« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

47/02/11

بسم الله الرحمن الرحيم

اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (73)

الموضوع: اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (73)

 

كنا في هذه القاعدة ان قراءة سيرة المعصوم القطعية او الظنية لا تستوعبها العلوم الاجتهادية التي انجزها العلماء بل هذه الاجتهادات المتعاقبة ليست هي الا مساحة من قراءة سيرة المعصوم والا فالسيرة لها وجوه عديدة سيما في فعل المعصوم وسيما في الذي يعتبر ذروة الانعطاف في فعل المعصوم.

مثلا في سيرة السجاد تجد سيرته في الدعاء والبكاء على ابيه سنة عظيمة وهذه ليست لها وجه واحد او وجهين او ثلاثة وانما قواعد عديدة جمعها السجاد بل هو شارك حتى في القتال العسكري يوم عاشوراء وارتث من الجراح حيث ورد في غيبة النعماني وفي اصول الكافي ما يشعر به، فهناك مساجلة موجودة بين عبد الله ابن عباس والامام السجاد وابن عباس يفترض ان الامام شارك في القتال فشخصية السجاد ذات ابعاد عديدة الكثير كتب عن بعض ابعادها دون بعض.

مثلا ترحم السجاد على المختار يكشف عن ان واقع الامر كيف كان، ففي الظاهر ربما هناك عدم ارتباط تماما لكن في الواقع هناك شيء اخر، فبالتالي الائمة لهم ادوار خفية كثيرة وهي اكثر مساحة من ادوارهم المعلنة، وهذا من القراءات الخاطئة لدى المؤرخين او المحققين في التاريخ وهذا يؤثر حتى على النظرة الفقهية او الكلامية ان نظن ان المعصوم محصور بادواره المعلنة ولا دور سري له.

نحن هنا لا نعني بالسرية الملكوت الروحي وانما نعني المخفي منه وهذا التغييب خطر كبير حتى في المسيرة العلمية حيث المساحة الاكبر للمعصومين هي خفية مثلا صاحب الزمان اكثر من عشرة قرون كم له ادوار ملحمية في السياسة والعسكر والثقافة وفي الامة الاسلامية والايمانية فمن يرصد تلك الادوار ؟ انه في كبد الحدث بنص القرآن وهذا ليس فقط صاحب الزمان بل اباؤه الماضيين ادوارهم الخفية اكثر من المعلنة.

مثلا حدث واحد وهي واقعة كربلاء نحن فقط نقتصر على الادوار المعلنة منها للسيد الشهداء فماذا عن الادوار الخفية ؟ وكانها هي غير موجودة مع انها هي موجودة بشكل عجيب وغريب فالعدو له ادوار خفية امنية واعلامية ونفسانية فهل سيد الشهداء ليس له ذلك؟ نحن تداولنا رأي احد المحققين في التاريخ ان الحر بن يزيد الرياحي كان عنصرا اختراقيا كعلي ابن اليقطين في جيش ابن زياد وهناك شواهد دامغة على ذلك.

فالمشهد الامني في عاشوراء قل من ركز عليه وكتب فيه انه كيف كانت الادارة الامنية لسيد الشهداء؟ من ارساله لمسلم ابن عقيل او غيره هذه الصفحة جدا مهمة، اليوم اتانا وفد حوزوي نسائي ذكرت لهن ان ام هانئ بنت ابي طالب امرأة عظيمة وهي اخت امير المؤمنين وهي وزيرة الامن ومخابرات سيد الرسل وامير المؤمنين وللحسن والحسين فهي اشتركت في نهضة عاشوراء ولكن بخفاء وكان ذلك من المدينة، فكانت هي واولادها في الكوفة في غرفة العمليات يعني هذه الامرأة العظيمة ونحن نقبل تراب قبرها وقد ورد فيها انها لم تشك في الله طرفة عين ولها خمسة اسماء وهذا غير كنيتها ام هاني وكان بيتها وكرا امنيا لسيد الانبياء في بداية البعثة فاول معراج عرج فيه النبي الى السماء بشكل معلن كان من بيت ام هاني طبعا النبي كانت له عدة معاريج.

فهذه المرأة هي عقل فظيع، مثلا في فتح مكة رؤساء قريش وسطوها بينهم وبين رسول الله يعني لاحظ مكانتها السياسية والامنية وليت ان يكتب دراسة تجمع كل النصوص والقصاصات الواردة فيها تحليلا وتحقيقا وقد رغب النبي في الزواج بها واعتذرت تعظيما للنبي وقبل النبي اعتذارها فهي اعتذرت بانه اما تقصر في حق الاطفال او في حق رسول الله فهي كانت ادارة امنية عظيمة وكان النبي يطلعها بتقارير احداث المدينة لانها كانت عين النبي في مكة فلاحظ ما هو شأنها؟

لاحظ انت حتى سيرتها امنية وهي لاتسلط الاعلام على نفسها وحتى في الحوذات العلمية لم يعرفوها انه من ام هانئ؟ وقليل من كتب في شخصيتها مع انها لولب عجيب لاحداث خطيرة في سيرة النبي وامير المؤمنين وللحسن والحسين وكان لها دور حتى في نهضة عاشوراء ولكن من الكوفة وتنقلها من المدينة الى الكوفة كله سري وخفاء وكان لها دور في نهضة المختار ولولاها واولادها لم تنجح ثورة المختار فلها ادوار خفية مكتمة عجيبة ومفصلية وانا مندهش بهذه الشخصية فالادوار الخفية للائمة عظيمة.

لاحظ من الذي كتب في المشهد الامني والادوار الامنية التي قام بها سيد الشهداء واخيه العباس وحتى بعض رموز عاشوراء فان هذا الجانب مغفل وهذا خطأ لان الامام هو امام في كل الادارات ومنها الادوار الخفية فقراءة موطن واحد للمعصوم فيه عدة ابعاد والخفي منه اكثر من الجلي وللاسف هذا المنهج غير موجود في قراءة التاريخ وبالتحديد في سيرة النبي وال بيته لانه الحقائق دائما وراء الكواليس اكثر فيها من المعلن.

نحن مع احترامنا العظيم للبحوث العلمية سواء في البحث الفقهي او الكلامي لكن نقول من قال ان موقف المعصوم وسيرته فقط الجانب المعلن منه ؟ اليس هناك ادوار خفية ؟ والا ما معنى مؤمن بسركم وعلانيتكم؟ يعني هناك جانب خفي مكتم، وليس المقصود من السر يعني ملكوت وانما هو سر دنيوي مادي لكنه مخفي علينا فلا يمكن ان تقرأ الارادة الجدية للمعصوم في موقف معين من خلال بعد واحد انت تجد الدول العظمى لها سيناريوهات ذو ابعاد كثيرة وخيارات ومسارات عديدة مع ان المعصوم هو رئيس الدولة الالهية؟ هل تظن ان موقفه لملف واحد واثنين وثلاثة وعشرة ومئة ؟ هذه قاعدة عظيمة ما ملتفت لها في تاريخ المعصومين ثم قراءة العلوم الدينية لهذه السيرة امر مهم.

مر بنا انه عندما نثير هذه الاثارة ليس اننا لا نستدل بموقف المعصوم بقواعد مبينة فهذي قواعد تبقى على مستقلة ولها حجيتها ونتأسى بها ولكن لا تنحصر بقاعدة او قاعدتين وثلاث وقد مر بنا التعبد في سيرة المعصومين ليس هو بمعنى الا نفهم شيئا وانه كل شيء مبهم، فالتعطيل في معرفة الامام امر باطل كما ان التعطيل في معرفة الله باطل كذلك العلم المطلق هذا باطل لانه لا يمكننا الاحاطة بمعرفة الله ولا بمعرفة المعصوم ولاصفاته ولاافعاله فلا ندعي الاحاطة ولا ندعي التعطيل وانما امر بين امرين وانما بحسب الجد والاجتهاد والاستنباط في العلوم الدينية فتظهر مساحة وتخفى اخرى فرواد العلم تظهر لهم مساحات ومتوسطي العلم لا تظهر لهم لان القضية نسبية فهذا المعنى من التعبدية صحيح.

فالمقصود هذا الجانب انه ثنائية المعرفة بالله يعني هناك جانب ظاهر وجانب خفي كما انه من الضروري ان نؤمن بان الله ظاهر وباطن ففي حين ظهوره هوباطن وفي حين بطونه هو ظاهر يعني لا تعطيل مطلق وباطن مطلق ولا ظاهر مطلق وانما باطن وظاهر ولا يقاس بالله شيء فهناك امر بين امرين كذلك معرفة النبي عنصر مؤثر.

