46/07/22
/آيات وقواعد لإعداد القوة/باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (٢9)
الموضوع: باب الدفع و الدفاع والتفريط فيه (٢9)/آيات وقواعد لإعداد القوة/
كما مر بنا منظومة من القواعد المستفادة من الايات والروايات وان الجامع بينها وجوب اعداد القوة وحرمة الاستضعاف والاضعاف فتارة هو بلسان الامر واخرى بلسان النهي لكن كلها تصب مصب مسار واحد وهذا المسار مر بنا انه يهيمن على باب المرابطة والجهاد والدفاع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وابواب التقية وابواب عديدة من المسؤوليات العامة .
من ابرز القواعد او الايات في هذا الباب ما كنا فيه من الاية ستون من سورة الانفال واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، فهل ما هنا مفعول به او مفعول مطلق ؟ هل هي اسم موصول يعني مفعول به او ما مصدرية؟ يعني كانما نقول اعدوا ما باستطاعكم يعني بقدر ما تستطيع هذا اذا كانت مصدرية اما اذا كانت اسم موصول مفعول به اعدوا شيئا يحقق الاستطاعة لكم في القوة لا انه اعدوا شيئا بقدر استطاعتكم ، فالاستطاعة هنا نتيجة وليست قيد وجوب ، فالاستطاعة من القوة انت تحققه ، فربما على المستوى القريب لا استطاعة لك ولكن هل على المستوى البعيد لا استطاعة لك ؟ يعني انت الاستطاعة كيف تحققها؟ يعني ليس اعدوا شيئا بقدر الاستطاعة يعني فرق بين قراءتين اعدوا يعني اوجدوا الاستطاعة اي القوة اي اوجدوا ارضية الاستعداد للاستطاعة لان المراد هكذا اعدوا اعدادا استعدادا بقدر استطاعتكم فهنا هل الاستطاعة فعلية او على مدى زمني فهذه الاستطاعة مفتوحة .
طبعا بحث الاستطاعة بحث جدلي في الفلسفة الجبرية او الاختيارية وكذلك فيما بين المتكلمين والمفسرين هذا البحث الجدلي العلمي هنا يفيدنا ان نفس الاستطاعة اذا لم تكن جبرية هي محل امر بانجازها وايجادها واكبر غفلة يقع فيها الانسان ان يفكر ان الاستطاعة ليست اختيارية وانما جبرية قهرية فالاستطاعة تأتي من الاختيار فهنا البيت القصيد في كل سلسلة هذا البحث ، لانه نحن في كل خطوة نجد هناك مصائد ومكائد شيطانية .
هناك مبحث علمي ممتع ذكره الشيخ الانصاري في الرسائل وحتى ذكره صاحب الكفاية وكذلك بقية الاصوليين في بحث معنى التجري حيث التجري له معاني و احد معاني التجري انها صفة نفسانية وتمرد وجموح وشقاوة ، فابن ملجم لعنة الله عليه قال له امير المؤمنين الم انعم عليك؟ انها شقاوة ، فالشيخ الانصاري يقول التجري والتمرد والتطاول على الله وعلى رسوله يسبب انك تطعن في عقل النبي فكفار قريش يقولون عن النبي نفس مقولة القائل انه ليهجر وقالها قائلهم في اخر ساعات عمر النبي فهي نفس المقولة ونفس قناعة قريش الكافرة ولم يختلف المنطق بتاتا .
