« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الأسباب والمسببات علل كعدة لا فاعلة

الموضوع: الأسباب والمسببات علل كعدة لا فاعلة

كنا في الصفات الفعلية للباري ومر ان هذه الصفات فيها مباحث وعرة ومعقدة جدا والخلط في هذه الصفات الفعلية ان تكون للخالق او للمخلوق يقع فيها الالتباس واللبس كثيرا، فالشفيع هو حاجة المشفوع له وهو المخلوق وليست حاجة الخالق ولله جنود السماوات والارض او في بدر وحنين انزل الملائكة فهل الله محتاج كي ينزل الملائكة؟ ام الحاجة للبشر؟ غاية ما تنزل الفيض الالهي وهو النصر على المسلمين وعلى النبي في بدر بايادي الملائكة فيخاطب الله الملائكة اضربوا اعناق الكفار فاضربوا منهم كل بنان ومع ذلك الله في بدر يقول وما رميت اذ رميت وما قتلتموهم ولكن الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى يعني يهيئ تقبل المخلوق للفعل الالهي وهو كن فيكون فتقبل هذا الفعل الالهي من المخلوق يحتاج الى نزول الملائكة .

لماذا تتوفاهم رسلنا؟ لماذا دخلت الملائكة اعوان عزرائيل في الاماتة ؟هل لعجز الباري؟ حاشى وكلا والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم فعدة مواضع القرآن يبين بان الملائكة كيف لها دور في الاماتة؟ المميت الله عز وجل وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى وما قتلتموهم ولكن الله قتلهم يعني هذه الافعال التي تجري بالاسباب والمسببات والوسائط الفاعل الحقيقي المطلق هو الله وهذه الوسائط والاسباب بالدقة معدة للفعل الالهي لان المخلوق لا يتقبل الفعل الالهي الا بالاعداد وتهيئة الاسباب والوسائط افرأيتم ما تحرثون؟ يعني تحركون البذرة من مكان الى التربة تضعوها في باطن التربة ففعل الفلاحين حركة فقط لكي يفيض الله ويوجد صورة الزرع في البذرة فدور الفلاح ان يقال له زارع ولكن حقيقة ليس هو زارع فالزرع اوجده الله لذلك الله يقول اانتم تزرعونه؟ هذا الفعل يسند الى الله يعني ايجاد صورة الزرع فبالتالي دور الفلاح هو الاعداد والتهيئة وهذا ليس فقط في عالم المادة وانما في كل العوالم هكذا .

هل من خالق غير الله؟ سورة فاطر الاية ثلاثة فالخالق الحقيقي هو الله كذلك في تعبير احسن الخالقين بالدقة اولئك الخالقين اعداد اما اذا اسند الخلق الى النبي عيسى اذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا باذن الله هذا خلق يسند الى عيسى او الى اسرافيل لكن بالدقة الخالق الحقيقي هو الله هذه اسباب معدة فبالتالي الفاعل الحقيقي هو الله او في سورة الزمر الله خالق كل شيء وكذلك في سورة غافر فالفاعل سواء خلق قتل رزق الفاعل الحقيقي حصريا هو تعالى فالافعال التي هي صفة فعلية لله الفاعل الحقيقي هو الله ، حقيقي يعني ما دونه من المخلوقات فاعليتها اعداد فيقال لها اسباب بمعنى معد وليس اسباب بمعنى ان لها جزءا من الفاعلية فالباري عندما يسند الى عيسى انه تخلق يعني تعد للخلق .

قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم بالدقة ملك الموت يعد الا ان الاعداد الارضي ضعيف والاعداد الملكوتي اقوى والا كل سلسلة نظام المخلوقات والاسباب في عوالم المخلوقات هذه الاسباب كلها اعداد افرأيتم ما تحرثون ويمكن يخاطب عزرائيل افرأيت ما تميت اانت تميته ام الله مميته؟ فالله هو المميت انما اليات الملكوت الى عزرائيل في الاماتة معدة للموت ، خلق الموت والحياة لان الموت ايضا مخلوق والاماتة هو نوع من العمل وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى ، فلم تقتلوهم ، او يعذبهم الله بايديكم .

فالاعداد يصدر من الله ولكن يجريه على ايديكم انتم مجرى الفعل الالهي وهذا لا لحاجة لله وانما لحاجة المخلوق فالله يجري الفعل عبر الاسباب هذه الحاجة ليس من الله لان المخلوق لا يستقبل فيضا لله الا بهذه الشرائط ، مثلا الفلاسفة يقولون عالم المادة اعداد واما عالم المجردات ليست اعداد ولكن قسم اخر من فلاسفة الشيعة كملا صدرا عندما يحققون المطلب بالدقة يقولون حتى اسباب عالم الملكوت المجردة هي ايضا معدة والفاعل هو الله تعالى كما يصور المتكلمون والنائيني او السيد الخوئي او غيرهم ان الكهرباء ليست من الزر وليس من السلك وانما هما مجرى لمنبع الكهرباء فالمصباح يستقبل الكهرباء والامثلة تضرب ولا تقاس وهذا ليس فقط في الفاعل المادي الارضي حتى الفاعل في عوالم المجردات الكلام الكلام .

فلا تقتلوهم ولكن الله قتلهم فالمراد هذا ان ضربكم بالسيف هذه الة اعداد واما زهوق الروح فليس منكم ولذلك مؤاخذة بعض المدارس الكلامية على الفلاسفة وبعض فلاسفة الشيعة انه انتم تقولون بالعلة والمعلول بالدقة سلسلة العلل في عالم المخلوق ليست هي علة حقيقة انما هي علة معدة يا نار كوني بردا وسلاما اذن الاحراق ليس ملك النار فليست النار علة وجودية للاحراق وانما على اعدادية ، الذي يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين فالدواء والعلاج ليس من الطبيب وليس من اكل الدواء وشربه وانما الشفاء من الله وليس تناقض بين ان نقول الشفاء من الله وانه من اللازم على المؤمن بل على الانبياء ان يتناولوا الدواء فليست منافاة لان الله قدر الشفاء في مجرى الدواء لا ان الدواء بالدقة هو المشافي .

مشكلة العلوم التجريبية المادية انهم يظنون ان المعادلات الفيزياء والكيمياء والاحياء والميكانيك والرياضيات هذه علل الايجاد بينما النظرة الالهية ان هذه علل معدة وعلل اعدادية وليست ايجادية ولذلك قوله تعالى يقول هناك علل اعدادية اعظم من معادلات العلوم الفيزيائية ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء ولو ان اهل الكتاب اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم فاقامة احكام الله مهمة بغض النظر عمن يقيمها ومن يحكم به .

لذلك مر بنا في مبحث الاصول او الفقه في الايام السابقة ان احد وظائف الحوزات العلمية في العملية السياسية والانظمة السياسية والاقتصادية هو تعليم المجتمع والنخب فالموقف الشرعي هوالارشاد الى الاحكام الشرعية وهذا لا يمكن ان يجمد ، لاحظوا ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم يعني التشريعات الالهية في الاقتصاد في البنك في الامن في العسكر في ايصال المعلومة الى النظام السياسي لاكلوا من فوقهم وسيرة ائمة اهل البيت هذا لان الارشاد الديني ليس فقط في الفقه الفردي وانما في الفقه السياسي بل هو اعظم ، فمسئولية الارشاد الديني في الفقه الاقتصادي اعظم لا انه ينكفئ لان العالم والعلماء من اوجب الواجبات عليهم ان ينذروا قومه اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون والانذار في البيئة الاقتصادية والسياسية والاجتماع والدولة اعظم من الانذار في المسؤولية الفردية المتقوقعة في الفرد .

فانفتاح الحوزات العلمية في الترشيد العلمي الشرعي واجب من دون ان يستغفلوا ويبتزوا في المناكفات التنفيذية ، فالترشيد العلمي هذا لا يمكن تجميده بتاتا ولا يمكن الانكفاء عنه لانه من ابده الواجبات فاول الواجبات على الحواضر العلمية ترشيد المجتمع في الاحكام الشرعية واعظمها هي جانب المسؤوليات العامة سواء كانت قضائية تنفيذية تنظيرية حيث التنظير والتنفيذ مهمان فالتنظير مهم من دون ان اتحمل فساد التنفيذ وترشيد الحكم هذا معناه .

