47/05/11
التوحيد والآيات والولاية لغتان للعقل النظري والعملي
الموضوع: الدين والتوحيد و الولاية في آية الكرسي
لا زلنا في اية الكرسي من سورة البقرة ومر انها اية التوحيد واية الولاية ومن سلسلة هذه المجموعة التي مرت بنا تبين ان الولاية ليست هي محور اصل عقائدي في قبال التوحيد كما لعله هو دارج في الاذهان وفي البحوث العلمية او الكلامية كي يثار نقاش ان الولاية من فروع الدين او من اصوله طبعا النقاش مع المذاهب الاسلامية الاخرى والا في مذهب اهل البيت الولاية هي من اصول الدين وضرورة من ضروريات المذهب وهذا مبده وليس فيه خلاف بين الامامية فهي كضرورة متفق عليها .
لاحظ عندنا تعبير اركان الفروع فهي اركان يعني ليست فروع وليست اركان هي فروع فلا تندرج الاركان في الفروع انما هذه اركان دعائم واعمدة تسند الفروع لا ان الاركان هي فروع فاركان الفروع يعني اصول عقائدية داعمة للفروع وبصراحة الذي لا يخوض في مباحث فقهية عنونت عند الفقهاء في باب الطهارة والنجاسات ان الاسلام مطهر والكفر منجس هناك استعرض الفقهاء طوائف الروايات والايات وكلمات الفقهاء فاذا لم يخض في هذا البحث مليا سوف يغفل عن هذه الامور .
ايضا بحث المرتد في الحدود يعني عدة ابواب يجمعها مع بعضها البعض تكون الصورة عنده واضحة جلية بحسب كلمات الفقهاء حيث الفقهاء محترفين في فهم الادلة وليس التبعية لهم امعية واما من باب التنبه واليقظة فاركان الفروع ليست فروعا عندما يقال الصلاة من الفروع يعني اداؤها من الفروع وليس وجوبها فوجوبها عقيدة وليست عمل بدني فوجوب الصلاة معرفة اقرار اذعان لذلك الفقهاء اضطروا ان يعنونوا في بداية الصلاة حكم وجوبها وانكارها ثم تعرضوا الى اداء العمل البدني لها كذلك اضطروا ان يبحثوا في وجوب الحج انه من الضروريات واصول الدين والعقائد وبين اداء الحج كذلك في باب الصوم تعرضوا الى وجوبه والى ماهيته وادائه وكذلك في باب الزكاة اولا تعرضوا للوجوب ثم لادائه .
اذن الفقهاء لم يدمجوا ويخلطوا بين هذه الابحاث وانما ميزوا فلم يقولوا مثلا اذا ترك الصلاة كفر عقائديا لكن اذا انكر وجوب الصلاة هذا شيء اخر اذا شرب الخمر هو عصى اما اذا ينكر حرمة الخمر هذا شيء اخر فالانكار هو مبحث معرفي وكذلك اقر اما شرب ولم يشرب هذا امر عملي صلى ام لم يصلي امر عملي اما اذا انكر وجوب الصلاة او اقر فهذا امر عقائدي فما عرف من ان الولاية والتوحيد والنبوة تقسيما للبحث هذا فيه مسامحة ، لان الولاية في صميم التوحيد بلحظ ولاية الله يعني عندما يقول القرآن لنا حصر الولاية به تعالى يعني مثل لا ولي الا الله يعني توحيد الله قائم بالولاية كما هو الحال في التوحيد في مقام الذات والصفات والتوحيد في مقام الافعال فليس التوحيد في قبال الولاية فهذه مسامحة لان اصل الولاية هو ﴿انما وليكم الله﴾[1] و﴿من يتولى الله﴾[2] و﴿الله هو الولي﴾[3] فهو ليس في قباله وهذه مسامحة في تنظيم الكتب الكلامية او العقائدية او حتى الفقهية بل الولاية في الاصل هي قوام التوحيد ومر بنا انه ليست الولاية صفة ذاتية وانما يرجع الى الفعل لان الله اذا كان مسلوب القدرة والحاكمية التكوينية والتشريعية هذه اي ذات ازلية ابدية مستجمعة لكل الكمالات ؟ فسلب الذات الالهية عن كمال الولاية هي ليست ذات الهية هي ذات مخلوقة نظنها انها ذات الهية فاذا صار خلل في الولاية بالله يكون خلل في اصل المعرفة التصورية لان المفروض الذات الالهية مستجمعة لجميع الكمالات فاين هنا جمع الكمالات? .
