« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

باب الدفع والدفاع والتفريط فيه

الموضوع: باب الدفع والدفاع والتفريط فيه

في سياق مبحث الدفاع او الجهاد الدفاعي مر بنا ان هذا الباب متروك لدى الاعلام مع انه من اهم الابواب لحفظ النفس والاعراض والاموال بل هو اعظم لاجل حفظ هوية المذهب والدين ، طبعا عنوان الدفع والدفاع والجهاد الدفاعي يجب ان نلتفت انه ليس المراد منه وقوع العدوان ثم دفعه فان هذا من المعاني الخاطئة للدفاع وانما معنى الدفاع يعني ممانعة العدوان قبل وقوعه ومن انجع سبل الدفاع هو الردع وهذا بحث مهم في انه كيف يكون المؤمنون عندهم قوة رادعية؟

وهذا ليس منحصرا بالالية العسكرية فقط وانما هناك اليات عديدة وهذا امر عقلائي ان الدفع من باب الوقاية خير من العلاج ، اعدوا لهم ما استطعتم من قوة فالاعداد قوة وهو سبب الردع كما ان الحرب الاستباقية ايضا هو نوع من الدفاع وليس عدوان ، فالمقصود ان الدفع والدفاع ليس منحصرا بالدفاع بعد وقوع العدوان بل هذا من اضعف انواع الدفاع ، انما من انجح اساليب الدفاع هو ممانعة العدوان عن الوقوع .

اذن تنامي القوة ورقيها في كل البيئات سواء القوى الاعلامية والاقتصادية والعسكرية وفي كل المجالات تلقائيا هي تكون رادعة لعدوان الطرف الاخر سواء عدوان العسكري او الاقتصادي او الثقافي او الاخلاقي او السياسي او الحقوقي او او او ... فاذا لم يحذر النخبة المؤمنة في الخطاب حقوقي مثلا فالطرف الاخر سيستغل الدجل الحقوقي او المغالطات الحقوقية فيهجم بلغة حقوقية على الدين والايمان بخلاف ما اذا استعدت النخب في الجانب الحقوقي او القانوني فيستطيعون ردع هذه المغالطات لا اننا ننتظر ان يقع العدوان في اي مجال وفي اي ساحة من الساحات ثم نرد وهذا بحث مهم في الجهاد الدفاعي .

بعبارة اخرى الاطلاع على علم الدفاع العصري التخصصي ضرورة مهمة لاجل رسم خارطة في المسؤوليات لهذا الباب بالرجوع الى الجهات التخصصية ومن ضمن الاليات العظيمة في الدفاع قضية الامن الشمولي يعني ليس فقط امن الاستخبارات والمخابرات وانما الامن الاقتصادي والصناعي والعلمي والاخلاقي والفكري والعقائدي فالامن في كل المجالات لا بد منه باليات عظيمة في الدفاع .

الان كل التخصصات في بيئاتها المختلفة يدرس فيها علم الامن بشكل تخصصي كما ان هناك علم الادارة في تلك البيئة وهي احد اليات القوة سواء الادارة الاستراتيجية او المستقبلية او استشراف واستطلاع المستقبل .

السيد الخوئي في كتاب المنهاج في باب الجهاد يذكر انه من اللازم استعانة الفقيه بالنخب في كل هذه المجالات ، فجانب الامن بالمعنى الشمولي العام مهم وهو قوة ناعمة ولكنه شديدة التأثير .

في بيانات الوحي لزوم الامن واهميته على اصعدة مختلفة سواء على الصعيد الفردي او المجتمعي له من الضرورة بمكان ويقول النبي في كلماته الاستراتيجية : المؤمن كيس فطن حذر ، حذر هذا البعد الامني والكيس البعد الاداري فالمؤمن عنده يقظة استشراف للحالات المستقبلية او للطوارئ، فدائما هو في اهبة الاستعداد .

هذه عبارة عظيمة في الادارة ودخيلة في كمال الايمان لان الذي يفشل اداريا في البعد الفردي او الاسري او البعد العام بالتالي لن يوفي التكاليف والمسئوليات الملقاة عليه فعلم الادارة علم عظيم كالشريان الدموي في كل التخصصات .

الهندسة فيها ادارة والبنوك فيها ادارة والطب فيها ادارة والميكانيك كذلك والقانون كذلك وكذلك القضاء ففي كل تخصص مفاتيح ذلك التخصص بيد الادارة ، فالادارة سيطرة وقوة ولذلك تنشعب الادارة الى اقسام مختلفة فالادارة مجال سيادي وسؤدد بخلاف التخصصات في البيئات الاخرى يعني في كل بيئة هناك بعد خدمي تخصصي ولكن الادارة شيء اعظم .

لذلك التخصص هو بعد سياسي ومعروف ان اليهود اذا يعقدون تخصصات متعددة هم يركزون على الادارة في ذلك التخصص لانه بعد سيادي وسيطرة فالادارة علم ونظام ينجح برامج المسؤولية المنقطع عن الانسان في بعده الفردي او العام شبيه الفرق بين التوكل والتواكل ، فالتواكل فشل في العمل وفي البرنامج وجمود وبرود بخلاف التوكل فانه عمل ، رحم الله امرء عمل عملا فاتقنه .

ادارة العسكر غير نفس العسكر وادارة السياسة غير السياسة فاذن هذا الباب وسيع وقد يتسائل لما هذا الباب يعطي القوة كما في وصية امير المؤمنين في اخر حياته للحسن والحسين الله الله في نظم امركم ، النظم هو علم الادارة واذا امكن الانسان ان يتصفح في المقالات شؤون الادارة وفهرستها كانما هي دورة مضغوطة يمر بها ومؤثرة جدا وبعبارة اخرى في باب الجهاد بالذات الجهاد الدفاعي يجب بحث اليات القوة والقدرة المعهودة المعروفة بشريا في العصر الحالي لانه كما مر فلسفة القوة وتنام القوى هو الدفاع والردع .

هناك امور يبينها القرآن الكريم وجملة محاور في هذا الجانب ونحن قد بينا جملة منها في الدورة المهدوية والدور الامني والان نستعرض محاور غير ما ذكرناه فان هناك بعدين استعرضناهما في القرآن من عنوان المكر ومر بنا فرق المكر عن الكيد ان المكر خطة متكاملة يعني في الخداع والحيلة والمكر اما الكيد اليات خادعة وفيها تحايل ففرق بين المكر كمنظومة متكاملة مشروع وبين الكيد .

القرآن ربما يذكر اثني عشر محورا في نظام الامن كي يكون الامن ناجحا فائقا :

المحور الاول سرعة المكر وسرعة التدبير الخفي المخادع للعدو :

هذه من نجاح الدفاع والردع ، فسرعة التخطيط الخفي جدا مهم واذا ادقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم او قل الله اسرع مكرا فاذا كان العدو يمكر يجب ان تكون عندك سرعة في المكر اكثر منه سواء امن اقتصادي عسكري ، فالسرعة مطلوبة لنجاح المكر ، ان رسلنا يكتبون ما تمكرون .

المحور الثاني : البعد الامني وهو بالمعنى الشمولي :

ومكروا مكر الله والله خير الماكرين يعني اكفأ ، فمعاوية كان يمكر بالامام الحسن ع والامام الحسن ع كان يمكر بمعاوية وبعمرو ابن العاص الى درجة ان معاوية استرسل واستسلم للامام الحسن واتى بجيوشه في الكوفة ولما يعقد الصلح والهدنة بينه وبين الامام الحسن بل ولما تعين شروط الاتفاق استدرج الامام الحسن عليه السلام معاوية الى قبضته من دون ان يشعر معاوية وعمرو ابن العاص ثم املى الامام شروطه على معاوية منها ان الامام الحسين لا يدخل في هذه الاتفاقية وقراره بيده يريد يحارب معاويه او يريد يسالم معاوية فقال معاوية اذن ما صنعنا شيء؟ انت تدخل معنا في الاتفاق دون اخيك ، انا لا اقبل هذا ، قال اذا لا تقبل اذن لا نعقد الصلح هنا اثارت طائرة معاوية وقال عمر بن العاص انت تواطأت مع الحسن لقتلي الم تقل ان الحسن مجبور على الصلح؟ الان انا في قبضته وليس هو في قبضتي .

فمعاوية وعمرو بن العاص بجيشه وشخصه تحت قبضة الامام الحسن في الكوفة وهذا هو خير الماكرين فمعاوية وعمر ابن العاص ما كانا يفهمان ان المفاوضات ليست عقد ولا هدنة وانما المفاوضات مقاولة ، انظر كيف استدرج الامام الحسن معاوية وجيشه بالمفاوضات ان يكون في قبضته فبعد هذا الحدث معاوية لا يستطيع ان يستخدم الجواسيس حتى ان حواريي الامام الحسن او الخوارج قالوا اذن هذا ليس بعقد وليس بهدنة اذن لنقض على معاوية .

هذا النصر حققه الامام الحسن بتدبيره لا بالمعجزة ولا بالاستعانة بالملائكة ولا بالمسلمين وانما بالتفوق البشري الموجود عنده لذلك الله عز وجل حقق هذا النصر بيد الامام الحسن ولم يحققه المسلمون ولا الامة .

ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين فهذه تقنية عالية في التخطيط والخدع واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فيجب ان يكون الطرف المؤمن في تدبيره وخداعه للطرف الاخر ان يستوعب تخطيط العدو ويفوقه فلاحظ نفس الامن هو سلاح ناعم رهيب وعملية التفكير دوما في التخطيط الامني والمناور الامنية والسيناريوهات الامنية والحرب النفسية مهمة . كما مر بنا الحرب النفسية والحرب الاعلامية هي حرب امنية ناعمة يجب ان يكون عند المؤمن تفوق في هذا الجانب والا هو في فشل وفي اخفاق .

المحور الثالث : الارهاب

يجب ان يكون في المؤمن جانب ارهاب يرعب العدو ويزلزله افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون .

البعد الرابع : السيطرة والهيمنة على انواع المكر:

لاحظ قوله تعالى وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعني في سيطرته تعالى وفي هيمنته فاذا وصل المؤمن الى درجة انه لا يفوته الاطلاع على السيطرة والتدبير لكل خطة امنية خفية فان هذا هو التفوق الامني وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعني القدرة والسيطرة على انواع المكر بيده تعالى ، فبعد التقدير والتدبير لمكر العدو وليس للاطلاع فحسب لاحظ وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم فلابد من الاطلاع على مكر العدو والا مكر الانسان يصير ضعيف او ان مكر العدو سوف يؤثر في الانسان فليس فقط تخطيط وتجميد ومكر بل لابد ان تطلع على خفايا مكر وخداع العدو قبل ان يعمل ذلك الخداع وتلك المناورات الامنية .

وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان كان مكرهم لتزول منه الجبال لكن عندما يطلع المؤمن المدبر على مكر هؤلاء هذا المكر الذي تزول منه الجبال يذهب هباء منثورا فيقوم بعلاجه قبل الوقوع .

البعد الخامس : مواجهة ومعالجة مكر العدو بقلعه من البنيان

فليس فقط ان تتصدي للمك فقطر تقلعه من جذوره قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون فالجانب الامني الناجح ان تقلع جذوره وقوة الطرف الاخر فانظر كيف كانت عاقبة مكرهم انا دمرناهم وقومهم اجمعين افأمن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الارض او يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون يعني جانب رعب وجانب قلع جذور المخطط الامني الذي لدى العدو .

البعد السادس : عدم ضيق الصدر من مكر العدو:

وهذا جدا مهم فالقائد او المدبر يجب ان لا يضيق صدره من مكر العدو وعدم الحزن والصبر والمصابرة اما اذا ضاق صدره فهذا ضعف ووهن وانما دائما يجب ان يكون صدره منشرحا يعني يعطي قوة ادارة وتدبير ، واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا يكن في ضيق مما يمكرون .

