46/11/09
باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (90)
الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه (90)
مر بنا ان التعرف على خصوصيات الامام الثاني عشر والتعرف على خصوصيات رتبته الاصطفائية مؤثر غاية التأثير في المؤمنين والمسلمين والبشرية جمعاء ومؤثر جدا في مقدار الانقياد والطاعة والتسليم وما شابه ذلك فكلما نقصت المعرفة نقصت الطاعة وكلما ازدادت كانت الارضية لرقي الطاعة والانقياد والنصرة ممهدة ومرت دلائل هذه المعادلة في ايات وسور كثيرة استعرضها القرآن الكريم وسير اخرى قطعية في تاريخ الانبياء والرسل والائمة ومن ضمن تلك الخصوصيات في معرفة الامام الثاني عشر قول الامام الصادق لو ادركته لخدمته ايام حياتي وهذا التعبير ليس مجاملة وانما اداب المعصومين مع بعضهم البعض تدل على الرتبة الاصطفائية فهم ليس لديهم مجاملات كما لدينا .
مر بنا نظير ذلك في قضية الخضر والنبي موسى ومن هنا تجد صلاة النبي عيسى خلف الامام المهدي ايضا من هذا الباب اي لاجل قضايا اصطفائية وكذلك صلاة جميع الانبياء والرسل في ليلة المعراج خلف سيد الرسل هذا ايضا ليس فيه مجاملات وانما لسؤدده صلى الله عليه واله عموما الاداب عند المصطفين تعكس معاني اصطفائية وهكذا الفضائل في الوحي بخصوص اشخاص معينين تعني درجة الاصطفاء وليست هي لغة مدائح او شعر او خيال وما شابه ذلك هذه كلها حقائق ومعارف يكشف عنه الوحي والقرآن .
فعندما يذكر الوحي فضيلة لشخص معين هذا ليست قصة فعل وانما ذات الشخص وسيما هذه الفضيلة هي لغة اصطفاء فالاصطفاء في المعارف العقائدية قد تبين بلغة العقل النظري مثل ما تقول انه الرسول يعني رسالته تحققت ووجدت هذه لغة العقل النظري اما لما تقول يرضى لرضاه ويغضب لغضبه هذه لغة العقل العملي فهناك ترادف بين لغة العقل العملي لان الفضائل هي من لغة العقل العملي هل نبي او ليس بنبي امام او ليس بامام? وجود وعدم يعني لغة العقل النظري الكثير يظن انه الاصطفاء لا بد ان يكون فقط بلغة العقل النظري وهذا خطأ يمكن ان يكون ايضا بلغة العقل العملي ويمكن ان يكون بلغة قانونية يعني بلغة الفقه لا لغة العقل العملي ولا لغة العقل النظري ويمكن ان يكون بلغات علوم عديدة .
هذا البحث طرحناه قبل سبعة عشر سنة عندما بدأنا شرح اصول الكافي فقد تجد احد الباحثين يقضي عمرا طويلا ولكن يغفل عن هذه النكتة وهذه القاعدة الشريف المرتضى يستدل بحكم فقهي ضروري بين المسلمين في الصلاة يستدل به برهانا على امامة اهل البيت يعني هو يجعل احد ادلة الاصطفاء والامامة حكم فقهي ضروري يقول هذه اللغة من الوحي لغة مغلفة لحقيقة عقائدية وذكر ذلك في رسائله وانا رأيت بعض الباحثين قضى عمرا طويلا لكن هذه القاعدة ليس ملتفت اليها ان الحقائق العقائدية يمكن ان يعبر عنها بلغات علمية وليس بلغة العقل النظري او العملي انما بلغة القانون الفقهي وبلغات علوم متعددة نحن الان بصدد ان نقول هذه الاداب التي يبديها الامام الصادق لو ادركته لخدمته ايام حياتي هذا ليس شعر او خيال او مديح او مجاملات هذه قضية اصطفائية .
احد لغات العقائد هي لغة الاداب والفضائل اما قوله فداها ابوها كلمة تستخدم بمعنى عزة الشخص وليس بمعنى استعمال حرفي حقيقي مثل بابي انت وامي او اركب بنفسي انت ، هنا التعبير كنائي نحن كلامنا ليس في التعبير الكنائي ولا الاستعمالي ولا الوضعي كلامنا في المعنى الجدي هنا لو ادركته لخدمته ليس تعبير كنائي وانما اداب ان الامام الصادق يعظم ابنه الثاني عشر تعبير انه لو ادركته لخدمته او يعبر سيدي سيدي سيدي امام الطبقة العليا من تلاميذه سواء من الفقهاء والعلماء هذا ليس من باب مجاملات وتعارفات هذا ان دل على شيء فيدل على رتبة اصطفائية .
فاذن العقائد والمعارف من الخطر بمكان ان لا نلتفت الى ان لغات الوحي فيها متعددة من لغة العقل النظري هو رسول او ليس رسول او هو نبي او ليس نبي او هو امام او ليس بامام وهناك لغة العقل العملي ان الله لا يحب او ان الله يحب هذه لغة قانون ولكن بلسان العقل العملي ان الله يحب الصابرين يحب المحسنين يحب المتقين يعني هذا تشريع وقانون رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله هذه بلغة العقل العملي لكن تدل على الاصطفاء .
السيد المرتضى يقول بضرورة المسلمين ان الصلاة على النبي والال راجح فهو لا يستدل بالظن وهذه من نباهته العجيبة فلا يتكلم في سند ظني صحيح وانما قطعيات ويشتغل بفقه المتن فيقول هذا في الصلاة راجح سواء كان لزوما كما هو الاكثر او استحبابا عند البعض فالرجحان هذه ضرورة اسلامية ولا يمكن التشكيك فيها فهو لم ينطلق من استحباب ووجوب وانما انطلق من رجحان الامر انه لما الشارع جعل هذا الامر مبده عند المسلمين فهو يقول قطعي وليس ظني ولم يقل وجوب كي تقول مختلف فيه حيث بعض المذاهب عندهم قطعي والاخر عندهم ظني اما اصل المشروعية والرجحان فهو قطعي فهو ينطلق من هذه القطعية يقول ان العقائد لابد من ان تكون ادلتها قطعية لا ظنية سواء في السنة او في القرآن فيقول الرجحان القطعي المبده عند كل المسلمين ان الصلاة على النبي جزء التشهد يعني عقلا نتعرف على هؤلاء فنفس ضرورة الصلاة تزجني الى معرفة هؤلاء اذن معرفة هؤلاء ضرورة دينية فهو لا ينطلق من ندبية ووجوبية ، انما ينطلق من ضرورة ولو بالندب اذن بضرورة الدين معرفة الال ضرورة ومن هم هؤلاء الذي معرفتهم في الدين ضرورية ان لم يكونوا مصطفين ؟
لاحظوا الاستدلال الدقيق فهو لا ينطلق من قضايا ظنية وانما من قضايا تحليل صناعي للمتن فمن حكم فقهي ضروري بين المسلمين ينطلق ويقول ان التشهد بين المسلمين اخذت فيه العقيدة بالشهادة الثالثة وان الصلاة على الال مغلفة عن الشهادة الثالثة فحقيقتها الشهادة الثالثة وليس شيئا اخر ففي عشرة اسطر يبين هذا المطلب لاحظ ذكاء هذا النابغة وتجد نهجه في العقائد نهج تحليل المتون المسلمة اما قضية المصادر والمنابع اوكلها الى من قبله من العلماء ويشتغل في هذا الرأسمال المسلم بين مصنع التحليل والتركيب كيف هو? فينطلق السيد المرتضى من هذا المنطلق وهذا من الموارد التي يفتي فيها السيد بان الشهادة الثالثة واجبة في التشهد وليس مستحبة فالسيد المرتضى انطلق من حكم فقهي الى معرفة عقائدية فانطلق من الضرورة لان العقائد ولا سيما مثل الامامة هذا لا يكفي فيها الظن والسند الصحيح وانما بالضرورة .
هناك اصطلاح لدى الاعلام في الفقه والكلام والفلسفة والعرفان والتفسير وهذا الاصطلاح متفق عليه وهو اصطلاح الضرورة فهو فوق اليقين وهذا اشار اليه الامام الكاظم في تحف العقول وهذا الكتاب العظيم لابن الشعبة الحراني وفعلا كتاب اسمه على مسمى وهو في الحقيقة تحف العرش وليس تحف العقول والمطالب الموجودة فيه جدا عظيمة فمن الامور التي يذكرها الامام الكاظم في محفل هارون السفيه العباسي حيث الاخير ادار بحثا في منهج معرفة الدين حيث سأل الامام الكاظم وعلماء الجمهور ايضا موجودين فبين الامام الكاظم ما هي منهج المعرفة الدينية? فمن ضمن الامور الاعجازية التي بينها موسى ابن جعفر ان الضرورة فوق اليقين فالضرورة قد تكون اعظم من دلالة اية وايات لانه قد تكون دلالة الاية ظنية او يقينية نظرية اما الضرورة يقين مبده .
هناك بيان للامام الرضا شبيه والده الامام الكاظم بنفس المنهجية فهذه مسألة ضرورية الالتفات اليها دائرة الضرورة المدعى عند كافة المسلمين هذا رأس مال عظيم للحجج العقائدية فينطلق هنا الامام الرضا مع اللا مأمون العباسي من ضرورات المسلمين حول اهل البيت ليس مختلف في دلالتها ولا حديث متواتر مختلف في دلالته وانما من ضرورات مسلمة ومن ايات وروايات متواترة عديدة فينطلق من ضرورة لاثبات امامة اهل البيت وهذا بحث منهجي لا يعيه اصحاب السند والطريق وانما يعيه اصحاب المتن وفقه المتن .
فلاحظ السيد المرتضى منهجه في العقائد والمعارف منهج الضرورات لاحظوا كتابه الشافي اسم على مسمى دوما بحثه في المتن فيقول من المسلم وضروري فلان شيء وينطلق منها لشيء اخر وكذلك في اجوبة مسائله نفس المنهج عنده بديع وفريد يركز في هذا الجانب فكيف يوجب السيد المرتضى الشهادة الثانية في تشهد الصلاة من هذا الحكم الضروري ويثبت فيه امامة اهل البيت ؟
فضرورة الصلاة جذرها ضرورة الامامة فاذن التعرف على العقائد يمكن ان تكون بلغة في العقل النظري لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا هذا عقل نظري وعقل عملي مثل ارحم الراحمين الرحمن الرحيم الرؤوف او قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت تمنوا هي لغة العقل العملي وهي رياضة روحية ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم لاحظ استدلال ببرهان العقل العملي وليس العقل النظري وبالرياضة الروحية وفقه القلوب وموارد كثير استدل فيها القرآن بلغة القلب والروح ولغة العقل العملي لا لغة العقل النظري ولو انزلنا عليهم الملائكة قبلا وكلمهم الموتى هناك عدة مكاشفات يذكرها القرآن الكريم ما كانوا ليؤمنوا ، ولو اننا ان نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا لاحظ هذه مكاشفات ثلاث ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله هذا برهان يعني من العقل عملي ومن فقه القلوب فالعقائد يبينها الوحي بلغات عديدة لذلك السيد المرتضى ينطلق من حكم فقهي ضروري بين المسلمين اجمع الى اثبات مطلب عقائدي وهذا كاستدلال امام الرضا في موارد عديدة .
بعض الاعلام وكلامه صحيح قال الكتب الاربعة اسمها كتب فروع ولكنها هي مليئة بالعقائد فاجعل انت منهجيتك كمنهجية السيد المرتضى ستتنبه انها كلها كتب عقائد الوسائل نظن انها كتب فروع لو تدقق فيه كتاب عقائد لكن لمن يتنبه الى ذلك وفيها حقائق عظيمة .
لما خلد اهل النار في النار مسألة معضلة عند الفلاسفة والمتكلمين والمفسرين ويبين وجه ذلك صاحب الوسائل وكذلك لما خلد اهل الجنة في الجنة الامام الصادق في اول مجلد في الوسائل يبين سبب ذلك ببيان عقلي بامتياز كتاب الصلاة في الوسائل عندما تدخل ابوابه عالم من الرياضة القلبية والروحية الوحيانية هناك بيان رياضة روحية في الوسائل كيف ينجو الانسان من الخلود في النار? فكتاب الوسائل هو مليء بالعقائد الشيخ الطوسي في التهذيب يذكر رواية فقهية حول النواب الاربعة في الحقيقة هذه ليست اهداف هي تبين لك حقيقة النيابة الخاصة .
اذن يمكن العقائد ان يبين في الوحي بلغات علمية عديدة وهذا ان لم يبصرها الباحث في العقائد فهو مترجل في بيانات اهل البيت و احد براهين صاحب العصر والزمان التي سيظهرها هو انه لا يستطيع احد من الامة علماؤها وفقهاؤها ومراجعها وفلاسفتها وعرفاؤها وصحابتها وتابعيها ان يجمع القرآن كما انزل الا ائمة اهل البيت وهذه من التي سيظهرها الامام الثاني عشر يظهر لهم مصحف جده امير المؤمنين وبين قوسين ذكرت انا من روايات الفريقين ان امير المؤمنين لم يجمع مصحفا واحدا وان شاء الله يصدر عن قريب مجلدين في هذا المجال بقلم احد الاخوة فوقفنا على تسعة اقسام مصاحف جمعها امير المؤمنين بوصية من النبي فهي تسعة مصاحف ونفس القرآن ولكن بتبويب فمصحف التنزيل مصحف اسباب النزول وانواع اخرى من المصاحف امر بها النبي عليا في حياته وبعد رحيله ان يجمعها ولو وقفنا عليه من روايات الفريقين هي كثيرة والاول والثاني والثالث كانوا يستعينون باخرين ما عندهم قدرة على جمع القرآن حتى زيد ابن ثابت بمفرده .
لاحظ اذن الوحي الالهي ما يعرفه كيف هو الا امام المسلمين فاذا انت تنظيرا ما داري ما هو كتاب الله فكيف تطبق احكامه? اما هذا الشخص الذي لديه المصحف باصداراته المختلفة فهذا امام المسلمين يعني كل احكامه حاضرة لديه فاذا انت تنظيرا لا تدري به كيف تريد تطبقه? لذلك احد براهين امامة امير المؤمنين وامامة ولده انهم حصريا دون الانبياء وعلماء الامة ودون الجن والانس والملك هم حصريا يجمعون القرآن لذلك في البصائر واصول الكافي وكتب عديدة احد براهين امامة اهل البيت التي يستدلون بها الائمة هو انه لا يستطيع احد ان يجمع القرآن كما انزل ولا يكون الامام اماما حتى يجمع القرآن وهذا معنى مصحف علي وليس مصحفا واحدا وانما تسعة مصاحف وربما اكثر حسب ما وقفنا عليه من روايات الفريقين هذه احد البراهين التي يبينها صاحب العصر والزمان وستحار عقول الفقهاء والمفسرين والعلماء والمراجع بهذا العلم الذي سيظهره وهذا التبويب الذي اجراه امير المؤمنين بامر من الني وكذلك كل امام في زمانه .
اذا قرأت هذا المصحف لا تستعصي عليك مسألة من مسائل علوم الدين فكلها موجودة فيه وهذه لغة من لغات علوم التفسير كيف هي برهان على امامة امير المؤمن وفاطمة والحسنين وامامة صاحب العصر والزمان .
فاذن المطلب العقائدي يمكن ان يبين بلغات من العلوم الدينية العديدة حتى غير العلوم الدينية من ثم لا يمكنني ان لا اعتقد بنبوة النبي الا اذا كان بلغة العقل النظري فاذا نزل جبرائيل قال لك هذا ما يشاء الا ان يشاء الله لماذا لا تقبله? وهذه احد الازمات ان الانسان يحبس معرفته بلغة علم الكلام فان لغة الوحي في المعارف والعقائد لغات عديدة كثيرة جدا ليست لغة واحدة .
فنرجع الى بيان الامام الصادق للرتبة الاصطفائية للامام الثاني عشر وانه هناك بيانات لسان ثالث من الروايات ان الامام الثاني عشر هو افضل التسعة واعلمهم واحكمهم وباطنهم وظاهرهم وقائمهم هناك خمسة ستة عناوين تفضيله على ولد الحسين بين التسعة وهذا لسان اخر مستفيض وليس واحد بل بامكان المتتبع ان يقف على تواتر هذا التعبير في شأن صاحب العصر والزمان ففي نفس هذا الحديث ترى المفضل وابي بصير وابان ابن تغلب رأوا ما رأوا من الامام الصادق وهذا ليس اصطناع وليس تعليم فقط بل هو فعل حقيقة يتفاعل ويقول :
سيدي غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي وابتزت مني راحة فؤادي شبيه قول الامام الصادق حول ما جرى على جده سيد الشهداء الحسين ابن علي فلاحظ التعلق والانشداد من الامام الصادق للامام المهدي هذا لمن يعتقد بامامة الامام الصادق وبصدقه اما من لا يعتقد او يشكك او يرتاب هذا بحث اخر فالايمان بالقلب وليس بالهوية سيدي غيبتك اوصلت مصابي بفجائع الابد يعني من فجاعة مستمرة ابدا مثل الراتبة وفقد الواحد بعد الواحد وهذه اشارة الى امتداد عمر الصاحب وكيف جيل بعد جيل ومع ذلك الصاحب هو هو .
