47/02/22
اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (77)
الموضوع: اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (77)
باعتبار ان وجه نهضة سيد الشهداء امر محوري عظيم في الدين وبالتالي نجد محور المحاور هي الشعائر الحسينية وفي الاعتقاد بالامام الحسين فالمسألة ليست هينة واذا كان فحول الفقهاء يقرأون نهضة سيد الشهداء بحيطة وحذر وتثبت وتأني فالمسألة ليست سهلة فهي غاية الغايات ومقصد المقاصد كما انه مثلا في زيارة الاربعين ذكر انه ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة اذن هي مقصد اخر غير المقاصد التي سبقته فهنا تبارى وتسابق الاعلام في فهمها ولم يدعوا ان ما استنبطوه وقرأوه تقتصر مقاصد نهضة سيد الشهداء فيه.
هناك بعض من يقرأ مقاصد سيد الشهداء يقول انه لا نعتمد على مقصد واحد وهذا خطأ وانما كل وجه في نفسه مستقل ومبين فهذه النهضة مر بنا من يفسرها بانها تعبد خاص فغير صحيح وهناك تعبد بمعنى اخر ان ما نستنبطه من وجوه هذا ليس كل الواقع التي ابتغاها سيد الشهداء فما نستنبطه ليس كل الحقيقة وهذه قاعدة في كل سير المعصومين من سيد الانبياء الى سيد الشهداء من ثم ورود التعليلات المتعددة المتنوعة لفعل المعصومين سيما الافعال التي هي ذروة في حياة كل معصوم ليس بينها تناقض ولا تهافت ولا تدافع فلاحظ منظومية هذا البحث سواء في سيرة سيد الشهداء او بقية المعصومين فالمقاطع العمدة في سيرتهم ليس مبهما مطلقا لان الله نصبهم ائمة يقتدى بهم فالتعطيل في معرفة المعصومين او في افعالهم او اقوالهم غير صحيح ومن جهة لا يصح ان نقول كل ما استنبطناه هو كل شيء وليس وراه شيء اخر هذا ايضا خطأ يعني نحن لا نحيط بكل الوجوه التي يعتمدها المعصوم .
الشق الثالث ان ما نستنبطه من وجوه مجموعا يسند اليه لا كل واحدة واحدة ايضا هذا خطأ وانما كل منها وجه مستقل وليس لابدية المجموع فاذن هذه الوجوه مستقلة وليست حصرية وعملية الاجتهاد منفتحة ربما بعض الوجوه هي لبعض المقاطع ، كبعض منازل سيد الشهداء قبل يوم عاشوراء يعني في كيفية انطباقها على نهضة سيد الشهداء فهو انطباق متنوع مختلف فبالتالي هذه الملحمة العظيمة يجب استنباط القواعد منها لانها نهضة مرتبطة بالمسؤوليات العامة في المجتمع فبالتالي تنظير الوظيفة الشرعية امر جدا مهم على طول التاريخ فمعنى ان سيد الشهداء قدوة يعني ما فعله في عاشوراء وما قام به يقتدى به لا انه يجمد ويعطل كما ان ما قام به الامام الحسن يقتدى به اما متى هذا ومتى ذاك هذا لا بد ان يتأمل فيه .
كما ان ما فعله الامام السجاد هو هكذا مع ان الاخير له حالات متعددة وقد ورد في جملة من النصوص انه ع شارك عسكريا في كربلاء وارتث من الجراح وهذا موجود في غيبة النعماني وفي اصول الكافي فكلها يقتدى بها ولكل موضوع وظروف وملابسات .
كذلك ما فعله الامام الباقر طبعا مر بنا ان افعال المعصوم ليست تنحصر في البعد المعلن منه وانما هناك غير المعلن يعني حتى الافعال وسيرته ليست كلها معلنة والا ارسال الامام الباقر ابنه الى كاشان كان لتأسيس دولة كما ان هناك ابنا اخر للامام الباقر مدفون بجنب قبر سلمان في المدائن فالامام الباقر رسم ادوار لاولاده وانه كيف نقل الى بغداد ثم الى المدائن؟ فاحد ابناء الامام قاتل الامويين في مشهد اردهال قريبة من ضواحي كاشان وانت عندما تذهب هناك تحس بطعم واجواء حمزة بن عبد المطلب فكل معصوم يقتدى به وله افعال خفية وهي اعظم من الافعال المعلنة منه فيقتدى به في العلن ويقتدى به بالسر مؤمن بسركم وعلانيتكم .
