47/02/10
/ اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (72)/سلسلة في الشعائر الحسينية
الموضوع: سلسلة في الشعائر الحسينية / اعتبار كتب المقاتل المتأخرة (72)/
لا زلنا في هذا البحث ان سيرة المعصومين لا سيما المفصلية منها والذروة فيها لا يمكن حصر قراءتها بما انجز من اجتهادات في العلوم الدينية وهذه هي احدى المنظومات الاربعة في نظرية المعرفة الدينية فلدينا منظومة وحيانية وهي مختصة بالمعصومين ولدينا منظومة نقلية التي نقلت بالحس ومنظومة ثالثة هي كتب العلماء واجتهاداتهم في العلوم الدينية والمنظومة الرابعة هي المكاشفات فهناك اربع منظومات في نظرية المعرفة الدينية وكل منظومة لها احكامها .
فقراءة سيرة المعصوم القطعية فضلا عن الظنية لا يمكن حصرها بما انجز من اجتهادات في العلوم الدينية كما صرح بذلك غير واحد من رواد اعلام الامامية وهذه قاعدة مهمة جدا في معرفة سيرة المعصومين ومنها نهضة سيد الشهداء التي لا زالت الوجوه الفقهية او الكلامية في قراءة هذه النهضة بابها مفتوح في التنظير والتبويب .
قبل سبعين سنة حصل توتر علمي شديد جدا في حوزة قم حول قراءة نهضة سيد الشهداء فكتب بعضهم كتاب الشهيد الخالد وبالفارسي شهيد جاويد وفي قباله جماعة اخرين من المراجع والعلماء الاعلام ومنهم العلامة الطباطبائي فاصطف في قبال هذا الكتاب والسيد الكلبيكاني والشيخ الفاضل اللنكراني والشيخ الاشرفي وجمهرة كبيرة من العلماء وقفوا في قباله وفي الطرف الاخر هو كاتب هذا الكتاب والشيخ المنتظري وغيرهم ولسنا في صدد تفاصيله فلاحظ ان نهضة سيد الشهداء كيف هي متفاعلة ومتجاذبة علميا؟ ولا زالت ملحمة بركانية في اذهان العلماء انه كيف تفسر؟ فهذا الطرف من العلماء اصروا على انه يجب قراءة سيرة المعصوم بما لا يتنافى مع الثوابت العقائدية يعني قطعية عصمة الامام فوق قطعية القواعد الفقهية وهذا هو زبدة المنهج في نظرية المعرفة وحتى كتب في هذا المجال العلامة كتابا وكذلك الشيخ الاشرفي .
فهؤلاء عندهم برهان عصمة الامام فوق ان تقرأها بقواعد فقهية ولو كانت قطعية التنظير او قطعية التطبيق وتحصر وجه فعل المعصوم بهذه القواعد فضلا عن كون الانطباق ظنيا او التنظير للقواعد يكون ظنية فلا يمكن بقاعدة ظنية تخرم قواعد برهانية كلامية فلاحظ هيمنة علم الكلام على ثوابت علم فقه الفروع هذه ملحمات علمية في الحوزات وجديرة بالعبرة والاستفادة العلمية الشيء الكثير هذه النقاط يجب ان يلتفت اليها في منهجية قراءة النص التاريخي .
مثلا تجد بعض الكتاب التاريخيين يقول انا لا اقرأ التاريخ من خلال العقيدة وانما اقرأه من خلال القصاصات الموجودة واكون عقيدتي من خلالها وهذا امر خاطئ فالعقيدة اذا كانت مستندة الى براهين فكيف تعطف انت هذا على هذا؟ هذا المحقق التاريخي ليس له تظلع في علم الكلام او الاصول الامام الصادق يقول ان سيد الانبياء قال ان النبي شاهد عند ام سلمة او احد زوجاته الاخرى شاة فماتت فقال ما بالهم ان لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا بايهابها ؟ فالطرف الاخر فهم من هذا الرواية ان الحيوان اذا صار ميتة يمكن الانتفاع من جلده بعد موته ونجاسته الذاتية يمكن قلبها بالدباغ الى طهارة الامام الصادق يقول هؤلاء لم يفهموا كلام النبي هو مقصوده تطهر لاجل ايهابها فسبب انحراف المذاهب العامة في الفقه وعدم فهمهم لمرام النبي في افعاله وسننه .