اذن المعالجة الناجحة لخطط العدو الا يقع الانسان بفشل روحي امام مخطط العدو ولا ينال روحيا وانما تبقى عنده روحية الصمود وانشراح الصدر .

لاحظ انه وصف ابوالفضل العباس انه اشهد انك لم تهن ولم تنكل وانك بالغت في النصيحة وليس اشهد انك نصحت وبلغت وانما بالغت في النصيحة هذا النشاط المتدفق انما يكون اذا لم يضق صدره بمكر العدو ، افترض انت ما استطعت ان تطلع عليه وفاجأك العدو فلا تنهزم ولا تنهار وليكن عندك طمأنينة لان اليقظة والانتباه ما تنشط عند القائد اذا صاحبه الاضطراب او الانهيار النفسي ، اصبروا وصابروا ورابطوا واحدها صابروا في البعد النفسي افترض مكر من العدو اختراق سيناريو امني او انت تلقيت ضربة فلا يدعوك الى الهزيمة والارتباك والخوف والتشنج فهذا تفقد عناصر مهمة في الادارة الناجحة ابق انت على السكينة واصبر وما صبرك الا بالله .

يجب ان يتجرع الانسان مرارة ضربات العدو وخططه الامنية واختراقاته ويدرسها ويعالجها واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون .

المحور الاخر : اخفاء المكر بدرجة غفلة العدو عنه

وهذا شيء طبيعي والا ما كان مكر قال تعالى ومكروا ومكرنا ومكرنا ومكروا وهم لا يشعرون اما انك تعلن انه عندك خطة مستقبلية للعدو هذا خطأ انما باغته من حيث لا يشعر ولا توجب ان يكون عنده يقظة ولا ترفع جانب الحذر عنه وان كان هذا بعض الاحيان كحرب اعلامية ونفسية صحيحة ولكن اذا اردت ان يكون مكرك نافذا في العدو يجب ان لا يشعر به العدو وهو في سبات فتمكر به خفاء ، فاخفاء المكر يكون لدرجة غفلة العدو عنه .

لاحظ هذه المحاور التي مرت بنا اذا لم نرتق الى هذه المعايير التي يذكرها القرآن في النظام الامني سيكون الامن فاشلا وهناك نكتة لطيفة اذكرها قبل ان اواصل محاور طبيعة النظام الامني والالية الناعمة يعني حتى المؤمنين الذين يعيشون في ظل انظمة ظالمة بامكانهم ان يقوموا ويؤسس النظام الامني بدون سلاح عسكري والنظام الامني لا يتوقف وينحصر بالسلاح .

احد الوجهاء سأل واثار اثارة انه المؤمنين في بلاد فلان مع انهم بالملايين ولكن بالنسبة للطرف الاخر اقل فهناك تصفيات واغتيالات لرجالاتهم فماذا يصنعون؟ ذكرت له انه ليس من الضروري استخدام السلاح وانما نفس النظام الامني لو يكون قويا عندهم كمجموعة وكمكون فان هذا هو سلاح ناعم ويفشل مخططات العدو قبل وقوعه اما نحن حتى السلاح الناعم نتركه ، فنحن بحاجة الى نظم امني وتبادل معلومات و احد معاني التقية التي ركز عليها اهل البيت هو هذا ، فليس فقط تقية وانما استقواء المؤمن وبقائه على قمة النشاط في ظل الخفاء . احد معاني التقية يعني علم الامن او القوة الناعمة .

فالمقصود اذن جانب الامن والعقل الامني لدى المكون الايماني في اي بلد حتى ولو لم يكن الحكم بيده هو تدريب المؤمنين على النظم الامني والاليات الامنية ، طبعا اليات الامنية كلها مهمة وناعمة ودوما يكون المؤمن حذر ويستغل المعلومات من العدو ويضخها في المؤمنين لكن هذا الجانب الناعم يفت في عضد العدو ويفشي مخططاته .