ايضا من الوجوه التي وصلنا اليها وهو وجه مهم بنى عليه الشيخ الطوسي والسيد المرتضى وكاشف الغطاء وصاحب الجواهر وعدة من الفحول ان الامام في ادارته وامامته وقيادته للشأن العام السياسي مأمور بالموازين الظاهرية مثل كلام امير المؤمنين لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر هذه ليست قضية في واقعة وليس خاصة بالامام بما هو امام ، فهل هذه الضابطة ما تحققت في زمان الامام الباقر ام ماذا؟ هم بالتالي نور واحد وهذه الاثارات قديما موجودة حتى تلاميذ الباقر والصادق والكاظم يسألون الائمة لماذا امير المؤمنين والحسن والحسين قاموا بالسيف؟ يعني المقصود النهضة العسكرية فالائمة يبينون وجوه متعددة لكن كيف انها لم تتحقق في بقية الائمة؟
اثار العلماء اثارة هنا انه كيف وجه الجمع؟ لان الامام الباقر والصادق والكاظم يعلقون الامر على وجود صفوة مستميتة بالمسؤولية ، فبالنسبة لامير المؤمنين توفر ذلك عندما بويع او هناك زوايا اخرى في قبول امير المؤمنين للبيعة وليست فقط هذه الزاوية فليس هناك تدافع في منظومة افعال المعصومين ولابد من التوليف بينها فهذا الوجه الذي يذكره العلماء كالسيد المرتضى والطوسي وكاشف الغطاء وصاحب الجواهر وكثيرون ان الامام ما دام قد بويع ونصروه فيلزم على الامام اجابتهم كحكم ظاهري فعلى هذا الرأي الامام لا يلاحظ مقدار الربح والخسارة بلغة سياسية بل يلاحظها بعقلية شرعية كي يوم القيامة الامة لا تحتج على اهل البيت وعلى الامام الحسين انه دعوناك فلم تستجب لنا واستهديناك فلم تهدنا .
هذا شبيه بكلام امير المؤمنين يعبر عن عدم استخدامه للحيلة انه : ما لهم قاتلهم الله قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ، والكلام حول معاوية فيبين امير المؤمنين ان الامام يأخذ بالموازين الشرعية ولا يأخذ بالالاعيب سياسية فهذا متقارب لبحث الموازين الظاهرية فهنا يقع الكلام انه هل الامام في امامته وقيادته السياسية والعسكرية والادارية يستعمل الموازين الظاهرية ام يستعمل اليات وموازين اخرى للوصول للواقع ؟
فهناك ملحمة في معرفة الامام سواء الامام الحسين او بقية الائمة ، فهنا الشيخ كاشف الغطاء في مبحث القبلة يصرح ان الاصل اولي في الاحكام الشرعية في وظائف المعصوم ان يعمل بالموازين الظاهرية قال ان الاحكام الشرعية تدور مدار الحالة البشرية دون الملكوت يعني دون المنح الالهية فجهادهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر انما مداره على قدرة البشر وليس على القدرة الملكوتية ولذلك حملوا السلاح وامروا اصحابهم بحمله وكان منهم الجريح والقتيل وكثير من الانبياء والاوصياء دخلوا في حزب الشهداء ولا يلزمهم دفع الاعداء بالقدرة الالهية وقدرة الملكوت والمعجزة والدعاء ولا يلزم الائمة البناء على العلم الالهي وانما تدور تكاليفهم مدار العلم البشري .
