47/02/12
اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (74)
الموضوع: اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (74)
كان الكلام في ان سيرة المعصوم القطعية او الظنية كل ما انجز من العلوم الدينية الاجتهادية مهما كانت هي تتقاصر عن القراءة المحيطة به بل لابد من استمرار عملية الاجتهاد في قراءة سيرة المعصوم القطعية والظنية لما تشتمل من وجوه لا تعد ولا تحصى وهذا بحث مفصلي مضى بنا طويلا وكل وجه ينشعب منها وجوه واقوال في قراءة نهضة سيد الشهداء من قبل الفقهاء طبعا هذا كمثال ان التاريخ المشتمل على السيرة القطعية للمعصوم او الظنية قراءته ليست بتلك السهولة او بعبارة اخرى قراءته وتفسيره لا ينحصر ولا يتحدد وهذا ليس بمعنى تشييد باب السفسطة والوسوسة والتشكيك وانما ما استنبط من قواعد ووجوه يبقى على حاله سواء هي قواعد تنظيرا قطعية وتطبيقا قطعية او ظنية قطعية او ظنية ظنية هذه الوجوه نعم بها فهي تتبع وتستنبط ويتاسى بالمعصوم لكن لا تحصر الوجوه لفعل او قول المعصوم بها لما مر من اعتراف كبار الاعلام به ، بل حتى معرفة ذات القرآن او معرفة الله او ذات النبي او ذات الامام واقوال الله في كتابه لا يحاط بها وكذلك لا يقال القرآن معطل لا حجية فيه وايضا لا يقال يحاط به فلا تعطيل ولا احاطة تامة قد يقال هو امر بين امرين فالمسيرة والحبل على الجرار في قراءة كتاب الله وكلمات النبي .
لذلك قال النبي في حجة الوداع نضر الله امرأ حفظ مقالتي وبلغها لمن لم يسمعها فرب حامل فقه وليس بفقيه يعني فقط راوي ورب حامل فقه الى من هو افقه منه وهذا يشير الى ان مسيرة الاجتهاد والفقاهة مستمرة ولا تنقطع في حضور سيد الانبياء او الائمة او في زمن غيبتهم او في زمن ظهور صاحب الزمان او في البرزخ بل حتى الملائكة عندهم اجتهادات نعم هم لديهم علم لدني وحياني هذا صحيح ولكن ليس كل علمهم وحياني، فان قسما من علم الملائكة حصولي واجتهادي وهذا بينه ائمة اهل البيت وبينه القرآن وان خفي ذلك على الفلاسفة والعرفاء فليس كل علمهم حضوري حتى العلم الحضوري والمكاشفات هي طبقات ودرجات ويمكن ان يضم له الجانب التفهيمي اذن المسيرة مستمرة .
الوجه الاخر الذي ذكره الاعلام وقرأنا بعض الكلمات ما ذكره صاحب الجواهر وقبله استاذه الشيخ جعفر كاشف الغطاء وقبلهما السيد المرتضى والشيخ الطوسي ان سيد الشهداء ملزم بالموازين الظاهرية في عالم السياسة وفي عالم اقامة الحكم وليس في القضايا الفردية فقط كما قال النبي في باب القضاء انما اقضي بينكم بالبينات والايمان والامام هكذا وكانما الاعلام الاصل لديهم ان الامام ملزم بالعمل بالقواعد الظاهرية اما انهم يعملون بالعلم اللدني والملكوتي فهي في موارد معينة محددة من قبل الله .
هذا مبحث ملحمي كبير ان الامام في بعد امامته وقيادته سواء سياسية او دينية او اجتماعية لان السلطة ليست فقط قضائية وانما تنفيذية وتشريعية فهم قالوا في التبليغ الامام يعمل بالعلم اللدني وكذلك سيد الانبياء اما في التنفيذ والسلطة القضائية الائمة يعملون بالموازين الظاهرية وملزمين بها فعلى ضوء هذه القاعدة سيد الشهداء ملزم عندما تأتيه كتب اهل الكوفة ان ينهض وان كان يعلم بالعلم اللدني او غير اللدني ان العواقب كيف ستكون؟ فهذا توجيه وتخريج لنهضة سيد الشهداء على طبق هذه القاعدة وهي ليست فقهية محضة ولا كلامية محضة وانما بين وبين مما يدلل على ان العلوم الدينية تتشارك في كثير من المباحث والمسائل وفي اعطاء التفسير او الاستنباط لتلك المسائل هناك مشاركة وتخادم بين العلوم الدينية .
