47/04/21
بنيان الظهور ومراتب الدلالات/ مبحث العام والخاص/باب الالفاظ
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص/ بنيان الظهور ومراتب الدلالات
بنيان الظهور ومراتب الدلالات
كان الكلام في جواز التمسك بالعموم عند الشك في التخصيص الزائد. المقصود من التخصيص الزائد هو التخصيص الجديد او سعة القديم اذا كان منفصلا. فأعم من ذلك.
طبعا في هذه الصورة الأولى المراد هو التخصيص الجديد في الشبهة الحكمية ومنشأ الاشكال من القدماء من الفريقين ان العام اذا خصص فهو قد استعمل مجازا لضابطة عندهم وهي ان المعنى المستعمل فيه اذا خالف المعنى الموضوع له قدر شعرة فتكون مجازا. اذا زاد قليلا او نقص قليلا فيصير مجازا. بالتالي اذا خصص العام واداة العموم فيستلزم المجاز. فالمجاز إما في المجموع من نفس أداة العموم ومدخولها او نفس اداته.
مر بنا ان سلطان العلماء حل هذا الاشكال بان التخصيص ليس قرينة استعمالية بل قرينة تفهيمية او قرينة جدية او انه قرينة استعمالية لكنها قرينة في التركيب وليست قرينة لاستعمال المفردة.
ان المجاز اللفظي استعمال اللفظة المفردة في غير ما وضع له. قد يكون استعمال الهيئة والتركيب في غير ما وضع له كاستعمال الهيئة في غير ما وضع له. لكن التركيب من باب تعدد الدال والمدلول. ولو سلمنا انه قرينة استعمالية ولكن ليست قرينة استعمالية في استعمال اللفظة المفردة بل هي قرينة استعمالية في التركيب الناقص او التام. فالتركيب لا يتركب ولا يجتمع الا من تعدد الدال وتعدد المدلول فالضيق اتى من تعدد الدال وتعدد المدلول ولم يأت الضيق من نفس استعمال اللفظ المفرد. فليس في البين استعمال مجازي في اللفظة المفردة كأداة العموم.
قبل هذه المسألة كانت مسألة ما أكملتها. هذا البحث في التمسك بالعموم في الشبهة الحكمية الزائدة.
قبل هذا البحث هو ان أدوات العموم هل تحتاج الى مقدمات الحكمة في مدخولها ام لا؟ ذكرنا الجواب ولكن ما بسطنا شرح الجواب.
هنا نحتاج الان بسط الجواب. كان السيد الخوئي يقول ان المعنى الوضعي لأداة العموم بنفسه يغني عن اجراء مقدمات الحكمة ومع ذلك قبل الحاجة الى مقدمات الحكمة في بعض أدوات العموم التي لم توضع وضعا للعموم مثل «لا» النافية والناهية وانما يستفاد العموم من التركيب الاستعمالية او التفهيمي. كوقوع النكرة في سياق النفي والنهي وهو بمعنى التركيب ولما تقول التركيب يعني الاستعمال فليس معنى وضعيا. يعني ان هذا العموم حاصل من التركيب وليس حاصلا من الوضع اللغوي. هذه النكتة جدا مهمة ان الدلالة والمدلول في مرتبة الوضع والمدلول التصوري او في مرتبة الاستعمال او في مرتبة التفهيم او في مرتبة الجدي. هذا البحث جدا مهم.
فالسيد الخوئي في أدوات العموم الدالة عليه بالتركيب الاستعمالي او التفهيمي قبل احتياجها الى مقدمات الحكمة في مدخولها. لماذا؟ لان العموم بالتركيب والتركيب فيه اطراف أخرى فلابد ان يحدد فيحتاج الى مقدمات الحكمة. لكن في الأدوات التي موضوعة وضعا للعموم قال نفس وضعها اللغوي هو إزاحة القيود. بخلاف المرحوم النائيني وصاحب الكفاية والكثيرين قالوا نحتاج في كلا القسمين من أدوات العموم وضعا او تركيبا الى اجراء مقدمات الحكمة<
اثرنا تساؤلين: بحث معقد صراحة. علم البلاغة يعني مجهرية تحليلية في مفاد الكلام، خلافا للسطحية والحشوية عند الفريقين. السيد المرتضى رحمة الله عليه في الشافي عنده مباحث كثيرة تحليلية وكذلك كتاب الكشاف للزمخشري فيه مداقات تحليلية في الآيات لذلك اكتشف شيئا في آية المودة لم يكتشفه علماء الفريقين. فالمداقة في التحليل شيء مهم وهذا هو دور علم البلاغة لا سيما علم المعاني. علم البيان يختص بالدلالة على المدلول وعلم المعاني يختص بالمدلول و المعنى في نفسه بغض النظر عن الدال عليه. بحث العام والمطلق بحثوهما في علم المعاني في علم البلاغة. لذلك الباحث والمستنبط يتأثر من طريقة بناءه العلمي في بدايات بناءه العلمي. اذا كانت بنيته قوية فاستنباطه قوي واذا ضعيفة فضعيف. سواء في علم الصرف والنحو والبلاغة ومفردات اللغة وعلم الاشتقاق وهلم جرا. السيد بحرالعلوم كان يقيم يوميا منتدى ادبي في برانيه. علوم الادب مهمة في الاستنباط. يعني ممن احيى علوم الادب في حوزة النجف هو السيد بحر العلوم.
في الجواب عن السيد الخوئي ذكرنا معاني الاطلاق. اثنا عشر معنى واستعملها البلاغيون والاصوليون ومر ان جل هذه المعاني ليس لخصوص الاطلاق المقابل للعام بل بمعنى الشمول والسعة ومر ان هذه المعاني لا يغني احدها عن الاخر. لابد ان نجتمع الى ان يصل الى النتيجة. العموم عبارة عن مجموعة عن الاطلاقات. مجموع من معاني العموم والسعة.
اثرنا تساؤلين: مقدمات الحكمة من المدلول الجدي والعموم من المدلول الوضعي او الاستعمالي او التفهيمي. فكيف نربط مدلول الدلالة المتقدمة بالدلالة المتأخرة؟ مثلا جملة تفهيمية تتكون من عناصر في مرحلة التفهيم لا يمكن ان تكون بعض عناصره من مرحلة الجد وبعضها من مرحلة الاستعمال. كذلك الجملة الاستعمالية تتكون من عناصر في مرحلة الاستعمال. لا يمكن ان تكون بعض عناصره في مرحلة التفهيم او الجد. كذلك المدلول التصوري تتكون من عناصر في المرحلة التصورية.
فكيف مقدمات الحكمة التي هي من المدلول الجدي تأخذ في الاستعمالي او التفهيمي؟
ثم هذا الاشكال الذي اثاره السيد الخوئي ان المعنى الوضعي يغني عن المقدمات الحكمة. فهل صار العموم مزيجا من العقل والوضع او لا؟
الجواب مر ان المراد من مقدمات الحكمة ليس نتيجة مقدمات الحكمة محمولا وحكما. المحمول في مقدمات الحكمة في مرتبة الدلالة الجدية. ثلاث او اربع مقدمات ثم النتيجة وهي الحكم بالاطلاق وهو محمول. فعندنا مقدمات بمثابة الموضوع وعندنا محمول وهي النتيجة.
الحكم في نتيجة مقدمات الحكمة في مرتبة الدلالة الجدية. اما نفس هذه المقدمات بعضها تفهيمي وبعضها عنصر استعمالي وبعضها عنصر وضعي. اذا تأتلف هذه العناصر يصل الى النتيجة وهو الحكم بالاطلاق عقلا وهذا الحكم عنصر في مرتبة الدلالة الجدية.
الا ان كلمة الاطلاق عند البلاغيين والاصوليين تطلق على العنصر الأول والثاني والثالث والرابع في مقدمات الحكمة وتطلق على الحكم و النتيجة. مراد الاعلام النائيني والاخوند ليس النتيجة بل مرادهم هذا الاطلاق في احد المقدمات. فلا يكون اشكال السيد الخوئي واردا. مرادهم من مقدمات الحكمة هي عناصر مقدمات الحكمة.
بنية الظهور شيء حساس خطير في يوميات الاستنباط سواء التفسيري او العقائدي في فروع الفقه بتعبير اهل البيت عليهم السلام ان المتكلم ليتصرف كلامه الى سبعين وجها ولا يكذب. لكن لابد ان نعرف التحوير والتصرف كيف هو.
النقطة الحساسة: الوجوب في بداية مباحث الالفاظ لان ما قبل الأوامر هي مقدمات الالفاظ وليست من الالفاظ وان كان في قناعتنا انها من صلب الالفاظ وليست خارجة عن علم الأصول. كالمشتق والصحيح والاعم والمعنى الحرفي. ما قبل الأوامر بحث في المفردات كالمشتق والصحيح والاعم والمعنى الحرفي. غالبا في المفردات الا استعمال اللفظ في اكثر من معنى وهو بحث استعمالي وليس بحثا تصوريا. ۱۳ مقدمة ذكرها صاحب الكفاية وكلها مفردات في المرحلة التصورية الا اذا يأتون بكلمة الاستعمال وهو عبور الى مرحلة الاستعمال.
من مبحث الأوامر الى مبحث العموم فيه مباحث التصور والاستعمال والتفهيم والجد. مهارة الفقيه والمفسر والمتكلم في الجمع بين الأدلة في هذه الأدوات والتمرس عليها. أتذكر اني درست المطول عند المدرس الافغاني سنتين ونصف يوميا بدرسين بصيفها وشتاءها الا أيام الوفيات. يعني حصلنا ست سنوات. المقصود ان هذا شيء مهم جدا.
في الأوامر اختلف الاعلام ان هيئة الامر تدل على الوجوب هل تدل وضعا او استعمالا او تفهيما او جدا؟ ما الفرق؟ فيه فرق كثير. «اقم الصلاة لدلوك الشمس» هل الوجوب مدلول الوضع؟ او الاستعمال؟ له دور. ان الوجوب اذا صار المدلول الجدي حينئذ التصرف في الدلالة سهل جدا او حتى التفهيمي. اما اذا تقول انه مدلول استعمالي او وضعي فيصعب التصرف في الأدلة.
اذا متاخروا هذا العصر شددوا البحث في هيئة الامر والنهي ان اللزوم هل مدلول وضعي او استعمالي او تفهيمي او جدي؟ الكثير اختاروا الجدي. فلا مانع من استعمال هيئة امر و احد في متعلقات بعضها واجب وبعضها مستحب. ولا يكون الاستعمال مجازا. المعنى الجدي قد يتعدد من دون ان يتعدد المعنى الاستعمالي والمعنى الوضعي. فلا يغرك هذه الاستعمالات. هذه البحوث لها اثار في يوميات الاستنباط.
نأتي لكلام السيد الخوئي ان المراد من الاعلام من مقدمات الحكمة ليس نتيجتها بل مرادهم نفس المقدمات الثلاث نفسها لا النتيجة منها. أي عنصر منها؟ ان لا يأتي المتكلم بلفظة زائدة وهذا واضح انه لابد منه. هذا في مرحلة التصوري او الاستعمالي. هذا شيء لابد منه. لا يقدر السيد الخوئي ان يشكل عليه.
نقطة دقيقة: في المدلول التصوري عندنا مفردات وعندنا تركيب ناقص تصوري وعندنا تركيب تام تصوري. حتى الجملة لها مدلول تصوري. يعني صوت الجملة ولفظ الجملة مدلول تصوري. «زيد قائم» جملة تركيبية تصورية. حتى في المدلول التصوري عندنا مفرد وتركيب ناقص وتركيب تام.
كذلك في المدلول الاستعمالي مفردة استعمالية وتركيب ناقص استعمالي وتركيب تام استعمالي.
يعني بالدقة نفس المعنى التصوري له مراتب. نفس الهيئة الاستعمالية لها مراتب. نفس المعنى التفهيمية له مراتب. تتركب مع بعضها البعض.
فاذا ما ذكره المرحوم النائيني وصاحب الكفاية من ان لا يكون المدخول اردف بالقيد فعلى صعيد المدلول التصوري ولابد منه. كلام الاعلام متين. لا نستغني من نفس مقدمات الحكمة لانها تبدأ من التصور والاستعمال والتفهيم.
مبحث آخر ما وضحته وان شاء الله غدا ابسطه. هذا العنصر الاطلاق في مقدمات الحكمة ما هو فرقه عن العموم في أداة العموم؟ ما شرحناه. لازم ان نشرحه. ان أدوات الاطلاق وأنواع الاطلاق لها معاني متعددة. اطلاق ملاكي واطلاق ذاتي واطلاق لحاظي واطلاق ملحوظي واطلاق ارسالي وغيرها من المعاني.
الان مراد الميرزا النائيني والاخوند أي نوع من الاطلاق؟ كما مر ان معاني الاطلاق غالبا لا يغني احدها عن الآخر. غدا ان شاء الله سنطرحها