< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حقيقة الوحي جوهر أم عرض

 

لا زلنا في ملحمة طالوت وداوود وجالوت والاية الاخيرة ربما في هذه المجموعة من الملحمة حيث فيها تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس

سبق ان مر بنا في ملحمة طالوت ان المعجزة ليست خاصة بالانبياء والرسل وانما تعم الائمة ، واية ملكه ، كلمة اية يعني معجزة وبرهان فيظن بعض الغافلين او من جديدي البحث المعرفي او ليسوا ذوي باع في بحث المعارف يظن بان المعجزة اصطلاح خاص بالانبياء والرسل ، ولكن هي لكل منصب اصطفاءي الهي جعل الله له يعني برهان ومعجزة تثبت هذا الشيء الخاص به ولا يقال لها كرامة ، الكرامة في اصطلاح المتكلمين او غيرهم هي التي يعطاها ربما شخص مصطفى من المصطفين او غير المصطفين عطية الهية ليست في مقام البرهان ولا التحدي ولا الاعجاز

فاصطلاحا الكرامة غير المعجزة وهذا الامر من الواضحات عند جملة المذاهب الاسلام فضلا عن مذهب الامامية فهذه التوهمات باردة لقليلي الفحص العلمي والا المعجزة سميت معجزة او سميت اية او برهان

ومن ثم صرح كالمرزا القمي والنراقي وغيره من الكبار وهذا تصريح بالواضحات ان المعجزة ليست خاصة بالانبياء والرسل تعم الائمة ايضا بل قد استعملت الامامية الدلائل والاعجاز حتى في النواب الخاصين مثلا النواب الاربعة مع انهم ليسوا بمعصومين ولكن كانت الامامية دابها تمتحن النواب الخاصين بدلاءل الايات تظهر على ايديهم بتمكين من الامام سلام الله عليه

وهذا ما كتبه الشيخ الطوسي في الغيبة او في كمال الدين او غيبة النعماني ما كتبوه حول النواب الاربعة مع ان هذا ليس مقام معصوم فكيف بالمعصوم والامام? فالكرامة شيء في مقام الاثبات والتحدي

هنا في الاية الكريمة : واتينا عيسى ابن مريم البينات

يعني ليست اية وايتين او ثلاث وانما متعددة وايدناه بروح القدس ما الفرق ان يقال وايدناه بروح القدوس وبين ان يقال اودع الله فيه روح القدس ، ما الفرق؟

هذا مبحث فيه غموض جدا وكثير من الفرق الباطنية هذا الغموض سبب في انحرافها ليس خصوص ايدناه بروح القدس بل هذا المبحث الكبروي الموجود في ايدناه او في غير ايدناه

في القرآن الكريم في سورة الشورى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا كيف يعني روحا من امرنا? اوحينا اليك كتابا او ماذا? اوحينا اليك امرا نهيا علما معلوما? كلا ، هنا الشيء الموحى والطرد البريدي للوحي نفس الروح المهولة الملكوت العظيم والذي هو حقيقة القرآن الروح الامرية

في سور عديدة ما ان يأتي ذكر الكتاب والقرآن الا ويؤتى معه بالروح الامرية او روحا من امرنا للتنبيه على ان القرآن كما يبين اهل البيت ان القرآن حقيقته الروح الامرية

فهذا الروح الامري اوحي الى النبي والذي يوحى الى النبي هل يزول عن النبي وعن ذات النبي او يبقى معه? نعم هو يبقى ويخزنه النبي صلى الله عليه واله ، هل يرتفع ما يوحى الى النبي ؟ كلا ، من ثم الوحي الذي يوحى الى النبي تارة نحن نتخيل انها من نمط المعلومات العرضية مثل العلوم التي نتعلمها علوم عرضية ، الوحي ليس كله من هذا النمط ، هناك من الوحي ما هو ليس معلومات عرضية وافكار

مثلا نظن بان الوحي افكار وخواطر ومعاني عرضية تدركها النفس بالعلم الحصولي ، كلا الاعظم في انواع الوحي ان الوحي هو بنفسه جوهر ملكوتي حي شاعر ملكوتي شبيه الاسماء ، حيث نحن نظن انها صوت عرضي ومعاني عرضية بينما في سورة البقرة وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم وليس عرضها فهنا بين القرآن الكريم ان الاسماء موجودات جوهرية ملكوتية ارواح غيبية مهولة ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ولم يقل هذه ولو كانت الاسماء معاني عرضية وخواطر ذهنية لقال باسماء هذه ، وانما قال باسماء هؤلاء موجود جوهر روح ملكوتي حي حاضر بحضور ملكوتي انبئوني باسماء هؤلاء يشير اليهم عرضهم اسماء هؤلاء

قال يا ادم انبئهم باسمائهم وليس اسمائها اذن الاسم الحقيقي هو جوهر ملكوتي شاعر حي لا ان الاسم معاني عرضية خواطر جامدة او اصوات فكما في الاسماء هكذا ففي الكتاب ايضا هكذا وفي السور هكذا وفي الاية هكذا

اصلا الاصل في عناوين الاشياء انها جواهر ، الوجود العرضي صورة منعكسة لها مثل الان زيد يقف امام المرآة فالصورة الموجودة في المرآة صورة عرضية ليست حية شاعرة عاقلة لكن زيد هو نفسه وجود جوهري حي شاعر عاقل ، الاصل في كل العناوين ذلك

هذه نظرية عقلية لكن يؤيدها الوحي ويمضيها ان الاصل في كتاب او كلمة او حرف او اسم اية سورة صلاة صوم الاصل في العناوين انها جوهر ملكوتي ، الكرم جوهر لا انه صفة عرضية في النفس فقط ، مثل التعقل والعقل ، التعقل فعل لكن العقل جوهر