ثم انه لا يقتصر ولا يكتفى بعلم فقه الفروع وانما حتى بعلم الكلام ولا يكتفى بعلم الكلام فقط بل لابد من علم الفقه وربما علم التفسير يعني لتنقيه قاعدة معينة او مسألة من امهات المسائل تتشارك عدة علوم دينية في الاستنباط والاستنتاج والتنقيح .
من ثم البعض يشترط في اعلمية المرجع هذا الامر يعني هذه المسائل التي هي متداخلة لاستنباطها واستنتاجها تتداخل فيها عدة علوم وعدة مقدمات فلا يكفي التضلع في علم الاصول او علم الفقه لابد من القوة في علم الكلام وربما جهات تفسيرية معينة قرآنية فبالتالي تتدخل هذه العلوم وكذلك التظلع في علم التفسير وهكذا الحال في علم الاصول سيما في بحث الحجج دخالة علم الكلام فيه كثيرة جدا فاذن هذا تفسير كلامي فقهي حول نهضة سيد الشهداء فليس هو بالبحث السهل وانما يجب التدبر والتمعن فيه وينعكس على ابواب فقهية وكلامية كثيرة .
هنا قد يثار سؤال على هذا التوجيه بغض النظر عن تفاصيله انه بقية الائمة كزين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري عرضت عليهم نفس هذه العروض ولكن لم يستجيبوا لها بل اشترطوا نوعية خاصة من الانصار مثلا اتى خراساني للامام الصادق والقصة معروفة في مناقب ابن شهراشوب فقال يا ابن رسول الله ان لديك مئة الف سيف ضارب وهذا العدد ايضا ورد في زمان الكاظم انه عنده مئة الف سيف ضارب ونقل هذا المطلب الطبري ظاهرا في شأن موسى ابن جعفر وموجود هو في الكشي فيقول لديك مائة الف سيف ضارب فلم لا تقوم بالامر وتنهض؟ ولعلها كانت في فترة تخلخل زوال الدولة الاموية والعباسية فالامام قال للجارية اسجري التنور فسجرته وهو نار يلتهب فلما جاء ابو هارون المكي قال الامام الصادق له ادخل التنور طبعا قبل ذلك الامام عرض على هذا الخراساني وقال له ادخل التنور قال يا ابن رسول الله اعفني اتوب من جهالتي فجاء ابو هارون المكي وهو مقيم في مكة فقال له يا ابا هارون ادخل التنور فدخل واخذ الامام يأخذ باطراف الحديث مع هذا الخراساني ولكن الاخير مندهش بما حدث ثم بعد فترة قال الامام لابي هارون اخرج فخرج وهو على حاله فالامام الصادق قال كم في خراسان كهذا ؟ قال : سيدنا ولا واحد فالامام قال اذا حصلنا عددا من الشيعة كهذا سنقوم .
اذن كيف في زمن الامام الحسين الموازين كانت بشكل وفي زمن باقي الائمة تختلف؟ فالعدد تارة ثلاثمئة وثلاثة عشر وتارة اربعين تارة عشرين حسب الكيف ، لان الكيف امر مهم فالامام امير المؤمنين قال لو كان حمزة وجعفر حيين لما انحرت الامة مع انهما اثنين لكن لاحظ المستوى الكيفي وتاثيره صاعد جدا ، بينما لما استشهد حمزة وجعفر الطيار امير المؤمنين اقام الحجة وانتخى اربعينا من المهاجرين ولكن لم يفو الا اربعة منهم فلم ينهض امير المؤمنين ، فهو ينهض بحمزة وجعفر لكن بالاربعة لم ينهض لاحظ قدرة الكم والكيف له دور عظم وهذا يدل على عظمة دور حمزة وجعفر .
حتى ان امير المؤمنين اشترط في نهضته في قضية السقيفة ان تكون هناك عدة يناطح بهم الجبال وهذا موجود في الكشي ، هذا المبحث لم يطرح فقهيا ولا كلاميا مع انه امر مبهم في شأن المعصومين حتى في قضية ظهور صاحب الزمان هل القضية هي ثلاث مئة وثلاثة عشر ام القضية شيء اخر لان القرآن يقول هناك شرائط اخرى ان تنصروا الله ينصركم او لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم يعني لابد ان يكون هناك تغيير في الامة الايمانية والبشرية للقيام بالمسئولية والان سابين ملفات عديدة فهرسة انه كيف متشعبة ومتشابكة هذه الملفات في هذا البحث؟ لكي نلتفت الى ان قراءة سيرة المعصوم واقواله ليس بالشيء الهين على رواد العلم فضلا عن غيرهم .
ان هناك نكتة مهمة وبشواهد قطعية في التاريخ ان الائمة كان بامكانهم النصر من دون عون الامة والملكوت والاعجاز وانما يتمكنوا من النصر بتفوقهم البشري وليس بعصمتهم يعني المعصوم تنفك شخصيته العصموية عن شخصيته البشرية وهذا مبحث كلامي مرتبط بقواعد ابواب كثيرة وحتى ذكر القرآن واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات ، فابراهيم مفعول به وربه فاعل فقدم المفعول على الفاعل فاتمهن يعني نجح في الامتحان قال اني جاعلك للناس اماما فالامامة اعطيت له بعدما نجح بالامتحان هل نجاحه في امتحان الامامة كانت بقدرته الملكوتية؟ كلا وانما هنا التفوق البشري في المصطفين اعطاهم الاصطفاء وهذا ليس فقط اصطفاء الامامة وانما حتى في اصطفاء الرسالة هكذا وكذا اصطفاء النبوة ، فبتفوقه البشري في الامتحان ونجاحه اهله الله ان يصطفى بالنبوة والرسالة والخلة والامامة والحجية .
هذه النكتة المهمة لم يخض فيها علماء الكلام بسطا وعمقا لكن هي حقيقة موجودة في الوحي وحتى في النبي موسى وفتناك فتونا ولكن ذلك كان حينما نجح في الامتحان بتفوقه البشري فهنا لا يسمى الاكتساب اصطفاء فالاصطفاء ليس جبر مع انه فعل الله ان يصطفي ، فالله يخلق ما يشاء ويختار ، ان هذه الابحاث مرتبطة ببحثنا وسابين كيف المعصوم فيه بعد بشري وهذا البحث لم يخض فيه علماء الامامية انه ما هو البعد البشري في الامام الذي لا يتكئ فيه لا على الاصطفاء ولاعلى الملكوت في قيادته وفي طهارته وفي كمالاته فهذا البعد موجود ولا يمكن نفيه .
مثلا ورد في دعاء الندبة وهو دورة عقائدية معقدة صعبة جدا : بعد ان شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فهل هناك عالم يفهم هذه الكلمات؟ حتى الرواة لا يفهمونه ولا يصل علمهم الى هذا فشرطوا لك ذلك هذه الركن الثاني الركن الثالث وعلمت منهم الوفاء به يعني علمت مسبقا بالوفاء اللاحق هذا الوفاء ليس متكئا على الاصطفاء وانما على التفوق البشري يعني قبل الاصطفاء وقبل ان يعطيهم الامامة والنبوة فلا يمكن ان نقول شرطت عليهم ان يفوا بالعصمة التي اعطيتهم اياها هذا لا معنى له فعلمت مسبقا بالوفاء اللاحق والركن الرابع هو فقبلتهم وقربتهم وهبطت عليهم ملائكتك يعني بنود الاصطفاء الملكوتية وفرتها لهم .
فالاصطفاء معلول الوفاء والوفاء معلول قبولهم مثل واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فقال اني جاعلك للناس اماما لكن هناك امتحان سبق هذا الجعل في شأن النبي ابراهيم ولكن في جملة من الاصطفائيات الجزاء قبل العمل وهذا كمدارس المتميزين او الموهوبين او المتفوقين مع انه لم يدخلوا المدرسة ولم يدرسوا ولكن توسموا فيهم التفوق فعقلائيا تجد الجزاء قبل العمل لانه تعلم بان العمل سيكون هكذا فقربتهم واحبطت عليهم ملائكتك فذكر في دعاء الندبة بنود عشرة للعصمة الذكر العلي والثناء الجليل اذن وصولهم الى الاصطفاء ليس جبرا بل لنجاحهم المتفوق على كل البشر لذلك هذا هو الفرق بين الاصطفاء والاكتساب حتى لو كان من المواهب اللدنية فالاكتساب ليس تفوق كامل انحصاري .