مثلا المجتهد قال لفرد معين الحكم الشرعي ضابطته هذا ولكن ذاك المستفتي اساء التنفيذ فهذا وزره ليس على المجتهد وانما عليه هو فانت تبين له الضابطة الشرعية ومجموع الضوابط الشرعية التي لا يمكن ان تستغل فاذن دور الحوزات العلمية في ترشيد الاحكام الشرعية هو هذا ولو انهم اقاموا التوراة لاحظ حتى في سورة المائدة يبين الله انه ليس هناك اعظم حاكم من سيد الانبياء مع ذلك الله يقول كيف يحكمونك انت يا سيد الرسل وعندهم التوراة فيها حكم الله وهم يبتغون من سيد الرسل حكما اخر غير حكم التوراة اللي فيه رجم الزاني فكيف يحكمونك بحكم اخر وعندهم حكم الله وعندهم التوراة فيها حكم الله فنفس ايصال الحكم الشرعي واجرائه والتقيد بالحكم الالهي شيء عظيم وترشيده واجب فلا يوارب في تبيين الحكم الشرعي .

فاول واعظم وظيفة تقوم بها الحوزات العلمية ورجال الدين هو تبيين الوظيفة على الصعيد العام وهذا لا يمكن المواربة والانكفاء والتقوقع عنه ابدا في اي حال من احوال لاحظ سيرة امير المؤمن والحسن والحسين وفاطمة وزين العابدين في كل الظروف حتى مع انظمة الجور العاتية يبينون الحكم الشرعي لانه لا يمكن الاغماض عنه وهذا من سعادة البشر اجراء حد من حدود الله وليس المقصود من الحد هو الحد في باب الديات والقصاص الحد يعني حكم شرعي فاقامة حكم من احكام الله بغض النظر عمن يقيمه نفس اقامة حكم من احكام الله اكثر بركة على الارض اعمارا وازدهارا من اربعين يوما مطرا .

لاحظ كيف باربعين يوم مطرا تزدهر كل الثروات الطبيعية ونظام الطبيعة ولكن اجراء حكم من احكام الله والتقيد به اعظم بركة على الارض فلا يمكن ان يجري المجتمع من دون تبيين الحوزات العلمية انا لا اقول ان نكن سذج ونستغفل لكن لنفكك بين الملفات بين ملف التبيين وملف الاصطفافات السياسية فدور الحوزة العلمية ان تبين الموقف الشرعي في هذه القضية السياسية يعني تبين الخطوط العامة هذا امر لابد منه وضروري فلا يصح تجهيل المجتمع وحتى النخب السياسية وانما يجب ترشيدهم وتبيينهم الخطوط العامة والانكفاء عن هذه المسؤولية لا مبرر له ابدا فمع وجود التفكيك بين الاصطفافات والمزايدات فلا يجرمنكم شنئان قوم ان تبينوا بينوا هو اقرب للتقوى ، فالتبيين مسئولية انت فكك بينها وبين الاصطفافات وبين الاستغلالات ويجب ان اتمكن من التفكيك بين الملفات لان هذا واجب وذاك حرام فتقوم بالواجب من دون ان تزج فيما هو حرام حيث يمكن التفكيك بين الملفات فالانكفاء لا يصح وهذه من اسباب السعادة كما يقول القرآن الكريم ليست الاسباب المادية فقط تكنولوجيا وانما هذه اسباب عظيمة في سعادة كل بلد وهي اجراء الحكم الشرعي وهي اعظم حتى من الادارة المتفوقة وحتى من التكنولوجيا لا اقول ان الاسباب المادية نتركها كلا نأخذ بها الله الله في نظم امركم يؤخذ بها لكن الاعظم منها هو اسباب تحكيم احكام الله وترشيد المجتمع بها وترشيد المجتمع لاحكام الله سواء سياسية او قضائية او اقتصادية او شيء اخر .

 

logo