< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الجزاء والمواهب اللدنية إصطفائية و إكتسابية

 

كنا في ملحمة طالوت وداوود وجالوت والتعبير في هذه الاية و وصلنا الى هذه الباقة في ايات طالوت ان الله عز وجل هو ايتاء منه لدني وهبي اصطفائي للامامة لداوود نتيجة لتضحيات عظيمة جدا قام بها داوود كما هو الشأن في النبي ابراهيم

ومر بنا ان هناك مواهب لدنية وهو اصطلاح موجود في علم التفسير وعلم الكلام وفي علم الفلسفة وفي علم العرفان مواهب لدنية في مقابل مواهب اكتسابية ما المراد بذلك? ما الفرق بين المواهب الاكتسابية واللدنية ؟

ان كان المراد من المواهب اللدنية البعض يتخيل انه بدون سعي وامتحان فمر بنا ان الله عز وجل لا يحبو شيئا بدون سعي وبدون امتحان وهذا لا ينافي ان مواهب الله كلها ابتداء احسان من الله لا ان سعينا لا نستحق به ، نستحق به بمعنى مقابلة ونتهيأ قابليتنا لكرم الله لفضل الله لا عن استحقاق بمعنى ان نوجب على الله والعياذ بالله شيئا كلا كما بينت سورة الواقعة في نهايتها ان افعالنا كلها عبارة عن استعداد واعداد الفقير لاستقبال العطية من الغني المطلق

فافعالنا ليست علل الفاعلية نستوجب بها الكرامة عند الله كلا وانما هي بمعنى ان نكون لدينا اهلية وقابلية لاستقبال فيض الله ، فنعم الله كلها ابتداء واحسان كل افعاله احسان والاحسان فوق العدل يعني ما يقال من ان الله عادل عدل بمعنى مسامحة ، لان كل افعاله احسان وليس عادل انما هذا شيء نسبي عندما يقولون عليهم السلام الهي لا تعاملني بعدلك وعاملني باحسانك هو حتى عدل الله احسان اذن ما هي المقابلة بين الاحسان والعدل? ولذلك نفس التعذيب بالنار هو احسان لانه نوع تأديب وكمال للمؤدب لكي يتأدب ولو بالنار ولو بالعقوبة حتى العقوبة بالتخليد في النار هي عبارة من المؤدب للمؤدب نعم ليس هذا الاحسان كاحسان الحور العين ودخول الجنة طبعا هذا احسان ولكن بسبب العبد نفسه لم يؤهل نفسه للاحسان الاعظم

ولذلك في بياناتهم ينبهون على هذا المطلب ان العدل يعني هو الاحسان لا انه ليس باحسان ولكن احسانه احسان اقل من الاحسان الاعلى شبيه كلام الامام علي عليه السلام كيف اشكرك وكل شكر يفتقر الى شكر ويستوجب شكرا من الله بهذا المعنى يعني ومن ثم قال تعالى ما اصابكم من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك

فاذن فعل الله كله احسان ولكنه على درجات حتى عدله احسان لانه عدل يعني يستحق المخلوق فالمواهب اللدنية مقابل المواهب الاكتسابية سنة وليس للانسان الا ما سعى فما المراد ان مواهب اللدنية ليس فيها اكتساب? كلا لا بد من الاكتساب الاكتساب بمعنى الاعم لا بد منه اذن ما مقصودهم في التمييز بين المواهب الاكتسابية واللدنية حتى في علم الاخلاق هذا الاصطلاح موجود اصله وحياني هذا الاصطلاح

فالمقصود ان عطيات الله عز وجل تارة عطيات يغلب بها جانب الملكوت اكثر او جانب ملكوت فيها جلي تسمى لدنيا من لدنه تبارك وتعالى او افترض الانسان لما يحرث الزرع يظن انه هو الزارع افرأيتم ما تحرثون انتم تزرعونه ام نحن الزارعون? يعني نحن نزرع ونحن نوجد صورة الزرع لا انتم

افرأيتم ما تزرعون انتم تزرعونه ام نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكرون فانتم حارثون لا زارعون حارثون يعني تهيئون الارض قابليتها لصورة الزرعية يوجده الله ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون فاذا هذه عطية الهية لكن في الظاهر هاي العطية يكتسبها الانسان