فهنا عدة نقاط :
الاولى :
انه لا بد ان نلتفت الى ان الموازين الظاهرية التي يؤمر بها الامام المعصوم ليس كالفقهاء والعلماء وليس كالحكام السياسيين وحتى الصلحاء ولا كالفقهاء؟ وانما هناك فوارق كبيرة مع انه مأمور بالظاهر لكن هناك وفوارق عديدة منها انه لا يشتبه عليه الامر في المساحة الظاهرية فليس ان الامام يعمل بالظاهر كما الفقهاء والعلماء والصلحاء يعملون بالظاهر ، بل الامام وان امر بالظاهر ولكن فرق بين عمل الامام بالظاهر وعمل والفقهاء اولا الفقهاء في الوظيفة الظاهرية يقولون لا نستطيع ان نحيط بكل نظام الوظيفة الظاهرية وانما نشم مجالات منها لذلك يعبرون عنه بالاجتهاد بحسب القدرة والوسع البشري بينما المعصوم عنده احاطة بهذا البنيان الظاهر وهذا خلافا للعامة فهم في كتب الاصول والكلام يقولون الرسول يجتهد ، فان هذا خطأ اولا عمل الرسول بالاحكام الظاهرية ليس اجتهاد اصطلاحيا كما ورد انما اقضي بينكم بالبيانات والايمان فهذه من الاشتباهات العقائدية الخطيرة لربما تسرت لبعض اقلام الخاصة ، فقضاء النبي وفصله للنزاع بالبينة والايمان ليس اجتهاد والعمل بالاحكام الظاهرية ليس اجتهاد نعم عمل الفقهاء بالاحكام الظاهرية اجتهاد يعني بحسب وسعهم واحاطتهم فكما قال العلماء الحكم الظاهري له مراتب فهناك حكم وارد ومورود وحاكم ومحكوم وهناك عام وخاص فليست على رتبة واحدة فمن ثم يختلف العلماء فيما بينهم في الوجوه بينما المعصوم ليس عنده حيرة في الوجوه فلا يحتار بان الوظيفة الظاهرية هذه او تلك .
تجد هذا التعبير موجود في علم الاصول وهو علم عظيم في قراءة العقائد حيث ان علماء الاصول قالوا نفس بنية الظاهر لها واقع يعني انما اقضي بينكم بالبيانات والايمان هذا تشريع شرعه الله لكنه ظاهري فاذن الاحكام الظاهرية لها واقعية او قل للواقعية مراتب حتى الحداثويين والفلاسفة خلطوا بين الاجتهاد وبين عمل المعصوم بالوظيفة الظاهرية فعمل المعصوم ليس اجتهاد وفصل النزاعات ليس اجتهادا من رسول الله كما سموه علماء العامة يعني يخطئ ويصيب نعم هي قد الوظيفة الظاهرية تخطئ وتصيب كما قال ص : وربما حكمت او قضيت لاحدكم بقطعة من الارض وتأتي في عنقه يوم القيامة كقطعة نار فهذا ليس اجتهادا من رسول الله وانما الباري تعالى امره ان يعمل بالوظيفة الظاهرية فالفقهاء حتى في تشخيصهم لهذا الظاهر قد يشتبهون لانه هذا ليس هو الظاهر المأمور به وانما هناك ظاهر اخر في القاعدة الكذائية مثلا ، اما عمل المعصوم يصل الى حاق الواقع في الحكم الظاهري فهو ظاهري قد لا يصيب الواقع فهذا الخطأ ليس من المعصوم وانما في نفس الميزان الظاهري الذي امر به المعصوم هذا ليس اجتهادا فنحن لسنا مخطئة للمعصوم في وظيفته الظاهرية فالحكم الظاهري يخطئ ويصيب لا ان تشخيص المعصوم للوظيفة الظاهرية يخطئ ويصيب .
اذن هناك اختلاف في عمل النبي والائمة بالاحكام الظاهرية وفي مساحتها اختلاف بين الاعلام في الحكم السياسي كحاكم سلطة قضائية في عمله الفردي او الاسري او في اي ابعاد فهنا ايضا معركة اراء ومن ثم نهضة سيد الشهداء في يوم عاشوراء يأتي هذا البحث فيها انها هل تلزم سيد الشهداء بذلك ام لا؟ فاذن عمل المعصوم بالاحكام الظاهرية ليس اجتهادا وحتى لو اخطأ ليس اجتهاد لان هذا الخطأ ليس من المعصوم بل المجتهد يخطئ ويصيب علاوة على ان الحكم الظاهري يخطئ ويصيب اما المعصوم لا يخطئ انما هو امر بهذا الميزان والميزان يخطئ ويصيب وليس المعصوم .
فهذا هو الفارق الاول الكبير بين المعصوم والفقهاء وهذا لم يلتفت اليه علماء الجمهور حتى ابن عربي يقول انا لست متضلعا في الفقه والاصول فلاحظ الاخفاق في الفقه والاصول سبب اخفاق ابن عربي في قراءة سيرة الرسول ايضا لاحظ هناك فرق ثاني بين المعصوم في العمل بالوظيفة الظاهرية ان الفقيه قد يخطئ في التطبيق ان لم يخطئ في التنظير وهذا بالاصطلاح الحوزوي يسمى بالشبهة الحكمية قد يخطئ وقد لا يخطئ فيها الفقيه بينما المعصوم لا يخطئ في الشبهة الحكمية يعني في التنظير في التطبيق يعني شبهة موضوعية فالفقيه قد يخطئ في التطبيق لان هذا ليس بموضوع هو يفكر الموضوع سلم لكن المعصوم يقول هنا موضع حرب او قد الفقيه يشخص انه موضع حرب والمعصوم يقول هو موضوع هدنة .
مثلا الصحابة كلهم تمردوا واعترضوا على رسول الله في صلح الحديبية وقالوا هذا ذل الاسلام والحال ان الله عز وجل ورسوله يقولون هذا عز مبين للاسلام لاحظ هناك تشخيصات خطيرة في منعطف مسيرة النبي انه الصحابة كيف يشخصون والنبي كيف يشخص؟ ولذلك القرآن يبين عصمة النبي في التدبير التنفيذي الاجرائي التطبيقي المصداقي اي الشبهة الموضوعية في تدبير الامور السياسية واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر اي تدبير الشؤون العامة العسكرية والسياسية والاقتصادية لعنتم يعني لوقعتم في مشقة ولكن الله حبب اليكم الايمان يعني طاعة الرسول سماها ايمان فالاية صريحة بان النبي في تدبير الامور في الشبهة الموضوعية وفي الامور العامة السياسية الخطرة والعسكرية معصوم من الزلل فليس عنده اجتهاد ظني يخطئ ويصيب .
كما ان هناك اية اخرى تشمله وتشمل اوصيائه : وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ، فهي تبين ان النبي لا يخطئ في الشبهة الموضوعية فهذا فارق ثاني بين المعصومين والفقهاء وهذا هو في الشأن السياسي والذي فيه الف ملف وملف ، هذا فرق كبير بين النبي واهل بيته والفقهاء لذلك راجعوا كتب اصول الفقه عند العامة في مبحث الاجتهاد يجوزون اجتهاد النبي يعني هو يستنبط الحكم بالظن وهذا خطأ نعم هو يؤمر بالعمل بالظن لا انه يستنبط بالظن وفرق بين الامرين .
مثلا بعضهم يفسر كلام امير المؤمنين بشكل خاطئ في نهج البلاغة انه عين احد اصحابه واليا ثم خانه فقال امير المؤمنين غرني فيك صلاح ابيك يعني خدعت ولكن هذا ليس خدعة وانما هو مأمور بان يعطي الصلاحيات في الدولة بحسب الموازين الظاهرية او قوله ع : اول ما بويع انا لست بفوق ان اخطئ فيزعمون انه تصريح منه انه يجتهد ويخطئ طبعا كلمة يجتهد في اللغة ليس بالمعنى الاصطلاحي الذي نحن فيه وانما يعني يبذل قدرته اما الاجتهاد الذي عند الفقهاء يعني يبذل وسعه في استنباط الحكم واستكشافه وتشخيصه سواء الحكم التنفيذي الاجرائي القضايائب العسكري او السلطة التشريعية والسلطة القضائية او السلطة التنفيذية فالاجتهاد الذي يقوله امير المؤمنين يعني بحسب القدرة اللي انا مكلف بها لا انها تخطئ وتصيب .