اذن لا يمكن ان اقدم التاريخ على ثوابت فقهية وكلامية او مثلا كيف اقرأ سيرة النبي من دون الاعتقاد بانه نبي من الانبياء وقلنا كرارا ان المعاصرين للمعصوم غالبا لا يفهمون المعصوم وانما يفهمونه من الجنبة البشرية فقط ، زيد بن حارثة المخلص الفدائي لسيد الانبياء وابن رسول الله بالتبني ويسمى زيد الحب فهو فدائي له وفي معركة مؤتة عين من قبل النبي بعد جعفر الطيار خلافا لما يذكره الجمهور انه عين اول زيد كلا لم يؤمر رسول الله ابدا زيد على جعفر ابن ابي طالب فاولا جعفر فاذا استشهد فزيد فاذا قتل زيد تصل النوبة لعبدالله ابن رواحة فزيد شأنه عظيم وزوجه النبي زينب بنت ابي جحش ابنة عمته والامام الرضا يقول مات زيد المخلص لرسول الله ولكن في ذهنه انطباع خاطئ عن النبي لا يتلائم مع عصمته وهذا ليس بسوء النية وانما بقصوره لانه ما يستطيع ان يقرأ سيد الانبياء على حقيقته كما ان زينب بنت جحش زوجة النبي وبنت عمه ماتت وانطبع شيء خاطئ في ذهنها خلاف عصمة النبي فهم اشتبهوا والنبي اطهر مما انطبع في ذهنهم فكلام النبي فسروه بتفسير خاطئ .
فاذا كان المخلصون المحبون هكذا يشتبهون في قراءة كلام النبي وماذا يريده رسول الله؟ وكيف صدر الفعل منه؟ فما بالك بمن يرتاب في النبي؟ هذا يقرأها قراءة بعيدة وباطلة فهل نذهب بعيدا عن الثوابت او نقرأ التاريخ بعيدا عن الثوابت العقائدية تحت ذريعة اني لست مؤرخا مناقبيا وانما اتبع القصاصات التاريخية ؟؟؟ ان هذه القصاصات ليست يقينية غاية الامر ظن معتبر فكيف انت ترجح الظن المعتبر على البراهين؟ فالتاريخ اسمه تاريخ لكن اذا ارتبط بالدين فسوف يرتبط بالسيرة القطعية وسيكون مصدرا من مصادر العلوم الدينية والمعارف فلا يمكن ازواء علم الكلام عنه وكذا العلوم الدينية الاخرى وهذا بحث ملحمي منهجي في كيفية قراءة التاريخ الديني .
افرض مثلا عبد الله ابن عباس حسب دعوى هذا المحقق التاريخي منهجه منهج الدلائل الظاهرية يعني منهج كلامي لكن نقول من قال بان العقائد فقط بلغة كلامية؟ ليس علم الكلام مرشحا ان يكون هو العلم القارئ الفذ لعقائد الدين حتى بمدارسه المختلفة نعم هو الية من اليات وعلم من العلوم يقرأ به المعارف لا ان المعارف فقط منحصرة قرائتها بعلم الكلام هي حتى تقرأ به ، بل حتى باللغة الفلسفية يعني التصورية واللغة العقلية المحضة او اللغة القلبية لغة ادراكات الماورائية التي يدركها القلب ، فالخشوع والرهبة والمحبة والتمني لغة القلب
القرآن يستدل بالنسبة لليهود ان كنتم زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت فيستدل ببرهان من براهين القلب وهذا البرهان موجود مثلا اذا اردت ان تعرف نفسك هل صادق في الايمان بالله ام لا؟ انظر هل عندك خوف من الموت ام تحبه؟ فهذا برهان وجداني وليس فكري او عقلي نظري فاذا كنت تخاف من الموت فانت غير مقبل على الاخرة نعم وردت توصيات اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا وهو علامة الايمان والله ان الموت لاحب لابن ابي طالب من الطفل بمحالب امه حيث الطفل يجد في حليب امه الحياة وامير المؤمنين يجد في ما وراء الفيزياء الحسية عمدة الحياة فان الدار الاخرة لهي الحيوان يعني عنفوان الحياة هناك ، فهذا مرتبط بالعرفان القلبي انه اين ميولك؟ ليس معنى كون الانسان اخروي يعني لا يدبر للدنيا لكن لابد ان تكون ميوله اخروية هذا ليس بحث فكريا ولا كلاميا هذا بحث قلبي عرفاني روحي ولا يقبل الغلط ابدا واستدل به الباري تعالى في كتابه في مواطن عديدة فهو علم اخر في المعارف .
نعم الصوفية والعرفاء عندهم انحرافات هذا بحث اخر ولكن اصل العلم ثابت، السيد علي خان في شرحه على الصحيفة انجز ما استطاع وقبله السيد بن طاووس والشهيد الثاني والديلمي في ارشاد القلوب والورام ولكن نحن عندنا انجازات خجولة والحال ان الحوزة العلمية اذا ما تخوض في هذا الغمار ستجد المؤمنين يقتاتون على مدارس الصوفية او العرفاء فاللوم علينا قبلهم لانه لم نحضر لهم هذه العلوم المجلسي الاول كان متضلعا اكثر من الابن في هذا المجال وحتى طعن عليه انه صوفي مع انه تلميذ الشيخ البهائي كذلك بحر العلوم يسند اليه انه كان عنده تضلع في هذا العلم بل حتى ان السيد الخوئي كانت عنده باع في هذا المجال ولم يظهر هذا من السيد الخوئي الا نادرا ولكن الشيخ محمد الغروي خمسة وعشرين سنة حضر عنده فجماعة من علمائنا خاضوا في هذا الجانب وينسب للسيد اليزدي انه عنده كتابات في هذا الجانب باللغة الفارسية الشيخ بهجت يقول التقيت بتلميذ له في الدرس المعنوي يعني هو عنتر في الفقه والاصول وكذلك مستأسد في درس العرفان يعني قراءة الوحي مثل الصحيفة السجادية كلها بحوث قلبية معنوية مشاعر باطنة فيقول الشيخ بهجت التقيت بتلميذ بارز للسيد اليزدي ورأيت له باعا كبيرا في هذا المجال وذكر لي ثلاث امور عن احداث ايران ولكن انا للاسف نسيتها ولم اكتبها .
المقصود كان ذا قوة في هذا المجال اذن المعارف والعقائد لا تقرأ فقط بعلم الكلام الذي انجزه علماء الامامية على اختلاف مشاربهم ومدارسهم فيه ، يمكن يقرأ باللغة العقلية والفلسفية ويعني اللغة العقلية المحضة في العقل النظري بغض النظر عن المباني والتصديقات للفلاسفة والاشراقيين او المشائيين او الحكمة المتعالية او فلسفات حديثة هي لغة تصورية كاللغة العربية لذلك القرآن يناقش الدهريين وغيرهم بلغة عقلية وليس لغة تعبدية كما ان لدينا لغة وجدانية ذوقية وليست هلوسة والقرآن الكريم يحتج على اليهود انه فتمنوا الموت يعني علامة الميول اذا انشدت الى الاخرة هذا كمال ايمان الانسان والا يكون ناقص الايمان او منافقا فهذا لا ربط له بالفكر وانما الوجدان والتذوق هل انت ميولك اخروي او دنيوي؟ واستعملها القرآن في مواطن عديدة : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( 107 )﴾ استحبوا الدار الدنيا يعني حب وميول .