قوله تعالى ومن يؤتي الحكمة عمل الاصطفاء هو تفوق كامل وانحصاري اذن هناك ابعاد في شخصية المعصوم ومنها التفوق في البعد البشري في الطهارة والطاعة والعلم فهو بغض النظر عن العلم اللدني عنده تفوق في القيادة والشجاعة والصبر والكمالات وليس فقط على الصعيد الفردي وانما على الصعيد الاجتماعي والسياسي والديني والقيادي فهو مدير لحلحلة الازمات بغض النظر عن عصمته وامامته والبعد الملكوتي الذي لديه هذا موجود في شؤون الانبياء واوصياءهم خاصة سيد الانبياء واهل بيته .
فهنا لما نقول نهضة سيد الشهداء كيف تفسر هل في بعد التفوق البشري الذي ليس مرتبط بالعصمة؟ او بعد العصمة يعني العلم اللدني ؟ فما هي التكاليف؟ هنا الفقهاء يعترفون انهم في حيص وبيص من انه ما هي التكاليف التي تتوجه الى الامام من جهة عصمته؟ يعني في استخدام العلم اللدني والملكوتي وما هي التكاليف التي توجه الى المعصوم بما هو بشر بغض النظر عن العصمة ؟ هذه حزورة يعترف كاشف الغطاء وصاحب الجواهر والشيخ الطوسي والسيد المرتضى به .
كثير من الرواة يفكر ان المعصوم يسوغ له ان يستند في افعاله بالملكوت والاصطفاء والمعجزة وهذا خطأ هذه نسميها الديناميكية والحركة النشطة في المعصوم فهناك بعد بشري وملكوتي فايهما تتحكم في ادوار المعصوم لماذا هذه المثابرة في الانبياء في الادارة الامنية والعسكرية والاخلاقية والرياضة النفسية والروحية ؟ يقول الخضر عن امير المؤمن انسيت من قبلك واعززت من بعدك وهذه النكتة ذكرها الخضر في رحيل امير المؤمنين سبقت سبقا يعني سبقت المصطفين من قبلك فادم ونوح وموسى وعيسى والبقية صاروا نسيا منسيا مع هذا الاصطفاء لامير المؤمنين في الفضائل والكمالات وعجزت من بعدك هذه العبارة اقتبسها الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في رثاء السيد ابي الحسن الاصفهاني .
فحتى المصطفين لديهم مسابقة بين بعضهم هل هذه المسابقة متكأة على الاصطفاء او على التفوق البشري فيما بينهم؟ كلا وانما المصطفين من الانبياء الرسل والائمة والحجج كما انهم متفوقون على البشر عندهم جانب اخر بينهم سباق في البعد التفوقي البشري في تعبير الامام الهادي في زيارة الغدير لجده امير المؤمنين والتي هي دورة عقائدية من العيار الثقيل فضمن البنود العلمية التي يذكرها الامام الهادي يقول فلما رأى النبي حزمك المشهور وبصيرتك في الامور امرك ولم يجعل عليك اميرا يعني حتى سيد الانبياء في تعامله مع امير المؤمنين يتبع ضوابط صارمة ليس فيها محسوبيات امرك ولم يجعل عليك اميرا يعني في الادارة انت ناجح وفي هذا البعد البشري انت متفوق على جميع الصحابة .
هذا بحث معقد في تفسير نهضة سيد الشهداء او افعال المعصومين عموما وهناك ظاهرة وقفنا عليها وتم تداولها مع الاخوة مرارا ان سيد الرسل وسيد الاوصياء وسيدة النساء وسيدا شباب اهل الجنة وبقية الائمة التسعة بامكانهم النصر بتفوقهم البشري بدون الاستعانة بالملائكة والملكوت والامة ولا مالك الاشتر وانما بتفوقهم البشري في بعد الادارة العسكرية والامنية والاقتصادية لكن الله لا يأذن لهم بذلك لان هذا النصر يحسب على خليفة الله ووجه الله ويد الله ولكن الله يريد للامة ان تنبعث فيها الهمة والامتحان ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فلابد ان يبدأ التغيير منهم ولا يمكن ان يقع التغيير من امير المؤمنين مع تقاعس الامة وتخاذلها وتقهقرها وانبطاحها وكسلها ووهنها وضعفها .
انت لاحظ كل الكتب التي كتبت عن صفين تصرح ان معاوية كان مرتين تحت سيف امير المؤمنين بدون الاستعانة لابمالك ولا بالجيش وانما بتفوق والتخطيط العسكري والشجاعة وصل اليه ومعاوية تعرى وابدى ما ابدى وكذلك عمرو العاص الى تسعة عشر من قيادات جيش الشام اكثرهم امويين وصل الامام اليهم بمفرده وصنعوا كما صنع معاوية وعمرو بن العاص يعني تعرى يعني بين انه هكذا سافل فاعرض بوجهه الكريم فكان بامكانه ان يقتلهم ولكن الله لا يأذن له وهناك مواقف كثيرة في الجمل والنهروان حتى قبل التحام الجيش في صفين .
احد اساتذتنا المرحومين كان يستشهد بمصادر ولا تحضرني انه قبل التحام الجيشين في صفين امير المؤمنين بمفرده تقدم الى جيش معاوية من طرف الى طرف كالبلدوزر يعني بمفرده قهقر جيش الشام الى الوراء ورجع قالوا يا ابا الحسن اهكذا لديك قوة فاين كنت في السقيفة؟ قال لم يؤذن لي لانه انتم لم تتحركوا فلاحظ التخطيط والادارة العسكرية الامنية بهذا القدر هذا تفوق بشري وليس استخدام ملكوت ولا قوة ربانية مثلا قلع باب خيبر هذه هي تفوق بشري لامير المؤمنين وهذا لا يأذن به الله لانه الامة متقاعسة وحتى في حركة سيد الشهداء من المدينة الى مكة ومن مكة الى كربلاء هناك لقطات كثيرة تبين انه كان يستطيع ان يقتطف نخاع بني امية وينتصر بتفوقه لكن لا يؤذن له بل حتى في كربلاء لان الامة متقاعسة فهنا لا بد ان يسلم امره الى مقادير اخرى .
فهنا تجد حزورة عند العلماء ان الامام هل يعمل بعلمه بالقضاء والقدر؟ او علمه البشري الظاهري؟ فهنا يأتي هذا المبحث انه متى يكلف الامام بالموازين الظاهرية ؟ هل هي بحسب الامة او بحسب الامام ثم هل بحسب بعده البشري او بحسب تفوقه البشري او بحسب عصمته وملكوته ؟ هذا بحث مبهم معقد في حياة المعصومين كثير ممن عاشر النبي والاربعة عشر معصوما لانهم رأوا فيهم الملكوت فيتعجبون لماذا لا يستخدموه لان الامام ليس مأذونا ان يستخدم الملكوت في اي وقت وتعبير سيد الانبياء لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير بل هنا سيد الرسل ربما لا يسوغ له ان يستعمل تفوقه البشري وانما يستخدم ملكوته لاحظ ابعاد المعصوم كم جهاتها وطبقاتها؟
الامام الصادق في البعد المعيشي البعض سأله كيف تفعل هكذا؟ قال تقاسمت مع بني الحسن فظهر الارض اللي هي اقل كذا لي وذاك لهم يعني حتى تفوقهم البشري لا يستعملوه يعني مأمور بالعقلية البشرية المتوسطة المعتادة في كثير من الموارد مثلا هناك روايات انه يأتي السائل الامام ويقول له انا فقير او معوز ما عندي مال والامام يقول الخزانة ليس فيها شيء ، ويأتي شاعر وينشد شعرا فهنا يأمر الامام الخادم اذهب الى الخزانة وات المال فيعترض عليه السائل يابن رسول الله الم تقل ليس لديك مال؟ قال والله ليس لدي وانما هذا شيء الله اعطاه فالمعصوم تارة وظيفته كمتوسطي الناس وتارة بتفوقه البشري وتارة بالعصمة وهي درجات ولكنه كيف يفسر هذا بحث اخر .
التساؤل المعروف ان المعصومين اذا يعلمون بالقضاء والقدر فكيف لا يجنبون انفسهم القتل؟ هذا السؤال من الجهالة بمكان لان علمهم بالقضاء والقدر لا يغاير قضاء الله وقدره ثم هل وظيفتهم بحسب القضاء والقدر او بحسب العلوم البشرية المتوسطة او المتفوقة ؟ والعلوم البشرية هل بحسب الظاهرية او غيرها ؟ هذا بحث مفصل ملحمي في معرفة سيد الانبياء هناك رواية ان النبي عيسى مرض وهو رضيع في سن الرضاعة فقالت له مريم ما دواك؟ قال فاطبخي لي كذا كذا فراحت طبخته فلما سقته بكى فقالت ما بكاؤك؟ انت اشرت اليه قال يا اماه اشرت اليك بان هذا دوائي بنبوتي وبكيت لطفولتي فهناك بعدان فهذا قضية التناسب بين شؤون المعصوم لا سيما سيد الانبياء والاوصياء هو بحث صعب جدا في وظائف وشؤون المعصوم .
مثلا في السلطة القضائية هل سيد الانبياء مأمور ان يفصل النزاعات الموجودة في باب القضاء بالبينة والايمان فالبينة شيء ظاهر قد يخطئ وقد يصيب النبي داوود ورد في الروايات المستفيضة انه طلب من الله ان يقضي بالواقع فقال لا تتحمل انت ولا قومك يتحملون ، فاصر داوود فالله فتح له القضاء بالواقع بتوسط العلم اللدني من الله فحصلت قضايا الى ان شكوا بنو اسرائيل من داوود انه يتلاعب في القضاء وينحاز فاكلته الالسن بالطعن الى ان تضرع الى الله انه اعفني من هذا النظام من القضاء ورجعني الى البينة والايمان والموازين الظاهرية .
فهل الانبياء واوصيائهم يعملون بالموازين الظاهرية ومتى؟ وكيف؟ او يعملون بالعلم اللدني ؟ مثلا النبي يونس وعده الله بمجيء العذاب على قومه فلما ظل العذاب كان هناك عالم فقيه من اولاد الانبياء وكان هناك عابد فالعابد خرج من تلك المنطقة مع يونس الا ان ذلك العالم بقي معهم وقال لو تتضرعون الى الله بهذا النمط قد يدفع عنكم العذاب لاحظ هذا العالم مع انه ليس بنبي ولا وصي ولكن لديه بعض علوم الانبياء ان الدعاء يرد القضاء المبرم فكان اكثر فطنة من العابد حيث ذاك هم بنفسه ونأى واما النبي يونس فموقفه واضح فرد العذاب مع ان بحسب القضاء والقدر كان العذاب محتم على قوم يونس الا ان هذا العالم عنده علم ان هناك ما يرد القضاء والقدر .
نحن في هذا المبحث لدينا كتاب اسمه التوحيد في المشهد الحسيني ذكرنا انه هل استشهاد سيد الشهداء قضاء محتوم؟ ام لا؟ هناك بيانات لدى اهل البيت يقولون حتى القضاء المحتوم يمكن ان يرد فيه البداء الاعظم ويستشهدون ببيانات قرآنية عظيمة وذكرنا ان ظهور السفياني واليماني والصيحة هذه علامات حتمية ولكن فيه البداء فهي اصلها حتمي ولكن تفاصيلها ليست حتمية مثلا تفاصيل السفياني ليست محتومة بل اصل السفياني فيه البدأ فضلا عن تفاصيله فاذا نهض المؤمنون بالمسئولية يوئدوه في نطفته فهذا مبحث معقد وله امثلة كثيرة
الاسئلة والاجوبة .
السؤال :
ماذا عن الاحاطة بفعل المعصوم؟
الجواب :
ليس فقط انه لا يحاط بالله ولا يحاط بالمعصوم ايضا لا يحاط بفعل الله ولا بفعل المعصوم ولا يحاط بقول الله ولا بقول معصوم لكن ليس معناه الوسوسة والسفسطة يعني اجيال العلماء يستنبطون مساحات وتبقى مساحات مبهمة كما مر بنا في هاتين الليلتين هذا كله في البعد الاصطفائي اما في البعد البشري هم دوما متفوقون .
سؤال :
كيف يكون اختبار المعصوم؟ هل بالعلم ام بالعمل؟
الجواب :
بكل منهما بالعلم والعمل وبكل الكمالات وهذه تواترت فيها الروايات فامير المؤمنين اشترط الله عز وجل لاعطائه امارة المؤمنين ان يمتحنه ستة امتحانات وذكرها الامام في كتاب امالي الشيخ الطوسي وقال قد انجزت اربعة او خمسة بقي علي امتحان وكلها امتحانات زلزال تزول منها الجبال ، مع ان امامته خاصة ولكن مع ذلك هو امام الائمة وامام الصديقين وامام الانبياء وركن الاولياء يعني امير المؤمنين يقود القادة وامام يؤم الائمة .
سؤال :
ماذا عن الزهراء يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ؟
الجواب :
يعني اصطفاها يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك وفي بيانات اهل البيت ان جزاؤهم قبل الامتحان فليس هناك تدريج ولا تأخير لكن هذا الجزاء المسبق على امتحان متأخر مرهون بنجاحهم بالامتحان المتأخر فشرطت فشرطوا فجزاء الله لا يتقيد بالزمان قد يكون جزاؤه متقدم والزمن ليس واحد وانما اوعية متعددة وفوق كل زمان زمان فهناك زمن متقدم وزمان حاضر وزمن لاحق ليس كلامنا في علم الله كلامنا في فعل الله فجزاء الله لامتحانات اهل البيت متقدم على الامتحان كما ذكرناه في مدرسة المتفوقين والمتميزين والموهوبين لانه علموا منهم النباهة و التفوق .
فما علم الله الوفاء منهم جعلهم في اصلاب شامخة وارحام مطهرة شرطت عليهم الزهد والزهد فعل فهم متفوقون في الطهارة ، كثير من الاخوة يسألون ان اهل البيت انما اطاعوا الله لخصوصية اعطاهم الله اياها والله ما اعطانا تلك الخصوصية والا كنا مثلهم؟ قلت لهم هذا امر عجيب يعني هذه المعاصي التي نعصيها كلنا عندنا قدرة على الامتناع ولكن شقاوتنا تزجنا في المعصية فالمقصود ان اهل البيت متفوقين في الطهارة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها فالمقصود ان هناك ابعاد في المعصوم كالبعد البشري العادي والبعد البشري المتفوق غير الاصطفائي في ادارته وقيادته وكمالاته وهناك بعد ثالث وهو البعد الاصطفائي فمتى التكاليف ملحوظة في البعد الثالث ؟ وفي البعد الثاني؟ وفي البعد الاول؟ هنا احتار العلماء .
فهنا في دعاء الندبة او في الايات تقدم زمني وليس فقط تقدم رتبي فلتقدم الجزاء زمانا وتأخره رتبة علم الله بالائمة من قبل الزمان فالمعلوم متأخر يعني ما يكون في المستقبل معلوم متأخر والعلم سابق فالعلم كالتلسكوب طبعا الكلام في دار الدنيا واذ ابتلى ابراهيم ربه في دار الدنيا بكلمات فشرطت عليهم الزهد في الدنيا وليس في الاخرة ولا البرزخ وانما هذه الدنيا الدنية فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فالعلم سابق والمعلوم متأخر فليس جبر كمدرسة الموهوبين والنابغين والمتفوقين والمتميزين فعلم الادارة بهذه النوعية من شباب المدينة المعينة او شعب معين هذا ليس جبر مع انه يعلمون باختيارهم وبادارتهم .
سؤال :
بالنسبة لنبوة الانبياء هل هناك تخلف؟
الجواب :
كلا لا تخلف فيها مثلا ينبئ النبي عيسى انه يأتي من بعدي نبي اسمه احمد لان هذا كالوعد الالهي والله لا يخلف الميعاد وقد ورد في روايات اهل البيت انه احد اسباب تأخر الظهور هو تخلف المؤمنين في العقل الامني وتفوق عدوهم عليهم في الحرب الامني والنفسي والاعلامي وهذا احد الاسباب الكبيرة لتخاذل المؤمنين في واقعة كربلاء وزمن الامام الصادق بل حتى في عصر الغيبة الصغرى والكبرى قدر الظهور عدة مرات ويتأخر احد اسبابه الكبيرة سذاجة المؤمنين في المصارعة الامنية الاعلامية النفسية مع العدو بل حتى في بيانات سيد الشهداء في يوم عاشوراء في خطبته ذكر ع ان سبب تخاذل المحبين والموالين في الكوفة هوسذاجتهم الامنية فالتخاذل والغدر كان بسبب سذاجتهم الامنية وتفوق عدوهم عليهم امنيا اعلاميا نفسيا .
النبي يقول المؤمن كيس فطن حذر يعني يكون عقله الامني وحسه الامني سابق على العدو يعني عنده حس المسؤولية وهذا اشد من عدوه اما المؤمن الساذج فلا ، بعبارة اخرى اهم علامة من علامات عدم وفاءنا بعهد الله وبمشروع اهل البيت هو صدور المعاصي منا .
سؤال :
هل هذا التفوق البشري مختص بالاوصياء والانبياء والائمة ام يشمل الاصحاب وابي الفضل العباس؟
الجواب :
كلا الاصحاب بحث اخر اما بالنسبة الى ابي الفضل العباس وعلي الاكبر وزينب وابي الطالب وعبدالمطلب فهم الدائرة الاصطفائية الثانية واصطفاؤهم اقل من الاربعة عشر معصوما ولكن لهم دور وهناك كتاب اسمه رسائل الشعائر الحسينية لاربعين عالما من المجتهدين وفقهاء ومراجع النجف يقولون بعصمة الدائرة الاصطفائية الثانية نعم هي ليست عصمة كالاربعة عشر هناك مقطع في زيارة ابي الفضل العباس هي عين زيارة الجامعة وكذلك في زيارة علي الاكبر موجودة و قد ورد ذلك في كتاب نبراس الزائرين بل هناك في زيارة السيدة معصومة بعض مقاطع زيارة الجامعة وكذلك في زيارة حمزة بن عبد المطلب .
المجلسي الاول يقول الزيارة هي درس عقائدي مكثف لما تدبر المعادلات كانك في محضر المعصوم تفهم المعادلات فالزيارات عبارة عن دورات عقائدية مكثفة مركزة في المعارف وافضل زيارة هي مجموعة زيارات لان مجموعها دورات عقائدية وكل واحد فيها معارف عابرة للعوالم .
سؤال :
هل الدائرة الاصطفائية الثانية نتيجة الاختبار؟
الجواب :
نعم الاصطفاء انتقاء بسبب الاختبار فليس هناك اصطفاء من دون اختبار فهناك تقدم رتبي وليس زماني هناك عندنا اصطفاء وامتحان واختبار وابتلاء و كل منهم اشد من الاخر الاختبار اسهل من الامتحان والامتحان اسهل من الابتلاء والابتلاء اشد من الامتحان والامتحان اشد من الاختبار يعني هناك درجات اشد واشد واشد لذلك ورد في زيارة الامام الهادي والعسكري انه ممتحن بالمحن الهائلة مثلا ورد في الزيارة بالغت في النصيحة وهو غير بلغت وغير ابلغت بالغت يعني اكثر ، مثل افاضلها افضل من افضلها ز
سؤال :
هل الامتحان في جميع الازمنة؟
الجواب :
نعم الان حتى المؤمنون في البرزخ يمتحنون وحتى يوم القيامة يمتحنون والامتحان لا يتوقف وهذا عكس ما يقوله العلماء في العلوم الدينية ، فنحن كل ما نذهب الى عالم يشتد الامتحان وهذا ورد في بيانات الوحي فترى في الجنة الامتحانات اشد من عالم القيامة حتى يحاسب الانسان في الجنة على الخاطر والمقربين اشد تكليفا من المبعدين حسنات الابرار سيئات المقربين واهوال القيامة اشد من اهوال البرزخ والموت والرجعة القرآن يسميه الطامة الكبرى وليس الكبيرة قالوا يا رسول الله هل الموت طامة؟ قال ما بعد الموت اطم فاطم الى ان تأتي الطامة الكبرى والجزاء موجود ومتوزع في الادوار نعم حتى الملائكة يمتحنون ويجازون حسب بيانات الوحي وهذا خلافا للفلاسفة والمتكلمين والمفسرين ولكن بحسب بيانات اهل البيت وهم جوجل العرش نعم هم لا يسبقونه بالقول ولكن العصمة لا تنافي الامتحان .
مثلا ما هو السبب انه يضعون بعض التلاميذ في مدرسة المتميزين ؟ لانهم يدرون انهم مثابرين مكافحين الان نحن في مواطن المعصية نعصي الله بقدرة منا وعندنا علم ولكن هذه الشقاوة اتت بسببنا وارادتنا واختيارنا فلا احد جبرنا لكن نحن نقوم بالشقاء ونشقي انفسنا الائمة هم متميزون في تطهير انفسهم في الرياضات الروحية وفي نيل الكمالات فليسوا نابغين في الفكر فقط وانما نابغين حتى في طهارة انفسهم وفي الرياضات الروحية وفي امساك انفسهم.