< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: رقم المحاضرة

كان الكلام في أنه إذا اجتمعت قواعد متعددة في مسألة أو في قاعدة وكان بينها نوع من التدافع أو التنافي، وماذا يعني أنها اجتمعت؟ يعني أنَّ موضوعها موجود اجمالاً، فإذا كان موضوعها موجوداً فلابد حينئذٍ من مراعاتها، ولكن قد يقال إنه عند مراعاتها سوف يحدث تعارض بينها وهذا هو معنى مجمع القواعد، فلا مشكلة في اجتماع موضوعات القواعد ولكن تطبيقها يسبب التنافي بين هذه القواعد وقد مرَّ بنا مثال يذكره الاعلام وهو شراء الابن لأبويه وأنهما ينعتقا عليه فقهراً مع أن الذي ورد هو أنَّ الابن لا يملك أبويه - عموديه - فكيف ورد النص بصحة شراء أبويه وانعتاقهما عليه قهراً ولا عتق ألا في ملك، فانعتاقهما عليه قهراً يعني يعتبر أن يكون العتق من قِبَلِه ولكنه مجبر عليه وهذا يسمونه بالعتق اجباري، وهو مثل الطلاق الاجباري، وهو مثل الزكاة المالية، فكما أنَّك ملزم بدفع الزكاة الواجبة ومرغم بالتصدق وليس مخيراً كذلك الحال هنا، فالإنسان تارةً يكون مخيراً بالتصدق وأخرى يكون ملزماً بالتصدق يعني أنك تجبر على ذلك لا باختيارك أو أن تخمس ... وهلم جرا، وأيضاً في صلاة الفريضة أنت مجبر على التقرّب وهذا توفيقٌ اجباري، فهو خيرٌ تجبر عليه وتُلزَم به في الصلاة وفي الصوم وفي الحج وفي الصدقة كذلك الحال في العتق هنا فإنه عتق إجباري. وهذا شبيهه في موارد إذا نكَّل المولى بالعبد فأنه سوف ينعتق عليه قهراً، فهو عتقٌ عنه ولكنه قهراً، وهذا من أحد الشواهد على أنَّ حقيقة باب العبيد والاماء في الدين مختلف عن غيره هو هذا فإنَّ تسمية هذا الباب بباب العبيد والاماء هو مجاراة للعرف القانوني والتسمية القانونية لدى البشر وإلا فالشارع قد تصرف هوية باب الاماء والعبيد بنحو تماهي، يعني الماهية أنَّ الماهية لم تبق تلك الماهية وإنما هي عبارة عن تكافل معاوضي وخدمات متبادلة.

فإذاً يوجد عندنا انعتاق اجباري، وكل العبادات فيها جانب اجباري كما يوجد فيها جانب ندبي، فكيف تجتمع هذه القواعد؟!!، كذلك الحال في المعاطاة فإنه في المعاطاة من جانب الأعلام من مشهور المتقدمين مثلاً إلى طبقات عديدة من الفقهاء يقولون بأن المعاطاة لا تفيد البيع وإنما تفيد الاباحة، ولكن من جانب آخر إذا تصرف المعاطي بالعين تصرفات متوقفة على الملك يذهبون إلى حصول الملك ولزوم المعاطاة وبالتالي كأنها بيع، فكيف يُجمع بين هذه القواعد من صحة المعاطاة وعدم صحتها ولزومها وعدم لزومها فإنَّ الكلام في هذا المورد، فهنا جملة من القواعد وهي التي أثارها الشيخ كاشف الغطاء وأنه كيف تجمعون بين هذه القواعد والحال أنه سوف يصير بينها نوع من التدافع.

وقد ذكرنا ساًبقاً أن متأخري الاعصار يصوّرون أنَّ البحث في المعاطاة والغموض الموجود فيها والنزاع والمعضلة العضال فيها هي في حكم المعاطاة - أي المحمول - أي احكام المعاطاة، وجل متأخري الاعصار تقريباً نزاعهم مع المتقدمين وبالتالي اختلافهم وخلافهم من المتقدمين منصب على احكام المعاطاة وكأنه بحث محمولي في المعاطاة ولكن مرّ بنا وسيأتي إن شاء الله تعالى أكثر في نهاية المطاف وبيان المختار وأنّه النزاع في المعاطاة بالدقة هو موضوعي، نعم يوجد نزاع في احكام المعاطاة وهذا لا ينكر ولكن هل هو نزاع واختلاف في احكام المعاطاة متمحض في احكام المعاطاة أو أنه نزاع ناشئ من النزاع الموضوعي وسيتبين أنه ناشئ من النزاع الموضوعي وسبق وأن بينا سابقاً شيئاً منه ولكن ليس مستوفى بشكل كامل وسوف نستوفيه إن شاء الله تعالى وهنا الآمر من هذا القبيل.

إذاً المشكلة عند الاعلام هي أنه كيف تنطبق تلك القواعد ليترتب محمول تلك القواعد وأحكامها بشكل غير متدافع. هكذا هو تصوير الأعلام.

وتوجد نكتة صناعية لطيفة قبل أن نواصل شرح كلام الاعلام:- وهي نكتة يذكرها السيد اليزدي وهي نكتة نفيسة يجب أن نتدبرها، وهي أنه يقول إن الشيخ الأنصاري في خضمّ تدافع هذه القواعد هنا جعل أحد اطراف الأدلة المتجاذبة المتدافعة التي يلزم حلحلة النسق والتنسيق بينها هو الأصل العملي أي استصحاب عدم حصول الملكية وما شاكله إلى الملزِمات، فالشيخ الانصاري ضمَّن تدافع القواعد في المعاطاة في أحد الأطراف والأدلة التي تتدافع وتتنازع وتوجب المعضلة وهو الأصل العملي، وهنا السيد اليزدي يسجل مؤاخذة على الشيخ الانصاري حيث يقول:- إنَّ بقية القواعد هي أدلة اجتهادية فكيف تجعل طرفها الأصل العملي فإنَّ هذا لا يصح إلا إذا كان الأصل العملي ليس في رتبة الدليل الاجتهادي، فالأصل العملي يجتمع مع الدليل الاجتهادي في صورة واحدة وهي إذا كان رتبة مورد الأصل العملي متقدمة على مورد الدليل الاجتهادي، يعني أنَّ الأصل العملي يجري في الموضوع بينما الدليل الاجتهادي يريد أن يجري في المحمول فهنا يمكن أن يجتمع الأصل العملي مع الدليل الاجتهادي، بل قد يقدم الأصل العملي على الدليل الاجتهادي فيما إذا كان مورد الأصل العملي هو سابق رتبةً على مورد الدليل الاجتهادي. فإذاً تقدم الأصل العملي أو قل معية الأصل العملي إذا كان موافقاً مع الدليل الاجتهادي أو تقدم الأصل العملي أو تقارن الأصل العملي مع الدليل الاجتهادي ففي هذا الصورة يصح الاجتماع فإن مورد الأصل العملي سابق مثلاً وهو في الموضوع فإنَّ الموضوع سابق على المحمول، فإذا كان الأصل العملي لا يتعرض للمحمول وإنما يتعرض للموضوع وكان الدليل الاجتهادي لا يتعرض للموضوع وإنما يتعرض للمحمول فهنا يمكن أن يتقدم الأصل العملي على الدليل الاجتهادي أو يجتمعان إذا كانا متوافقين وهذا قد ذكره الاصوليون في باب العام والخاص وهو بحث مفصّل لا نريد الخوض فيه وهو بحث صناعي مهم، وأما إذا لم يكن مورد الأصل العملي اسبق رتبة من الدليل الاجتهادي فلا يصح تقدمه.

فهنا مؤاخذات السيد اليزدي على الشيخ الانصاري هي أنه كيف تقحم الأصل العملي مع القواعد الأخرى فإنَّ هذا غير صحيح سيما إذا كانا في عرض موردي واحد، فلو كان الأصل مقدم فنعم وإلا كيف يكون هذا؟!! هكذا بحث الاعلام في هذه المسألة، وبالتالي عمدت تصويرهم للنزاع هو أنه نزاع محمولي في المعاطاة وأنها كيف تجتمع فيها هذه القواعد وتترتب.

وعلى أية حال سبق وأن مرَّ بنا أنَّ الآخوند عنده فذلكة لطيفة وهي أن المعاطاة تبقى هي السبب للملك غاية الأمر بشرط التصرف وهذا شبيه بشرط القبض.

وتوجد نقطة اخرى هنا ذكرها الشيخ الانصاري في مجمع القواعد المتدافعة في المعاطاة وأصر عليها وخالفه في ذلك السيد اليزدي والآخوند وكلام السيد اليزدي والآخوند أمتن من كلامه: - وهي أنَّ الشيخ الأنصاري أصرَّ على أنَّ الملكية التي تنشأ في الهبة أو في البيع أو في عقود أخرى هذه الماهية هي ماهيةً وحقيقةً لا اختلاف فيها فهي ملكية سواء كانت قراً أو بيعاً أو صلحا أو هبة فإن الملكية هي هي وليس فيها فرق وإنما جاء الفرق بين هذه العقود هو من ناحية الأسباب ولم يأت من ناحية المسبب نفسه.

ونشرح الآن كلام الشيخ الانصاري شيئاً ما ثم نأتي بكلام السيد اليزدي والآخوند المخالف لكلام الشيخ.