النظام ليس فيه سلاح وقوة ساخنة لكن بحاجة الى تأسيس على اسس وعادات يتطبع عليها المؤمنون .

احد فوائد الارهاب الامني الذي مورس على مؤمني العراق طيلة ثلاثين عاما انهم تطبعوا على الحس الامني وهذه فائدة عظيمة يعني هذه الدماء التي ذهبت لها فوائد ان اثقلت المؤمنين في العراق دورات قهرية قسرية للتدريب على الحس الامني واليقظة الامنية وهذا تقرير موجود من الدول العظمى انه من الحماقة اننا عايشنا مؤمنين العراقيين ثلاثين عاما في الارهاب العسكري والبوليسي الامني والمدني لانهم تدربوا على النظام البوليسي والعسكري كما انه جندي يدخل دوره عامة تدريبية فهم تدربوا على الامن وعلى ادارة المدن وان لم تكن دولة في البين .

عندما سقط الطاغية بفاصل ايام كانت الاربعين المليونية وكانت تدار من قبل المؤمنين انفسهم فتكون وظائف الدولة معهودة بدعامة المؤمنين فهم يقومون بها وان تخلت الدولة عن مسؤولياتها ، فانت لا تتوقع بالضرورة ان تكون عندك دولة رسمية وانما انت بنفسك اجتماعي متطبع على القيام بوظائف الدولة سواء خدمات ادارة نظام امني نظام بوليسي ونظام اداري ، لذلك الان لاحظ ظاهرة الاربعين مذهلة لهم وهناك دراسات غربية كبيرة وتقارير كل سنة ان ادارات الاربعين مذهلة ربما ثلاثين مليون كيف تدار في بعدها الامني وفي بعدها المروري وفي بعدها الخدمي وفي بعدها التمويني الغذائي ؟ المكون المؤمن هو تطبع على القيام بوظائف الدولة وان لم تكن هناك دولة رسمية فهو يقوم باداء وظائفي ، لذلك هذا التقرير الذي صدر بعد دخول داعش قالوا هؤلاء تطبعوا على هذه الضغوط الارهابي الامني والبوليسي والعسكري والمدني ، يعني حتى لو سقطت العاصمة فادارتها المدنية تبقى على حالها .

فاذن قضية الالمام بالبعد الامني للمؤمنين امر هام بالغ الاهمية ، افترض الاقليات المؤمنة في اماكن اخرى لا تتوقع ان هناك من يقوم بها وانما انت بنفسك اسس عادات واعراف امنية ، الائمة عليهم السلام يؤكدون على تأسيس وخلق الاعراف الامنية وذكرت لكم الامن ليس استخبارات وانما الامن بالمعنى الشمولي لا يمكن ان يتعذروا منه ولا يستسهل احد دوره مهما صغر ، فلربما دوره يسير او يكون تأثيره بحد يقلب الحدث .

القرآن يعلمنا اذا الانسان لم يستعن بدوره وبهمته ، انما يجعل مفتاح التغيير الاستراتيجي بيد هذا التدبير اليسير الذي يزدري ويستصغره الاخرون واللطيف عندنا في منطق التعليمات الدينية والوحيانية انه لا تستصغرن الخير وان قل فلربما هذه القلة من الخير تعطي نجاة للامة كما قال في داوود ، فالية الحرب الذي لديه كان يسخر منها الاخرون حتى جيش طالوت كانوا يسخرون منه فضلا عن جيش الاخر لكن هو لم يستصغر دوره ولم يستصغر اليته وكتب الله تغيير الاستراتيجية على هذه الالية اليسيرة فلا تقل ان سلاحي ضعيف كلا هذا الضعيف مع الهمة العالية والتدبير يكتب لك النجاح الاستراتيجي .

فقتل داوود جالوت بالية عسكرية متواضعة جدا ومن ثم حتى الان في علم الاستراتيجيات والحرب العسكرية ثبت انه بعض الاليات الصغيرة اكثر تأثيرا من النووي فاذن هذا بعد مهم في الحس الامني والعقلية الامنية .

