47/03/29
مفهوم الوصف/ مبحث المفاهيم/باب الالفاظ
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث المفاهيم/ مفهوم الوصف
المفهوم الصغير بين العام و الخاص والمفاهيم
كنا في النقطة الأخير لمفهوم الوصف. كما مر وكما يصرح به بعض الاعلام ان كثيرا من أبحاث مفهوم الوصف غير مختص به بل شاملة لمفهوم العدد والغاية من جهة ان الوصف قيد وتلك الأمور أيضا قيود وقيدية القيد لها اشكال مختلفة، بصيغة لفظ الحرف او لفظ الاسم او العدد والتوابع الخمسة او الأقل او الأكثر فما يبحث في مفهوم الوصف كثير منها عام لكل تلك القيود
من ثم المفهوم الصغير والكبير جار في بقية اقسام المفاهيم. كل اقسام المفاهيم كانما متسالم عليها فيها المفهوم الصغير وانما المختلف فيه المفهوم الكبير المصطلح. من ثم هذه النقطة الأخيرة في المفهوم الصغير مرتبطة بكل المفاهيم وكل القيود.
هذه النقطة مرتبطة بباب حمل المطلق على المقيد او باب حمل العام على الخاص.
في اصطلاح الأصوليين او ربما البلاغيين ان باب العام والخاص او باب المطلق والمقيد ينقسم الى قسمين. القسم الأول وهو الغالب والمعهود والمأنوس به ان يتخالف الدليل العام مع الدليل الخاص سلبا وايجابا. فلا محالة يقع التخصيص بالاصطلاح الاصولي وتقع بحوث التخصيص التي ستأتي مفصلا في باب العام والخاص.
كذلك مبحث المطلق والمقيد غالب بحوثه فيما اذا تخالف دليل المطلق مع دليل المقيد في السلب والايجاب. ويسمى التقييد. هذا واضح. مثل «اعتق رقبة» و «لا تعتق رقبة غير مؤمنة». هذا هو المعهود والمأنوس في باب العام والخاص وباب المطلق والمقيد.
القسم الثاني غير المعظم وليس نادرا بل كثير لكنه بالنسبة الى التخصيص والتقييد اقل نسبيا. ان يتوافق العام والخاص او المطلق والمقيد في السلب او الايجاب. ان يكون كلاهما سلبيين او ايجابيين، أمرين او نهين.
اذا توافقا فحينئذ يبحث عن أنه هل الخاص يصنع مع العام كما اذا كانا متخالفين؟ كذلك المطلق والمقيد ا لمتوافقين. هل يرتكب التقييد في المطلق؟ مع ان التقييد في موارد التخالف.
هنا المشهور ومنهم السيد الخوئي في الفقه ذهبوا الى ان المتوافقين يرتكب فيهما التقييد والتخصيص. هما متوافقان الا ان احدهما اضيق من الآخر. «اعتق رقبة» و«اعتق رقبة مؤمنة»
الداعي في التقييد وجود المفهوم سواء أن يكون مفهوما صغيرا او كبيرا في المقيد او في الخاص.
مثلا اذا قيل «اذا خفي الاذان فقصر» و «اذا خفي الجدران فقصر» هذان منطوقان. لكن المفهوم انه «اذا لم يخف الأذان والجدران فلا تقصر» بين المفهوم والمنطوق تخالف في السلب والايجاب. يعني في جانب الحكم متخالف لكنه في حين هذا التخالف متوافق بمعنى انه لا يصارع ولا يعارض المفهوم في منطقة المنطوق. منطقة المفهوم منطقة مغايرة عن منطقة المنطوق.
في باب المطلق والمقيد المتوافقين منطوقا، مفهوم المقيد الصغير مخالف لمنطوق العام. منطوق المطلق «اعتق رقبة» ومنطوق المقيد «اعتق رقبة مؤمنة» ومفهومه الصغير «لا تعتق رقبة مجردة» هذا المفهوم يخالف المطلق. بسبب المفهوم الصغير المخالف المطوي التزاما في المقيد الموافق منطوقا يقيد المطلق.
فببركة المفهوم الصغير حتى في موارد توافق المطلق والمقيد في الحكم يرتكب التقييد.
باب التقييد والتخصيص الاصطلاحي في المطلق والمقيد او العام والخاص المتخالفين. مع ذلك في المطلق والمقيد المتوافقين أيضا يرتكب التقييد لان المقيد الموافق منطوقه ينطوي التزاما على المفهوم الصغير وهذا المفهوم الصغير يستلزم التقييد. هذا أحد الفوارق بين البابين؛ باب التخصيص وباب حمل العام على الخاص وكذلك باب التقييد وباب حمل المطلق على المقيد.
اذا حصيلة بحث المفاهيم هي ان كل انواع القيود فيها مفهوم صغير متسالم عليه وان لم يكن فيها مفهوم كبير. وببركة المفهوم الصغير يؤول حال المطلق والمقيد المتوافقين وباب العام والخاص المتوافقين الى باب العام والخاص المتخالفين وباب المطلق والمقيد المتخالفين.
الا ان المشهور يقبلون هذا المآل والصيرورة بشرط وبتفصيل لا بنحو شامل. يقبلونه فيما اذا كان الحكم بدليا. اذا كان الحكم بدليا في المطلق والمقيد فهذه الصيرورة من المتوافقين الى المتخالفين صحيحة. لانه في الحكم البدلي وحدة الحكم فيؤول المتوافق الى المتخالف.
لان الحكم إما دائرته وسيعة او ضيقة. لا يمكن ان يكون كليهما. اذا يكون وحدة الحكم لا محالة يكون القياس واحد ولو في المتوافقين. فدائرة واحدة إما مطلق او مقيد. لا يمكن ان يكون مطلقا ومقيدا معا. إما يكترس على الدائرة الوسيعة او على الدائرة المضيقة. لا يمكن ان يكترس على كليهما.
أما اذا كان الحكم استغراقيا فهو يعني التكثر في الحكم. ما لنا علاقة بالجعل. وحقيقة الحكم بما هو هو. والا لا يجعل له النسبة والعموم والخصوص. هذه النسبة والعموم والخصوص والاطلاق والتقييد بلحاظ الافراد.
فإذاً شرط المشهور في هذا البحث ان المتوافقين يصيران متخالفين فيما اذا كان وحدة الحكم وهي تحرز بما ا ذا كان الحكم بدليا. القرينة الدالة على وحدة الحكم هي ان يكون الحكم بدليا.
الحكم البدلي او الاستغراقي او المجموعي بانواع العموم او أنواع المطلق كما اتفق عليه غالب الأصوليين انما يحدد ويعين بطبيعة الملاك ونمط الملاك. نمط الملاك قرينة على ان الحكم استغراقي او بدلي او مجموعي.
سؤال خطير: مر بنا مرارا بحث العام والخاص والمطلق والمقيد يؤثر في يوميات الاستنباط. صلاحية النبي والوصي عليهم السلام للقضاء والسلطة القضائية لهم سلام الله عليهم جعلها اهل البيت كحكم ذاتي على اقل تقدير. الامام الصادق عليه السلام كان ينشأ حكما ذاتيا لمجتمع شيعي. هذا الأفق العظيم عند الائمة في تلك الازمان يشكلون حكما ذاتيا لمكون اتباع اهل البيت من دون ضوضاء. هذه عقلية سياسية لهم سلام الله عليهم. يقولون للمجتمع الداخلي لكم تقاضوا فيما بينكم «انظروا الى رجل منكم» رجل مطلق. هل هو استغراقي او بدلي او مجموعي؟ بدلي او اول الوجود؟ «انظروا الى رجل منكم نظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا... فاجعلوه حاكما فاني جعلته عليكم حاكما». هنا علماء الامامية المشهور عندهم ان صلاحية القضاء ان لم تنجر الى تصادم قضائي عموم استغراقي او قل بدلي. هذا بحث خطير. السلطة القضائية في الحكم الذاتي للمكون التابع لاهل البيت. الامام الصادق وكل الائمة كانوا يدخلون في السياسة. اذا لم تؤسس دولة رسمية لكنه يؤسس حكما ذاتيا وسلطة. حتى فقهاء الامامية التي لا يؤمنون بالثورة لكنهم يؤمنون بالحكم الذاتي. ومن يتحاكم الى غير فقيه واجد للشرائط مؤمن فقد تحاكم الى طاغوت وقد امروا ان يكفروا به. نظام الحكم غير الامامي على ميزان فقه اهل البيت يسمى طاغوتا. تحكيم أي نظام لا يرث عن مدرسة اهل البيت يسمى طاغوتا لانه طغيان على حكم الله. «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ولا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما» وفي نفس السورة في المائدة «يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به» هذه من المبادئ الاصلية. هذه في الأصل ليس في السلطة القضائية فقط. بل بالدقة جار في السلطة السياسية والسلطة التشريعية الفتوائية كذلك. سواء برلمان او سوا حكومة تنفيذية حكم ظليا او حكما ذاتيا بأشكال الحكومة لا ريب لهذا المطلب.
أيضا الفتوائية اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا. كل الالسن ناظرة الى السلطات الثلاثة. هل الصلاحية بنحو الاستغراق او البدلي او المجموعي؟ الصحيح انه استغراقي عند مشهور علماء الامامية او كل الامامية الا من ندر. الا اذا تصادم فالاعلم. اما في القضايا المسيرية الكبرى فلا الاعلمية تكفي ولا الاستغراق بل لابد من العموم المجموعي. وهذا ما عليه السيرة الامامية.
تلاحظون في الثورة العشرين. ما لم يجتمع غالب علماء الامامية لم يقدموا على فتواء الجهاد. حتى في فتواء الجهاد ضد الداعش صارت اغلبية في الفتوى. المقصود في القضايا المسيرية العموم مجموعي.
القرينة هي طبيعة الملاك. اذا الشيء جدا خطير لابد من المجموعي. ما فيه قابل للتوزيع يكون استغراقي او بدلي بمثابة الاستغراقي. واذا كان فيه اختلاف فيكون بدليا في الاعلم. قوالب العموم جدا معقدة.
فلاحظ بحث العموم ليس بحثا سهلا بل يتدخل في أمور كثيرة ويعطي مسير الاستنباط في الأبواب العديدة.
ارتبط باب المفاهيم مع باب العام والخاص المتوافقين بتوسط المفهوم الصغير. اذا مبحث المفهوم الصغير ومفهوم الوصف مع انه ليس خاصا بمفهوم الوصف مبحث مهم. هذا المبحث يرجع العام المتوافقين الى المتخالفين. الا ان المشهور قالوا يرجع المتوافقين الى المتخالفين اذا كان الحكم وحدانيا يعني بدليا. «اني جعلته عليكم حاكما» استغراقي في صلاحية القضاء والفتوى. مع انه لا يدخل واحد على الخط الثاني. هذا البحث بحثه علماء الشيعة في مبحث الاجتهاد و التقليد. هذا الباب يرسم لنا خارطة النظام الفتوائي والقضائي والنظام التنفيذي الاجرائي وما يسمى بالولاية في مذهب اهل البيت لدى علماء الامامية. من يريد ان يقرأه قراءة عصرية يجد هذا المبحث في مبحث الاجتهاد والتقليد ومبحث القضاء. المقصود ان نمط العموم بحث حساس على أصول علمية.
عند المشهور انما يرجع العام والخاص المتوافقين او المطلق والمقيد المتوافقين الى المتخالفين حتى يرتكب التقييد والتخصيص بالمفهوم الصغير بشرط ان يكون الحكم بدليا ووحدانيا. اما اذا كان الحكم استغراقيا فلا يرجعان الى التخصيص والتقييد.
السيد الخوئي خالف المشهور في الأصول ولم يخالفهم في الفقه. وهذا على عهدة المقررين.
لماذا لا يرجع عند المشهور اذا كان الحكم استغراقيا؟ لانه في الاستغراقي كثرة الحكم. فلعله قيده بالاعلم او الاورع لا من باب تضييق الصلاحية او الحكم بخصوص المقيد. انما لاهميته لا ان الحكم منحصر فيه. نعم خصوص الاورع والافقه اكد عليه لا ان الصلاحية منحصرة به. مثلا «اتموا الحج والعمرة لله» عام استغراقي ويأتي دليل «اتموا الحج والعمرة في اشهر الحج» مثلا. فيقول لا منافاة بين العام والخاص او المطلق والمقيد لان الحكم استغراقي وله الكثرة. لعله اكد على بعض الافراد لاهميته لا لضيق الحكم. هذا مبنى المشهور. خالفهم السيد الخوئي في الأصول حسب ما نقل عنه في التقريرات.