افرأيتم ما تورون انتم انشأتم شجرتها ام نحن المنشئون ووجدت الصورة الخشبية الجوهرية لا نحن اوجدناها ءانتم انشأتم شجرتها ام نحن المنشئون ولكن الانسان يقول هذا الوقود انا سويته يعني بالاكتساب المادي وظن ان العطية المادية هو سببها ليس الله نسميها مواهب اكتسابية يدرس الانسان علوم تجريبية وعلوم دينية وعلوم حصولية تحصيلية صور العلم الحصولي وكذا فيقول الانسان بانه انا اكتسبت العلم هو كيف تكتسب العلم? المعلومة الجديدة التي تأتي في ذهن الانسان هل هو اوجدها او في قوة اخرى ؟ او انك الهمت معنى وتنبهت للمعنى كيف تنبهت لمعنا عندك? يعني كيف وصلتك هذه العطية الالهية?

لذلك في علم المنطق عند ملا صدرا او عنده ملا هادي كذا منطق المنظومة هذا المطلب ان العلم ليس سببه الصغرى والكبرى هذه مسامحة الصغرى والكبرى علل اعدادية لا علل فاعلية لان العلل الفاعلية للعلم بالكبرى من النتيجة هو من جانب غيبي نحن لا ندري به ولذلك تقول الان التفت الى نتيجة صغرى وكبرى ونتيجة لا يا اخي هذه نتيجة الصغرى والكبرى مثل حفر الارض كي ينزل المطر عليه الصور الزراعية التي اوتيت اوتي لكل في ذهنه بث غيبي انت مخزن كمبيوتر مالكك هو اوجده

فلاحظ المواهب الاكتسابية حقيقة هي مواهب لعطية لدنية لكن الله جعلها نظام معين مادي نظن ان الماء النظام المادي هو السبب الحقيقي لها نسميها توهما مواهب اكتسابية الزرع اكتسابي وقود الحراري اكتسابي هي كلها عطايا الهية

في مقابل هذي اذن هناك عطاء مواهب لدنية لكن صورة اكتسابية مثل الاحسان والعدل مر بنا اما المواهب اللدنية تلك المواهب لم يكتسبه الانسان يعني يتبين للانسان ان اسبابه اسباب لدنية ليست اسباب فاعلية لابد من اسباب اعدادية لكنه بشكل جلي الانسان شبيه لقوله تبارك وتعالى في سيد الانبياء ما كنت تقرأ من قبل من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطئون يعني الانسان لم يزاول قراءة ولا كتابة كيف يأتي بالقرآن بكتاب عظيم ليس له في الارض مثيل لا من قبل ولا من بعد هذا لا يمكن ان يدعيه بشر انه اكتسابي يكون موهبة لدنية اصطفائية ليست بدون سبب ، سبب يعني اعدادي لو لم يكن النبي طاهر مطهر اطهر الاطهرين واطيب الاطيبين واكرم الاكرمين لما نزل عليه القرآن فيه اسباب اعدادية لكن هذا السبب الاعدادي من الواضح لدى البشر ليست اسباب فاعلية

اذن هذه العطايا موهبة لدنية اصطفائية اذن المواهب اللدنية كاصطلاح عقلي في هذه العلوم المتعددة يعبر عن العطيات الالهية التي واضحة مدى عقول البشر ان اسبابها المادية لا دخل لها في الفاعلية هي اعداد لكن لا دخل لها حينئذ هذه العطايا الالهية يقال عنها مواهب لدنية رزقكم في السماء وما توعدون فو رب السماء والارض انه لحق مثلما انكم تنطقون كله من الغيب لكن في الاسباب المادية التي تعودنا نحن على انها اسباب ولكن هي ليست الاسباب فاعلية حقيقة اسباب استجداء استعطاء نحن نقول مسامحة كسبناها اين تكسبونها?

افرأيتم ما تؤمنون? ءانتم تخلقونه ام نحن الخالقون? افرأيتم ما تشربون? هذه كلها في المادة عبارة عن استعطاء ليس اكتساب حقيقي ، عطيته احسان هذه قضية الاحسان عدله احسان ما المقابلة بين العدل والاحسان? احسان اقل واحسان اكثر

الهي لا تعاملني بعدلك يعني باحسانك الاقل عاملني باحسانك الاعلى فالمواهب اللدنية اصطلاح عقلي ان شاء الله صار واضحا المقصود من عنده هذه المواهب اللدنية بعضها اصطفائية لا يعطيه الله الا لمن اصطفاه اماما نبيا رسولا