هذا المبحث الآن نتعرض له لتوضيح كلام الاعلام وهو أنه سبق وأن مر بنا مراراً في المكاسب المحرمة وهو أنَّ مراحل الحكم في المعاملات - لأنها وضعية وتكليفية ممزوجة - من ناجية الحكم الوضعي أو من ناحية الحكم التكليفي ليست على وتيرة مراحل الحكم التكليفي المذكور في علم الأصول بل توجد فيها زوايا وابعاد واختلافات أخرى وإن كان بينها تشابه، فسبق أن مر بنا بشكل تفصيلي أوسع مما ذكرناه هنا فمثلاً المتعاقدان أحدهما ينشئ الايجاب اللفظي والآخر ينشئ القبول اللفظي وهذا ما يعبر عنه بالسب اللفظي ويترتب عليه معنى ماهوي يسمى بالمسبَّب ولكن هذا المعنى الماهوي المسبب - وهو البيع - وجوده يكون عند المتعاقدين وهذه مرتبة فصارت مرتبتان، وأيضاً العقد اللفظي يترتب عليه العقد المعنوي عند المتعاقدين والعقد المعنوي يسمونه معنوياً أو ماهوياً، فالعقد المعنوي هو ربط بيع وشراء فعندنا عقد معنوي وعندنا عقد لفظي فاعقد هو من عقد يعقد ربط يرتبط ربطاً وعقدة فكما أنه يوجد ربط في جانب اللفظ كذلك يوجد ربط بين الايجاب والقبول الفظي في المعنى أيضاً يوجد ربط ( تمليك عينٍ بمال )، فيوجد ربط في الماهية، فيوجد عندنا عقد ماهوي معنوي ويوجد عندنا عقد لفظي وهذا اللفظ الماهوي المعنوي له عدة وجودات وجود عند المتعاقدين يترتب عليه وجود عند العقلاء فإذاً هو عقد معنوي عند العقلاء وهذه رتبة ثالثة ويترتب عليه وجود العقد المعنوي عند الشارع وهذه مرتبة رابعة، فالأولى هي اللفظ والثانية هي العقد المعنوي عند المتعاقدين والثالثة هي العقد المعنوي عند العقلاء، وحينما نقول يترتب عليه ماذا يعني؟ يعني أنَّ العقد المعنوي عند الشارع موضوعه أي عقد؟ إن موضوعه هو موضوعه العقد العقلائي، والعقد العقد العقلائي ما هو موضوعه؟ موضوعه هو العقد المعنوي عند المتعاقدين، والعقد المعنوي عند المتعاقدين موضوعه العقد اللفظي، والفقهاء والشارع تارة يختصرون هذه المراتب والمراحل فيقولون ( عقد لفظي ) ويترتب عليه عقد معنوي عند الشارع يعني أنهم يختصرونه مسامحة وإلا فهو موجود، ولم تنته المراحل إلى هنا وإنما يترتب بعد على العقد المعنوي أو على البيع المعنوي عند ووجوده عند الشارع الصحة والصحة يعني الوجود، وهذا قد ذكره الاصوليون في باب الصحيح والأعم وأن الصحة تعني الوجود والفساد يعني العدم وهذا غير معنى اللزوم فإن اللزوم يعني بقاء الوجود وأما الصحة فهي تعني أصل الوجود والانوجاد، ويترتب على وجود العقد المعنوي عند الشارع مرحلة خامسة وهي لزوم العقد شرعاً، وإن كان لزوم العقد شرعًا بالدقة مترتب على اللزوم العرفي أيضاً ولكن نحن لا نريد التكثير في المراحل وإلا فبالدقة اللزوم الشرعي موضوعه هو اللزوم العرفي فتصير المراحل خمس أو ست أو أكثر، ثم إنَّ الفقهاء قالوا يترتب على هذه المرحلة الخامسة أو السادية أو السابعة مسبَّب آخر - وينبغي الالتفات إلى أنَّ هذه المراحل حينما نقول مرحلة أولى أو ثانية أو ثالثة أو رابعة كل مرحلة سابقة منها تسمى سبباً والمرحلة اللاحقة منها تسمى مسبباً فتستطيع أن تقول ( إنَّ المسبّبات تترامي )، وتستطيع أن تقول أيضاً ( الأسباب تترامى ) لأن هذا بلحاظ ما قبله يكون مسبباً وأما إذا كان بلحاظ ما بعده يكون سبباً وهذا صحيح فكل مرحلة بلحاظ ما قبلها هي مسبب وما قبلها سبب وهي بلحاظ ما بعدها هي تكون سبباً وهذا صحيح، وهذا التعبير جارٍ في الآيات والروايات وكلمات الفقهاء، كما قالوا أيضاً إن هذا العقد الصحيح الشرعي اللازم أو غير اللازم - أياً ما كان - يترتب عليه مسبَّب آخر وهو ملكية البائع للثمن وملكية المشتري للمبيع، فملكية البائع للثمن ليست هي عين ماهية البيع وإنما هي مسبَّب وأثر مسبب عن ماهية البيع لأنَّ ماهية البيع طبيعتها عقدية فهي عقدٌ وربطٌ وأما ملكية البائع فهي حكمٌ منفردٌ للثمن، وملكية المشتري للمبيع هي حكمٌ منفردٌ وليس عقداً، ثم قالوا أيضاً يترتب وجوب الوفاء التكليفي ووجوب الأداء ووجوب القبض.