واما قوله عليه السلام في نهج البلاغة اني لست بفوق ان اخطئ يعني انا كحكومة وكجهاز وحاكم و وزراء ومعاونين وقيادات مديرين ليسوا معصومين وانما المعصوم هو معصوم لكن الجهاز ليس بمعصوم خالد بن الوليد اعطاه النبي سرية من سرايا الجيش في فتح مكة ولكنه قام بسفك الدماء حتى ان النبي رفع يده الى السماء وقال اللهم اني ابرأ اليك مما فعل خالد فهنا الجهاز اخطأ وليس الرسول اخطأ .
ان قلت :
ان كان يعلم رسول الله بان هذا يخطئ فلماذا عينه؟
نقول :
فرصة المشاركة في الدولة لا يمنعها الرسول عن احد وانما يفتح المجال للجميع والا لقيل عن رسول الله بانه منحاز بل هناك اشكال اعظم انه لماذا الله اعطى اياته لبلعم بن باعورا ؟ لان الله عدل فانه في الفترة التي كان بلعم بن باعورة مستقيما فاعطاه الله ذلك من باب ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يعطى ملكوت وتجد الله يشهد بان هذا ملكوت واضرب لهم مثلا الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها وكما بين اهل البيت ان ابليس قبل ان ينحرف وصل الى مقام الكروبيين وحتى ان النبي يحيى في جملة من لقاءاته مع ابليس طلب منه مشاهداته للملكوت فلماذا انت نبي وتسأل ابليس؟ ان هذا لا ينافي فهذا لا يدل على استقامة ابليس وافضليته وموجود في بيانات اهل البيت ان احب الانبياء الى ابليس كان النبي يحيى فهناك مقامات عظيمة بينها الامام الصادق حول ما جرى بين يحيى وابليس من هذه المقاطع انه يقول الامام الصادق ان ابليس علمه بجهنم عين اليقين بينما النبي يحيى عنده علم اليقين وهو علم ادنى من علم ابليس ، فابليس طلب من الله ان يريه جهنم عين اليقين وذلك قبل ان ينحرف فلما ذهب به الى ابواب جهنم ارتعدت فرائسه لما فتحت ابوابها فهذا المشهد الملكوتي تجد النبي يحيى يسأل ابليس عنها لان يحيى يعلم بعلم اليقين فعلم اليقين دون عين اليقين .
لكن هذا كله لم يجعل لابليس استقامة ولم يسبب عصمته فمن يعرف بهذه المعارف غير اهل البيت؟ ولكن تجد هناك غفلة عن المعاجز العلمية في هذا التراث واذا قيل لهم تعالوا الى علوم اهل البيت لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لايؤمنون فالسؤال هو انه لماذا اعطى الله هذا لابليس؟ لانه من جد وجد لكن لما ينحرف يسلب منه يعني لو حبذا يكتب كتاب حول رياضات ابليس عن لسان اهل البيت وانه الى اين وصل ستجد العبرة العظيمة ان الانسان لا ينخدع بنفسه ولا بالملكوت الذي اعطاه الله كما تقول الصديقة المدار كل المدار على حسن العاقبة والا قبل ذلك الانسان على خطر عظيم قد يصعد ويهوي .
اذكر لقطة من المعاجز العلمية لاهل البيت ليست موجودة عند الصوفية ولا العرفاء ان ابليس احد المقامات التي وصل اليها انه وكل بشأن السماء الخامسة فهو اعطي واعطي واعطي ثم هوى الشيخ الانصاري لاجل تقواه يقول هذا من الاول ليس له ايمان بينما القرآن يقول امنوا ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا .
فنرجع الى الوظيفة الظاهرية للامام المعصوم انها تختلف سنخا عن وظيفة الفقهاء والعلماء ونخب الامة من جهات عديدة وليس اجتهاد للمعصوم فهذا تعبير غير صحيح .
من الفوارق ايضا بين ما مر بنا في الجلسات السابقة ان التفوق البشري للمعصوم بغض النظر عن عصمته واصطفائه هذا التفوق يشير له القرآن ويشير له دعاء الندبة فشرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فاعطيتهم العصمة شبيه واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما فاذن هو بجدارته تفوق على الاخرين واستحق مقام الامامة فهذا مقام في المعصوم لا يصل اليه الاخرون شبيه ما يقال بمدرسة المتميزين او المتفوقين او الموهوبين ، كذلك المعصومين عندهم سبق في كل شيء .
فالفرق الاخر هو هذا ان المعصوم بغض النظر عن الجانب الغيبي هو اكمل البشر في ادارته وتدبيره البشري لذلك اصطفاه الله يعني يزيده كمالا ، اذن عمل المعصوم بالظاهر ليس كالفقهاء وانما هناك جهات عديدة تختلف بين المعصوم وغيره اذن عمل المعصوم بالوظيفة الظاهرية ليس معناه انه استنبط فاخطأ او اصاب يبقى الكلام انه ما هي المساحة التي يؤمر المعصوم في امامته في دورته الالهية ان يعمل بالظاهر ، فبحسب بيان القرآن اني جاعل في الارض خليفة فهو قائد للملائكة حيث في عالم الملائكة ليس موازين ظاهرية بالمعنى الذي عندنا في علم الاصول ، فهذه المساحة لا يعمل فيها المعصوم الا بالواقع اضف الى ذلك لاحظ الفارق بين النبي موسى والخضر هذا الفارق نشرحه في الجلسة اللاحقة يقول الامام الصادق عنه هو هذا الفرق بين معصوم وغيره .
الاسئلة والاجوبة :
لاحظ قد ما يستنبطه الفقيه من الظاهر يكون خطأ لكن المعصوم ليس عنده خطأ يعني هذا الظاهر واقعا شرعه الله ، لاحظ الفرق سواء في الشبهة الحكمية او بالتعبير الثقافي تنظيرا او في الشبهة الموضوعية يعني التطبيق .
سؤال :
ذكرتم في المحاضرة ان الميزان الذي يأمر الله المعصوم ما هو؟
الجواب :
هذا الميزان مثل اصالة الطهارة هي تخطئ وتصيب لا ان المعصوم يخطئ ويصيب قد الفقيه يشتبه مثلا قد هنالك استصحاب النجاسة وليس اصالة الطهارة فيشتبه في التطبيق والتنظير ويجتهد في كليهما اما المعصوم ليس عنده اجتهاد ظني يخطئ ويصيب لا في التنظير ولا في التطبيق الميزان الذي امر به النبي او المعصوم ذاك الميزان طبيعته يخطئ ويصيب فلذلك لا يسمى هذا اجتهاد من المعصوم وانما العامة خطأ تسميه اجتهاد مثلا النبي قال الولد للفراش وللعاهر الحجر فامر ان يقول ذلك لكن لا انه هو يخطئ .
كما في تلك الجلسة قال الرسول والله لا يقومن احد ويسألني هل هو ابن ابيه ام لا الا اخبرته فهو يعلم لكن هذا العلم غير مسموح له ان يعمله ، مثلا في باب القضاء النبي داوود اراد ان يقضي بالواقع فرأى ان الناس لا تتحمل ذلك فبدأوا يظنون به سوءا وقالوا ان داوود يتواطأ مع المجرمين فشك في قضائه لانه لا يحتاج الى بينة ولا ايمان لذلك بعض الفقهاء في بحث علم القاضي قالوا لا يسوغ له ان يقضي بعلمه .
سؤال :
بالنسبة للامام زيد العابدين انه شارك في المقاتلة والحرب انها رواية الزيدية .