فعلامة المؤمن الورع التقي انه عنده خشية والاخيرة ليست فكر وانما قلب واستخدمه القرآن كبرهان ، نعم علماؤنا لم يخوضوا فيه هذا بحث اخر يجب ان يخوضوا فيه اكثر ، سلمان من هذا الباب وكذلك ميثم التمار وحبيب ابن مظاهر ورشيد الهجري ولكن عبد الله بن عباس وهشام بن الحكم من ذاك الباب فتلاميذ الائمة من هذا القبيل ولان هذا الباب خطر تصير فيه ادعاءات كاذبة او حتى المنحرفين ينسبون انفسهم لتلاميذ الائمة من هذا الطرف وعادة اصحاب اللغة الكلامية يهاجمون هذه المدرسة .
جابر ابن يزيد الجعفي كان من هذه المدرسة وليس من تلك وكذلك سلمان يعني ليس مدرسة هشام بن الحكم فهذه كلها علوم لا يمكن ان نتنكرها ويجب ان تنشأ حركة علمية كما في علم الكلام كذلك في علم العرفان الوحياني فالقارئ للعقائد ليس فقط يكون بعلم الكلام وانما التفسير والحديث والفقه حيث مر بنا ان هناك محطات في العقائد لم يشيد قوالبها ومباحثها الا الفقهاء نعم كثير من الفقهاء لا يخوضون تلك المجالات من ثم يكون مترجلين فيها ولكن مشهور الفقهاء خاضوا فيها ، مثلا علم الفرق والمذاهب الفقهاء بحثوه اكثر من المتكلمين لاضطرارهم لابحاث فقهية فيه .
نقلنا كلام صاحب العروة انه ربما الانسان يلهج قولا بنظرية باطلة ولوازمها باطلة وكفر لكنه عقيدة لا يعتقد بها كوحدة الوجود فهذا لا يحكم بكفرهم ولا بالخروج عن المذهب وان كان هو معصية يعني نفس التقول بهذه المقالة الباطلة معصية مع كون ارتكازهم على غير هذا القالب فيعتبر معصية عملية وليست معصية عقائدية لانك ارتكازا ما تعتقد به ، ففرق السيد اليزدي تبعا للشيخ كاشف الغطاء بين المعصية العملية الفقهية المرتبطة بالعقائد وبين المعصية العقائدية سواء في اللسان اللي يصير معصية عملية او بغيره يعني ليس كل من تفوه بما يلزم منه الكفر هو كافر وانما قد يروج وينشر لسانا فقط يعني بعد فقهي وليس عقائدي والا هو ارتكاز كما يقول السيد اليزدي يمشي على ثوابت الاسلام والايمان .
هذه بحوث في العقائد طرحها الفقهاء مع انه اغفله المتكلمون او المفسرون او الفلاسفة او العرفاء فاذن لاتظن ان علم الكلام يتكفل كل علوم الدين ابدا هي الية من الاليات وليست عقائد الوحي تتقزم بحدود ما انجز من علم الكلام .
نرجع الى مبحثنا القديم ان الجهاد الذي تفسر به نهضة سيد الشهداء ليس انه تعبد في واقعة ولا يمكن تفسيرها هكذا وسيرة المعصومين هي سيرة قطعية وانما تعبد خاص بمعنى اخر ان كل ما نقرأ من سيرة المعصوم فهذا ليس كل القراءة الكاملة وانما هناك مساحة خفية نؤمن بها اجماليا في سيرة المعصوم وهناك مساحة جلية مقروءة عندنا بقواعد قطعية او ظنية تطبيق قطعي او ظني مؤمن بسركم وعلانيتكم لماذا هذه الثنائية في الزيارات متواترة ؟ سركم وعلانيتكم ظاهركم وباطنكم يعني لهم مساحة ما قرأناها وحتى في قراءة المساحة يتفاوت العلماء فيما بينهم لا ان تقول هذا حقيقتهم كلها ففعلهم فيه ظاهر وباطن نعم الائمة بشكل اجمالي مخلوقين مربوبين لكن ليس ان كل مخلوق نحيط به ولا كل مربوب نحيط به فلا نستكبر في انفسنا ونقول نحن مهيمنين فهناك مساحة في ذاتهم وصفاتهم واقوالهم وافعالهم خفيت على العلماء والمجتهدين فالمساحة الخفية نفهمها بالبرهان الاجمالي وبعصمتهم .
فانا كي اتوازن في معرفة فعل المعصوم وسيرته وصفاته اقول هناك سيرة ليس كلها علانية فهناك ظاهر العلماء وغيرهم يفهموه وهناك باطل خفي عليهم بل على كل الامة بل حتى على جبرائيل والملائكة المقربين ، ورد في رواية المعراج جبرئيل يقول لو اقتربت انملة لاحترقت بعدها الامام الصادق يقول لما رجع النبي جبرائيل الح على النبي انه ماذا اوحي لك؟ والنبي ليس بامكانه ان يحمل جبرائيل كلما حمل فاعطاه شيئا منه فحتى بالنسبة للملائكة المقربين قسم من افعال النبي ظاهر لهم وقسم خفي عنهم فكيف بنا نحن ؟
فهذه الثنائية في قراءة المعصوم هي نظرية المعرفة قسم ظاهر وقسم باطن لذلك صاحب الجواهر وفحول الفقهاء يقولون قسم استطعنا ان نقرأه من المعصوم ظني وليس قراءة قطعية فضلا عن انها حصرية فهناك قطعية وهناك ظنية وهناك حصرية ولذلك مر بنا ان من معاجز مذهب اهل البيت هو ان باب الاجتهاد مفتوح حتى في الجنة لان الافهام تختلف وهذا ليس مرتبط ببدن الانسان وانما ما فوقه فانت لاحظ القواعد كيف تترتب فكيف يترتب لنا خارطة المنهج؟ فيشترك علم الاصول والفقه والكلام والتفسير في قراءة التاريخ لا مثل هذا المحقق الذي يقول لا ربط لي بالبحث العقائدي الكلامي هذا غير صحيح فلا يمكن ان تقول لست قارئا للتاريخ بلغة المناقب والعقيدة .
الجهاد الذي يفسر في نهضة سيد الشهداء ليس هو الجهاد المدون في كتب الفقه وذكر هذا السيد المرتضى وغيره من العلماء الذين ذكرنا اسماءهم فالى الان هذا الجهاد الذي قام به سيد الشهداء لا اقل في يوم عاشوراء هذا يقرأ بجهاد ما قبل عاشوراء اما جهاد عاشوراء لابد ان يقرأ باقسام اخرى لم يكتب فيها العلماء ونقلت لكم عن اربعين رسالة لمجتهدين متجزئين او مطلقين او فقهاء بحثوا في واقعة الطف بمناسبة البحث واصروا على ان الجهاد الذي يمكن ان يقرأ به عاشوراء ليس الجهاد الذي كتبه الفقهاء طيلة عشرة قرون وانما هناك جهاد المواساة الذي له شروط وقوانين فحبذا لو تصير حركة فقهية قوية لكتابة هذا الباب وضروريته .
بعض العلماء قالوا هذا الجهاد ليس فقط مواساة والا لا يمكن ان يفسر بها هذه البحوث التي كتبها الاعلام بل صاحب الجواهر يعترف بان بعض صور الجهاد الذي كتبها الفقهاء في كتاب الجهاد لا يمكن ان يفسر بضوابط الجهاد اللي ذكره الفقهاء مثل من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون دمه او دماء ذويه فهو شهيد فكيف يفسر؟
او مثلا حرمة الفرار من الزحف كيف يمكنك تفسير هذا الاستبسال والفدائية والاستشهادية من جعفر الطيار ولعله هو اول من باب فتح باب الاستشهاديات ولاجل هذا ناسب تسميته بالطيار لانه يرعب العدو يعني لا يهاب الموت وفدائيين وتضحويين .
مثلا حمزة بن عبد المطلب كتب على العرش يعني نظام العوالم هو اسد الله واسد رسوله ما معنى هذا؟ يعني وزير الدفاع ووزير الامن وتجد امير المؤمنين يوم الشورى يحتج على امامته بان الله اصطفى حمزة اسد الله اسد رسوله وهذا دليل من سبعين دليل مستقل الذي افاده امير المؤمنين ويستدل ايضا يوم الشورى بعد مقتل الثاني بان جعفر هو الطيار اصطفاه الله وفي حديث متواتر عن سيد الانبياء بان حمزة عمي اسد الله واسد رسوله ويستدل سيد الانبياء على انه ابن عمه جعفر اصطفاه الله طيارا ، فما هذا الاصطفاء الذي يستدل به سيد الانبياء على سؤدده في النبوة ؟
يقول الامام الباقر كفى حجة لامامتنا ان عمنا الحمزة اسد الله وعلماء الكلام مروا عليها مرور الكرام لعل احد التفاسير لهذا المقام الاصطفائي لجعفر ابن ابي طالب انه اول من فتح باب الاستشهاد والعمل الاستشهادي والفدائي والتضحوي وهو تطبيق لقاعدة حرمة الفرار من الزحف صاحب الجواهر يقول هذه الحرمة لا يمكن ان نفسرها بقوانين الجهاد او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانما هذا منطق الجهاد الاستشهادي وهذا ليس لاجل النصر على العدو وانما كي تكون شمعة لكي ترعب العدو وترهبه فهو جهاد الفتح فجعفر الطيار اصطفاؤه مرتبط بباب تشريعي في الجهاد في عزة الامة الاسلامية ان يكون فيهم استشهاديون .
الامام الحسين يوم عاشوراء يحتج بان عمه جعفر الطيار وهذا بحث لم ينجز وليس اللوم على الفقهاء وانما علينا فهم قدموا بحوثهم والدين بحر لا ينزف وهذا سر ان باب الاجتهاد لا يغلق في مذهب اهل البيت وفي هذه العقود الثلاثة بدأ المؤمنون يفهمون انهم ما معنى الاستشهاديات وما هو التخريج الفقهي لها؟ لانه لا يمكن تخريجها بما ذكر في كتب الفقه ولكن جعفر هو نموذج عظيم ويقال ان هذه السنة هي سببت فتح الروم وفارس لان جملة من المؤمنين صاروا استشهاديين يرعبون الطرف الاخر بهذه الروح الاستشهادية .
هناك ايضا جهاد العزة والاباء جملة من الاعلام قالوا ان نهضة سيد الشهداء ما يمكن ان تفسر بما دون في الفقه قد نقلنا كلام السيد محسن الحكيم ان ابواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقية التي دونها الفقهاء هو في البعد الفردي والذي يختص بربع هذا الباب اما البقية فلم ينجز وكذلك فتوى السيد الخوئي والسيد الخميني ، فبعض الاعلام قالوا هناك جهاد العزة والاباء يعني الهدف منه ليس النصر العسكري وانما الهدف بناء العزة للامة وقد سألنا الذكاء الصناعي هل العزة مرتبطة بالسيادة؟ قال لا العزة غير السيادة لكن اهم اسباب العزة والكرامة هو السيادة فسيد الشهداء يركز على الكرامة انه مسيري هو هيئات من الذلة يابى الله ذلك لنا وحجور طابت وطهرت ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام فالمبدأ الذي يريد ان يحييه سيد الشهداء في الامة هو الكرامة والحرية يعني حتى القيم الانسانية يحييها سيد الشهداء وهذا لم يبحث في كتب الجهاد كما ذكر السيد الحكيم .
فالموت اولى من ركوب العار والعار اولى من دخول النار اي منطق هذا؟ لم يبحث في الفقه مع انه من المباحث المنطقية التي استند عليها سيد الشهداء في اخر لحظاته فهو قرآن مجسم لكن لم يستطع الفقهاء قراءة كل ابعاده القطعية فضلا عن الظنية ونحن نؤمن بالجانب الخفي من سيد الشهداء وكذا الجانب المعلن فكل الفقهاء عشرة قرون ما استطاعوا ان يقرأوه .
احد الاعلام قال ما يمكن ان نفسره فقط بجهاد المواساة لا بد من جهاد الكرامة وجهاد العزة والاباء ففيهما تثبيت سيادة الامة على نفسها لا ان تكون ذليلا للاجنبي ، مثلا العمل السيبراني اذا لم تكن بيد الامة من دون اطلاع الدول الاجنبية هذه الامة سيادتها مسلوبة وذليلة لان اسرارها عند الاردن او دول الجوار وهذا اخطر من كل شيء ، هذه سيادة مسلوبة او اذا كان الجو الفضائي ليس بيدك فليست لك سيادة فاذن هي امة ودولة بلا سيادة لان الاجنبي اخذ السلاح منها برا جوا سيبرانيا وهذا اخطر من اي سلاح اخر .
الاسئلة والاجوبة :
سؤال :
اذا كانت الثوابت المذهبية مختلف فيها مثلا كعلم الامام فكيف نكتب التاريخ في بعض الثوابت؟
الجواب :
قلنا هناك ضابطة في نظرية المعرفة ان الاختلاف لا يزعزع الضرورة وانما الضرورة هي ضرورة بحسب ادلتها لا حسب اطلاع الاخرين بها والا التوحيد فيه اختلاف ولكن هذا لا يزعزعه وكذلك نبوة سيد الانبياء وكذا المعاد ايضا فيه اختلاف ، مثلا القرآن هل هو كتاب الهي او بشري؟ فوجود الخلاف لا يزعزع الضرورة والا سوف يشكك في كل شيء يعني حتى البديهيات ولكن هذا لا يزعزع البديهيات فالمدار على تبده الادلة .
ابو ذر عنده برهان عرفاني انه لماذا لا نحب الاخرة؟ قال لانكم تحبون المال لاجل الدنيا ، فارسلوه للاخرة ستحبون الاخرة وهذا السر في الرياضة الروحية ولعل امتحان الانسان في الاموال اكثر من امتحانه في النفس ، في بعض الموارد قدم الله التضحية بالمال على النفس وقد سمي المال بالمال لميل الانسان اليه .
سؤال :
القراءة الفقهية للتاريخ كيف يعني؟
الجواب :
حتى الرياضيات والفيزياء والقضايا العسكرية هل نترك البديهيات فيها؟ مع انها معتمدة على علوم متعددة نعم قل هناك نظريات تتأرجح مع ظنيات اخرى هذا بحث صحيح لاالقطعيات واليقينيات والعقائد هي عبارة عن واقعيات في التاريخ وغير التاريخ بل العقائد تتجاوز كرة الارض الى عوالم كثيرة فلماذا نترك هذه الثوابت؟ فلا اقل الثوابت في العلوم الاخرى يستعان بها وهذا منهج علمي ليس خرافي مثلا اذا انت تدقق في علم الرجال طعون ارباب الجرح كما يقول الوحيد البهبهاني غالبا منشأها عقائدي والا الرجال شعبة من شعب علم التاريخ ، فليس الطعن في الراوي بسبب انه يشرب الخمر او يزني نعم هناك جانب منه غير عقائدي ولكن كثير منه عقائدي .
