« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 نظام الظهور وكيفية التصرف والتأليف لعناصره/ مبحث العام والخاص/باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص/ نظام الظهور وكيفية التصرف والتأليف لعناصره

 

كان الكلام في التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص ومر انها قد تكون شبهة حكمية بمعنى مصداقية قضية قانونية لقضية قانونية فوقها وتشريع لتشريع فوقها وقد تكون شبهة موضوعية.

ومر ان الاعلام حتى البلاغيين في اختلاف الأنظار ان المخصص المنفصل او القرينة المنفصلة هل تتصرف في المفاد الاستعمالي واي عنصر من المفاد الاستعمالي او تتصرف في التفهيمي او تتصرف في الظهور الجدي او تتصرف في الحجية ولا تتصرف في هذه الظهورات الأربع يعني الوضع والاستعمال والتفهيم والجدي وانما تتصرف في الحجية.

فمن ضمن هذا البحث عند الاعلام الأصوليين ان القرينة المنفصلة ماذا تتصرف في الدليل الأول؟ هل تكسبه عنوانا او لا؟ وهذا العنوان نقيض العنوان الخاص او ليس نقيضه؟ هل بنحو النعت او بنحو الانضمام؟ زوايا عديدة في كيفية تصرف القرينة المنفصلة في الدليل ذي القرينة. فهل يؤول الأمر الى التركيب النعتي من قبيل المخصص المنفصل او لا؟

فعلى أي حال في المقام عدة من الأبحاث. وبحث استصحاب العدم الازلي الذي هو حظورة معقدة أصولية عند متاخري هذا العصر تعقيدها في جانب كيفية تصرف المخصص في الدليل العام.

في قباله المرحوم العراقي في احد مبانيه وكثيرا ما لا يستقر على مبنى واحد ويتوارد على مباني متعددة. ففي احد متبنياته ان الخاص لا يتصرف أصلا لا في الاستعمالية ولا في التفهيمية ولا في الجدي ولا في الحجية. هذا على عكس مبنى القدماء من الفريقين حيث انهم جعلوا المنفصل كالمتصل يتصرف في الظهور الاستعمالي وفي عنصر المفردات في الظهور الاستعمالي وهو افراط في افراط لان التصرف في مفردات التركيب الاستعمالي توغل في التصرف في الظهور.

عند متاخري الاعصار ان القرينة المتصلة الاستعمالية غالبا لا تكون قرينة المجاز في الكلمة واستعمالها لذي القرينة. يمكن ان تكون قرينة للمجاز لكن كثيرا ما ليست قرينة على المجاز بل من باب تعدد الدال و المدلول. هذا الباب تعدد الدال وتعدد المدلول سبق ان مر بنا ان متاخري هذا العصر في القرنين الأخيرين يتمسكون بها كثيرا. تعدد الدال وتعدد المدلول لا تعدد الدال ووحدة المدلول. لان المجاز يعني تعدد الدال على مدلول واحد. فعند متاخري الاعصار تعدد الدال والمدلول وعناصر متعددة تتركب منها الدلالة وهذا غير باب المجاز العقلي والمجاز اللغوي.

هذا المبنى في معالجة الظهور مبنى قويم في كبرى أخرى وتلك الكبرى قديمة قويمة وهي إبقاء الدلالة او الدال او المدلول ونظام الظهور في المجموع وهذه البنية على ما هي عليه أولى من التصرف فيها. يعني ان التصرف دائما سواء أ كان مجازا عقليا او لفظيا اذا امكن ان لا يرتكب فلا يرتكب والا تضم الدوال والمدلولات والدلالات مع بعضها البعض فتتحصل النتيجة. كما في الجمع مهما امكن أولى من الطرح. هذا جمع في الدلالات والدوال والمداليل وهو مهما امكن أولى من التصرف. بنيان جدا مهم. كل دال له اقتضاء وكل مدلول له اقتضاء وكل دلالة لها اقتضاء واذا ينضم بعضها البعض يدل على معنى واحد. هذه كبرى في باب البيان يتشددون فيها. فالتصرف يحتاج الى مؤونة ولا يرتكب الا مع الحاجة. هذه كبرى اثباتية في عالم الدلالة والدليلية.