الجواب :
هناك رواية اخرى موجودة عن غير الزيدية موجودة في فضيلة ليلة القدر والمحاججة التي صارت بين عبد الله بن عباس وزين العابدين فمن ضمن اعتراضات عبد الله بن عباس على الامام التي في غير محله قال انت و والدك دخلتم في حرب عسكرية والحال ان الله يقول في ظروف معينة لا تخوضوا حربا عسكرية ورابطوا ، فالامام زين العابدين قال للوسيط اذهب وقل له هذا الامر ليس موجها لي ولابي هذا موجه للامام الثاني عشر فزين العابدين شارك مع ابيه في الحرب العسكرية في يوم عاشوراء فهذه المحاججة مفروغ فيها ان الامام زين العابدين شارك مع ابيه الحسين في قتال عاشوراء مع انه هذه الرواية ليس فيها انه قاتل فارت بالجراح ولكن فيها بالدلالة الالتزامية او الاقتضائية المفروغية عن مشاركة زين العابدين في قتال يوم عاشوراء وتواجده في معسكر الامام الحسين .
الان حتى لو العدو يدمر معسكرا اخر اذا رأى شخصا مضمد او مشجع يعتبروه من الجيش فقيام زين العابدين في عاشوراء عبارة عن قيامه بالسيف فشارك في نهضة عسكرية فاصراره على التواجد في ارض كربلاء في يوم عاشوراء معنى انه هو احد من يدير احداث عاشوراء وان كانت مسؤوليته هو حول ادارة السبايا فزين العابدين خاطر في واقعة عاشوراء وشارك واصطف مع ابيه فحتى لو افترضنا انه لم يحمل السيف لكن نفس تواجده نوع من الشحن والدعم للانصار ولبقية اهل البيت في الموقف فموقعيته ليست سهلة .
سؤال :
من ضمن المراتب العليا هي حق اليقين هل توجد ملازمة بين الوصول الى حق اليقين والعصمة؟
الجواب :
اما العصمة فكلا لا توجد ملازمة نعم لكن الطهارة ليست بمعنى العصمة او بعبارة اخرى حق اليقين درجات وكذلك عين اليقين وعلم اليقين فاعلى المقامات هي من نصيب سيد الانبياء واهل بيته مع ان ابليس وصل الى جهنم بعين اليقين مع ذلك لم يحدث لديه يقين وبعد ما انقضت هذه المشاهدة نسي الامر لذلك ذكر القرآن العظيم في قوله تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه يعني لاحظ وجود الوحي في حالة معينة بعد ما ينقضي عنه الوحي ويرجع الى حالته العادية لا يقول ما رأيته خرافة وسراب وتسويل الشياطين بل يقول امن الرسول بما انزل اليه من ربه انه من الله مثلا الانسان قد تحصل له حالات معنوية كبيرة ولكن لا ينغر بذلك .
احد فوائد معرفة فقه القلوب او الرياضات الروحية انه نفهم ما هي حالات النبوة والامامة ولو كان بلا تشبيه وبلا قياس قد يصير انسان في حالة معينة عنده اطمئنان ويقين لكن لما تنقضي عنه هذه الحالة ويرجع لحالته الاولى يقول هذه خرافة نظير ما اراد ابليس ان يفعله مع ابراهيم عندما هم بذبح اسماع كما بينه اهل البيت وهذا يختلف عن العرفان البشري ، فالعرفان البشري يقول امير المؤمنين في روايات الاحتجاج الذي يسمونه حديث الزنديق ان علماء هذه الامة لا يدركون انواع الوحي وتنوعه يعني الوحي هو نوع من المكاشفة قوله تعالى فلما بلغ اشده اتيناه حكما وعلما ، عندنا حكمة كحكمة لقمان ايتائية مفتوح بابها وعندنا علم ايتائي ايضا بابها مفتوح ولكن الحكمة لا تدل على عصمة الانسان ولا انه نبي ولا باب .