الاصطفاء انواع اقسام ومن المواهب اللدنية ما لم تكن مثل اصطفاء ما اعطى الله عز وجل بلعم بن باعور اعطيناه اياتنا قيل انه بعض حروف اسم الاعظم اعطي لبلعم بحيث يستطيع ان يفعل به كذا وكذا لكن هذا ليس اصطفاء رغم انه موهبة لدنية لكنه ليس اصطفاء يعني يمكن ان يلقى به الى الهاوية وفعلا هوى الى الهاوية يمكن ان لا يزلق ويمكن ان يزلق فهي لدنية لكن ليست اكتسابية لذلك لا يختار الانسان اذا اعطي موهبة لدنية ان تكون هي امتحان له ومرور اذا لم يتنبه الانسان هاي المواهب اللدنية توجب انتكاسة للانسان وهوية الانسان

هذا الذي مذكور في دعاء امير المؤمنين الزيارة الاولى المعروفة اللهم ان اتيتني نعمة فارزقني شكرا يدمغها يعني نفس النعمة قد تظهر النعمة اللدنية وهي وبال ويصبح اكثر غرورا واغترارا من النعمة المادية

ابليس نموذج ثاني في من اوتي مواهب لدنية خطيرة سببت غروره واغتراره في المواهب الدنية

رحمة الله عليه احد الكبار يقول رزقت موهبة لدنية هاي الموهبة انه اذا ابات في الصحراء اقوم بهذا الورد لا يأتيني سبع ولا عقرب ولا حية امان وخواص كثيرة ذكرها هذا الكبير رحمة الله عليه من الفقهاء يقول بعدين حسيت ان نفسي صار عندي غرور هاي الموهبة سببت لي غرور فتعوذت بالله وكذا ويقول وسلبت من عندي وحمدت الله

واحد اخر من رجال الدين كان يمارس ورد معين شرعي من المندوب يوميا هاي قبل السنين يعني اعطي شبيه طي الارض او خلع اللباس المهم الى ان فهم انه فتنة كبيرة فاقلعت عن هذا الورد فاقلعت عن هذا الورد ليستر على نفسه النفس هذه خبيثة عجيبة اذا رأت احتراما كما لو كانت - مع احترامنا العظيم للمرأة - يعني المرأة تسلطت على الرجل وسيطرت فماذا تصنع حينئذ بالاموال الخطيرة او السلطة الخطيرة? ان لم يمسك الرجل نفسه ؟

فالمقصود هذا الكلام في النفس والعقل العقل رجل والنفس امرأة سواء في المرأة او في الرجل نفس وعقل المرأة رجل عقل في كلا الطرفين رجل من المؤمنين رجال والمقصود به ليس خصوصا الذكور الرجال وعلى الاعراف رجال عدة مواضع ثلاثة في القرآن الرجال المراد به ليس الذكور المراد به العقول المستقيمة المسيطرة على النفس فالانسان اي انسان سواء كان رجل او امرأة فيه جنبة انوثة وهي النفس وجنبة رجولية وهي العقل

حينئذ هذا العقل اذا اعطيت قدرات ملكوتية على اختلاف انواعها والنفس قوية عنده حينئذ تستثمر النفس الخبيثة هذه القوى الملكوتية فيكون في رواية اشد فاشد وهذا من فقه القلوب مهم في المواهب اللدنية غير الاصطفائية خطورتها كذا كما في زمن الائمة الاثني عشر زمن الصادق والباقر والسجاد و الحسن والحسين حتى في الغيبة الكبرى وردت نصوص كثيرة ان بعض اصحابهم وصلوا الى مقامات لدنية منهم من ثبت واستقام ما اخترب و بقي على عبوديته وخضوعه و منهم من غرته هذه المقامات فانتكس اشر انتكاسة

تقريبا منذ زمن سيد الانبياء هذه الحالة موجود ذكرت في النصوص في زمن جميع الائمة اذن المواهب اللدنية قسم منها اصطفائي مأمون العاقبة

دعني اذكر هذا المطلب واختم في بيانات اهل البيت بعض المواهب الاصطفائية والعياذ بالله قد تسلب حتى من الانبياء اذا ارتكب ترك الاولى قد نبي من الانبياء قد صفي من الاوصياء اذا ارتكب ترك الاولى تسلب منه وان ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة فالاستقامة امر مهم

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo