعني قرابة، يعني هذه بيتوتة إبراهيم بالقرابة وبيتوتة آل عمران بالقرابة ﴿ ذرية بعضها من بعض ﴾ والذرّي يعني وراثة اصطفائية، فالاصطفاء وراثة والمال وراثة مع وجود الشرائط وأما إذا كان الرحم قاتلاً فلا يرث من المورِّث، كذلك الحال في الوراثة الاصطفائية فإنَّ لها شرائط، فالصحيح في باب الوراثة في منطق القرآن الكريم بشواهد عديدة جداً أنَّ الوراثة أعم من الاصطفائية والمالية، وهذا ليس محل شاهدنا وإنما محل شاهدنا لم نصل إليه ولكن هذا تقديم وتمهيد وإنما محل شاهدنا هو أنه يوجد عنصر ذكوري يعني توجد جبنه ذكورية وتوجد جنبة أعم من الذكورة والانوثة، فمثلاً الصلاة على الميت لا يمكن للبنت أن تقوم بها مع الرجال فمن الذي يرث هذا المقام؟ يرثه علي عليه السلام، وهذا من باب المثال وقد ذكره الاصحاب في باب تجهيز الميت وأنه في تجهيز الميت بما أنه يوجد تباشر من الرجال فلا تقوم به الاناث الأقرب وإنما تقوم به الذكور ولو كانوا أبعد، فأول ذكر أقرب هو الذي يقوم به، وفي منطق أهل البيت عليهم السلام هو أنَّ ابن العم الشقيق مقدم في الوراثة على العم غير شقيق فمن ثم يرث النبي صلى الله عليه وآله في شؤونه الاصطفائية وغير الاصطفائية التي تعتمد على الذكورة فيرثها علي بن ابي طالب عليه السلام في عرض الزهراء عليه السلام، وترث فاطمة عليها السلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما لا يستلزم الذكورة كما في موارد عديدة، وهذه قاعدة عقائدية فقهية في القرآن الكريم وهي عظيمة جدا وللأسف أنه رغم هذه الألف سنة هي من زوايا عديدة تحتاج إلى المزيد من التنقيح، ومع الأسف الكثير يظن أنَّ قضية فدك هي نزاع مالي فردي وفي المال الفردي وهذا عجيب وغريب مع أنَّ الامام الكاظم عليه السلام يوضح للخليفة العباسي أنَّ فدك تعني أنَّ ولاية الدولة كلها لفاطمة عليها السلام، وهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالملوك حتى يعطي فاطمة عليها السلام نحلةً وهدايا واقطاعات كالاقطاعيين الملوك؟!! حاشى له ذلك فإنه رأس الزهد وكذلك فاطمة عليه السلام، بل كأنما هذا هو تطبيق لآية الفيء في سورة الحشر وأنَّ ولاية ثروات الأرض هي بيد الله تعالى ثم بيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم بيد أهل البيت عليهم السلام، ﴿ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ﴾ وذي القربى هم علي وفاطمة عليهما السلام، ومن ثم في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألجئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قبل الله في ثلاث سور أن يُفَعِّل هذا المقام الولائي لفاطمة عليها السلام فأعطاها فدك ولم يعطها علياً، وهذا شأنٌ لولاية فاطمة عليها السلام وإنَّ التقدم لأمير المؤمنين، ففدك يعني أنَّ حقيبة وزارية في الدولة الإلهية النبوية هي لفاطمة عليها السلام، فكيف لا نقرأ هذه القضية بحقيقتها؟!!، من ثم حجاج الامامية عشرة قرون أو أربعة عشر قرناً باثنين وهنا علي وفاطمة عليهما السلام في قبال الطرف الآخر، ففاطمة عليها السلام ليست بعداً فردياً وبنتاً فرديةً، وهل النزاع في قماشٍ مثلاً وإنما النزاع هو في ولاية، ففدك ولاية اعطيت لفاطمة لعيها السلام، فحق فاطمة عليها السلام هو الولاية لا حقها هو ممتلكات البيت وأثاثه وجهازه وما شاكل ذلك بل القضية هي قضية الولاية، وهذا مذكورٌ في سورة الحشر فهل نترك القرآن ونتوهم أوهاماً أخرى فإنَّ هذا غير صحيح.

فإذاً مثال عظيم وإن كان للأسف مغفول عن زواياه الكثيرة وعن احتجاج فاطمة عليها السلام من زوايا عديدة، فتوجد ولايتان قد غصبتا وهما ولاية علي وولاية فاطمة عليهما السلام، أي كليهما، وهي عليها السلام في الدرجة الاولى كانت تدافع عن دين أبيها ثم بالدرجة الثاني تدافع عن ولاية علي، وفي الدرجة الثالثة كانت تدافع عن ولايتها، فهي تدافع عن ثلاث أمور.

وعلى أيَّ تقدير هذا المثال الثالث الشاهد فيه هو أنَّ السلطنة - أي سلطنة الانسان على نفسه مثلاً في الميت أو غير ذلك - تنشعب إلى خيوط، خيوط ذكورية تصير لأمير المؤمنين عليه السلام وخيوط أخرى لا يتشرط فيها الذكورية بنصّ القرآن الكريم فتكون لفاطمة عليها السلام، وكما ذكروا ذلك في تجهيز الميت فإنَّ ما يذكر في تجهيز الميت فقد ذكروا الطبقات الذين يتولون وهو ليس له ربط بنظام القرابة فقط مما يدل على أنَّ الوراثة الاصطفائية أو الوراثة بالقرابة لها أنظمة بحسب الأبواب فهي في باب الإرث بشكل وفي باب تجهيز الميت بشكل وفي باب الولاية بشكل آخر وهكذا، فهذه كلها يلزم أن نتقنها من ثم الوراثة بالقرابة تقتضي الوراثة الاصطفائية إلا إن تتخلّف الشرائط، فأبو لهب تخلّف عن الشرائط، وحتى الدائرة الاصطفائية الثانية فإنها لم تقم بشرط سبقهم إليه علي بن أبي طالب فإنه حضي بما لم تحظ به الطبقة الاصطفائية الثانية، فالمقصود أنَّ الشاهد في هذا المثال هو تشعّب السلطنة والولاية فلننظر كيف يفتح لنا مبحث السلطنة والملكية آفاقاً في بحوث عقائدية خطير جداً، وقال بعد الاخوة:- إنه قد ذكرت معهم في آية البيع أصنافاً أخرى؟ فقلت له:- ألم تلتفت إلى ما ذ كره الاعلام فإنه لم تذكر ( اللام ) حيث قالت الآية الكريمة ﴿ لله وللرسول ولذي القربى ﴾ فقط وأما ابن السبيل واليتامى فلم تتكرر معهم اللام، ولماذا لم تتكر؟ لأنه ليس لهم ولاية، فهذه اللام هي لام الولاية فإنَّ ولاية الدين هي لله وللرسول ولذي القربى دون اليتامى والمساكين وابن السبيل ، كما في الخمس فإنه في الخمس تكررت اللام في الله وفي الرسول وفي ذي القربى فهي لام الولاية وليست لام ملكية شخصية، فهل تكون اللام في الله ولاية واللام في الرسول ولاية ولكن اللام في ذي القربى – وهي فاطمة – ليست ولاية وإنما ملكية هي فردية عادية؟!! إن هذا مرفوض بل هي ولاية. فإذاً هذه بحوث الملكية والولاية والسلطنة بحوث مفيدة جداً.

وسنرجع إن شاء الله تعال إلى بحث المعاطاة وقضية البيع واختلافه مع الهبة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo