47/04/19
أنواع الاطلاق وأدوات العموم ومراتب الدلالة/ مبحث العام والخاص/باب الالفاظ
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث العام والخاص/ أنواع الاطلاق وأدوات العموم ومراتب الدلالة
أنواع الاطلاق وأدوات العموم ومراتب الدلالة
كان الاستعراض للخلاف بين ما ذهب اليه السيد الخوئي رحمه الله وما ذهب اليه من قبله من صاحب الكفاية والنائيني من احتياج أداة العموم لإجراء مقدمات الحكمة في مدخولها. بينما السيد ارتضى ذلك في أداة العموم التي تدل على العموم بالاستعمال او التفهيم، باعتبار ان العموم ناتج من التركيب فالتركيب لابد من ملاحظ المدخول فيه وتحديد المدخول فمن ثم يكون هناك مزج بين الاطلاق واداة العموم.
وأما فيما اذا كان أداة العموم دالة على العموم وضعا فلا يقبل ذلك وقال ان نفس أداة العموم تغني عن الاطلاق والا أي فرق بين العموم والاطلاق حينئذ؟ هذا مختار السيد الخوئي واستدلاله من ان أداة العموم موضوعة لإزاحة القيود.
نقول: ما هو مراد صاحب الكفاية او النائيني من الاطلاق؟ والذي ذكره السيد الخوئي ان أداة العموم يغني عن الاطلاق؟ هذا هو بيت القصيد. يعني اذا تأملنا سياق كلام صاحب الكفاية والنائيني مرادهم من الاطلاق أي اطلاق؟ مر بنا امس أنواع عديدة من الاطلاق.
بالتأمل والتدبر يظهر ان مرادهم من الاطلاق ليس الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة وهو حكم العقل يعني الاطلاق المحمولي في بنية الظاهر. وان كان هذا متبادر من الاطلاق عند اطلاقه فالمراد منه متبادرا هو الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة ان المتكلم في مقام البيان و هو لم يقيد كلامه وهو حكيم فبالنتيجة يحكم العقل انه يريد سعة الطبيعة بما هي هي. هذه السعة في النتيجة والحكم والمحمول متأخرة عن مقدمات الحكمة.
مراد النائيني وصاحب الكفاية ليس ذاك الاطلاق والا العموم يغني عن ذلك الاطلاق. بل مرادهم الاطلاق الذي هو جزء من موضوع مقدمات الحكمة والاطلاق.
احد مقدمات الحكمة ارسال المتكلم الطبيعة من دون ان يقيدها بلفظة. هذا أيضا يقال له الاطلاق لكنه ليس الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة. هذا الاطلاق بهذا المعنى لابد منه وليس العموم يغني عنه. لان العموم بديل عن الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة. أداة العموم تقابل الاطلاق الذي هو قرينة جدية وفي مقام الجد وهو اطلاق المحمول والاطلاق نتيجة مقدمات الحكمة.
اما الاطلاق الذي يعني ارسال اللفظة على صعيد الاستعمال. عناصر مقدمات الحكمة تتألف وتتكون بعضها من مرحلة الاستعمال وبعضها من مرحلة التفهيم. بعد ذلك تأتي نتيجة مقدمات الحكمة وقرينيتها.
اذا اشكال السيد الخوئي لا يأتي. لان مرادهم من الاطلاق أي اطلاق؟ وكلام النائيني وصاحب الكفاية صحيح. هل التركيب «كل رجل» او «كل رجل عالم» لكن هذا الاطلاق ليس الاطلاق بنتيجة مقدمات الحكمة بل هو عنصر في مقدمات الحكمة. وهو في مرتبة الاستعمال او التفهيم.
طبعا، لابد ان ينضم لان «كل» لا تستخدم بمفردها حتى اذا كان دالا وضعا على العموم. لكن يستعمل هذا المعنى الوضعي ضمن التركيب الاستعمالي او التفهيمي. بدون التركيب الاستعمالي او التفهيمي حتى المعنى الوضعي لا يستثمر.
فاذا هذا صار التباسا في الاصطلاح. مراد الاعلام هو الاطلاق الذي هو عنصر في مقدمات الحكمة بينما السيد الخوئي مراده الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة. والا يمزج الاعلام بين الاطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة في مرحلة الجد ويجعلونه في مرحلة الاستعمال او التفهيم. هذا نوع من التدافع.
لذلك مر بنا ان التدقيق في اصطلاح الاطلاق في كلمات الأصوليين او اللغويين او البلاغيين او الفقهاء والمفسرين شيء مهم لانه يستعمل بمعاني عديدة<
مر بنا امس ان أنواع الاطلاق جلها لا يغني احدها عن الآخر لانها في مراحل متعددة ولها معاني متعددة. الذي يقابل أداة العموم وضعا او استعمالا هو الاطلاق الذي في مقام الجد في مرحلة المحمول لمقدمات الحكمة وهو حكم العقل بالشمولية والسعة.
نظير ما ذهب اليه السيد الخوئي في دلالة هيئة الامر على الوجوب ان مفاد الوجوب حكم عقلي منبثق امر الشارع وعدم ترخيصه. كانما قرينة في مقام الجد. يعني ان مفاد الوجوب مفاد جدي وليس تفهيميا ولا استعماليا.
المقصود ان كلام الاعلام في ان أداة العموم تحتاج الى مقدمات الحكمة مقصودهم ليس محمول مقدمات الحكمة بل مقصودهم الاطلاق الذي هو عنصر موضوعي موجود في مقدمات الحكمة.
هذا صلح بين الطرفين ونوع من التنظيم لمراتب الدلالة.
قبل ان نواصل في أدوات العموم نحاول ان نستدرك نقطة سابقة في أنواع العموم
العموم الاستغراقي او البدلي او المجموعي او الامتدادي او الازماني والافرادي او الاحوالي او أنواع أخرى.
مر بنا ان هذا البحث من اخطر الأبحاث في الاستنباطات اليومية في الأبواب الفقهية، كيفية قالب الاستغراقي وكيفية قالب البدلي وكيفية قالب المجموعي وغيرها مما سبق بيان ذلك وكيفية تشكل العموم قد يكون مزيجا من هذه الاشكال.هذا البحث حساس ومعقد في حين ان ظاهره سهل.
هنا نقطة أخرى ان الاستغراق او البدلي او المجموعي او غير ذلك من أنواع العموم، ما هي القرينة او الدالة على العنصر الدلالي الدال على هذه الأنواع. قيل ان بعض أدوات العموم موضوعة للبدلي وبعضها موضوعة للاستغراقي وبعضها للمجموعي. وهذا صحيح. او بعض أدوات العموم تستعمل في بعض أنواع العموم وكثرة الاستعمال قرينة وهذا أيضا صحيح.
لكن الضابطة ما هي؟ كيف نحدد احد أنواع العموم؟ ربما يقال انه بلحاظ لحاظ المتكلم، هل لحاظ المتكلم يعين النوع من العموم او انه بلحاظ طبيعة المعنى في أداة العموم والخصوصية في الملحوظ؟
المرحوم الاصفهاني في مباحث الامر والاوامر ولعل غيره كالعراقي وقبلهم جماعة ذكروا ان من الدوال المهمة في هذا الباب هو طبيعة الملاك المستكشف من مفاد دليل الحكم. مثلا غالبا في النهي المفسدة سارية «لا تشرب الخمر» النهي غالبا استغراقي. لذلك وقع الكلام لو كنا نحن وقوله تعالى «لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» هل هذه الاية تقتضي الحج كل عام للمستطيع او لكل عام استطاع فيه او لا تقتضي الا حجة واحدة وهي حجة الإسلام؟ وكان فيه كلام فني علمي ليس الا. لانه نقل فتوى الصدوق ان اهل الجدة واجب عليهم الحج كل عام. وفيه روايات في هذا الجانب. هذا الوجوب ليس وجوب حجة الإسلام بل هو وجوب كفائي لوجوب إمارة مسجد الحرام وهذا بيان ان كثيرا من المستحبات من زاوية هي مستحبة ولكن من زاوية أخرى تكون واجبة كفائية وطبيعة الشعائر والمراقد الشريفة وزيارات المعصومين هكذا. من زاوية فردية زمانية مستحب والا هي تتضمن واجبات كفائية بل عينية متعددة. وانما التعبير بالاستحباب او الندب بلحاظ الماهية الفردية للزيارة. هذا الفرد من الزيارة في هذا الزمان وهذا المكان يكون مستحبا. والا بلحاظ الواجب الكفائي فيه وجوبات متعددة «في بيوت اذن الله ان ترفع» الاذن يعني الامر وهو امر الزامي وكذلك وجوب احياء الدين وترويج الدين. كما في كثير من الشعائر الدينية والحسينية بالدقة فلا يحصل الغفلة دائما. حتى في فتاوى الاعلام قد تحصل الغفلة.
فطبيعة الملاك هي بدلي او استغراقي او مجموعي او ما شابه ذلك بمناسبة الملاك للحكم ولعل هذا افضل عنصر في الدلالة ذكر في البين لتحديد أنواع العموم.
بعد ذلك أدوات العموم متعددة. بعضهم ما قبل «ال» الداخلة على الجنس او العموم انها تدل على العموم. لكن الصحيح انه دال على العموم سواء بالوضع او التركيب الاستعمالي او التفهيمي. «فسجد الملائكة كلهم اجمعون» دوال متعددة على عدم استثناء أي ملك من الملائكة عن لزوم طاعة الخليفة التي ينصبها الله تعالى وهو كائن متواجد في الأرض.
على أي تقدير فأدوات العموم الصحيح ان كثيرا منها سواء بالوضع او التركيب الاستعمالي او التفهيمي ولها طبيعة معينة.
البحث اللاحق في العام والخاص ثلاث صور. عملية التمسك بالعموم في الشبهة الحكمية.
طبعا كما مر بنا ان هذا البحث ليس خاصا بالعام بل يشمل المطلق. ان جل أبحاث العام والخاص هي بعينها تجري في المطلق والمقيد. يعني البحث عن الجامع بين العام والمطلق قسم منه يبحث في العام والخاص وقسم منه يبحث في الاطلاق والتقييد.
هل يصح التمسك بالعام او المطلق في الشبهة الحكمية لتخصيص الزائد في العام الذي قد خصص بالخاص المتصل او المنفصل؟
الصورة الثانية: هل يصح التمسك بالعام والمطلق في الشبهة المفهومية للمخصص؟ هذه الشبهة أيضا هي شبهة حكمية لكن من نمط خاص.
الشبهات الحكمية اقسام كما ان الشبهة الموضوعية اقسام كالشبهة المصداقية وغيرها.
طبعا الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية اقسام وفي باب العام والخاص ذكروا ثلاث صور.
الصورة الثالثة: هل يصح التمسك بالعموم المخصص في موارد الشبهة المصداقية للمخصص؟
ذكرت ان هذا مهم ان يشخص أنواع الشبهة. ما الفرق بين الشبهة المصداقية والشبهة الصدقية؟ هذه اقسام او اكثر تفصل لا سيما في الأصول العملية.
فأثار الأعلام ثلاث صور.
الصورة الأولى: هي يعني ان عموما من العمومات اذا خصص فبعد تخصيصه نشك في وجود تخصيص زائد تنظيرا لا مصداقا لا لاجل الاجمال في المخصص (هذه الصورة الثانية) بل لأجل الشك في وجود المخصص الزائد.
هذه المباحث موجودة في علم المعاني. القدماء عموما سواء علماء الادب والبلاغة او علماء الأصول حتى الامامية عندهم هذا المبنى ان العام اذا خصص يكون مجازا. عندهم اقوال في التخصيص بالمتصل او المنفصل. فالتخصيص قرينة على المجاز وان العام استعمل مجازا.
قالوا اذا كان مجازا فيكون مجملا ومرددا في سعته. فكيف يمكن التمسك فيه؟ سيما هذا الاشكال عند العامة متجذر. الان البحث العلمي الحوزوي صار بديهيا.
هذه الشبهة وهذه الإشكالية صارت عند جملة من علماء الامامية ما قبل سلطان العلماء هو احد المحشين على كتاب المعالم. هو اول من حل هذه المسألة أي ان تخصيص العام لا يستلزم المجاز. بحوث مهمة في العام والخاص استطاع سلطان ا لعلماء ان يغلب المسيرة.
اجمالا حواشيه على شرح اللمعة جدا دقيقة.
بعد مجيء سلطان العلماء أولا ان التخصيص ليس قرينة على الاستعمالية سيما بالمنفصل. التخصيص قرينة في مقام الجد وليست قرينة في مقام الاستعمال. بل حتى التخصيص بالمتصل قرينة في مقام التفهيم. هذا البحث في الحقيقة توسع عند الأصوليين ليس في هذه الصور الثلاث او العام والخاص بل هذا البحث فتح آفاقا لدى الأصوليين مهمة في بنيان وبنية الظهور.
مر بنا كلمة أمس ان ترتيب وتفكيك مراتب وتفكيك تعدد الدلالة في بنية الظهور امر جدا مهم.
هذا البحث فتح بابا للاصوليين مهمة ليس في هذه الصور الثلاث وهو عملية هندسة بنية الظهور ومراتب الظهور. ان الدليل المنفصل سواء المخصص او المقيد او الحاكم ما هو دوره مع الدليل المنفصل الآخر؟ يتصرف الدليل المنفصل في حجية الدليل الأول او في ظهوره التفهيمي او كما ادعى القدماء من الفريقين في الظهور الاستعمالي؟ هذا المبحث ثمين في نفسه جدا اهم من الصور الثلاث.
هنا البحث في مراحل الظهور لا مراحل الحكم. ما هي مراحل الظهور والدليل المتصرف يتصرف في ماذا؟ هل الدليل المنفصل من قرائن الاستعمال او قرائن التفهيم او انه من قرائن الجد فقط وليس من قرائن الاستعمال ولا التفهيم. هذا مبحث ناموس مهم في بنية الظهور.
عناصر المكونة لبنية الظهور الاستعمالي هل لابد ان تكون متصلة؟ ماذا عن التفهيمي؟ اما المنفصل فليس له دور الا في المراد الجدي او حجية الظهور. هل الجدي هو نفس حجية الظهور. جماعة من الاعلام منهم السيد الخوئي وحّدوا بينهما بين المراد الجدي والحجية. او ان المراد الجدي غير الحجية؟ ثم هذا المتصل والمنفصل ما المراد منهما؟ هل المتصل يعني المتصل بالجملة؟ اذا كان في جملة أخرى فتكون منفصلة؟ او في فقرة أخرى في نفس الرواية او في رواية أخرى؟ هذه كلها مراتب من الانفصال والاتصال.
هذا بحث حساس مهم اهم من هذه الصور الثلاث.