السؤال :
لو تشرحون اكثر بحث حب المال
الجواب :
سمي المال مال لاجل ميول الانسان اليه يعني قد تجار او اثرياء يحيطون حيطة امنية على اموال يفدون انفسهم له مثلا قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( 24التوبه ) يعني هناك تعداد لمناشئ ميول الانسان فذكر طبقات الارحام بالترتيب والازواج والعشيرة كذلك ثم اموال اقترفتموها ومساكن احب اليكم فالمؤاخذة هنا على احب وليس هو فكر وانما فعل قلبي ، الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة يعني محاسبته على افعال القلب ويمكن ان تجرد قائمة لمحاسبة القرآن حول افعال القلب فهي منظومة عرفانية وبتعبير علماء الاخلاق او المعرفة ان اخطر شيء هو الميول القلبية ثم الافكار يوم تبلى السرائر الا من اتى الله بقلب سليم اعظم امتحانات الانسان في فكره اي تنظير العقل النظري وفي قلبه وليس فقط اعماله البدنية فالاخطر من اعمال البدنية هو ميول القلب .
فالبغض منشؤه العداء والحب منشأ التولي ولذلك اصعب فريضة افترضها الله في الدين هو قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى حتى ان بعض الفقهاء يقولون وظائف القلب غير اختيارية وهذا كلام الشيخ الانصاري وقد ورد انه اخرجوا حب الدنيا من قلوبكم قبل ان تخرج منها ابدانكم من ابصر بها بصرته ومن ابصر اليها اعوجته فهذا يكون معنى اخرجوا حب الدنيا من قلوبكم فبالتالي الامتحان الاعظم هو بحث القلب وميوله وهو سكان الميول فالتكلف في الفعل القلبي يربي القلب مثل التباكي والتحلم والتشجع والتكرم .
سؤال :
ذكرتم عن صاحب العروة شيء بالنسبة للعرفان .
الجواب .
نعم هو عنده كتابان باللغة الفارسية وانا قرأت ذلك في حاشيته على المكاسب وعنده دور عرفانية معنوية باللغة الفارسية وعنده كتاب اخر باللغة الفارسية في الرياضات الروحية انت اذا تلاحظ حاشية السيد على المكاسب تجده متظلعا جدا في الاسفار بحيث ينتقد ملا صدرا في مباني فلسفية ولا بأس لو نرى المحقق الطهراني هل ذكر اسماء هذه الكتب ام لا؟ يعني القلب مع العقل النظري في تخادم وتئآزر والفكر يكون عين للقلب كما يقول امير المؤمنين الفكر امرأة صافية، فالقلب مصحف يدون فيه .
انا وجهت سؤالا لاحد الاساتذة الكبار في علم المعارف فذكر لي رواية لطيفة في الفرق بين اللبيب والعاقل ولكن ذهب عن بالي فالعاقل يتحمل لكن اللبيب لا يتحمل دائما فالعقل عنده مداراة ومرونة اللهم ارزقني عقلا كاملا ولبا راجحا وقلبا زكيا وادبا بارعا واجعل ذلك كله لي ولا تجعله علي ، وكذلك في زيارة المبعث لامير المؤمنين ذكر الامام الصادق تسع انماط اتبع فيه امير المؤمنين رسول الله كسنته وتيرته ومنهاجه وهمته وسيرته ، ففرق بينها ، فالوتيرة هي مدى السرعة في العمل والسنة هي عرفنة الشيء كعادة والمنهاج هو الخارطة والشاكلة هي الطينة والطبع فالشاكلة محطة في الانسان وكذلك الوتيرة والمنهاج كلها قوى وافعال في الانسان ، الان الكثير يجعل الشريعة هي الدين والدين هي الشريعة والحال هما يختلفان او المنهاج والطريقة والاخيرة ذكرها القرآن وهذه كلها محطات وشؤون في الانسان وفي المجتمع تختلف عن بعضه البعض والمفروض يصير فيه تحرير فلاحظ ابواب الدين الى الان علماء الفريقين ما استطاعوا ان ينقحوا الفهرس الاجمالي لها فضلا عن التفصيلي فهنا تلاحظ فرق الوحي عن البشر كيف هو؟