لذلك مفردات اللغة تكون معك وقواعد النحو والصرف وعلم المعاني والبيان وقواعد العلوم الأخرى اللغوية معك ولازم ان تأخذ مجراها. التصرف يحتاج الى شاهد ومؤونة والاضطرار في عالم الدلالة وبنية الظهور.

هذا باب واسع في علم التفسير وعلم الاستنباط في فقه الفروع وفقه العقائد.

في قبال هذه القاعدة قاعدة أخرى في عالم الثبوت سنأتي ولكنها ليست مرتبطة بعالم الدلالة ويلتزم بها الفقهاء وانصافا قاعدة مهمة.

هذه القاعدة في عالم الدلالة مساندة لقاعدة الجمع مهما امكن أولى من الطرح. بل هذه القاعدة اعظم منها وتلك بنت مولودة لهذه. وهي ان مقتضيات الدوال والدلالات والمدلولات تبقى على حالها والتصرف يقتصر فيها على الضرورة وتحتاج الى مؤونة.

هذه البحوث ما عنونت في علم الأصول بشكل مستقل. بل معنونة في طيات كلمات الاعلام. الطرح اسراف في التصرف وافراط فيه. الجمع مهما امكن يقول ان لا تفرط في التصرف. بل اقتصر على الضرورة فلا معنى لإسقاط الدليل من رأس.

الروايات الضعيفة على مسلك متاخري العصر من حيث الطريق والا الضعف انما يكون في المضمون لا الطريق. انما الضعف في فهم الفقيه لا منهجية الراوي. ما هو معنى الضعف وما هو معنى الصحة والقوة وهذا بحث آخر نوكله الى بحث الحجج.

القدماء لا يطرحون أي رواية ضعيفة وذكروا خمسة عشر فائدة صناعية ملزمة للروايات الضعاف على مسلك المتاخرين. لكن ليس بشكل فوضوي بل فيه نظام ونظم عند القدماء في كيفية التوليف.

قاعدة ثالثة في عالم البيان والدلالة وقاعدة مهمة في العلوم الدينية وهي ان الالفاظ موضوعة للغايات او موضوعة للآليات والمبادئ؟ هل اليد موضوعة لهذه اليد الآلة لغاية البطش والتصرف؟ او موضوعة لنفس الغاية والقوة والتصرف؟ لما يقول الله تعالى «يد الله» «أيدينا» فهل معناه كما يقول المجسمة؟ انظر كيف انقذ الله سبحانه دينه بأهل البيت من رواد المذاهب الأخرى. روادهم مجسمون ومشبهون.

فاليد ليست موضوعة للآلية بل موضوعة للغاية والتصرف. العين موضوعة للغاية وقد تستعمل في الآلة ولكنها بالدقة لم توضع الى آلية الابصار بل موضوعة للغاية والإبصار وما يبصر به. هذه يعبر عنها بان الالفاظ موضوعة للغايات لا المبادئ. وهذا البحث مبحوث في الكتب القديمة وهجرت قضايا شامخة قويمة وبعدها يذكرون الحداثويات ونحن نتعجب من علمهم.

الالسنيات والفلسفات في الغرب بمدارسها الخطيرة كلها نسخ بتمامه من الجهود في اللغة العربية وهذه الجهود اخذوها اللغات الأخرى ونشروها.

المهم هذه قاعدة أخرى ان الالفاظ وضعا موضوعة للغايات لا المبادئ. نفس الوضع فيه عملية التمحيص والتحقيق.

مثلا الحجية ما هو معناها؟ هل لها معنى واحد او معاني عديدة؟ يعني خارطة المسير بالمعنى الوضعي تحدد. «خذ الغايات واترك المبادي» المبادي الآلية اتركها فإنها ليست موضوع اللفظ. فهذه القواعد مهمة.

في بنية الظهور قواعد متعددة واذا تدخل في علم التفسير لابد ان تلتفت الى نظام الظهور وهو نظام معقد وصعب. على صعيد الوضع هذه القاعدة وعلى صعيد الاستعمال تعدد الدال والمدلول وعلى صعيد التفهيم فنون البيان وعلم المعاني الى ان تصل الى المراد الجدي وهلم جرا. الظهور بنيان يعتبره الله تعالى والوحي من المنن الاعجازية العظيمة التي خلقها الله في الانسان «الرحمن ... علمه البيان» نظام معقد.

بحث الفلسفات الالسنية وهي نفس الحداثويات وهو بحث في البيان وادرك الغرب ان الشرق الإسلامي ركز جهوده طيلة أربعة عشر قرن في الالسنيات.