فلما بلغ اشده اتيناه حكما يعني حكم ايتائية وليست كسبية يسموها مواهب لدنية هذه اصطلاحات جذرها القرآن فهذه ليست من الصوفية والعرفاء ولذلك القرآن يقول وكذلك نجزي المحسنين ولم يقل المعصومين والمصطفين والانبياء والمرسلين فباب الاحسان مفتوح ولذلك يقول اهل البيت ان سلمان اوتي حكمة اعظم من لقمان مثلا الامام الصادق ما كذب ذاك المسيحي الذي عنده علم لدني قال له بما وصلت الى هذا؟ قال بمخالفة هواي ، قال الامام فاعرض الاسلام على نفسك هل تهواه؟ قال لا قال خالفه فخالف ورفع وراح منه ذاك العلم قال راح علمي يا ابن رسول الله قال يجازيك الله في الاخرة
فالانسان لاينخدع انه اذا رأى ذا ملكوت يظن ان هذا معصوم او نائب خاص للمعصوم هذا خطأ فلما بلغ اشده اتيناه حكما وعلما فليس هو يصبح معصوم ، تجد الخطأ الموجود عند اهل العلم فضلا عن عامة الناس انه عندما يرون عند شخص كرامة ما يظنونه انه اصبح معيارا قياسيا للعصمة والاصطفاء كلا ليس هكذا بل حتى لو رأى النار او الجنة لا يجعله ذلك معصوما ابليس راى جهنم بعين اليقين حيث ذهب به احد الملائكة الى ابواب جهنم فابليس مع انه رأى جهنم عين اليقين لكن بعد ان رجع الى حالته اللاحقة وانحرافه لم يؤمن فحينها هو عنده حالة معينة لكن لا يصبح معصوما . كذلك بلعم بن باعورا اعطي الحكمة الايتائية والعلم الايتائي وايتائيته لم يقيدها القرآن بالعصمة والاصطفاء فهي حالة احسان لكن قد يهوي ويصير من المسيئين
سؤال :
شيخنا ابليس هل يستحيل ان يتوب ويستغفر ؟
الجواب :
كلا ليس هناك استحالة ما دام هو مكلف لا يستحيل .
السؤال :
ما هو مبنى الشيخ جعفر كاشف الغطاء؟
الجواب : هو مبناه وانا لا اوافقه عليه ان الاصل في المعصوم في ادارته في الامور السياسية ان يعمل بالظن وهذا اشتباه ، فالمعصوم لا يشتبه في السياسة بل هو يؤمر بالعمل بالموازين الظاهرة في السياسة لا انه يستنبط الامارة بالظن نعم الحاكم السياسي العادي او الفقيه فنعم اما المعصوم ليس كذلك .
سؤال :
هل مشاركة المعصومين في المعارك هي بقدرتهم البشرية؟
الجواب :
هذا سنتعرض له ، القرآن يبين ان المعصومين لهم تفوق بشري بغض النظر عن العصمة والا ما اعطاهم الله ذلك لانه يصير ظلم وانما لاجل تفوقهم اعطاهم الله ذلك هذا احد الفوارق بين بشرية المعصوم وبشرية الفقهاء فذلك الجانب على حاله وكذلك هذا الجانب ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليه ما يلبسون وكما قيل لسيد الانبياء لم جعلك الله سيد الانبياء قال لاني اول من اجبت وهذا قبل ان يحظيه الله بسؤدة سيد الانبياء وحسب بيانات الوحي نحن مأمورين بالتأسي في كل شئون سيد الانبياء سواء في تفوقه البشري في اصطفائه حتى في وظيفته الظاهرية نصبه الله عز وجل لنا قدوة لكي نأتم به فنصبهم الله لنا ائمة لاننا مأمورون بالانقياد اليهم والاهتمام بهم في كل الشؤون .
سؤال :
وكنا لحكمهم شاهدين لماذا هنا ضمير الجمع؟
الجواب:
هذا بينه اهل البيت والمفسرين غفلوا عنه وحتى صاحب الميزان وحتى الفخر الرازي غفلا عنه هنا لانه كان علماء اليهود حاضرين وهم تداولوا الحكم وارادوا ان يصدروا حكما غير حكم داود فهنا تارة يوجه العدسة لداوود وسليمان واخرى لليهود .