التمردات التي تكون ضد النبي من قبل الصحابة او حتى في زماننا هذا سببه ان نظن ان ما عرفناه من النبي هو تمام حقيقته وهذا خطأ لاحظ قول القرآن الكريم انظر كيف ضربوا لك الامثال هذا كلام الكفار انظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا ولا يستطيعون سبيلهم وكلمة لا يستطيعون في اللغة الفلسفية العقلية يعني امكانية الاحاطة بالنبي غير موجودة لان الله ما قال لا سبيل لهم وانما قال لا يستطيعون سبيلا فالامكانية غير موجودة، بل حتى لو قال لا سبيل يعني نفي الامكان هنا ليس نفي امكان فقط بل يقول لا يستطيعون السبيل فلا سبيل هي امتناع هنا زيادة على الامتناع يعني اصل الامكانية غير موجودة يعني ليس فقط امتناع وقوعي مع امكان ذاتي هنا كأنما القرآن يقول الامكان الذاتي غير موجود مثلا فرق بين ان يقول لم يعرفوه هذه درجة ولازمها درجة اخرى وهو لا يستطيعون سبيلا هذه درجة اخرى كما ان نقول ما كان الله يعني امكان ذاتي غير موجود فهنا ليس تعطيل مطلق وانما يعني جانب خفي في النبي ما تعرفه.

نعم ورد قل انما انا بشر مثلكم لكن لا تظن ان هذا تمام النبي وانما هذه درجة ادنى من وجود النبي والجانب الاخر المهم هو خفي وهو يوحى اليه والوحي هو خفي وفي مقام تعريف جوهر ذات النبي هنا الوحي الجوهري وليس الوحي العرضي فالملخص انه القرآن يقول هناك جانب من النبي كالبشر وجانب اخر لا تعرفونه وخفي عليكم وهو شيء مهول فهذه ثنائية التوازن في المعرفة ليس في الذات والصفات فقط وانما في افعال المعصوم فلا نظن ان مواقف المعصوم السياسية والفقهية والعقائدية والتدبيرية والادارية والامنية فقط ينحصر بالواضح والبين والبارز منه.

تجد العلماء الفحول مترجلين في سبب نهضة سيد الشهداء وانه لا يمكن الاحاطة بها نعم هناك وجوه مذكورة ووجوه اخرى لا نعلم بها ولا نستطيع ان ننفيها ولا يمكن ان نفسرها تصورا فضلا عن التصديق فهذا جانب مهم في قراءة سيرة المعصوم ومر بنا الذي يساور ويعايش المعصوم ليس بالضرورة ان يفهمه بل قطعا لا يفهمه فلا يعلم دواعي اهدافه وكلماته.

مثلا زيد ابن حارثة يقول عنه الامام الرضا استشهد وعنده تصور عن النبي لا تتناسب مع مقامه الملكوتي مع انه يحب النبي ويعظمه لكنه عنده قصور في معرفة النبي فانطبعت عنده نظرة خاطئة غير مناسبة مع عظمة النبي.

هنا نقرأ بعض الكلمات لاحظ النراقي الاب في كتاب المشارق يقول : ان المواساة من الحقوق والاستحقاقات طبعا نحن هنا لسنا في صدد بحث باب المواساة وهذا باب باعتراف الفقهاء لم ينقح ولم يبلور بعد وانما شذرات من هنا وهناك خاض الفقهاء فيه فيقول النراقي ان المواساة من الحقوق والاستحقاقات غير القابلة للاسقاط لا يجوز سلب المؤمن او الجار عن حقوقهما الثابتة لهما في الاحسان والتكريم فهنا يتمسك بقواعد المواساة من الاحسان والتكريم وحسن المعاشرة وهذا نظير قوله عليه السلام ليلة العاشر لاهله واصحابه ان هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا فان القوم لا يطلبون غيري، فانه لا يسوغ لهم تركه وانما هذا امتحان من الامام لدرجة وفائهم فهو فسره من باب المواساة الواجب للمعصوم فنصرة المعصوم واجبة سواء من باب المواساة او غيرها ولو لم تثمر هذه النصرة بشيء فالدفاع عن المعصوم واجب ولو لم يثمر فعبدالله بن الحسن دافع عن عمه وهو يدري انه لا ينفع لكن واجب عليه لذلك الانصار انتبهوا لهذا الشيء انه ماذا سيقال عنهم؟ يعني المؤاخذة ستكون عليهم كبيرة.

ففقط اريد ان ابين سيرة المعصوم القطعية لا تحد بجهود العلماء العلمية بل هي اوسع من ذلك بكثير جماعة من الاعلام وحتى السيد المرتضى فسروا نهضة سيد الشهداء بعدة وجوه وقرأنا كلامه في كتاب تنزيه الانبياء والان ساذكر كلمات من الشيخ الطوسي والمرتضى وصاحب الجواهر ملحمة في قراءة نهضة سيد الشهداء وهي ليست مختصة بواقعة الطف بل هي ملحمة علمية كلامية فقهية وعرة جدا ويعترف رواد علماء الامامية بان هذه الملحمة وعيها صعب جدا وهذا في كل الائمة وليس مختص بسيد الشهداء وانما يعم مواقف سيد الانبياء وسيد الاوصياء والحسن والحسين وبقية الائمة.

هناك توجيه ثالث سنقرأه وكل توجيه في نهضة سيد الشهداء ينطوي تحته انشعابات عديدة، هذا الوجه هو انه من باب العمل بالوظيفة الظاهرية يقول الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي طبعا هذا الكتاب للسيد المرتضى لكن تلميذه الطوسي بوبه والشافي كتاب عظيم مضمونا في علم الامام وهذا الكتاب ليس على نهج علماء الكلام وانما لغة تفسيرية وفقهية وكلامية وتاريخية وادبية بلغات عديدة والنقطة الاخرى في بحوث السيد المرتضى انه يركز على مضمون الاحاديث المتواترة او المستفيضة في الامامة وفي اهل البيت ولا يعنيه بحث السند وانما يقول انجزه الكثيرون وانما يعنيني المضمون؟ وهذا المنهج ليس فقط في كتاب الشافي وانما في ثمانين بالمئة من كتبه التي هي عقائدية وخمسة بالمئة منها فقهية فهو في كتابه الشافي عنده اثارات واجوبة اذا تقرأها تقول هذه ليست لذاك الزمن وانما هي معاصرة لنا وعنده اعجوبة في التحليل ولكن المؤاخذة في هذا الكتاب انه ليس مبوب فقام الشيخ الطوسي بتبويبه وسماه تلخيص الشافي وفعلا هو تلخيص لانه ليس كل ما ذكره السيد المرتضى قد اتى به لكن الفرق بين كتابة السيد وكتابة الشيخ الطوسي ان كتاب السيد المرتضى نبضه حي.

مثلا السيد ذكر هذا انه كيف تدعون انتم ايها الامامية ان الامامة من اصول الدين وضروري بحسب القرآن وبحسب الاحاديث النبوية فاذا كان ضروري كيف تخفى على بقية المسلمين؟ فبالتالي هل تكفرون بقية المسلمين؟ لاحظ كيف الاجوبة مرتبة ودقيقة ولاحظ الصناعة وهي ملاحم تفسيرية وكلامية وفقهية فيقول قد علمنا ان الامام متى غلب على ظنه انه يصل الى حقه والقيام بما فوض اليه بضرب من الفعل وجب عليه ذلك وان كان فيه ضرب من المشقة وابو عبدالله لم يصف طالبا الكوفة الا بعد توثق من القوم وعهود وعقود وبعد ان كاتبوه طائعين غير مكرهين.

الشيخ جعفر كاشف الغطاء في بحث القبلة بمناسبة دخل في شؤون المعصوم وهو عمل الامام بالقواعد الظاهرية في الدين في بعد عقائدي وكلامي وتاريخي وسجال علمي وتعقيد علمي فيه وذو ابعاد فالذي يضطلع بالفقه فقط لا يستطيع ان يحلحل هذه المسألة لابد يكون عنده باع في علم الكلام وفي بقية العلوم الدينية والا لم يمكنه فمن ثم استنباط المسألة الفقهية الفرعية يتوقف على التضلع في العقائد وقواعد علم الكلام واذا كان الفقيه ضعيفا في ذلك سوف تكون نتائجه في الباب الفقهي او القاعدة الفقهية متواضعة واستنتاجاته متواضعة جدا وهذا يكشف عن ترابط العلوم الدينية مع بعضها البعض واكثر القدماء الى زمن ابن براج كانوا متكلمين وفقهاء ورجاليين ومحدثين ومفسرين يعني غالبهم موسوعيين فتتكامل عندهم القدرة على استنباطات العلوم الدينية.

كاشف الغطاء ايضا موسوعي فهو مستاسد في الكلام والفقه والاصول والتاريخ وكذلك الشيخ البهاءي والمجلسي والميرزا القمي وبحر العلوم فالشيخ جعفر بمناسبة بحث القبلة انه هل يجري هذا البحث بالنسبة للائمة والانبياء والمعصومين؟ اي العمل بالقواعد الظنية الظاهرية ؟

فيدخل كاشف الغطاء في هذا البحث ويقول في كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء ج 3 - ص 113 – 114:

في أنّ حكم التحيّر والخطأ هل يجري بالنّسبة إلى المعصومين من الأنبياء والمرسلين، والأئمّة الطاهرين عليهم السّلام، أو لا ؟ وكشف الحال : أنّ الأحكام الشرعيّة تدور مدار الحالة البشريّة، دون المِنَح الإلهيّة. فجهادهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر إنّما مدارها على قدرة البشر، ولذلك حملوا السلاح وأمروا أصحابهم بحمله، وكان منهم الجريح والقتيل، وكثير من الأنبياء والأوصياء دخلوا في حزب الشهداء. ولا يلزمهم دفع الأعداء بالقدرة الإلهيّة، ولا بالدّعاء. ولا يلزمهم البناء على العلم الإلهي، وإنّما تدور تكاليفهم مدار العلم البشري. فلا يجب عليهم حفظ النفس من التلف مع العلم بوقته من اللَّه تعالى، فعلم سيّد الأوصياء بأنّ ابن مُلجَم قاتلُه، وعلم سيّد الشهداء عليه السّلام بأنّ الشمر لعنه اللَّه قاتلُه مثلًا مع تعيين الوقت لا يوجب عليهما التحفّظ، وترك الوصول إلى محلّ القتل. وعلى ذلك جَرَت أحكامهم وقضاياهم، إلا في مقامات خاصّة، لجهات خاصّة. فإنّهم يحكمون بالبيّنة واليمين، وإن علموا بالحقيقة من فيض ربّ العالمين. فإصابة الواقع، وعدم إمكان حصول الخطأ والغفلة منهم بالنّسبة إلى الأحكام، وبيان الحلال والحرام، وأنّ المدار في ذلك على العلم الإلهي إنّما استُفيد من حكم العقل والنقل. وأمّا ما كان من الأُمور الوجوديّة دون العمليّة، أعمالًا وشروطاً، فالأقوى أنّ مدارها على العلم الإلهي لأنّ وقوع ذلك منهم مُنفّر للطباع، باعث على عدم الاعتماد، فلا يقع منهم نوم عن فريضة، ولا جهل، ولا غفلة، ولا نسيان، ولا عن طهارة حدثيّة، ونحوها من الشرائط الوجوديّة بالنّسبة إلى الصلاة والصيام، وغيرها من الأحكام، كالحلال والحرام، إلا ما قام فيه الحكم الشرعيّ مقام الواقعيّ، فإنّ الجهل بالواقع ليس فيه بأس. وأمّا العلميّة فمدارها على العلم البشري، دون الإلهي إذ لا يلزم من عدم الإصابة تنفّر النفوس، ولا زالوا ينادون بأنّه لا يعلم الغيب إلا اللَّه تعالى. فنجاسة الثياب والبدن ليس مدارها على العلم الإلهي. وأمّا حصول التحيّر بالنّسبة إلى العلم البشري، والخطأ بالنّسبة إلى ما بين المشرق والمغرب، فلا يبعد القول بتنزيههم عنها، نظراً إلى أنه بدونه ينجرّ الأمر إلى عدم الاعتماد على أقوالهم وأفعالهم. فيدور الأمر في هذا القسم وما قبله على لزوم النقص وعدم الاعتماد، وعدمهما. انتهى

هذه ملحمة في معرفة المعصومين صعبة جدا المعصوم الذي له علم الملكوت واصطفائي متى يستعمل علمه اللدني الاصطفائي ومتى يستعمل القواعد الظاهرية؟ يقول سيد الانبياء انما اقضي بينكم بالبينات والايمان ، واقضي يعني السلطة القضائية فالنبي بما هو حاكم الدولة الالهية والسلطة القضائية بيده كما هو الحال في السلطة التنفيذية وتشريعية يقول انا مأمور في الدولة النبوية الالهية ان يكون القضاء قائما على القواعد الظاهرية وان كان استظهاري القاصر ان كلام النبي اقضي بينكم هذا فقط محدود بالنزاعات الفردية اما اذا كانت النزاعات سياسية وعسكرية في الشؤون العامة انا لا استظهر منها عموم هذا البيان لتلك الموارد كما ان امير المؤمنين معروف انه عنده اقضية غريبة والفقهاء يعجزون في كيفية تفسير قضائه فهي ملاحم قضائية عظيمة سجلها في اول حياته حتى في عهد النبي الى اخر حياته ولذلك قال النبي اقضاكم علي لان القضاء عبارة عن زبدة العلوم الدينية وبعض قضايا امير المؤمنين مبهمة وكانما لغز يترجل الفقهاء في تفسيرها فهل امير المؤمنين لم يعمل انما اقضي بينكم بالبينات والايمان ام ماذا؟