احد معاني التقية يعني الامن والحس الامني والعقل الامني ومن الضروري تطبع المؤمنين عليه ولا يكن عندهم سذاجة وما يفرقون معلوماتهم للعدو وانما يسحب المعلومات من العدو بدون ان يعطيه معلومة ، وفي رواية عديدة لاهل البيت هذا موجود وهو ان الظهور والفرج لاهل البيت لا يكتب الا في وقت يتفوق فيه المؤمنون على الاعداء في الحس الامني وفي الخداع الامني .

ذكرت امس الذي وقع في ذاك البلاد اخرى هي الصفين نفسها تكررت وبعض القيادات اعترفت انها هي خدعة وليست الا زوبعة في فنجان فهي تهويل وطبول بلا شيء لماذا يشترطون الطبول في الحرب؟ لان كله تهويل وفي روايات كثيرة سبب تأخر الفرج الف سنة لتأخر المؤمنين في العقل الامني عن عدوهم الان هي قوة ناعمة لكن هي اقوى قوة وتدخل فيها الحرب النفسية والاعلامية

انت لاحظ المحاور التي ذكرها القرآن انك من التفوق والنجاح الامني ان تطلع على مكر العدو قبل ان يقع فهل نحن وصلنا الى هذه الدرجة؟ وان لا يكون عندك ارباك واذا واجهت ضربات امنية تبقى في حالة ثبات وطمأنينة وعدم فزع وعدم هلع فهل نحن وصلنا لهذه الدرجة ؟

اللطيف القرآن الكريم في محور اخر لقضية الامن يذكر هذا المطلب ان استضعاف القوات الطغاة والمستكبرين للمستضعفين سببه الاكبر هو الخداع الامني والحرب النفسية الاعلامية وليست القوة المادية بل هو بالمكر والخداع لاحظ القوة الناعمة يعني حتى سيطرة الطغاة والمستكبرين والدول العظمى على دول اخرى ثمانين بالمائة منها ليست بسبب القوة المادية وانما خداع امني فيهولون لك ان لديهم صواريخ استراتيجية قوات مدمرات وانهم يحيطون بكل شيء ولا يغادرون صغيرة ولا كبيرة الا يحصوها ... هذه كلها تهويلات وهي عبارة عن فرقعات معدنية .

لاحظ العبارة في القرآن الكريم وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار اذ تأمروننا ان نكفر بالله يعني النظام القانوني والمسار الديني لله عز وجل اذ تأمرونا ان نكفر بالله ونجعل له اندادا يعني مقابل حكم الله يكون حكم البشر واسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الاغلال في اعناق الذين كفروا هل يجزون الا ما كانوا يعملون .

المقصود لاحظ الطغاة والمستكبرين استولوا وسيطروا على المستضعفين بالمكر وبالقوى الناعمة وبالتهويل وبالحرب الاعلامية اما الجانب المادي لهم لا يؤهلهم السيطرة غالبا بل نفس امكانيات الشعب هي اكثر بكثير فالشعب باكمله يجمد مقابل عصابات تعدادها بضع نفرات والذي حدث هناك كان هكذا فشعب ومدن خذلوا وجبنوا وما عندهم تدريب عسكري ولا تدريب امني فتأتي عصابات وقطاع طريق بتهويل واعلام ورعب وكلها خدع والى الان لم يسيطروا على المدن كلها بل على نفس العاصمة ما مسيطرين وانما كلها تهويل بالرعب والخداع الامني واخصاء لهم والا هم ليس عندهم انتشار في كل المدن بل وللعاصمة ولكنهم يوجدون الرعب وينشرون الرعب في كل مكان هم ليسوا مسيطرين .

لاحظ حالة المكر والخديعة ان البعد الامني ماذا يصنع؟ وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار ، فالمكر هو السيطرة وجعل النفوذ والهلع والخوف صدق رسول الله اذ يقول الحرب خدعة يعني كأنما تسعة وتسعين بالمئة من الحرب هي مناورات امنية واعلامية نفسية بل اقول هي مائة بالمائة.

logo