اذا كيف يتصرف الخاص المنفصل في العام؟

بناء على هذه البحوث التي ستأتي عما قريب انه كيف يتصرف الخاص في العام.

المحقق العراقي يقول ليس تصرفا في البين. بل شبيه بانعدام فرد العموم وهذا ليس تصرفا في بنية الظهور بل تصرف في مرحلة التطبيق.

المشهور يقولون ان «لا تعاد» لا تتصرف في «لا صلاة الا بفاتحة الكتاب» والأدلة الجزئية. «لا تعاد» هل هي قاعدة ظاهرية؟ ليست في صدد الاثبات والاحراز. بل في صدد معالجة ما قد وقع معالجة واقعية وليست ظاهرية. يعني بعض قواعد الخلل ليست معالجة ظاهرية. هذه المعالجة الواقعية المشهور يقولون ان «لا تعاد» ليست في صدد التصرف في التنظير وادلة الأجزاء ومراحل الانشاء.

التنظير باللغة الثقافية الاكادمية القانونية تساوي مراحل الانشاء للحكم. يجب ترجمة اللغة العصرية الى اللغة الحوزوية.

مراحل الفعلية والفاعلية يعبرون عنها بالتطبيق.

«لا تعاد» عند المشهور لا تصرف في تنظير ادلة الصلاة وأجزاء الصلاة وشرائطها وموانعها بل تتصرف في التطبيق وفي الامتثال وتعالج الامتثال.

يجب ان نلتفت الى ان الميرزا النائيني عنده موسمان في عمره. في النصف الأول كان مشهوريا تماما وفي النصف الثاني خالف المشهور في القواعد الأصولية والفقهية.

من ضمن هذه القواعد التي تفرد بها وجل تلاميذه قاعدة «لاتعاد» وانها تتصرف في تنظير ادلة الصلاة والاجزاء والشرائط. يعني المخصص. ورتب عليها أمور كثيرة

عندنا صنفان من الأدلة. الأدلة الأولية لأجزاء الصلاة والشرائط وعندنا «لا تعاد» وهو دليل منفصل. هذا الدليل المنفصل يتصرف في أي مرحلة من المراحل. على مبنى المشهور لا تتصرف في الاستعمالي ولا في التفهيمي ولا في الجدي ولا في الحجية. بل تتصرف في مراحل ما وراء التنظير. لان مراحل الاستعمالية والتفهيمية والجدية في مراحل التنظير. وباب التطبيق والامتثال لا صلة لها بهذه المراحل. هي قرينة برانية. أصلا ليست قرينة.

الميرزا النائيني جعلها قرينة تتصرف في المراد الجدي يعني تخصصه وتتصرف في التنظير.

قواعد كثيرة كقاعدة الاضطرار والقواعد المعذرة. المشهور عندهم هذه القواعد برمتها لا تتصرف في التنظير وليست قرينة استعمالية ولا جدية ولا في الحجية بل تتصرف في عالم التطبيق. لا صلة لها بباب التنظير. ويترتب عليها آثار كثيرة. بينما الميرزا النائيني في النصف الثاني من عمره جعلها تتصرف في التنظير وتبعه جل تلاميذه ومنهم السيد الخوئي وجل تلاميذه.

اذا الفاصل كبير والكل تترتب عليه آثار ثبوتية كثيرة. فالبحث حساس وليس استعراض عضلات علمية.

في زمن الامام الحسن العسكري عليه السلام كان فيلسوفا كان يريد ان يكتب كتابا في متناقضات القرآن. فالامام الحسن العسكري عليه السلام ارشده الى خطأ منهجي عنده. أصلا المعنى الوضعي في القرآن ما هو؟ الاستعمالي باي معنى. وانت الى اين تذهب؟ هذا مبحث الالسنيات ومبحث بنيان الظهور.

بكلمة واحدة وبارشاد علمي عظيم اعجازي من الامام الحسن العسكري اعدم هذا المنهج. ومذكور في زيارة الامام الحسن العسكري انه من معاجز الامام عليه السلام العلمية. ليس بلحاظ قضية في واقعة بل المنهج خاطئ وهذا درس لكل الأجيال ان بنية الظهور كيف تؤسس. نبراس منهجي للبشر كشف عنه الامام الحسن العسكري عليه السلام.

logo