النبي اعطى فدك لفاطمة كحاكم او ماذا ؟ فسيد الانبياء ليس ملك من ملوك كسرى او قيصر او القبط او الحبشة انما هو ازهد الزاهدين يشهد له القرآن بالزهد في سورة الدهر وفي فدك سبعة قرى يعني كأنما ابار النفط في الدولة النبوية انذاك ، فكيف النبي يسلم ثروة الدولة لفاطمة؟ وهذا حتى باعتراف ابي بكر ، فابو بكر لم ينكر بانها كانت بيد فاطمة والا لما احتج امير المؤمنين وفاطمة بقاعد اليد كل المسلمين يعرفون ان فدك سبعة قرى بيد فاطمة وانا ذهبت اليها تبعد مائة وثلاثين كيلو عن المدينة المنورة باتجاه الرياض فهناك سبع قرى كبيرة والى الان هي قرى جميلة نضرة وضخمة جدا فهذه استولى عليها النبي ولم يغنمها المسلمون فكيف يعطيها النبي فاطمة وهي اكبر ثروة تمتلكها الدولة النبوية انذاك ؟ فما معنى هذه السيرة من النبي وهو ازهد الزاهدين وفاطمة الزاهدة ؟

هذه ولاية فاطمة في دولة الرسول حقيبة وزارية خطرة بامر من الله في ثلاث سور شبيه الغدير يلزم الله نبيه بان يعطي فاطمة حقها ، وات ذا القربى حقه والاية الثالثة في سورة الحشر يسميها الامام الصادق جدع الانف يعني هذه الايات بالاجبار تلزم المعاند الاقرار بها ما افاء الله على رسوله من اهل القرى والفيء هي ثروات الارض هاي ثروات الارض ولايتها لله وللرسول ولذي القربى فلماذا يأتي القرآن بعنوان اربعة فالقربى يعني وراثة و رحم يعني ان الامام الحسن والحسين انما ورثوا رسول الله من امهم فاطمة والقربى اتى بها القرآن الكريم كنظام في موارد عديدة يعني لابد ان الائمة الاحد عشر يرثون رسول الله من منصة فاطمة ثم يرثون امير المؤمنين وايضا يرثون رسول الله بوراثة فاطمة.

فبحسب قواعد الفقه والدين والعقيدة وراثة امير المؤمنين وفاطمة وراثة اصطفائية وغير اصطفائية فالامام الحسن والحسين يرثان رسول الله من والديهما فهذا نظام الولاية والامامة جعلت الحسن والحسين والتسعة من ذريتهما يرثون عن جدهم فهذه ثروات الارض لم يسندها الله للنبي عيسى وهو حي يرزق ولا لادريس جد النبي نوح وهو حي يرزق باتفاق المسلمين ولم يسندها لالياس وهو نبي حي يرزق ولم يسندها الى احد الا القربى والقربى اصرح من ان يؤتى باسماء اقرب المقربين لرسول الله صراحة وهم علي وفاطمة وعلي اقرب من الحسن والحسين برسول الله فهو وفاطمة يتشاطران وهذا البيان موجود في الفقه والتفسير فلماذا جعل الله نظام الولاية والفيء امامة للائمة جعلها لعلي وفاطمة والحسن والحسين ؟ بل في زمن رسول الله بالسيرة القطعية النبي اعطى لفاطمة ولم يعطها لامير المؤمنين وليس لان فاطمة افضل من علي لكن هناك تشاطر ولو لم يخلق الله عليا لما كان لفاطمة كفو يعني الحسن ليس كفوا فاطمة ولا الحسين.

اذن اعطاء الله الثروة بيد فاطمة في زمن النبي هل لكي يتلاعب بها ام هي ولية المال في الدولة الالهية؟ حيث ولايتها فعلت في زمن النبي كالغدير رسول الله فعل الاية لفاطمة امام ملأى المسلمين فهذا شيء عظيم لذلك فاطمة لها غدير اخر.

البعض يقرأ هذه القراءة سطحية كأنما ملك فردي واسري ونزاع فردي اسري حول فدك ، وهذه السقيفة الفكرية اخطر من السقيفة السياسية لاحظ سيرة المعصوم كيف تقرأ؟ وانا تتبعت ما من ارهاصات لامير المؤمنين يحصل في الفضائل والمناقب الا ويحصل مثلها لفاطمة ولو بشكل اقل وهجا ، علي قسيم الجنة والنار ايضا فاطمة تلتقط محبيها وهذا ليس صدفة فلاحظ في قضية فاطمة ثلاث مرات تنزل ايات في ثلاث سور تطالب النبي بتفعيل ولاية فاطمة فكيف نقرأ هذه السيرة؟ حتى اهل السنة يقرون بها ان فدك كانت بيد فاطمة وابو بكر اقر به وسقيفة اقرته.

فهذا الفعل من النبي ماذا يعني؟ مع انه بامر من الله فكيف نقرأ سيرة المعصوم؟ وهذا امر خطير جدا وذو ابعاد عديدة جدا

وصلى الله على محمد واله الطاهرين

 

الاسئلة والاجوبة

سؤال :

اذا كان امير المؤمنين له سهم في الولاية هل لاعمام النبي حصة في ذلك ام لا؟

الجواب :

كله لانه نحن لدينا ان ابن العم من الابوين مقدم على العم الذي من الاب في الارث ، مثلا العباس ليس شقيق لعبد الله والد النبي من ام واب وانما من الاب فقط وهو من ام اخرى بينما ابو طالب هو اخ عبدالله من ابيه وامه فامير المؤمنين ابن عم النبي من ابيه وامه ففي التعبير الفقهي هو مقدم على العم الذي من الاب فقط او من الام فقط فالارث يكون خالصا للسيد الاوصياء.مثلا مات انسان وله ابن ميت وله حفيد فلما لا يرث الا ان يكون في طبقة ابناء اخرين؟ والعم غير الابن انت لاحظ الصلة والعلاقة بين الميت والوارث فسيد الانبياء ليس الوارث له عمه العباس لانه من الاب فقط فلا يرث مع وجود امير المؤمنين اللي هو ابن عم النبي من الاب والام ويقدم فعلي ابن ابي طالب يحجب العباس ابن عبد المطلب.

سؤال :

ورد حديث انه لولاك لما خلقت الافلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما هل هذا تفضيل لفاطمة؟

الجواب :

كلا هذا ذكرناه في كتاب مقامات فاطمة الزهراء الجزء الاول لماذا لم يقل الله لولا خلق علي لما خلقتك؟ فالحديث هو هكذا لولاك انت النبي لما خلقت الافلاك طبعا هذا المقدار لولاك لما خلقت الافلاك له سندان صحيحان عند العامة ذكرهما الحاكم في مستدركه انه يخاطب الله ادم لولا محمد لما خلقتك ولما خلقت الافلاك والعوالم كلها وحديث اخر اورده الحاكم النيسابوري في المستدرك خطاب الله مع عيسى لولا محمد لما خلقتك ولا خلقت الافلاك ولاالجن فبالنسبة لسيد الانبياء هناك طرق عديدة فيقول لولاك ولم يقل لولا خلقك لما خلقت الافلاك فهناك فرق لولاك يعني كونك وهذا يدل على ان للنبي طبقات هناك طبقة تسمى خلق النبي وطبقة تسمى كون النبي وفي القرآن هذه التعابير موجودة ما كنت ما كنت ما كنت وتعبير انه ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فاذا كان الرسول اخر الانبياء هذا اي كون يحيط بكل الانبياء؟ ان هذا هو الكون الروحي للنبي او النور ، يعني نفس القرآن يقرر للنبي اكوان هذه هي الدقة المجهرية العقلية في قراءة القرآن او الروايات افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها؟ وهذا الحديث موجود في ادلة اخرى فيقول لولاك ولم يقل لولا خلقك هذا اي كون للنبي ؟ فما قال لولا خلقك يعني خلقته البدنية بعد خلق السماوات بخلاف كونه النوري.