فإذاً توجد سلسلة من الاسباب والمسببات في المعاملة الواحدة، وبعبارة أخرى يوجد نظام قانوني في المعاملة الواحدة سواء كان في معاملة بيعية خارجية أو اجارة أو شيء آخر فإنَّ طبيعتها هي أنها سلسلة من المعاملات، ولماذا يرتكب الفقهاء هذا التفصيل وما هي حكمته؟ إنَّ حكمته ونكتته كثيرة جداً منها باب المعاطاة وغيرها والأدلة الأخرى فيلزم الالتفات إليها، وهو شبيهٌ ببحث مراحل الحكم التكليفي وأنها سبعة أو ثمانية أو احدى عشر فإنه يؤثر في الأدلة لأنَّ كل مرتبة سابقة رتبة هي مقدمة على المرتبة اللاحقة - ( مراتبكم التي رتبكم الله فيها ) - يعني لها تأثير، فالمقصود هنا في باب الأحكام التكليفية وباب المعاملات ملاحظة المراتب من ورودٍ أو حكومةٍ أو غير ذلك كله يترتب على هذا الشيء بعد معرفة سلسلة المراتب.

عود إلى كلامي الشيخ الانصاري والسيد اليزدي وأما ما ذكرناه قبل قليل فهو جملة معترضة ولكنها مهمة جداً، يعني هي عبارة عن نظرة تحليلية صناعية لحقائق باب المعاملات والايقاعات وهي يؤثر حتى في باب القضاء لأنه من باب الأحكام بالمعنى الأعم فلابد للباحث من أن يدقق في هذا المجال.

فالشيخ الانصاري عنده هذه الدعوى وهي أنَّ الملكية في الهبة وفي الاجارة وفي البيع وفي القرض هي شيءٌ واحد، وكلام الشيخ ليس في ماهية العقد المعنوية ولا في السبب اللفظي وإنما في الملكية والملكية هي المسبَّب رقم سبعة أو ثمانية أو تسعة - الذي مرَّ بنا - فهو يقول إنَّ هذه الملكية المسببية هي شيءٌ واحد لا تختلف وإنما أتى الاختلاف - في الهبة وكونها جائزة مثلاً أو عقد البيع وكونه لازماً وبعض العقود فيها خيار وبعضها الآخر لا خيار فيه بلحاظ - من الأسباب، ومقصوده من الأسباب هو السبب اللفظي فإنه مر بنا قبل قليل أنَّ كل مرحلة هي سبب للمرحلة اللاحقة والشيخ وضع اصبعه في الملكية التي هي المسبَّب التي هي رقم سبعة أو ثمانية وما قبله تصير أسباباً، فكل هذه المراحل تصير سلسلة أسباب للمرحلة الثامنة التي هي الملكية وليس فقط السبب اللفظي، فإذا لاحظنا المسبَّب في المرتبة الثامنة فمن المرحلة الأولى إلى السابعة كلها أسباب له، نعم توجد طولية بين هذه الأسباب فبعضها سبب والآخر سبب السبب والآخر سبب سبب السبب... وهكذا، وبينها تسبّب ومسبب فهذا صحيح ولكن الشيخ الانصاري ركّز في كلامه على الملكية، فهو يقول إنَّ الملكية هي شيءٌ واحد وليس مختلفاً وإنما الاختلاف في احكام الملكية نشأ من الأسباب. هذا هو محصل كلامه وله تأثير في باب المعاطاة على كل الأقوال في المعاطاة

ورفض السيد اليزدي والآخوند ذلك وقالا:- إنَّ الملكية فيها اختلاف أيضاً، فإنَّ الملكية التي في الهبة لم ينقل فيها المالك الواهب كل خيوط الملكية للموهوب وإنما نقل جلّها وأبقى لنفسه بعضها أو قل أبقى أحد الخيوط. فإذاً الملكية التي هي مسبب رقم ثمانية في الهبة تختلف عن الملكية التي في البيع وتختلف عن الملكية التي في باب القرض وتختلف عن ملكية التي في البضع، فالملكية فيها شدّة وضعف.

وعلى كلٍّ لا زال كلامنا في المجمع أو التجمعات القانونية المرخَّصة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo