« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

47/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص/ مبحث العام والخاص /باب الالفاظ

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص / التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص

 

كان الكلام في التمسك بالعموم في الشبهة المفهومية للمخصص وهي كما مر شبهة في تنظير الحكم أي الشبهة الحكمية. ومر الاقوال والآراء في المنفصل والمتصل منها.

بقي مبنى صاحب الكفاية والسيد الخوئي في المنفصل انه يقيد الحجية ولا يتصرف في الظهور. هذا صحيح إلّا ان الكلام يقع في ان الظهور جدي وحجية الظهور الجدي التي هي محمول بحث آخر. يرفع الجدية يعني انه لا يتصرف في الظهور الجدي.

تارة يراد من الجدي هو الظهور الجدي الذي هو حجة فيرفع عنه وصف الحجية وهو المحمول اما انه يتصرف في نفس الظهور الجدي محل الكلام في القرينة المنفصلة او بحسب مراتب الانفصال والاتصال كما مر. فيه جدي بحسب المقام وفيه جدي بحسب مجموع البيانات وفيه جدي نهائي. هذه أمور مختلفة.

على أي حال حري عندنا التفصيل لكن اجمالا هذا التعبير يجب ان ندقق فيه.

ما يذكره الميرزا النائيني ان النفصل يتصرف في الظهور الاستعمالي لابد من حمله على درجة من الانفصال لا جميع درجاته كالانفصال في ضمن فقرة واحدة وهو عدم الاتصال بالنسبة الى جملة واحدة. بل المرحوم الاخوند من باب المثال لديه ان أداة الاستثناء تخصيصها بمثابة المنفصل. يعني جملتين متصلتين مثل «جاء القوم الا فلان» هذا كجملتين. هذا يدل على ان الاتصال والانفصال درجات وليس درجة.

تقريبا البقية الذين يبنون على مبنى الاخوند يبنون على هذا الشيء وهذا مما ينبه على ان الاتصال عند المرحوم الاخند في جملة واحدة اما الجملتان فقرينة منفصلة. ولكن الصحيح كما ذكرنا ان الاتصال والانفصال درجات وبه يمكن الصلح بين من قال ان المنفصل يتصرف في ظهور ذي القرينة والدليل العام وبين من قال بعدم التصرف فيحمل على درجات الانفصال والاتصال. في الجملتين وفي سياق واحد وفي فقرة او في فقرات او في كلام آخر في نفس المجلس وهذا طبعا يشرح لنا اختلاف المقامات عندما يقال الاطلاق المقامي فما مقصودهم من المقام. مثلا صحيحة حماد مقام ومجموع الأدلة مقام والرواية الواحدة التي ليست بصدد بيان كل تفاصيل الأجزاء والشرائط مقام بخلاف مقام صحيحة حماد. فالمقامات تختلف بحسب الاتصال والانفصال. فيمكن التعويل على التفصيل في التصرف وعدم التصرف في التركيب الاستعمالي الناقص والتام وفي التركيب التفهيمي والظهور الجدي وفي حجية الظهور الجدي. هذه كلها مقامات يجب ان نلتفت اليه.

فاذا إذا كان المخصص المنفصل مجملا مفهوما دائرا امره بين الأقل والأكثر حجة في المقدار الأقل فالزائد المشكوك ليس حجة فيه فيتمسك بالعام. البحث مطلق في ظهور ذي القرينة المنفصل عن القرينة المنفصلة المجملة سيما اذا كان الاجمال شديدا فلا يسري اجماله الى العام.

اما المتباينان فيعلم ان القرينة حجة فيعلم بسقوط حجية ذي القرينة في منطقة التباين.

 

اما البحث في الصورة الثالثة التي هي محل الابتلاء اليومي في أبواب الاستنباط وهو التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص.

هذه الصورة الثالثة هل هي شبهة موضوعية بقول مطلق او انها تنقسم الى قسمين شبهة موضوعية وشبهة حكمية؟

الشبهة الموضوعية تعني ان الالتباس بسبب الخارج. والشبهة الحكمية تعني ان الالتباس بسبب تنظير الشارع. فيمكن تصوير الشبهة الحكمية في هذه الصورة الثالثة بهذه الضابطة في التعريف. لان الشبهة المصداقية للمخصص ليس من الضروري ان يكون جزئيا حقيقيا بل يمكن ان يكون جزئيا إضافيا يعني كليا. يعني ان الشك في التنظير الكلي غاية الامر في مصداق كلي تنظيري هل مصداق للخاص او لا.

مثل «كل امرأة تحيض الى الخمسين الا الهاشمية او القرشية» وشك في ان نسب قبيلة فلان هي من القرشيين او لا؟ هذه شبهة مصداقية. فاللبس والالتباس في مفهوم قريش، من هم؟ او ان الزكاة تحرم على الهاشمي، فمن هم الهاشميون؟ فيمكن تصوير الشبهة المصداقية الكلية. مثلا قضية التجاوز فما هو؟ هل الدخول في الغير او عدم الدخول. يجب الاحتياط في كل شيء في الصلاة شككت فيه الا ان تتجاوزه. ما هو معنى التجاوز؟ فما هو حد التجاوز عند الشارع؟ افترض ان مفهوم التجاوز هو التجاوز لكن هل يضاف اليه قيد او لا؟ مثل الانتهاء من الطواف هل هو تجاوز او لا؟ او لابد من ان تدخل في الغير؟

فالشك في المصداق انه هل مصداق لهذا المفهوم الواضح او لا؟ نعم هي موضوع للعموم. اذاً ليس كل بحث في الجانب الموضوعي يعني انه الشبهة الموضوعية. المراد من الشبهة الموضوعية ليس بعد الموضوع في الحقيقة بل المراد هو الشبهة الجزئية الخارجية سواء في المحمول او في بعد الموضوع؟ لان قد يكون الموضوع كليا فيكون شبهة حكمية.

واما الشك في الشبهة الحكمية فليس المراد منه الشك في المحمول بل المراد هو الشك في البعد الكلي من الموضوع او المحمول. فالمقصود منه التنظير الكلي.

هذه ضابطة مهمة سواء في باب الالفاظ او باب الحجج او باب الأصول العملية.

فالصحيح في هذه الصورة انها تعم الشبهة الحكمية لان الشك قد يكون في المصداق الكلي التنظيري.

نسب الى المشهور والسيد اليزدي انهم تمسكوا بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص سواء في الشبهة الحكمية او الموضوعية في عدة فروع.

لكن الاعلام ناقشوا في كون هذه الموارد من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص.

مثلا: لدينا ان «كل دم ممنوع منه في الصلاة الا ان يكون بقدر الدرهم البغلي فمعفو عنه» فنشك ان حجم هذا الدم قدر درهم او لا فعند الشك في مصداق المخصص هل يمكن التمسك بعموم المنع؟ اذا بناء المشهور على المنع هو لتمسكهم بعموم المنع.

طبعا لا يخفى ان العفو بقدر الدرهم البغلي اذا لم يكن دم جروح. والا اذا كان دم جروح فلا يقيد حجمه بالدرهم البغلي بل بلغ ما بلغ. انما يقيد غير دم الجروح. اما اذا كان دم الجراحة مثل الحجامة لا يمانع الصلاة في الثوب. في الحقيقة ثلاث تفاصيل في الدم.

دم غير الجروح بقيد بقدر الدرهم ودم الجروح معفو عنه ولا يقيد. اذا تمسكوا بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص.

فرع آخر نسب الى المشهور: اذا علمنا بان هذا الدم دون الدرهم البغلي لكن شككنا انه من الدماء الثلاثة حيث ان هذه الدماء لا يعفى عنها في ثوب الصلاة سواء كانت دون الدرهم البغلي او لا. هنا أيضا تمسك المشهور بعموم الجواز. لان هذا خاص الخاص. كل دم ممنوع الا بقدر الدرهم البغلي او دم الجروح. وهذا الخاص خصص بدماء الثلاثة. لو كنا نحن وعموم «يجوز الصلاة في دم دون الدرهم البغلي» يمكن التمسك بعمومه وهذا الدم دون الدرهم. لكن دليل آخر اتى بخاص في الدماء الثلاثة.

العمومات طبقات والمراد منه غالبا يعني ان المخصص له مخصص آخر وللمخصص الثاني مخصص ثالث فيصير طبقات في العموم. فغالبا كون العموم طبقات بلحاظ تكرار التخصيص في التخصيص ولكن يمكن تصوير العام طبقات ليس بلحاظ التخصيص في التخصيص بل مثل المطلق والمقيد او العام والخاص المتوافقين وخاص اضيق متوافق وأيضا هذا طبقات في العموم.

المهم نسب الى المشهور هذا ولكن هذه النسبة خدش فيها انه يمكن التمسك باصالة العدم «كون دم لا يعفى عنه بقدر الدم البغلي» نحن ننفي هذاا لعنوان الوجودي. طبعا هذا صحيح او لا فيه كلام. لان الشك في الزائد يجري استصحاب عدم الزائد لكن الدم الزائد على الدرهم البغلي كالدرهمين هل المانع مجموع الدرهمين او الدرهم الثاني. ظاهرا ان الدم الذي يتوسع كله مانع لا ان بعضه ليس بمانع والبعض الزائد ليس بمانع. اذا كان هكذا فاذا شكك في انه دون درهم او ازيد فاستصحب العدم. لان قدر الدرهم وصف وجودي ويستصحب عدمه.

كذلك في العكس انه لو علمنا انه دون الدرهم وشككنا انه من الدماء الثلاث او لا نستصحب عدمه كونه من الدماء الثلاثة. فالتمسك في الحقيقة ليس بالعموم وانما التمسك بالعموم بضميمة الأصل العملي لنفي الشبهة المصداقية للخاص.

نلاحظ هذه الحالة انها من الجمع بين الدليل الاجتهادي والاصل العملي. كيف يمكن تلفيق وتركيب الاستنباط بين الأصل العملي والدليل الاجتهادي؟ هذا نوع من العقدة في مباحث الأصول ولكن اجيب عنها ان الأصل العملي ينقح الموضوع والدليل الاجتهادي للتمسك بالمحمول ويمكن في قضية شرعية موضوعها له دليل من رتبة ومحمولها له دليل من رتبة أخرى. وبكلمة صناعية دقيقة مؤثرة جدا في مبحث الحجج وهنا اذكر فتوى أصولية للاعلام مهمة وهي ملاحظة مراتب الأدلة الاجتهادية بمراتبها والأصول العملية بمراتبها المتعددة ومراعات المراتب في الأدلة اذا كانت الأدلة تتوارد في مرتبة واحدة. اذا كان الدليل في مرتبة واحدة وتريد ان تعالج المحمول فهنا يقدم الاجتهادي على الأصل العملي او ان الأدلة الاجتهادية والأصول العملية تريد ان تعالج الموضوع في القضية فهنا يقدم الاجتهادي على الأصل العملي. فتقديم الأدلة بعضها على بعض اذا كانت تعالج مرتبة واحدة. الموضوع والمحمول في القضايا مرتبتان وليسا مرتبة واحدة. فلا اتعجب كيف يجتمع الدليل الاجتهادي مع الأصل العملي في مرتبتين. ا حدهما يعالج المحمول والأخر يعالج الموضوع. الذي ينقح الحال في الموضوع دليل اجتهادي والذي ينقح المحمول اصل عملي. او بالعكس. لا ان الدليل الاجتهادي اقترن مع الأصل العملي في رتبة واحدة.

فتقديم بعض الأدلة على البعض اذا كان جريان الأدلة المختلفة الرتبة في مرتبة واحدة فهنا يقدم المقدم على المؤخر والا صلة لمرتبة بمرتبة أخرى. فمن ثم قد يقدم الأصل العملي على الدليل الاجتهادي. لان الأصل العملي قد يجري في الموضوع والموضوع مقدم رتبة على المحمول والدليل الاجتهادي يجري في المحمول المتأخر. فهذا من موارد تقديم الأصل العملي على الدليل الاجتهادي. لانه ما قيل من تقديم الدليل الاجتهادي على الأصل العملي اذا كانا في مرتبة واحدة. لا في مرتبتين. حتى الأصل العملي العقلي يقدم على الدليل الاجتهادي الجاري في المرتبة المتأخرة. مورد جريان الأدلة مهم

هذه البحوث كلها مؤثرة في باب التعارض وباب الحجج.

يقول الامام الصادق عليه السلام والامام الرضا ان النبي موسى مقدم على الخضر فلم تقدم الخضر على موسى؟ الخضر عليه السلام اعطي علم الموضوع والنبي موسى عليه السلام اعطي المحمول والشريعة فمن المقدم؟ من جهة الخضر مقدم ومن جهة موسى مقدم لكن في بحث المحمول. «أما السفينة فكذا» «أما الغلام فكذا» خضر نبه موسى بالموضوعات. من ثم الولاية سلطة تنفيذية والنبوة سلطة تشريعية في جانب المحمول. الولاية بعد تنفيذي ويحتاج الى علم خاص. علم التنفيذ غير علم التشريع. المقصود لازم ان نلتفت من ان موسى مقدم بلحاظ انه صاحب الشريعة والمحمول والخضر مقدم بلحاظ الموضوع و الولاية. فالدليل الاجتهادي مقدم على الأصل العملي اذا كانا يجريان في مرتبة واحدة لا ان يجري واحد في الموضوع والأخر يجري في المحمول او محمول المحمول. محل جريان الدليل له دور كما ان سنخ الدليل له دور. ودور المحل مقدم على دور الدليل.

بحث ظهور القرآن وظهور الاحاديث بحث لازم ان نبحث عنه في الجلسة القادمة.

logo