ذلك البروفيسور الالماني يوخن روبكا في احد مقالته التي قرأتها حول الامام المهدي يقول الذي يدهشني ويحيرني في هذا الرجل كيف يشاهد عن بكرة ابيها الامم تذهب والاجيال تذهب وتأتي امم اخرى جديدة وهو روحيا لا يرتبك ولا يضطرب فهذه ليست روحية عادية وانما روح عملاقة يعني هذا الابتلاء لصاحب العصر والزمان وهو الغيبة هو اشد مما ابتلي به زين العابدين والباقر وبقية الائمة وان كان ما ابتلي به اصحاب الخمسة من النساء اعظم لان الابتلاء حسب درجة الاصطفاء .
سيدي! غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي وأسرت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل لعيني عن عواير أعظمها وأفظعها وتراقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك، من أي حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عبرتك، وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم.
انا شخصيا لم اقف على عزاء للامام الصادق في شأن جده الحسين مثل هذا العزاء على الامام الثاني عشر نعم عندنا في الروايات انه اذا الامام الصادق اذا ذكر الحسين لا يأكل ذلك اليوم ولا يتهنى بالشراب ويقيم الجزع هذا كله صحيح اما هذا العزاء شيء اخر بلا شك مصاب سيد الشهداء اعظم انا اقول لو قارنا الروايات الواردة في حال الامام الصادق في العزاء على سيد الشهداء وهو اعظم واعظم لا كلام في ذلك ولكن مع العزاء الامام الصادق اقام مأتما لمحنة الغيبة بهذا النمط وهذا يذكره الامام الصادق في خصوص اليوم العاشر ويوصي اصحابه ان يقيموه على صاحب العصر والزمان فالامام الصادق يقيم المأتم على صاحب العصر والزمان ليس لاستشهاده وانما لمحنته وغيبته وخذلان البشرية والمؤمنين والمسلمين لهم حتمت عليه هذا المأتم .
قال : فزفر الصادق زفرة انتفخ منها جوفه واشتد عنها خوفه وقال ويكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وابطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين (به من بعده) في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم، التي قال الله تقدس ذكره: " وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية، فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان.
كتاب الجفر وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة الذي خص الله به محمدا والائمة من بعده دون الانبياء
فقلنا: يا بن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدر غيبته غيبة عيسى عليه السلام، و قدر إبطاؤه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلا على عمره فقلت: اكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
وهذا يدل على ان الائمة المعصومين كانوا لا يفشون المعرفة بالامام المهدي الا لاخص الخواص من حواريهم يعني تحفة معرفية خطرة وهذه مدى عظمة معرفة الامام الثاني عشر شبيه كلام الامام الرضا لدعبل قال من علمك هذا? يقوم على اسم الله والبركات قال الامام الرضا نطق بهذا البيت روح القدس على لسانك يعني لاحظ هذه من المعارف العظيمة هو المعرفة بالامام الثاني عشر وللاسف لا نستشعر عظمتها بشكل حقيقي وانما بشكل افكار جاف .
فقال الامام الصادق : قال الصادق عليه السلام وكذلك القائم عليه السلام تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام.
قال المفضل: فقلت: يا بن رسول الله إن النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي قال: لا يهد الله قلوب الناصبة متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامن في الأمة وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد أحد من هؤلاء وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم ثم تلا الصادق عليه السلام " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ".
هذا الحديث رواه الطوسي بشيء من الطرق واعتمد هذا الامر يعني تفضيل الامام الصادق بالثاني عشر الفيض الكاشاني والحر العاملي لم يستنكر مضمون هذه الرواية في اثبات الهدى والمجلسي في البحار وهاشم البحراني .
بقية الروايات التي فيها نعت النبي الامام الثاني عشر نتعرض لها في الجلسة اللاحقة يقول من ولد الحسين تاسعهم باطنهم وهو ظاهر وافضلهم وهو قائمهم وهذا اللسان بعدة الفاظ قالها النبي بطرقنا مستفيضة جدا قد تبلغ التواتر وفي افضلية الامام الثاني عشر على ابائه الثمانية من ولد الحسين في بعضها احكمهم اعلمهم هو افضل من زين العابدين فضلا عن الباقر والصادق لان كل امام من التسعة بحسب الرتبة افضل من الذي يليه كما هو تعبير الامام العسكري انت سيد اهل بيتك يعني كلمة سؤدد للامام الثاني عشر من بين التسعة فكل هذه المعاني تصير متواترة في تفضيل الامام الثاني عشر على الثمانية من ابائه ان شاء الله نتعرض الى جملة من الخصائص الاصطفائية كي يكون تعاملنا معهم بمحضر الرتبة الاصطفائية مع انهم نور واحد.