فصاحب الكفاية يقول هذه حالة التمرد اختيارية للانسان ويحاسب عليها وهي قبيحة عقلا وشرعا ونعم ما قال ، لان شقاوة الانسان باختياره ولكن الشيخ الانصاري يقول ليست اختيارية ولا يستحق العقاب عليها والسيد الكلبيكاني في مبحث القضاء والشهادات يلتزم بهذا وظاهر كلام المحقق الحلي ربما هكذا ، ان الحسد صفة سيئة لكن لا يحاسب عليها يعني هكذا هي دعوى الاعلام فانما يحاسب الانسان على الفعل الذي يصدر من هذه الملكة الخبيثة لكن صاحب الكفاية يقول يحاسب على الفعل ويحاسب حتى على الصفة وان كانت ملكة وجمع من الفلاسفة عندهم هذا الرأي والمسألة مختلف فيها وانا من انصار مسلك صاحب الكفاية لانه اذا نظرنا الى المقطع الاني فهو صار مثلا مدمن مخدرات فكيف يقلعها؟ ولكن على المدى البعيد والمسار الطويل بامكانه ان يقلع عن الشقاوة وعن المخدرات وعن الملكات الراسخة وهذا الامد البعيد يجب ان يخطو له خطوات من الان ولا يفرط في الخطوات .
كما ان الملكات الحسنة الان غير موجودة فيه لكن قد يتصف بها بعد عشرين سنة ، روي ان يونس ابن عبدالرحمن وهو احد الفقهاء من تلاميذ الرضا حسب ما ذكر بعد عشرين سنة استطاع ان يتحلى بتلك الصفة بحوصلة وصبر انك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط ه خبرا ، اذن دعوى ان هذه امور غير اختيارية هذه مغالطة بلحاظ نظرة مقطعية الا ان تنظر نظرة استراتيجية بعيدة المدى كما يقول امير المؤمنين في وصية لابنه محمد بن حنفية ارم ببصرك الى المدى البعيد .
اذن هذه هي عقدة الاستطاعة وانها ممكنة ، نعم اذا تنظر ان مقطعها قصير فلا ، الان المؤمنين على مناطق حدودية للدواعش تسيل دماءهم فحراسة دمائهم صعبة ولكن اذا يبقوا هكذا وعلى المدى البعيد وما يهيئون انفسهم تبقى مسيرة الذبح وسفك الدماء على حالها ولكن اذا تبدأون بالخطوة شيئا فشيء ان تنصروا الله ينصركم .
دعاء ما يستجاب باي معنى ؟ لانه اذا العمل غير موجود كيف يستجاب الدعاء؟ فالمقصود ان اعدوا لهم ما استطعتم من قوة اخذ الاستطاعة في مفاد الاية بمعنى انه انتم حققوا الاستطاعة وبمعنى القدرة ، لاحظ من قوة جار ومجرور متعلق بـ ما استطعتم ويمكن تحصيلها في الاستطاعة وهناك جذر كلامي فلسفي هل الاستطاعة هي القدرة ام شيء اخر؟
اذا فسرنا الاستطاعة بانه غير القابلية وليكن لكن القابلية الانسان هو يصنعها واذا القابلية ما اعطاك فانت لا تلحظ النظرة المقطعية لاحظ الامد الطويل فكل هذه الامور تكون متوفرة لكن بحاجة الى برمجة وادارة وتدبير ذكي يمكن للانسان ان يستحصلها .
اذن الصحيح ان اعدوا له ما استطعتم من قوة ليس كما فسره كثير من الفقهاء والمفسرين انه قيد ، كلا هذا هو المأمور بتحصيله وبتحقيقه واذا رجعنا الى الاية تجد ان الاية في صدد علاج اصل السرطان واصل المرض وهو الضعف ، فكيف تحبس بالضعف ؟ هذا لم يكن علاج للسرطان لان اساس السرطان هو الضعف والعجز فلماذا العجز نقيده بعدم العجز؟ اذن ما صنعنا شيئا وكرسنا نفس الخطأ في التقنين والتشريع والتفكير .