فما وقع مسامحة من التقابل بين اصل الولاية والتوحيد حتى معرفة التوحيد ليس هو الايمان بالتوحيد وقبل كم يوم كان الكلام عن الايمان بالتوحيد لان الايمان بالتوحيد متقوم بالولاية لكن بعض المباحث التي مرت قبل اكثر من عشرة ايام وقع التنبيه على ان الولاية مقومة حتى لاصل معرفة الذات الازلية كما في بيان الامام الصادق في كتاب كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر لمحمد بن خزاز القمي الاشعري معاصر الصدوق وكتابه قيم عظيم هناك فيما جاء عن الامام الصادق الرواية الاولى يذكر الامام ان من لم يعرف بهذه الصفة لم يعرف اصل الله او عرف غيره وعبد غيره واراد غيره و احب غيره لا انه عرف الله فكيف تقول عرف الله لكن لم يسلم لله هذا اصلا لم يعرف الله واخطأ في معرفته ﴿انما يخشى الله من عباده العلماء﴾[4] .
فلاحظ العلم والمعرفة كيف ارتباطها بالانقياد حيث الخشية هي انقياد فمن لم ينقاد الى الله بالدقة لم يعرف الله حق معرفته شبيه ﴿وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون﴾[5] فبالدقة الولاية بحسب البيانات الوحيانية في القرآن والروايات ليست في قبال التوحيد وفي اصل بالتوحيد بل هي في اصل معرفة التوحيد فلا تتوهم انه من فروع الدين او انه من اصول الدين بل هي في اصل اساس الدين فلاحظ مفاد الاية الكريمة ﴿انما وليكم الله﴾[6] هل هذه فروع الدين? كلا ، وهل هي اصول الدين مرتبطة بالتوحيد او مرتبطة باصل اخر ؟ او قوله و﴿الله هو الولي﴾[7] .
فهذا مبحث مهم تفجره اية الكرسي وتنبه عليه ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله﴾[8] ? مع انه ليس مقابلة بين الطاغوت وبين الله ، الطاغوت استعمل في القرآن دوما في البشر العاتي فمن يكفر بالطاغوت مثل لا اله ، لا ولي ، فهذا المقطع من اية الكرسي صارخ وصادح وصادع بان الولاية في اصل التوحيد وفي نفس التهليل ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾[9] .
فالولاية ليست منحازة عن التوحيد بل هي في عمق التوحيد من جهات عديدة فالولاية ليست في قبال النبوة بل هي في عمق النبوة من زوايا عديدة والا كيف تؤخذ الشهادة الثانية مع انها شأن ومقام نبوي لسيد الانبياء كيف تؤخذ في اصل الدين واصل الاسلام والايمان ما شأن المخلوق بالخالق? الكلام الكلام لان المراد من الشهادة الثانية هو الرجوع الى حاكمية الباري تعالى حاكمية تكوينية تشريعية ولاية تكوينية ولاية تشريعية .
لاحظ قوله تعالى ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾[10] اذ ﴿قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولًا﴾[11] هذا الاستنكار ليس للرسول وانما يرجع الى الله ما قدروا الله يعني الشهادة الثانية ترجع الى الله ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾[12] اذ قالوا ان الله جعل الخليفة في الارض على الدوام يعني انكروا ذلك وكأن الله مجمد وتصرفاته مغلولة مجمدة فالشهادة الثانية كيف تفسر بصناعة علمية كلامية او فلسفية تفسيرية او فقهية كيف تفسر انها مأخوذة في الدين? لماذا القرآن لا يعتبر المنكر لنبوة سيد الانبياء او نبوة احد الانبياء موحدا وانما يقول مشرك كافر ؟ لان الشهادة الثانية مفسرة للشهادة الاولى كما ان الشهادة الثالثة مفسرة للشهادة الاولى والشهادة الثانية وتستطيع ان تقول نفس الشهادة الاولى فيها طبقات بل تستطيع ان تقول الشهادة الاولى طبقات طبقة واحدة ثلاثية فليس عندنا فقط لا اله الا الله وانما عندنا لا ولي الا الله يعني ﴿انما وليكم الله﴾[13] و ﴿من يتولى الله﴾[14] .
فبنفس البيان تدخل الشهادة الثانية في شؤون التوحيد ، لاحظ في قوله تعالى ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾[15] مثل لا اله ﴿وَيُؤْمِن بِاللّهِ﴾[16] يعني الله ولي يعني حتى في التهليل والتوحيد يعني لا يكفي ان نفي ولاية الطواغيت ، ثم بعد ذلك الاية تقول ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ﴾[17] عروة يعني ما يمسك بها وثقى يعني اوثق اذن ثلاثية الاعتقاد او الشهادات هي العروة الوثقى الوثقى يعني الاوثق فبحسب هذه الاية تفريغ معنى الولاية من الشهادة الاولى والثانية والثالثة تفريغه عن معنى الولاية ليست عروة وثقى ولا رضي الله بالاسلام وبالشهادتين دينا ولا ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [18] الاية تقول ﴿لاَ انفِصَامَ لَهَا﴾[19] يعني لماذا تفككون? لا انفصام لها ﴿وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[20] .
ما ربط السمع والعلم هنا ؟ فما الصلة بين شرح كلمة التوحيد بانها فيها ولاية وبين الله سميع عليم ؟ يعني كأنما هكذا ان هذا امر في باطن معرفتكم واعتقادكم ان التوحيد مع الولاية والنبوة فهي قائمة بمعرفة القلب وتسليم وانقياد القلب فالله سميع بما ينطق الانسان في قلبه وعليم بما في قلبه .
المجيء بالاسماء الالهية في ذيل الايات دائما اشارة الى مناسبة ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[21] وكما يقال ان الاسماء الحسنى التي تذكر في نهاية الايات برهان لمي على ما ذكر في الاية ففي مقطع السميع العليم هو اخذ الولاية في التوحيد وهو من وظائف القلب والاعتقادات .
لاحظ لا اكراه في الدين الكلام وقع على صعيد ان الولاية من الدين ان اية الكرسي من بدايتها لنهايتها حول الولاية واخذ الولاية في التوحيد وفي النبوة ولاية تقول هذا هو الدين وليس فيه اجبار وليس فيه اكراه مثل ﴿اليوم اكملت لكم دينكم﴾[22] ولم يقل شريعتكم فلماذا لم يقل ذلك? لان الشريعة يمكن ان تنسخ وجعلنا لكل منكم شرعة ومنهاجا لكن الدين لا يتبدل الدين طبقات والعقائد ليست طبقة واحدة ، والفروع هي التي تنسخ فلم يقل اليوم اكملت لكم شريعتكم ورضيت لكم الملة دينا مع ان الكلمات متقاربة من معنى ﴿اليوم اكملت لكم دينكم﴾ [23] وكذا لم يقل اليوم اكملت لكم منهاجكم او طريقتكم فركز على الدين ، والدين يعني طبقة العقائد والمساحة الاوفر من الدين هي كل العقائد فالعقائد بين جميع الانبياء ليس فيها نسخ حيث يمتنع في العقائد ان يكون نسخ والدين لا ينسخ .
القرآن وصف جميع الانبياء بانهم مسلمون ابراهيم حنيفا مسلما النبي عيسى كذلك وكذا نبي موسى وكذلك يعقوب ﴿إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾[24] وكذا عيسى كذلك موسى والنبي يوسف ﴿وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[25] فاتباع موسى حرفوا الاسلام عند موسى الى اليهودية فالاصرار على اليهود بان يكونوا مسلمين ليس بتعصب وانما من باب استنقاذ حق موسى والاصرار على النصارى ان يكونوا مسلمين ليس تعصبا وانما من باب رجوعهم الى دين عيسى وهو دين موسى .
