47/05/13
باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
الموضوع: باب الالفاظ، مبحث العام والخاص
كان الكلام في حقيقة التخصيص وذكرنا ان التخصيص يكثر في الطبقات النازلة من القوانين ويقل ويندر في الطبقات العليا من التقينينات وهذه الظاهرة تشكل برهانا قويا على ان التخصيص حقيقته عبارة عن توليف بين موارد اصطكاك العمومات المتنزلة وانه نوع من التزاحم في المقتضيات.
على ضوء ذلك نستطيع ان نستكشف أمورا كثيرة في ما يقال ان المخصص مقدم على العام من ان المخصص ما يفهم من العمومات الابتدائية وله منشأ.
نرجع االى كلام الاعلام: التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص وكان الحديث عن ماذا يصنع الخاص في العام؟
المحقق العراقي قال: ان الخاص لا يتصرف في العام وانما يعدم افرادا منه. بينما هو قبل ان المقيد يتصرف في المطلق.
لكن مشهور متاخري الاعصار قالوا :ان الخاص والمقيد المنفصلين كليهما يتصرفان في العام والمطلق والمتصلين منهما واضح انهما يتصرفان لانهما يتدخلان في بنية الظاهر من اللفظ.
المنفصل هل يتصرف في مرحلة الاستعمال او مرحلة الجدي او مرحلة حجية الجدي؟ بالتالي هذا التصرف يعني ان الخاص يكسب العام عنوانا مخالفا لعنوان الخاص. يعني اذا كان عنوان الخاص وجوديا فيكسب العام عنوانا عدميا.
«كل ما يخرج من البحر حلال أكله» و «لا تأكل ما ليس له فلس» هذا الخاص عنوان عدمي فالعنوان الذي يكتسبه العام عنوان وجودي. واذا كان الخاص عنوانا وجوديا «كل مرأة تحيض الى الخمسين الا القرشية» فيكتسب العام عنوانا عدميا «كل امرأة غير قرشية».
هل هذا العنوان الذي يكتسبه العام على صعيد المدلول الاستعمالي او على صعيد المدلول التفهيمي كما عند القدماء او على صعيد المدلول الجدي او في مقام الحجية؟ هذا مختلف فيه. اين مرتبة هذا العنوان للعام.
اصل اكتساب العنوان فيه اختلاف، ثم العنوان المكتسب في أي مرتبة؟ والاختلاف الثالث: ان هذا العنوان المكتسب هل هو بنحو التركيب الانضمامي او بنحو التركيب النعتي؟ هذا ما يبحث عنه في استصحاب العدم الازلي.
حقيقة هذا الاختلاف مهمة جدا في المقام الثالث. لكنا لا زلنا في المقام الثاني من الاختلاف. وفرغنا عن المقام الأول في الاختلاف وان الصحيح ان الخاص المنفصل لا يتصرف في الظهور الاستعمالي والتفهيمي في العام وانما في مقام الظهور الجدي او الحجية.
الان في المقام الثاني انه يكسبه العنوان او لا؟ طبعا سيأتي في بحث استصحاب العدم الازلي ان العنوان المكتسب للعام انضمامي او نعتي؟ مركز البحث في استصحاب العدم الازلي هو هذا. تركيب انضمامي او تركيب نعتي؟ يعني هو بالدقة بحث في الظهور والالفاظ وليس بحثا في الاستصحاب وهذا البحث في الظهور والالفاظ ينقح الموضوع لجريان استصحاب العدم الازلي.
هذا البحث في الصور الثلاث في التمسك بالعام في الشبهة الحكمية والتمسك بالعام في الشبهة المفهومية للخاص والشبهة المصداقية للمخصص هو التمسك بالعام بمفرده، هل يمكن او لا يمكن؟
الكلام في الصورة الثالثة وهي التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص والشبهة المصداقية مرت بنا انها قد تكون حكمية وقد تكون موضوعية. ومر بنا ضرورة التمييز بين الشبهتين الموضوعية والحكمية لان اثار الشبهة الحكمية تختلف عن آثار الشبهة الموضوعية.
المهم ان التمسك بالعام يعني بمفرده من دون الاستعانة بدليل آخر. أما اذا يستعان بالاستصحاب العدم الازلي فلا مانع منه اذا جرى الاستصحاب ومر بنا ان هذا الاجتماع للاصل العملي والدليل الاجتهادي ليس فيه خلط وخبط لان استصحاب العدم الازلي ينقح موضوع العام والدليل العام يتمسك به لمحمول العام.
الصورة الثالثة هي التمسك بالعام في الشبهة المصداقية (يعني بحث الموضوع) للخاص. فبحث في موضوع العام ومر ان الدليل لا يتكفل تطبيق الموضوع. والا الدليل يتكفل القالب الكلي للموضوع والتنظير الكلي للموضوع. ولا يتكفل التطبيق لهذا القالب الكلي للموضوع. أصلا الدليل أساسا في صدد بيان ما هو موضوع الدليل لكنه لا ينقح المصاديق فيأتي دور استصحاب العدم الازلي. فاذا نقح الاستصحاب المصاديق ينطبق الدليل تلقائيا. يعني ان استصحاب العدم الازلي يقوم بدور ما لا يتكفله الدليل العام وهو المصاديق سوا المصاديق في الشبهة الحكمية او المصاديق في الشبهة الموضوعية. لان المصداق الكلي التنظيري شبهة حكمية. كثيرا ما الموضوعات الكلية طبقات. مثلا الانسان متحرك بالارادة ومحموله موضوعه الجسم. وهذه كلها عناوين كلية. وقد يكون المصداق جزئيا حقيقيا فيكون الشبهة جزئية.
فاذا انضمام التمسك بالدليل العام مع استصحاب العدم الازلي ليس التمسك بالدليلين المختلفين في الرتبة في مورد واحد. استصحاب العدم الازلي في تنقيح المصاديق. (لا يجوز النظر الى النساء الا المحارم) فنشك ان المرأة من المحارم او لا فاستصحاب العدم الازلي يثبت عدم كونها من المحارم. فيجري في منطقة وفي مقام ليس من شأن الدليل الاجتهادي.
فالصورة الثالثة كالصورتين الأولى والثانية في التمسك بالعام بمفرده. لماذا جاز التمسك بالعام في الصورة الأولى لانها في الشك في اخراج منطقة زائدة بالتخصيص من التنظير الكلي الذي يتكفله العام.
الصورة الثانية كانت في التمسك بالعموم في الشبهة المفهومية للمخصص المجمل المنفصل فهي أيضا في دور العام وبحث في التنظير الكلي. فيمكن التمسك بالعام اذا كان الاجمال بالاقل والأكثر فيتمسك بالعام.
اما الصورة الثالثة فالتمسك بالعام ليس في التنظير الكلي لنفس العام بل في المصداق. هل يصح التمسك بالعام بمفرده ام لا؟ فيه اقوال متعددة سيأتي والشيخ الأنصاري عنده تفصيل والنائيني عنده تفصيل آخر و السيد الخوئي عنده تفصيل ثالث. فالمسألة ذات أربعة او خمسة اقوال. البحث في التمسك بالعام بمفرده في المخصص المنفصل لا المتصل.
القول الأول: لا يصح التمسك مطلقا.
القول الثاني: يصح التمسك مطلقا في الشبهة المصداقية للمخصص المنفصل.
سؤال: التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص هل هي شبهة حكمية في العام؟ شبهة مصداقية تعني ليست في التنظير. بالنسبة الى العام ليس شبهة تنظيرية. انما الشبهة في المصداقية للمخصص. الشبهة المصداقية للدليل ليست شبهة تنظيرية للدليل. فكيف تكون شبهة حكمية؟ هي شبهة حكمية لا بلحاظ نفس هذا الدليل بل قد تكون شبهة حكمية بلحاظ دليل آخر.
هذه الشقوق محل الابتلاء في أبواب الاستنباط.
التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص فيقال ان البحث ليس في العام ولا في الخاص بل البحث في الشك في مصداق الخاص المنفصل. ليس البحث في تنظير الخاص ولا تنظير العام. فليس شبهة حكمية تنظيرية في نفس الدليل.
هي شبهة حكمية بلحاظ ان هذا المصداق قد يكون هو دليل آخر وحكم آخر الشك في التنظير الكلي فيه. قد يكون المصداق كليا وهو مصداق الخاص. فإذاً هذه شبهه حكمية ليس لنفس الدليل لكن هذا المصداق ان كان كليا تنظيريا لدليل اخر فيكون شبهة حكمية لدليل آخر لا لنفس دليل العام والخاص. وقد يكون مصداقا حقيقيا فيكون شبهة موضوعية.
اذا هذه الصورة الثالثة ليست هي شبهة حكمية لنفس الدليل.
هنا استدلوا بدليل ونتعرض اليه في الجلسة القادمة.
اذا هذه المسألة لتنقيح تصور اصل المسألة فيها خمسة اقوال.