لاحظ الدقة العقلية في هذا الحديث القدسي بعد ذلك يقول ولولا علي ولم يقل ولولا خلقة علي وما قال ما كنت قال ما خلقتك فلاحظ جانب الخلق في بدن النبي غير نور علي وان كان نور علي بعد نور النبي لكن نور علي في العوالم خلق قبل بدن النبي في الارض لذلك التعبير لولا علي وليس لولا خلق علي هذه احد معاني الحديث المستفيض في طريق الفريقين علي مني وانا من علي ما معنى انا من علي؟ او فاطمة مني وانا من فاطمة او انا من حسن وحسن مني او انا من حسين وحسين مني يعني نور الحسين في عالم الانوار قبل بدن النبي في سلسلة المخلوقات ثم موقع لولا خلق فاطمة هذه كلها معادلات علمية فقال لولا فاطمة ولم يقل لولا خلق فاطمة يعني الجانب البدني في رسول الله وفي امير المؤمنين.

اذن القرآن يؤكد على ان للنبي طبقات وكذلك لامير المؤمنين وهي هوية واحدة فالانسان طبيعته ذات طبقات لاحظ هذا الحديث المتواتر القدسي عند الفريقين في تبليغ سورة براءة لا يبلغ عنك الا انت او رجل منك فكيف لا يبلغ عنك الا انت؟ هذا كله نظام عقلي ولغة عقلية حتى عقول الفلاسفة تترجل عندها لانها فوق فلسفة البشر هذه كلها معادلات عقلية صعبة.

العلامة الطباطبائي في سورة التوبة يتعرض لهذا الحديث القدسي لا يبلغ عنك ويقول انظر كلام المفسرين الضحل من العامة في التفسير هذا الحديث القدسي هو حديث من رب العالمين من فوق العرش لا يبلغ عنك وهذا حديث متواتر قاله الله في مواطن عديدة وهذا في علم البلاغة يسموه بالتجريد يعني يجرد النبي طبقا عن طبق يعني قلب النبي ونور النبي من الذي يبلغ عنه ؟ اما بدن النبي او علي ، لان علي ليس كالصحابة فقط يرتبط ببدن النبي وانما يرتبط بنور النبي وكذلك فاطمة ، فعلي والحسن والحسين وفاطمة ينهلون من نور النبي ومن غيبه وملكوته ولا دخل للصحابة.

امير المؤمنين بعثه النبي مرتين الى اليمن فلما ينزل على النبي الوحي يبث هذا على النبي وعلى علي ابن ابي طالب يا علي انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع الا انك لست بنبي لذلك امير المؤمنين يقول ما نزلت اية في ليل او نهار الا وانا مطلع عليها لان النور واحد وكذلك فاطمة.

ما الفرق بين الرجل والذكر؟ استعمل كثير في القرآن كلمة رجل بمعنى الصلب سواء انثى او رجل ، رجال صدقوا يعني عندهم صلابة واستقامة وليست ذكورة ، رجال لا تلهيهم ورد في مصادر الفريقين ان من مصادقها فاطمة وخديجة او قوله تعالى وعلى الاعراف رجال رواه الفريقان وهم خديجة وفاطمة يعني صلابة ، فرجل منك يعني ثابت على الجادة الالهية فامير المؤمنين لم يكن فقط يرى بدن النبي كالصحابة وانما كان يرى نور وروح النبي انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع الا انك لست بنبي فهو جهاز يلتقط الوحي عند امير المؤمنين وعند فاطمة والحسن والحسين بتبع سيد الانبياء فهم عندهم اجهزة يتواصلون مع سيد الانبياء وليس البرزخ بينهم حائل كما ان امير المؤمن في اليمن ورسول الله في المدينة وليس بينهما حائل.

البرزخ ليس حائلا بين المعصومين ، فالسماوات ليست لهم حائل بينهم فكيف بالبرزخ وهي نشأة ارضية؟ بالنسبة لرسول الله يا علي لا يعرف الله الا انا وانت يعني من جهة الوراثة الاصطفائية وان كان في رواية انهم يتفاضلون وفي رواية لا يتفاضلون وهذا ليس من التناقض وانما له معنى يعني الماركة واحدة وهي الدولة المحمدية ، اي وزير في مركز الدولة المحمدية هم وزراء الدولة المحمدية والدولة العظمى الانبياء يعني الشاكلة هو النور واحد لكن من جهة داخلية تجد شخصا رئيس وزراء والاخر نائب رئيس والاخر وزير فبينهم هناك شؤون داخلية ، لعن الله امة دفعتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها لذلك هذا الحديث متواتر الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وابوهما افضل منهما او خير منهما.

 

logo