احد المخاطر التي تجعل المكلف النشيط القوي ولو على المدى البعيد هجينا هو هذا وسيأتي ان الله يحاسب ضعف الانسان انه لماذا انت ضعيف؟ فهناك قوائم من الايات يحاسب فيها الله المجتمعات على الضعف والاستضعاف فلو كان امر جبري وغير اختياري فكيف يحاسبهم الله؟ وهذا تشاهد بين طوائف هذه الادلة مع هذه الاية ان المراد اعدوا ما استطعتم من قوة فبامكانكم ان تكونوا اقوياء ودول عظمى ولو بمليون خطوة فمن الان ابدأوها وبامكانكم ان يكون البنك الدولي بايديكم وليس بايدي اليهود ، فاذا كانت عندكم عقول جبارة يكون النقد العالمي بايديكم وليس بايدي اليهود نعم خلق الانسان ضعيفا لكن يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه فبامكان الانسان ان يستحصل القدرة ويزيل ويقلع الضعف .
ليس الضعف في منطق القرآن عذرا للانسان ، رحمة الله على الشيخ الانصاري مع انه قال في التجري هكذا ونحن لا نوافقه لكنه في بحث البراءة الشرعية اعترف ان القواعد العذرية لماذا منة شرعية؟ يقول بان المقدمات ولو البعيدة اختيارية لدى الانسان حتى النسيان وحتى الخطأ وحتى الجهل فانت وجدت نفسك مضطرا نعم الان مضطر في هذا المقطع اما بلحاظ المقدمات البعيدة ابدا لست بمضطر ، انت كرست هذا العجز ، فحتى في لا ضرر والنسيان والحرج لانه بحسب العقل والقواعد الاولية الانسان مسؤول كما في هذا الحديث العظيم النبوي كلكم يعني حتى ضعفاؤكم راع ومسؤول عن رعيته .
من ضمن طوائف الايات : ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ( 47 ) ﴾ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ( 48 )﴾﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ( 49 )﴾﴿قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ( 50 )﴾
لماذا القرآن دائما يأتي بتخاصم اهل النار؟ يعني جماعة المستضعفين انتم سببتم ذلك وهم بعد ذلك يطلبون من الله انه من كان السبب فضاعف عليه العذاب قال لكل ضعف فالطواغيت لهم ضعف والمستضعفين لهم ضعف ، فالطاغوت يحاسب على طاغوتيته والمستضعف يحاسب على استضعافه ، هذا هو منطق القرآن وهذا من ضمن الايات في باب اعداد القوة .
لا يوجد عند القرآن الكريم ان هذا الاستضعاف مبرر لانه حتى وان لم يكن امكانك ازالته فورا ففورا ولكن بامكانك ان تتغلب عليه ولو على الامد البعيد والقدرة البعيدة فمن الان انت ابدأ بالخطوات ولا تستسلم .
هناك مشاهد قرآنية عظيمة يبين فيها القرآن الكريم ان نهضة الانبياء في الاصلاح تكاد تكون كالخيال فكيف ان الانبياء عندهم هكذا همة وهكذا امل ويزج الله بهم في زلازل طغيان الطواغيت ومع ذلك العاقبة والنتيجة تكون للانبياء ؟ لاحظ اذن كل فكرة القرآن الكريم ان الضعف ليس مبررا وحتى لو كان مبررا فهو مبرر وقتي وكما مر بنا العناوين العذرية مسكن وقتي ومرخص وقتي وليس مرخص وعذر دائم والا اذا الانسان يتعاطى المسكن لمرضه على الدوام هذا سيلقي حتفه لان هذه المسكرات سموم وهذي نكتة جدا مهمة .
لاحظوا كيف هذه الايات تتشاهد مع بعضها البعض وتشهد على ما مر بنا في ابواب التقية ان التقية ان كانت بمعنى ممارسة القوة هذا الحكم الاولي الاخفاء والتقية بمعنى الاخفاء لان السلاح قوة وامن ، التقية بمعنى المعادلة الصورية والمجاراة الصورية هذه مسكن لا الدواء الدائم يعني هذه القسمة الثانية من التقية الخوفية الهدنية دورها مؤقت وترخيصها مؤقت وتستعمل لكي يقوى بدن الانسان على الالام والاوجاع ويعيد صحته لا انه يبقى مع المسكن .
شبيه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ( 15 )﴾
﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 16 )،﴾ يعني للقوة فتراه انه يتراجع لاجل كسب مزيد من القوة كما في صلح الامام الحسن لا انه يفقد القوة وهذا بخلاف التقية المداراتية ، هي المداراة هي امر اخر عامة لابمعنى الاخفاء والكتمان والتقية بمعنى المداراة لا الذوبان هذا خلق عظيم مطلق اما التقية بمعنى القسم الثاني اي المداراة يعني الخوفية الهدنوية هذه مؤقتة ومسكن ترخيصي لا يمكن ان نزاولها لاجل تكريس الضعف وانما نزاولها لاجل ازالة الضعف .
الا متحرف لقتال يعني يولي دبره لكن لا لاجل ان يستدبر فهنا في هذه الاية العظيمة الاستطاعة مأمور بتحصيلها لا انها قيد للمأمور به وقيد وجوب فهذه الاستطاعة انت تأمر بان تستحصلها وتوجدها وتعد لها ومن ثم مر بنا هذا التعبير ان مادة الاعداد هي اشارة الى طول الامد فواضح ان الاية لا تلاحظ الاستطاعة الفعلية موجودة او غير موجودة وانما تلاحظ الامد البعيد ، مثلا لو قالت استقوا وحصلوا القوة قد يبهم ويشتبه على الانسان ان الاستطاعة قيد ، فما هي الغاية؟ الغاية هو ردع العدو هل هذا يقيد بالاستطاعة لسلاح معين ولقوة معينة اذا تعذر منه ؟ يعني اذن كيف يحصل هذا الغرض وهو ارهاب العدو ، الردع يدار بمنطق القوة لا بالقوة الفعلية بل باستحصال امكانية ومكنة القدرة والقوة .
اذن هذه الاية عظيمة جدا انه اذا كانت الغاية هو ردع العدو كيف يمكن ان تردع الاخرين من دون قوة ؟ تردعون عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم لاحظ هذا الردع العام كيف يمكن ان يحقق وهو بتحصيل القدرة بمسيرة ، هذي قرينة اخرى على ان الاستطاعة تستحصل لا انها قيد التحصيل ثم تقول وما تنفقوا من شيء في سبيل الله لاحظوا ما هو تعريف سبيل الله انه اعداد القوة على امد البعيد وكل درجات الامد .
اذن سبيل الله هو الاستقواء والاقواء وتحصيل الاستطاعة والقوة والقدرة والا الاستضعاف والضعف وتكريس الضعف هوسبيل الشيطان وشريعته وليست سبيل الله اية .
الآية الأخرى و ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾ لاحظوا بعض الآيات امرة بالقوة وتحصيل القوة واخرى تحرم الضعف والاستضعاف والاستكانة يعني ان تطلب السكون والجمود ، واللطيف ان جملة من ايات اعداد القوى والنهي عن الضعف تركز على ان الضعف النفسي اشد حرمة من الاضعاف المادي فتركز بشكل عجيب على القوة النفسية واسباب القوة النفسية والروحية وتحرم اسباب الضعف النفسي لا تهنوا ولا تحزنوا وانتم القمة في العلوم ان كنتم مؤمنين فالوهن هو جانب ضعف نفسي ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين .
هذه الاية مطابقة لقول النبي ان المؤمن كيس يعني عنده ادارة القوة فعندنا طوائف من الايات تركز على اسباب القوة المادية والنفسانية والروحية والاعلامية بل كل اسباب القوة ولا تقتصر على سبب معين فاي ثغر من الثغور المادية او الروحية انت حاول ان تزرع اسباب القوة في جسم المؤمنين لا انك تزرع اسباب الضعف والوهن وهذه من ايات اعداد القوة ولا تهنوا يعني تحريم ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين .
شبيه اية اخرى في سورة ال عمران ﴿: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ( 146 )﴾
وكاين من نبي يعني قدوة لكم جانب عسكري او ربيون كثيرون فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله يعني نفسيا وما ضعفوا وما استكانوا يعني لم يكونوا جامدين ، من اوصاف الامام الهادي لجده امير المؤمنين انه ينزهه عن الاستكانة والسكون وهذا خلاف تعبير انه جليس البيت خمسة وعشرين سنة اعوذ بالله من هذا التعبير .
اذن الجمود من اسباب الضعف وينهى عنه القرآن فما استكانوا وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا يعني الضعف النفسي والقلبي حرام و ويل لكل مؤمن يضخ الانهزام في نفوس المؤمنين ويرعبهم .
قد يقول قائل اذا نعيش انفسنا القوة ونلقن انفسنا القوة سنصطدم بالواقع انه ليس لدينا قوة دعونا نكون واقعيين ، هذه مغالطة سوف نتعرض لها لان من اسباب القوة هي القوة الروحية لا انها خدعة بالعكس ربما الانسان عنده قوة مادية لكنه نفسيا منهزم ، فبعث رعب العدو في قلوب المؤمنين هذا هو الضعف والحذر غير الارجاف .
كثير يقول لست عميل ولست موالي للعدو لكني احذر ، كذبت ، التحذير غير الارجاف فالمغالطة بين الحذر والارجاف ، واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به يعني هذا ليس تحذير وانما ارجاف واضعاف وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا اشهد انك لم تهن ولم توهن فلا يكفي انك لم تهن وانما يحرم عليك ان توهن فالحذر له برنامج والية اخرى فكيف يخدعنا الشيطان ان نمزج بين ما هو حذر وبين ان توهن لان هذا نوع تبليغ واقواء العدو وبث لمكينة الاعلام التي تقوي العدو ، ولو ردوه الى الله والى الرسول واولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه .
القرآن كثيرا ما ينفي عنوان الوهن والضعف والاستكانة ويثبت عنوان الصبر ويجعل ملازمة بين الصبر والقوة وبين الجزع والوهن .
ايضا من الايات التي وردت في هذا المجال في قضية احد قال تعالى يا ايها الذين اصبروا وصابروا يعني بالغوا في الصبر ورابطوا مما يدل على ان عنوان الصبر غير عنوان الرباط ، فالرباط حراسة ورعاية صابروا يعني خذ من مخزن سلاح القوة النفسانية والصبر سلاح عظيم فالصابر لا يجزع ولا ينهار ولا يخاف ولا يجبن ولا تخور قواه ، فالصبر من اعظم اسباب القوة الروحية يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا مما يدل على تباين باب القوة عن باب الرباط وان باب اعداد القوة اعظم الابواب .
كذلك قوله تعالى في سورة النساء ِنَّ ﴿الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ( 97 )﴾ فظالمي انفسهم يعني لم يتقيدوا باوامر الله وبرنامج الله عز وجل فهذا ليس مبرر لانه قالت لهم الملائكة الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فهاجروا عن بيئة والكفر والجهل والانحطاط فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا يعني نفس الاستضعاف غير مبرر فمنطق الهجرة ليس الوقاية عن ظلم الظالمين فقط وانما الهجرة فلسفتها عبارة عن تحصيل القوة والتحرر عن سيطرة الطواغيت وبناء المزيد من القوة ، لذلك تستثني الاية ان الاستضعاف ليس مبررا تقول الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة يعني قدرتهم في الادراك هكذا ولا يهتدون سبيلا يعني ليس عندهم عقل عملي في الادارة والتدبير ولا عقل نظري لا يهتدون سبيلا فاولئك عسى الله ان يعفو عنهم يعني هناك احتمال ان يغفر الله لهم مع انهم مستضعفين ولا يجدون حيلة وكان الله عفوا غفورا .
﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ( 100 ) ﴾
هذه جملة من الآيات التي تحث وتشدد وتؤكد على القوة وتحريم الضعف وهناك طوائف عديدة اخرى من الايات سنستعرضها في هذا السياق وهو اول واجبات المسؤوليات العامة.