تعدد الاديان هذه كذبة ابتدعها اتباع الانبياء والانبياء بريئون من اليهودية او النصرانية وانما دينهم الاسلام لكن اتباعهم استحدثوا دينا اخر فالدين واحد لا نسخ فيه واي شيء لا نسخ فيه ؟ انه العقائد لان العقيدة ما تصير باطلة وتتزيف وانما دائما يجب ان تكون صادقة وهي عبارة عن معرفة واخبار عن الواقع نعم هناك درجات في معرفة الدين وما كشفه سيد الانبياء من معرفة العقائد لم يستطع عيسى او موسى او ابراهيم او نوح ان يكشفوه لكن ليس انما كشفه الانبياء السابقون نسخه سيد الانبياء كلا وانما وسعه وفرق بين التوسعة وبين النسخ ثم هو وسعها بشكل غوصي يعني سيد الانبياء من اوصافه انه يغوص في معرفة الله ويتعلم الانبياء منه العقائد والمعارف ، فالمقدار الذي كشفه الوحي النبوي لسيد الانبياء لم يستطع الانبياء السابقون ان يصلوا اليه من العقائد والمعارف كما وكيفا فهذا ليس نسخا وانما هذا غوص في عمق العلم فالدين ليس فيه نسخ لكن فيه عمق نعم الشريعة فيها نسخ فلم يقل الله اليوم اكملت لكم شريعتكم او منهاجكم او طريقتكم او رضيت لكم الشريعة كلا وانما التأكيد كله على الدين ملة ابيكم ابراهيم وهي التوحيد .
لماذا لم يعبر القرآن والروايات عن ملة ابراهيم بالاسلام وانما قال توحيد ولم يقل الاسلام ما الفرق بين الملة والدين والشريعة والمنهاج والطريقة? هذه تنبه لها ائمة اهل البيت ولم يعرفه الفقهاء ولا المتكلمون وانما فقط صقور الغيب وهم اهل البيت عليهم السلام يفهمون هذه الامور ويعلمونها للبقية فلم يقل اليوم اكملت لكم ملتكم ولا اكملت لكم توحيدكم وانما ﴿قال أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[26] فلماذا لم يقل الله رضيت لكم الاسلام شريعة? او رضيت لكم الاسلام ملة؟ او رضيت لكم الاسلام منهاجا او رضيت لكم اسلام طريقا او رضيت لكم الاسلام سبيلا وانما يقول دينا؟ ما الفرق بينهما? فهي ليست قصة شمول وعدم شمول فالدين شيء الشريعة شيء اخر .
الفقهاء والمتكلمون يقولون الشريعة الاسلامية وهذا خبط فالشريعة هي تبع للدين وليست هي الدين عندنا دين وملة وشريعة ومنهاج وطريقة ، فعلى تفسير العامة لايات الغدير كانما هو تكميل الشريعة كذا وحرمة كذا هذه الشريعة بينما قال ﴿اليوم اكملت لكم دينكم ورضيت لكم الاسلام دينا﴾[27] وليس شريعة وليس ملة وليس طريقة مع انها خيارات متعددة لكن نبه على ذلك اهل البيت عليهم السلام فهنا قال ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾[28] ولم يقل لا اكراه في الشريعة وما قال لا اكراه في الملة وانما قال ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾[29] .
لماذا بصمت اية الكرسي بانها اية الولاية واية الدين وليس اية الشريعة وليس منهاج وكما مر بنا اية الكرسي اية التوحيد واية الولاية يعني عقيدة ولها ربط بلا اكراه في الدين وليس لا اكراه في المنهاج ولا اكراه في الحكمة ولا اكراه في الموعظة الحسنة هذه بحوث اثارها الائمة عليهم السلام في بياناتهم اين العرش من الثرى? بيانات العلماء وبيانات اهل البيت ما الفرق بينهما وهذا ليس تعصبا لكنه من لمس عقلي.