فكل هذه في الحقيقة جواهر ملكوتية كل الصفات الكمالية ليست هي امور عرضية هي في الاصل جوهر وهذا الجانب العرضي انعكاس لها والرذائل كذلك ليست صفات عرضية سلبية على الانسان فقط الرذائل بالدقة هي جواهر ملكوتية لذلك لاحظ في بيانات اهل البيت الجهل جوهر ملكوتي قال له ادبر فادبر قال له اقبل فلم يقبل لا انه الجهل صفة عرضية في المخلوقات ، الجهل هو نفسه جوهر العلم نفس الكلام نحن نفكر العلم يعني شيء عرضي كذا كذا ، لا ليس هذا الاصل في العلم ، العلم في الاصل هو جوهر ملكوتي كما ان الجهل ايضا جوهر ملكوتي

لذلك لاحظوا في بيان اهل البيت عليهم السلام جنود الجهل كلها صفات رذيلية نحن نقول صفات رذيلية لا هي في الاصل جواهر جنود جواهر العلم ضدها الجهل الشجاعة ضدها الخوف الجبن الكرم البخل كذا يبين الامام انه ليس صفة جند جنود جوهر

هذا مبحث اساسي في شرح حديث جنود العقل وجنود الجهل انه جواهر لا انه عرض ، اذن الرذائل في الاصل جواهر ملكوتية كما ان الاعمال نحن مثلا يتداعى علينا في الذهن ان الاعمال عرض ، كلا هي بالدقة جوهر وليست عرض فالمشكلة عندنا في المعارف وهذا مبحث خطير في المعارف ان الاصل في العناوين ليس العرض

عندهم مقولة عقلية كل ما بالفرع يرجع الى ما بالاصل مقصودهم بالاصل يعني الجوهر والفرع يعني عرض وحتى كل ما بالعرض يرجع الى ما بالذات ، ففي الحقيقة اذن جنود الجهل اصلا هذه من اعظم الامور معرفة عرفانا ما شئت فسم في بيانات اهل البيت يبين لك ان الفضائل جواهر ملكوتية والرذائل جواهر ملكوتية غير مرئية

ومن ثم هذه جنود ، جنود العقل عندنا وجنود الجهل ، جنود يعني جوهر ومن اعظم ابواب المعرفة معرفة ان العناوين الاصل فيها انها بالذات لا بالعرض وكل ما بالفرع يرجع الى ما بالاصل الاصل يعني جوهر ، العرض ليست اصل وانما تبع وفرع الاصل هو الجوهر

هذه الضابطة الناموسية اذا اتقنها الباحث في المعارف تنفتح له ابواب المعرفة الشيء الكثير فاذن القرآن الاصل فيه انه عرض منقوش ؟ كلا ، وانما جوهر ملكوتي روحي وانما هذا النقش عرض

مثلا الان انا اكتب كتاب عن زيد ابن ارقم فهل زيد ابن ارقم هو هذه الكتابة? هذا شرح لذلك الجوهر مثل ما مر بنا الصورة لزيد الصورة عرضية لكن زيد جوهر ، اذن هذه المعاني التي في الذهن نعم عرضية لكن هي عاكسة لجوهر

هنا لما يقول الباري : وكذلك اوحينا اليك روحا ولم يقل قرآنا كتابا معاني ما كنت تدري ما الكتاب? القرآن الاصل فيه انه روح مثل انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر تنزل الملائكة والروح يعني الروح الامري القرآن هو الروح الامري

اذا كان القرآن حقيقة هو الروح الامري و الوحي الذي يتنزل على النبي يخزنه النبي او يبدله ؟ وما هو هذا الوحي ؟ هو الجوهر، اذن اعظم انواع الوحي ان يكون جوهريا لا عرضيا

اذا كان الوحي جوهر كيف هذا الجوهر ينعجن تكوينا في ذات النبي? ثم اذا اندمج في ذات النبي كيف يورثه النبي لاوصيائه علي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة منهم? وهل تنتقل الروح من روح ومن ذات الى ذات? هنا هو الفخ الذي وقع فيه الفرق الباطنية وقالوا بالتناسخ الباطل لانهم لم يستطيعوا ان يفهموا حقيقة هذا الانتقال او الاصطفائية للارواح وهذا معنى ما يقوله ائمة اهل البيت اولنا محمد اوسطنا محمد اخرنا محمد يعني هل هو نسخ وتناسخ? اعوذ بالله ، لا ان روح النبي انتقلت من بدن النبي الى بدن علي ابن ابي طالب هذا تناسخ باطل او الى فاطمة او ثم الى الحسن ثم الحسين كلا

هذا البحث معقد وغامض جدا اذن ما الفرق بين اوحى الله روحا امريا الى سيد الانبياء? وهو حقيقة القرآن وبين ايد الله هذا الروح الامري وبين ايد عيسى به ؟ فهل اوحاه الى عيسى او ايده به? ما الفرق? مثلا عندنا بيان الامام الحسن المجتبى يقول في وصف ابيه امير المؤمنين عندما كان يرثيه في اليوم الثاني من شهادته قال :

قد رحل عنا شخص ما بعثه النبي الى امر الا وكان على يمينه جبرائيل وعلى يساره ميكائيل ايده الله بميكائيل وجبرائيل التأييد ليس مرافقة فقط وبكى حينئذ الامام المجتبى

انظر هذا التأييد ما هو معناه وما هو معنى الايحاء هذا مبحث قرآني يجب ان نتعرف عليه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo